الانصاف ميزان النقد سأبدأ من نفسي، دعيت من قبل اللجنة المنظمة للقاء لحضور المؤتمر بوصفي ضيفا مشاركا في كل أعمال المؤتمر، ما عدا الترشح للهيئات، والسبب كان بطلب مني: أولا لأنني رفضت ذلك منذ أن بدأت الانتخابات في لجان بلاد المهجر، والسبب الثاني أنني أعرف تحفظ الرفاق في حزب الشعب، على مشاركتي كليا في اللقاء، لا عتبارات تتعلق بموقفي من إعلان دمشق كما يرونه الرفاق. وهذا التحفظ أيضا يسري مفعوله على المفكر السوري عبد الرزاق عيد، لاعتبارات تتعلق بلغته الكتابية وليس بموقفه من الإعلان وعمله، خاصة أن الدكتور عيد من المؤسسين للإعلان، والتي سآتي عليها لاحقا. لكن الفرق بيني وبين الدكتور عيد أنني تعرضت لعمل الإعلان ولما أسميته روحية ابن العمquot; المناضل رياض التركquot; بالنقد الرفاقي، ولم يزعجني موقف الرفاق في الحزب لسبب بسيط جدا، في أنهم حزب، وانا أعرف العقلية الحزبية عموما واختبرتها جيدا. وأترك الحكم للحضور بالحكم كيف كانت مشاركتي. ولن أكشف سرا أن قيادة الإعلان في الداخل لم تستطع أن تغير نتائج عملية انتخاب رئيس المجلس رغم كل الضغوط التي مورست، لكونها متحفظة على الدكتور عبد الرزاق عيد. هذه النقطة أزعجت بعضنا وكانت ردود أفعال بعضهم متشنجة تجاه ما اعتبروه تدخلا غير قانوني. وأنا اعتبرها أيضا تدخلا غير شرعي رغم فشله النسبي. ثمة ملاحظة أن هذا اللقاء اتسم بغياب النقاشات التي تحدث عادة بين ممثلي القوى الكوردية أو الآشورية وبين بقية الممثلين السياسيين، وكان الطرفان الكوردي والآشوري حريصين على جو التعامل الديمقراطي والمؤسسي. وفي النهاية كلها هذه حوادث أقل من عادية في مثل هكذا مؤتمرات تحالفية تجمع عدة رؤى وطروحات ومواقف، وستتحول إلى ذكريات تفصيلة لا أهمية لها، من زاوية العمل المؤسسي النشيط وذو الأهداف والممارسات الواضحة وهذه قضايا تتوقف على عمل الأمانة الدائمة في المستقبل.
من الواضح جدا ومنذ زمن، أن هنالك للمعارضة أعداء وخصوم وسيبقى هؤلاء ما بقيت المعارضة السورية للنظام السوري مصرة على مطلبها الديمقراطي. هذا أمر بات واضحا وعلى المعارضة السورية، ان تتفاعل معه، دون أن تتركه يشكل لها هاجسا مرضيا.
كنت قد كتبت مقالا سريعا عن الاجتماع الأول للمجلس الوطني لإعلان دمشق للتغير الوطني الديمقراطي في المهجر، حاولت فيه أن أكثف الصورة، بما تحقق وثبت وفق الطرق القانونية المعترف عليها من قبل الإعلان عموما والحضور خصوصا، أي ما يمكننا اعتباره وثيقة من والوثائق التي أقرها المؤتمر، كانتخاب الدكتور عبد الرزاق عيد رئيسا للمجلس..ونوهت أن هنالك انطباعات أخرى سأقوم بكتابتها في مقال لاحق، لكن الشباب الطيبة وخاصة من يتطلون خلف أسماء مستعارة، كانوا جاهزين للبدء بتخوين الإعلان ومؤسساته وأفراده حتى قبل أن ينتهي اللقاء. هؤلاء لهم أسباب متعددة، منها ذاتي جدا، ربما لكونه لم ينتخب سابقا للوصول للمؤتمر، ومنهم كان في المؤتمر ولم يحتفل به المؤتمر كما كان يتوقع، ولكون الهجوم على اللقاء والمعارضة بدء سريعا وتخوينيا، ودون إنصاف يذكر، فوجدت أيضا أنه من الانصاف أن أكتب تلك التفاصيل المؤجلة وغير المقرة من قبل المؤتمرين إلى مقال لاحق، أن أكتبها سريعا، للرد على هذا المنطق، الذي ليس غايته النقد بأي حال من الأحوال بل غايته التشهير والتخوين على الطريقة السائدة، رغم ذلك يجب التفاعل معه. ومن جهة أخرى توضيحا لملابسات يمكن أن يستخدمها بعض أطراف المعارضة ضد أطراف أخرى، وتوخيا لنقل ما أزعم أنه الحقيقة للسادة القراء ولشعبنا.
آتي الآن لقضية انتخاب مكتب رئاسة المجلس الوطني لإعلان دمشق، ولكن قبلها سأعرج على أول استعصاء فردي حدث، والذي يتعلق بالاستاذ جريس الهامس- ليعذرني على صراحتي- المدعو مع زوجته المربية الفاضلة والكاتبة المعروفة مريم نجمة، فتم اختيار الكاتبة مريم نجمة كعضو كامل العضوية ويحق لها التصويت والانتخاب وبقي الأستاذ جريس الهامس ضيفا مشاركا، وهذا ما أثار حفيظته وانسحب على إثره من الاجتماع وانسحبت معه السيدة نجمة، رغم ذلك حاولت أنا التدخل في الموضوع فحضرا جلسة أخرى وانسحبا بعدها، وهذا هو السبب الرئيسي لانسحاب السيد جريس الهامس وزوجته الكريمة.
