تتوالى فصول ويكيليكس تباعاً في نشر وثائق تصيب عمق الحياة السياسية اللبنانية، كان آخرها وثيقة نقلت حديث لرئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي خلال حرب تموز 2006، وصف فيه الحريري بالساذج الذي يسهل خداعه وعبّر عن دعم مقاتلي حزب الله من جهة ورغبته في رؤيته منزوع السلاح من جهة أخرى.


بيروت: يستمر موقع laquo;ويكيليكسraquo; بالنشره المتوالي لوثائق دبلوماسية تغذي النار المشتعلة بين معسكرين اثنين في لبنان منذ العام 2005. وينشرها وفق تكتيك استراتيجي يقضي بتمريرها بانتظام فصولاً تلو الأخرى يرتبط توقيتها السياسي بالتوقيت القريب لصدور القرار الاتهامي للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وعلى خلاف العادةلم تعرض quot;الأخبارquot; اللبنانيةالوثيقةالتي انفردت هذه المرة صحيفة الرأي نيوز بنشرهاوتضمنت تصريحات لرئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي خلال لقائه السفير الأميركي جيفري فلتمانفي حرب تموز 2006. ووصف ميقاتيالحريري حينهابـquot;الساذج الذي يسهل خداعهquot;، وعبّر عن دعمه لمقاتلي حزب الله وفي نفس الوقت عن رغبته في رؤية الحزب منزوع السلاح.

نشرت صحيفة quot;الراي نيوزquot; وثيقة عن موقع quot;ويكيليكسquot; تشير الى انه في خضم حرب تموز في العام 2006، وتحديداً من الثامن من آب، وعشية صدور القرار الدولي 1701، التقى السفير الأميركي جيفري فلتمان عدداً من المسؤولين اللبنانيين من مختلف الطوائف، لرصد المواقف المحلية من مشروع القرار الدولي، ولمعرفة الخطوات التي قد يقوم بها لبنان في حال وقف اطلاق للنار. يومها التقى الدبلوماسي الأميركي كلّاً من رئيس حزب quot;الكتائبquot; أمين الجميل، رئيس الحكومة الاسبق نجيب مقاتي، وزير الاتصالات مروان حمادة، ومستشار رئيس المجلس نبيه بري علي حمدان.

وقد أجمع ميقاتي، حمادة وحمدان على أن quot;حزب اللهquot; مستعد لوقف اطلاق النار، لكن نجاح هذا الاتفاق أو فشله يتوقف على بري. ويقول ميقاتي، إنه قد يكون الوقت المناسب للتخلص من الرئيس اميل لحود، معرباً عن اعتقاده أن رئيس مجلس النواب قد يسير بهذا المخطط. وقد قدّم المحاورون أوصافاً متباينة، تتراوح بين الحجج الساخنة والنقاش الودي، حول اللقاء بين بري ووزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي حصل في السابع من آب من العام ذاته. وأجمع السياسيون الأربعة على أنه فور جلاء غبار quot;النزاع العسكريquot; فإن أغلبية اللبنانيين ستلوم quot;حزب اللهquot; على تسبّبه بتدمير البلاد، وبالنتيجة سيضعف موقف quot;حزب اللهquot; السياسي.

الوثيقة التي تحمل الرقم 74106، وتنفرد quot;الرأي نيوزquot; بنشرها تتحدث عن اللقاء مع ميقاتي الذي حصل في مكتبه وسط بيروت. رئيس الحكومة الاسبق الذي كان قد أكد في وقت ماضٍ، أن الرئيس لحود لن يغادر منصبه قبل انتهاء ولايته الممددة حتى آب 2007، اعتبر أنه بعد صدور قرار يقضي بوقف اطلاق النار، قد يكون الوقت مناسباً للتخلّص من لحود.

ويقول ميقاتي quot;لطالما اعتقدت أنه سيبقى في القصر الجمهوري حتى اليوم الأخير من ولايته، ولكن من الظلم انتظار سنة كاملة لوضع لبنان على المسار الجديدquot;.

