لقد نجح المتطرفين فكريا بمختلف أطيافهم سواء قوميين أو إسلاميين أو غيرهم، نجحوا نجاحا باهرا في بناء جدار حديدي بيننا وبين إسرائيل وجعلونا في معزل تام عن الدولة العبرية، ذلك الجدار الذي نجحوا في بنائه ليس على الأرض كما نتخيل بل هو في عقل كل فرد عربي، تمكنوا من بنائه بشكل محكم وصلب، والأبشع من ذلك هو إخراج تلك الصورة البشعة عن الدولة العبرية وأنها هي الوحش الكاسر الذي يريد اجتياح العالم العربي من المحيط للخليج لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى.

أنا لا أعرف مصدر لتلك التخاريف وعن صحتها، إلا وانه من البلادة تصديق مثل هذه الأشياء، ولكن حري بنا أن نسأل أنفسنا هذا السؤال، لماذا تمكن المتطرفون من بناء هذا الجدار وجعلوا الشعوب العربية تائه عن الحقيقة..؟!

إن أصحاب الطروحات الراديكالية يريدون من إسرائيل أن تكون في معزل عن العالم العربي، لا يرغبون في أي اندماج ثقافي أو اقتصادي بناء بين إسرائيل والعرب، كون إسرائيل من الدول المتقدمة في الكثير من المجالات، وبالتالي هم لا يريدون من العالم العربي أن يتحرك نحو الأمام، بل يريدون منا المكوث في المنازل الحجرية، وفي تلك الأفكار العقيمة التي ستعيدنا إلى الوراء آلاف السنين. لقد أبعدونا عن واقعنا المر وهو أننا شعوب تعاني كثيرا من التخلف، لم يتطرقوا إلى هذا الفشل الذي نعيشه، لم يهتموا بالمستقبل بل صبوا جل اهتمامهم في التزييف وتبديل الحقائق، حتى أصبح من الصعب النقاش حول السلام مع إسرائيل، أو التفكير فيه على الأقل، بالفعل نجحوا في تشويه الواقع وجعلونا متوهمين في كل لحظة بأن هناك شبح خفي يطاردنا في كل مكان، وجعلوا أفكارنا في حالت استنفار دائم تجاه العداء لاشيء غير ذلك.

إن جهل الواقع أو التعامي عنه من الأسباب الرئيس التي تجعلنا نسير في تخبط، ولو تمعنا قليلا لوجدنا أن الدولة العبرية معترف بها بموجب قرار من الأمم المتحدة عقب الانتداب البريطاني، وبالتالي شئنا أم أبينا فإسرائيل موجودة، وعلينا أن نعمل في الاتجاه الصحيح من اجل تحقيق السلام، لا تفيد أي تبريرات أو مواقف أخرى جانبية ولعل من أكبر الحواجز هو التعثر في وجود الدولة الفلسطينية، فهل من الممكن أن نتوقف مكتوفي الأيدي ننتظر وجود هذه الدولة.

يمكننا الخلوص إلى النهاية التالية، فالعالم العربي وإسرائيل يعيشون في منطقة واحدة بل ويتنفسون هواء واحدا، لا نريد أن نصنع أي حدود فكرية، علينا أن نتحد من اجل المستقبل، علينا أن نتكاتف من أجل تحقيق ذلك، فالمنطقة تعاني من المتطرفين فكريا وتعاني من الإرهاب وتعاني من التأخر في الجوانب الحياتية الأخرى سواء علمية أو اقتصادية أو غير ذلك، لا يمكننا أن نعيش في معزل عن العالم، وإلا سنجد أنفسنا لا نستحق العيش في هذا الكون.

سامر السيد

[email protected]