أعود لقضية الدكتور عبد الرزاق عيد، الذي رشحه كثر من أجل أن يكون رئيسا للمجلس ولم يكن ينوي الترشح لأي موقع، ولكن تحت ضغط المطالبين تم ترشيحه ووافق، الدكتور عيد لا يعرف موقف الرفاق في حزب الشعب ولا يعرف تحفظ قيادة الإعلان في الداخل عليه، في أن يكون في موقعا تنظيميا. وتفاجأ كما تفاجأ كثر من المتواجدين ومع ذلك تم انتخاب الدكتور عيد بالتنافس مع الدكتور خلدون الأسود، هو لم يكن مرشح حزب الشعب بل مرشح أكثر من طرف، ولكن بالتصويت نجح الدكتور عيد بعد انسحاب السيد أحمد شتو من التنافس على رئاسة المجلس، وذكرت ذلك في المقال الأول.
الخلاف الذي حدث بين الدكتور عيد والدكتور الأسود، وصل إلى مشادة كلامية كان الدكتور عيد أقل أريحية في خطابه منذ البداية، انسحب على أثرها الدكتور خلدون من الاجتماع، وانتخب السيد سليم منعم أمينا للسر عوضا عنه. ما حدث حتى اللحظة يحدث في كل مؤتمرات الأرض وليس شيئا خاصا بالمعارضة السورية. وأسجل للدكتور خلدون الأسود، أنه الوحيد الذي نقل تحفظه وموقف البقية من الدكتور عيد بشكل علني واضح معتبرا أن خطاب الدكتور عيد خطابا لا يخدم الإعلان وفيه شحنة طائفية، أسجل له صراحته، التي كان من المفترض للرفاق في حزب الشعب أن يوضحوا موقفهم للدكتور عيد قبل الانتخابات وأنا متأكد بأنه لن يترشح خاصة إذا عرف أن هنالك تحفظا من قيادة الإعلان في الداخل. لماذا لم يتصرف الرفاق في حزب الشعب على هذه الطريقة والتي اعتبرها عادية جدا، لا أعرف؟
وقبل ذلك كان قد غاب عن بقية الجلسات عدد من الرفاق في حزب الشعب على إثر انتخاب الدكتور عيد رئيسا للمجلس ولكن دون أن يعلنوا السبب أو الانسحاب من مؤسسات المجلس. لهذا قلت أن الرفاق كانوا في حالة ارتباك، رغم مشاركتهم في كل عمليات التصويت والترشيح، حيث انتخب الرفيق عبد الحميد اتاسي للأمانة الدائمة للمجلس بأغلبية كاسحة من الأصوات.
ونقطة الخلاف الأخرى التي حدثت وهي أكثر من طبيعية، حول مشروع القرارات حيث ورد مشروع قرار بشأن حصار غزة، وفهم بعضنا أنه يساوي بين إسرائيل وبين مصر، وتمت مناقشات حوله وتحفظ بعضنا ولكن نجح الرأي الذي يريد توضيح النص بما لا يساوي بين مصر وإسرائيل. وما حدث أيضا من مشادات ونقاشات بالنسبة لي ولكل المؤتمرات التي لها طابع تحالفي هي قضايا أقل من عادية.
أما قضية الشقيق والتي طرحها الأستاذ حبيب حداد، أنا الوحيد التي تحفظت على إضافتها كمفردة، لأنني وجدتها وكأنها تحاول تأكيد حالة غير موجودة، وخاصة أن العبارة لم تأت إلا على ذكر شعبنا الفلسطيني المحاصر في غزة وكأن بقية الشعب الفلسطيني خارج اللوحة!
هذا ليس غسيلا وسخا كما ينوه بعضنا، بل هو أقل من أن يذكر في المؤتمرات التحالفية الديمقراطية، وليست هذه المؤتمرات هي مؤتمرات أحزاب شمولية يقرر فيها الأمين العام كل شيء. لهذا وجدتها تفاصيل لا أهمية لها عمليا، وليس لأنها غسيلا وسخا بل تم التعامل معها بشفافية، وانحلت القضية. والشفافية مفهوم نسبي هنا بمعنى وفقا لمجريات الأمور وطبيعة تحالف إعلان دمشق.
الكولسة وترتيب الأوراق هذا حق لكل القوى ولكل المشاركين، ولكن دون أن تغير بنتائج الانتخابات، وهنا لم تغير الكولسة بنتائج الانتخابات.
وانتخبت الأمانة العامة الدائمة للإعلان في المهجر بشكل سلس وتم قبول الخاسرين للنتائج بطريقة جد حضارية، تسجل لهم.
إذا كان بعضنا يعتبر أن هذا دليل غسيل وسخ فأنا اعتبره دليل صحة وغير كاف بالطبع.
لهذا قلت الانصاف في النقد أهم من النقد بحد ذاته.
غسان المفلح
- آخر تحديث :
التعليقات