مشروع ب والذي يسمى بالانكليزية (B Plan) هو مصطلح انتقل الى الثقافة السياسية من الثقافة العسكرية منذ فترة. وفي الثقافة العسكرية هناك خطة رئيسة تسمى بمشروع A والخطة البديلة في حال عدم تنفيذ الخطة الأولى ستكون الخطة أو المشروع B. وفيما يتعلق بإيران مثلا في ادارة الرئيس أوباما هناك دائما مشروع A أي المفاوضات والمساومة مع النظام الحاكم في إيران والتي لم تصل إلى أي نتيجة سوى الحد الادنى كالقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي وبعض العقوبات ومشروع B هو خيار العمل العسكري.

تكمن بعض الرسائل الايجابية الضمنية والصريحة في بعض الإشارات في العراق بالرغم من صعوبتها ومنها على سبيل المثال ان المالكي الذي يترنح تحت ضربات ويكليكس الموجعة تقفز ادارته باعلانها عن قرار الحكم بالاعدام على طارق عزيز السياسي المتدهور صحيا والبالغ من العمر 74 عاما وذلك بعد 7 سنوات ونصف السنة من الاعتقال وقد جاء قرار الاعدام بطلب من الفاشية الدينية الحاكمة في ايران وعصابة المالكي التي أثارت اشمئزازا لدى عموم العراقيين وأثار ذلك القرار الذي جاء متزامنا مع مصداقية ويكيليكس ضمير الانسانية في القرن الحادي والعشرين. ومن الطبيعي أن أثار هذا الحكم موجة من الترحيب والبهجة في أوساط نظام الملالي في إيران.. الا أن ما قام به المالكي في هذه الظروف ما هو الا علامة قوية بأن المالكي لا يرى أي مستقبل له في الساحة السياسية العراقية وخياره أن ينفذ آخر جرائمه في نهاية سلطته.

عودة إلى الخطة ب (B Plan) التي طرحناها في مطلع المقال وعلى أساس المشاريع المطروحة بعد الانتخابات النيابية العراقية كان هناك مشروع بهذا الاسم وظاهريا كان تقسيما للسلطة الا ان المالكي سيبقى رئيسا للوزراء (اي خيارا لمن لا خيار له) وتم الايحاء بأنه سيكون تقسيما حقيقيا للسلطة لكن الملمين العارفين بطبيعة النظام الايراني قالو لا لذلك ولا لسلطة المالكي ولا للدكتاتورية الحاكمة في طهران والتي لن تقبل باقل من سلطة كاملة على العراق بواسطة المالكي او غيره ممن ترضى عنهم طهران.. فمن خلال المالكي ورغم الظروف الشائكة كانت لطهران السلطة الكاملة على العراق، وخيار المالكي نفسه في الاعوام الخمسة الماضية وحتى في حالة قبول المالكي تحت اي ظرف فانه لا خيار له سوى ان ينتهج ما مارسه في الاعوام الماضية ولهذا السبب يعد هذا المشروع مشروع سلطة المالكي مشروعا بلا مستقبل كونه مشروعا منزوع الشرعية وبسوابق سيئة ونوايا اسوأ.وكذلك لمعارضة القوى التقدمية العراقية صاحبة الشرعية واصرارها على أنها لن تشارك أبدا في أي سلطة المالكي وفراغ السلطة لشهور طويلة قاسية ومربكة كانت خير دليل على عدم صلاحية هذا المشروع.

وفي مقال لنا في موقع إيلاف في أغسطس الماضي بعنوان rdquo;في العراق.. الله وكيلك ومحمد كفيلك!rdquo; قلنا بأننا rdquo;نرى انه ورغم وضع النظام الايراني المتأزم للغاية على الصعيدين الداخلي والدولي وفي ظل اصرار النظام الايراني على التمسك بالعراق كمخرج له من ازماته وامتدادا لنهجه السياسي السلطوي وبالرغم من ذلك فان هذا النزاع الذي يجري في العراق سيُحسم لا محالة لصالح القوى الوطنية العراقية التي لا خيار لها الا ان تكون يدا واحدة وان لا تتنازل قيد أنملة عن مصالحها التي تمثل مصالح الشعب العراقي الذي منحها الثقة، وعليها ان تبذل قصارى جهدها لايصال البديل الوطني العراقي برئاسة الدكتور اياد علاوي إلى سدة الحكم وانقاذ العراق وترميمه وصيانة سيادتهrdquo;.

واليوم بالنظر لوثائق ويكيليكس المفشاة حول جرائم نوري المالكي وسلطته وزمرته المؤتمرة بامره،فاننا نراها كقفزة نوعية ومنعشة للقوى الوطنية العراقية في مسار توازن القوى في العراق. وبعد صناديق الفضائح الثقيلة التي اوقعتها ويكيليكس على راس المالكي وسلطته ومع وجود بديل صامد متماسك فانه لن يبقى أي دور للمالكي في الحكومة العراقية المقبلة فحسب بل وسيضمحل اسمه في حزب الدعوة الذي شوهه وانهكه المالكي بل وقضى عليه.. لن يكن للمالكي أي دور في هذا الحزب بل وأي دور لهذا الحزب في العراق، وسيخرج من دائرته لينتظر يوم محاكمته على الجرائم التي ارتكبها ضد الانسانية.

قراءات كثيرة منها صاعقة ويكيليكس وما وفرته من منحة للقوى الوطنية العراقية..ومنها الحديث حول بقاء القوات الامريكية في العراق ودراسة الولايات المتحدة لتعزيز قواتها الخمسون الفا بعشرين الفا اخرين للاسهام في ترميم الموقف المتدهور..اضف الى ذلك عدم مشاركة المجلس الأعلى الاسلامي وكثيرون آخرون في عملية ترشيح المالكي التي اعلنت امام الدنيا باسرها قبل أيام ومبادرة العاهل السعودي الملك عبد zwnj;الله بن عبد العزيز التي لاقت ترحيبا واسعا داخليا وعلى مستوى المنطقة والعالم وهذا موضوع لمقال آخر، ووفق هذه القراءات سنرى أنه وفي الموزانة الحالية للقوى وخاصة في ظروف تشديد قرارات المقاطعة وتنفيذ عقوبات مجلس الأمن والتضييقات الأخرى التي تبنتها الادارة الدولية ضد إيران، وفق ذلك كله سيتصاعد الصراع بين الولايات المتحدة والنظام الإيراني بشكل نوعي وتأثير هذا التصعيد في العراق سيصدر عنه تصاعدا لخطوط الولايات المتحدة الحمراء ازاء إيران فيما يتعلق بالعراق والوضع الدولي ايضا.

أدت السياسة التي اتبعتها rdquo;العراقيةrdquo; أي عدم الموافقة على دخول في أي حكومة برئاسة المالكي واصرارها على انها هي rdquo;العراقيةrdquo; التي فازت في الانتخابات وهي التي يجب أن تشكل الحكومة وفق حقها القانوني إلى تراجع المالكي وأسياده الإيرانيين أكثر فأكثر. ولكن الكشف عن وثائق ويكيليكس يجب أن يسوق كمنحة كبيرة لـ rdquo;العراقيةrdquo;فهذه المنحة على نحو افضل فستكون المدخل الى انهاء ودفن الخطة ب laquo;B Planraquo; ولن يكون أي مشروع آخر بديلا للتيار الوطني العراقي وهو المشروع والكلمة الأخيرة وبالنتيجة اختيار أياد علاوي زعيم قائمة rdquo;العراقيةrdquo; رئيسا للوزراء بشكل حتمي.

* خبير في الشؤون الإيرانية
[email protected]