وجه الكشف عن 400 وثيقة من مؤسسة ويكيلكس ضربة هائلة وغير قابلة للتصور الى النظام الإيراني وسلطة المالكي في العراق. واستمرت حدوث اغلبية هذه الجرائم التي تم الكشف عنها ولا يزال التستر عليها قائما في فترة الادارة الأمريكية الحالية أي في حدود سنة بعد انتخاب أوباما رئيسا للولايات المتحدة الامريكية وقد تسترت الادارة الأمريكية على هذه الجرائم.

إن هذه الضربة القاسية من خلال الكشف عن مئات الآلاف من الوثائق التي تصل إلى حوالى مليون صفحة ولن يكشف الحجم الحقيقي لها الا في المستقبل، وكذلك حجم الاهتمام الاعلامي العالمي بها حيث تم نشر وثائق ويكيليكس في عدة صحف عالمية منها نيويورك تايمز وواشنطن بوست الأمريكيتين ولوموند الفرنسية ودير اشبيغل الألمانية التي خصصت عدة صفحات لنشر ودراسة الوثائق المكشوفة، لا يترك أي مجال لاخماد الحديث حول الوثائق فهو يتوهج اكثر فأكثر وله ابعادا قد تكون اوسع في طهران وفي بغداد.

وبقراءة قسم من الوثائق التي تم الكشف عنها وفي الاطار المحدود الذي كان متوفر لدينا من الممكن أن نعرف الجوانب الثلاث لهذه الوثائق: فضح أمر نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، وفي الجانب الاخر وقعت الدكتاتورية الحاكمة في إيران تحت المطارق بما لم تكن تتوقعه وترتقبه وبعيدا عن تصوراتها، والجانب الأخير تستر الادارة الأميريكية كما قلنا.

وكما أشرنا الى أن ما تم نشره حتى الآن هو غيض من فيض وجانب من الحقيقة وقد يكون مع التحفظ وما خفي كان اعظم ولم تكشف بعد حجم الجرائم ارتكبتها ديكتاتورية الملالي الحاكمة في إيران وكذلك لم تكشف المعلومات بعد عن حجم الجرائم في العراق. وتتحدث الوثائق المكشوفة عن الاحداث حتى نهاية عام 2009 ولكن المعلومات التي بحوزة مجاهدي خلق الإيرانية وقسم منها كشفته في مؤتمر صحفي جرى في بروكسل قبل أيام وبعد الاعلان عن وِثائق ويكيليكس من قبل رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية تظهر بأن الجرائم المذكورة كانت مستمرة طوال العام 2010 وحتى يومنا هذا.

والسؤال المطروح هو لماذا تسترت الولايات المتحدة الأمريكية على هذه الجرائم بالرغم من التقارير المتكررة لقواتها الميدانية في العراق وما هي مبادىء تلك السياسة واي سياسة هذه التي ادت إلى هذا التجاهل الكبير واللا مبالاة والاهمال الذي راح ضحيته ليس الشعب العراقي فحسب بل الشعب الإيراني وابناء الشعب الامريكي. اذا نظرنا الى موضوع فضح تدخلات النظام الايراني في العراق والى شكل التعامل الجدي معه فهو ليس التقارير اليومية التي أكدها الضباط الامريكان وزملاؤهم وشركاؤهم فحسب بل هو ايضا ما اصرت عليه المقاومة الايرانية منذ اليوم الاول لاحتلال العراق.

ومنذ عام 2003 وحتى هذا العام أي 2010 كشفت وفضحت المقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق الإيرانية وبشكل مستمر التدخلات السافرة والمستمرة للنظام الإيراني في العراق في مؤتمرات صحفية وبيانات وعمليات الكشف ومقالات وحوارات متعددة. وإحدى حالات و عمليات الكشف هذه كانت في عام 2006 وهي معلومات حول 32 ألف عميل عراقي منظم للنظام الإيراني تلك التي اعلنتها مجاهدي خلق في قائمة كانت تحتوي اسمائهم وبياناتهم ورواتبهم الشهرية. والمعلومات التفصيلية المكشوف عنها من قبل المقاومة الإيرانية حسب ما جاءت في بياناتها تفيد بأن التدخلات السافرة للنظام الإيراني في العراق لم تكن تستمر لحد يومنا هذا فحسب بل تصاعدت حدة وقوة وفق اجندة خاصة للنظام الإيراني. وأرادت هذه الدكتاتورية في إيران أن تؤثر على مجرى التطورات السياسية في العراق - وهذا ما تؤكده التيارات التقدمية العراقية - تمهيدا للجولة الثانية لسلطة نوري المالكي وفي هذا الاطار كانت تستخدم شتى الاساليب منها شراء ذمم ضعاف النفوس وتدريب فرق الاغتيال ووضع القنابل وارسال الشحنات الكبيرة من الاسلحة والعتاد إلى العراق بشكل مستمر ودعم الجماعات الارهابية فيه. وهذه هي جزء قليل جدا من المعلومات التي في متناول اليد.

والآن وبعد هذه الضربة الساحقة للديكتاتورية المتسترة بغطاء الدين في إيران، يجب على الدول العربية واحرار العرب وخاصة وسائل الاعلام أن يدقوا طبول قطع ذراع النظام الإيراني بشكل كامل عن العراق الذي يعتبر المتنفس الرئيس لتصدير ارهابه وتطرفه إلى المنطقة. وبقطع هذا المتنفس اضافة الى قرارات المقاطعة الدولية ضد هذا النظام والتي تشتد يوما بعد يوم لن يبقى له طريقا سوى التقلص والاندثار اكثر فأكثر وسيؤدي هذا الى خلاص شعوب المنطقة من شرور هذا النظام.

ولا ننسى أن احدى الضحايا الرئيسة لسياسة التستر هذه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وادارتها هي المعارضة الرئيسة لهذا النظام، أي منظمة مجاهدي خلق الإيرانية و3400 من الابرياء العزل المقيمين في مخيم أشرف في العراق وهم اعضاء هذه المنظمة وهذا موضوع آخر سنطرق اليه في مقال آخر.

* خبير ستراتيجي إيراني
[email protected]