سألت سيدة ارستقراطية متصابية الکاتب الانکليزي الساخر برنارد شو؛ کم تقدر عمري؟ وبعد لحظة من الاستغراق في التفکير، أجابها شو قائلا: من نظر الى قوامك الممشوق ظنك أبنة ثماني عشرة، ومن نظر الى عينيك العسليتين، ظنك أبنة عشرين، ومن نظر الى شعرك الکستنائي، ظنك أبنة خمس وعشرين. فأعادت السيدة سٶالها بعد أن أطربها ماسمعت: ولکن قل بصدق، کم تظن عمري؟ أجاب شو: انه مجموع هذا کله!

النظام الايراني، مازال يصر على حسن نيته و تعامله و ادائه على مختلف الاصعدة، مازال يٶکد على انه لاينوي تطوير برامجه النووية بإتجاه إمتلاك اسلحة نووية، في حين أن القرائن و الادلة و المستمسکات التي قد تم إستخلاصها لحد الان من مجمل تصرفاته، قد أثبتت العکس تماما، بل وان الاختلاف الحاصل الان بين الدوائر الاستخبارية و السياسية ليست على فرضية إمتلاك أو عدم إمتلاك النظام للاسلحة النووية وانما في الموعد الزمني لذلك.

النظام الايراني کعادته مازال يٶکد على ان سياسته سليمة ازاء بلدان المنطقة وانه يتعامل بحسن نية کاملة مع کافة الدول من أجل أمن و استقرار المنطقة، في حين أن التقارير المسربة و المستحصلة من هنا و هناك، تدل و بشکل قاطع بأن سياسة نظام ولاية الفقيه قد بنيت من اساسها على مبدأquot;التدخل المفرطquot;في شٶون الآخرين، وماحدث و يحدث في السعودية و الکويت و البحرين و لبنان و العراق و اليمن و السودان و المغرب وحتى مصر، شواهد و إثباتات ناصعة على مدى إيغال هذا النظام المستبد في التدخل و العبث بالشٶون الداخلية للآخرين، بل وان دول المنطقة بقدر توجسها و قلقلها من النوايا السيئة لهذا النظام، لاتتوجس و تقلق بنفس الدرجة من أعدائها التقليديين الآخرين، وان الذي يثير حفيظة بلدان المنطقة هو ذلك السلوك الغريب للنظام الايراني في التعاطي معها، إذ أنه و على الصعيد الرسمي يٶکد تمسکه التام بمبدأ عدم التدخل في شٶون الآخرين، لکن، وعلى أرض الواقع، تجد هذه البلدان تعاطيا و سلوکا آخرا مختلفا تمام الاختلاف عن التأکيدات الرسمية.

النظام الايراني، مازال يصر و بقوة أنه يحترم حقوق الانسان و يراعي کرامته و حرياته الاساسية، في الوقت الذي تٶکد التقارير و الدلائل بأن لاشئ في الافق يدل او يثبت بأن هذا النظام قد غير من اسلوبه الفظ في إنتهاك حقوق الانسان و مصادرة حرياته الاساسية تحت مسميات او مبررات مختلفة، بل وان الانباء القادمة من طهران تٶکد بأن نظام ولاية الفقيه ماض قدما في سياساته التعسفية بحق أبناء الشعب الايراني و ليس هناك أي أمل او رجاء في تغيير هذه السياسية القمعية الاستبدادية المجحفة.

ونعود الى الطريفة التي اوردناها في بداية المقال، إذ کما رد برنارد شو باسلوبه التهکمي الساخر على تلك المرأة المتصابية، حان الوقت ليرد المجتمع الدولي برمته على هذا النظام المتظاهر بquot;حسن النية و السلوكquot; و يقوم بجمع کافة تصرفاته و تعاملاته و تعاطيه في حصيلة نهائية موحدة، و قطعا فإنه لايملك ولا نقطة إيجابية واحدة على کافة الاصعدة الآنفة التي اوردناها، ومن هنا، فإن استمرار التعاطي و التعامل مع هذا النظام ليس إلا مضيعة للوقت و هدر الفرص المثالية لسحب بساط البقاء من تحت أقدامه المرتجفة و غير المتوازنة اساسا بفعل الرفض الجماهيري الايراني القوي له، ان الطريق الوحيد و الامثل لضمان أمن و استقرار العالم و المنطقة و حفظ حقوق و حريات و کرامة الانسان الايراني، تکمن فقط في نظام بديل يحل محل هذا النظام الاستبدادي الذي لايمکن التعايش و التعاطي معه وفق الاساليب و المعايير المعمول بها دوليا وان مقاطعة هذا النظام و سد المنافذ المختلفة بوجهه سوف تکون بداية النهاية التي قطعا ستسرالجميع من دون إستثناء.