أنجذب كثيرا إلى إعلان أحد مساحيق التنظيف وهو يقول في آخرة(( لكي سيدتي غسيل أنصع بياضا))، والحقيقة لهو أمر جيد أن نهتم بملابسنا وتكون بيضاء باهيه وسبب رئيس من أسباب السعادة هو الخروج بملابس نظيفة تسر الناضرين.

أما عتبي الوحيد على تلك الشركات المنتجة لهذه المساحيق المنظفة والتي تتنافس فيما بينها بتقديم أرقى وأجود ما لديها وما توصلت له الأبحاث، فعتبي بسيط جدا أرجو منهم الاهتمام أكثر في إيجاد مسحوق ينظف العقول العربية ولا نريدها أنصع بياضا بل على الأقل يزيل القليل من الأوساخ والأتربة المتراكمة عليها منذ 1400 سنة، فهي عقول تعاني كثيرا من الرجعية ومن التخلف المحزن، وهذا لا يلغي وجود أناس أصحاب فكر جميل ونير ولكنهم قلة قليلة، أما السواد الأعظم دون تحديد فقد تاه خلف الشعارات والأوهام من إسلاميين على قوميين وانتهاء بالاشتراكيين الذين خفتت أصواتهم وتضاءلت أعدادهم مؤخرا.

قد تهون الأتربة المتراكمة في العقليات العربية بشكل عام بل وتهون أضرارها كذلك، أما الخطر الكبير الذي سبب تلفا للكثيرين هي تلك الأفكار العقائدية التي لوثت جل شبابنا وجعلت منهم قنابل موقوتة تفجر نفسها هنا وهناك، جعلت منهم أناس يحبون الموت أكثر من حبهم للحياة، إنهم لا يستوعبون الواقع ولا يعرفون كيف هي الحياة تسير، لقد تسببت تلك الأوساخ المتراكمة في إفساد عقلياتهم، حتى أصبح من الصعب تنظيفها مهما كانت قوت المسحوق، ولم تكن تلك الأوساخ تتراكم لو وجدت القليل من الاهتمام والعناية أول بأول، ولكننا أهملنها حتى كانت النتائج المخزية.

تبدو الأمور أكثر تعقيدا في هذه الفترة وتحديدا مع فئت الشباب لأن الكثيرين منهم تربى على عقائد عدائية وعلى الكره وعدم تقبل الآخر، بل والأسوأ من ذلك هو التأصل المنحرف الذي تراكم في عقلياتهم وجعلت منها عقليات مغلقة تنفر من كل جديد، ولكن السؤال الكبير ألا يجدر بنا أن نهتم بتنظيف عقول مستقبلنا..!، ألا يستحقون منا اهتماما أكثر مما هو علية الآن..! أليس من المفترض أن ننشئ جيلا يواكب العالم ويكون منتجا، أو على الأقل يكون محايدا يهتم بنفسه وبأمور حياته ليس ما نراه الآن من حمل الأحزمة الناسفة وصناعة القنابل وغير ذلك من لغة العنف.

إن العالم من حولنا يتقدم في كل ثانية بل والزمن أصبح أسرع بكثير عن سابقة ولا نعرف هل نستطيع اللحاق به أم لا، ولو استمر الوضع على ما هو عليه الآن، إذن نحن نرسم النهاية بأيدينا، وسنقول وداعا أيها العرب.

سامر السيد

[email protected]

المملكة العربية السعودية