ميقاتي القريب من بري، يعتقد أن رئيس مجلس النواب قد يسير في هذه المبادرة. quot;إنه جيدquot;، يقول ميقاتي، quot;سيكون حيثما نريده أن يكونquot;، مشيراً إلى أن بري تبادل المواقف النارية مع وزير الخارجية السوري المعلم، quot;واعظاًquot; إياه حول مسألة مزارع شبعا كما يفعل quot;الأستاذ مع التلميذquot;.

ميقاتي الذي كان صديقاً للرئيس السوري بشار الأسد، واختلف معه في كانون الأول الماضي، يعتقد أن دمشق تستخدم هذا النزاع (مزارع شبعا) للإمساك ببعض الأوراق، لا سيما في ما يتصل بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان.

في ما يتصل بـquot;حزب اللهquot;، فإن رئيس الحكومة السابق يقدّر بأن الفريق عانى من خسائر مادية تصل نسبتها إلى 25%. وعلى الرغم من ذلك، فإنه لا يزال يحتفظ بالكثير من احتياطه، وهو مستعد للتوصل إلى حل للنزاع.

وفيما يدعم ميقاتي مقاتلي quot;حزب اللهquot; في النزاع الحالي، يضيف أنه يرغب في رؤية الحزب منزوع السلاح، ويأمل في أن يضعف موقفه السياسي بعد وقف اطلاق النار، لكنه يعتقد أنه سيحتفظ بكمية كبيرة من سلاحه حتى لو حصل انتشار للقوى الأمنية اللبنانية في الجنوب.

ويقول ميقاتي quot;سيقومون بعملية تسليم رمزية من 500 إلى 1000 من سلاح الكاتيوشا إلى القوى الأمنية اللبنانية، ويعيدون بعضها إلى سوريا، على أن يخبئوا البقية في مخازن تحت الأرضquot;. ويضيف أن بمقدوره الضمان أن quot;حزب اللهquot; لن يطلق أي صاروخ خلال الأشهر الستة التي ستلي وقف اطلاق النار، لإعطاء الفرصة للتوصل إلى اتفاق سياسي دائم.

ولفت إلى أنه مهما كانت النتائج، فإنّ quot;حزب اللهquot; سيصوّر نفسه على أنه المنتصر، مشيراً إلى أنه quot;في المشهد السياسي اللبناني، من الأفضل التعامل مع quot;حزب اللهquot; على أنه منتصر وليس خاسراًquot;. في الحقيقة، سيخرج quot;حزب اللهquot; من النزاع ضعيفاً، على المستويين العسكري والسياسي.

ويرى رئيس الحكومة السابق أن فؤاد السنيورة لا يصدق نفسه على أنه قائد حقيقي، لا بل يشعر بأنه وكيل عن سعد الحريري. عملياً، فإن الاتفاق القاضي بانتشار القوى الأمنية في الجنوب، قد حصل بين بري والحريري، فيما السنيورة كان مجرد متحدث باسم الحكومة.

بكل الأحوال، الحريري هو أصلاً quot;ساذج ويسهل خداعهquot; وفق ميقاتي، ولهذا لا يمانع quot;حزب اللهquot; من التعامل معه. وهذا يسلّط الضوء على غياب قائد حقيقي، جامع وصاحب كاريزما لدى الطائفة السنية، التي لن يكون بمقدروها مواجهة الطائفة الشيعية الموحدة والمسلحة.

أما بالنسبة لانتشار القوى الأمنية في الجنوب، فيعتقد ميقاتي أنه على الرغم من أن الجيش لا يزال ضعيفاً ومجزّءاً، فإنه قادر على تلبية الحد الأدنى من الحاجات التشغيلية، وسيلقى استقبالاً جيداً في الجنوب. ولذا لا بدّ من حصول على دعم دولي للجيش. ويصف ميقاتي قائد الجيش ميشال سليمان الذي لعب دوراً دقيقاً في تجنّب احتكاك في الشارع مع التظاهرة المناهضة لسوريا في آذار 2005، بأنه quot;صادق وجيدquot;. ولفت إلى إن إيران قد تعيد إعمار الجنوب.