حين يثار التساؤل الآن وللمرة الألف عن الهوية الحقيقيّة للجريمة أو بقول أدق للجرائم الدونيّة التي ترتكب ضد الأقليات الدينية في العراق باسم الاسلام وبتعضيد اطنان من التراث الاسلاموييجد الواحد منا نفسه ابكم لايجد معينا غير التنصل عن الحدث وعزل المنفذين المتدينين الحالمين بالحوريات باعتبارهم لا يمثلوننا؛ لا يمثلون الاسلام.

تمثل مَنْ هذه المسوخ الرخيصة إذا!
لا يمكن ان تمثل نفسها فقط باعتبارهاشرذمةمحدودة الوجود، على العكس فالوقائع تخبرنا بأن لهم انتشارا لا ريب فيه وبأنهم دهاة وينافسون الشيطان في شره ومكره ولهم أيديولوجيا وستراتيجيات وديالكتيك وإن كان كل هذا يتم في مناخ قروسطي صحراوي.
منذ قرون والمذابح والمجازر في العراق تتنافس في بشاعتها وقسوتها دون أن تنجح واحدة منها في تحفيز عملية إعادة تفكير جادة في تفنيد ما يمكن أن يستثمر لتبرير الكراهية والقتلمن أجل ايقاف البشاعات المخلة بالانسانية؛ كهذه التي حدثت في كنيسة سيدة النجاة ببغداد.
نعرف أن هناك استنكارا داخليا لدى القطاع العريض من العراقيين إزاء هذه الجريمة وأن البعض منا يجد عزاء في أن منفذيها قدموا من خارج الحدود، ولكن هل يكفي هذا لعزل انفسنا عمّا أرتكب، لتبرئة ذمة اسلامنا من دم الأطفال والمصلين الشهداء في كنيسة سيدة النجاة؟
هذا تساؤل جاد وليس مجازا، هل يكفي الاستنكار وحدهلتحديد هويتنا كمسلمين مختلفين عن هوية أولئك الذين أرادوا لدماء الأبرياء أن تغرق الكنيسة السفينة ؟كيف وعلى وفق أيّ منطق؟

عللنا خطيرة وملتبسة ومتلابسة ولا يمكن فصل ما يجري الآن من محاولات سحق عنيقة لمظاهر الدولة المدنية والتراجع الى الدولة الدينية وافتقاد اطراف النزاع الى الاخلاص في العمل الوطني والحرامية والفساد الاداري وكذلك تعميم التعصب الديني والمذهبي كبديل للآيديولوجيا القومية المنهارة،لا يمكن فصل هذا كله عن أي جريمة أو إعتداء يرتكب ضدالأقليات الدينية في العراق. الخطير في الأمر على أية حال هو الهدف الأبعد من عمل ببشاعة كهذه وهو كما يبدو محو ملامح العراق الأساسية من أجل اعداده لخارطة جديدة!
لا شك في وجود مصالح لدول اقليمية في اجلاء غير المسلمين من العراق، ولا شك ايضا في أن هناك أطراف سياسية مشتركة في العملية (العليلة) يمكن ان تجني بعض المنافع من مصيبة كنيسة سيدة النجاة: ربما كان للجماعات الشيعية غرض فيها ، ربما كان للأكراد، او القاعدة أو واحدة من الكيانات الهجينة غامضة المطامح منافع شتى في ما حدث،لكن المسؤولية الحقة تكمن في أطنان الهذر المسموم..
لنا قطعا أن نختلف في عقائدنا ومعتقداتنا وتفسيرنا وايماننا ودرجاته ولكني أؤمن كأنسان أولا وقبل كل شيء ألا كفر ولا رجس ولاخطيئةو لاجرم يعدل النطق بلفظ الجلالة في عملية قتل. اليس الله الخيروالعدل و المحبة والغفران ؟ هل يمكن ان نراه بطريقة اخرى في عصرنا هذا وبعد تجارب التاريخ المريرة!

التفاصيل المروعة التي تخرج الى العلن الآنوالتي تروي ما حدث في الكنيسة تجعلنا نقف عند مفترق الطريق؛ التعامل معها بوصفها مجزرة ldquo;عادية ldquo; قام بها جماعة اختلت عقولهم وهذا يعني ممارسة سياسة الكتمان القديمة ذاتها وترك المستقبل مفتوحا لاحتضان بشاعات أخرى ، أو مواجهة ضمائرنا وتعرية التراث المؤذي الذي يسوغ هذه الوحشية وينتج لنا اجيالا من قاطعي الرؤوس ldquo;الاتقياءrdquo;..