سيقف الرئيس السوري بشار الأسد جنبا إلى جنب مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في المنصة الشرفية ليُتابع الاستعراضات العسكرية الفرنسية ويحتفل باستقلال فرنسا في الرابع من يوليو تلبية للدعوة الفرنسية التي جاءت مكافأة له على عدم عرقلته اتفاق الدوحة حول لبنان.

سيقف الأسد مع ساركوزي ووزرائه وجنرالات فرنسا إضافة إلى الضباط الجزائريين الذين عملوا مع الاستعمار الفرنسي في الجزائر الذي دام قرنا ونّيف. كعادتهم سيلبس هؤلاء الملقبون ب(الحركى) أوسمة العمالة على صدورهم وسيحتفلون باستقلال أمّهم فرنسا عن الاحتلال النازي.

سيقف الأسد مع الحركى بعد أن يكون قد جلس إلى طاولة واحدة مع شركائه الإسرائيليين في قمة الإتحاد من أجل المتوسط. وبعد أن تحولت المفاوضات غير المباشرة بينه وبين تل أبيب في تركيا إلى مفاوضات دون وسيط.

سيقف أسدُ جبهة الصمود والتصدي المدافعُ عن الحركات التحررية في العالم والمنادي بتحرير فلسطين وهضبة الجولان من السيطرة الإسرائيلية، سيقف مع خونة الثورة الجزائرية الذين باعوا وطنهم وارتموا في أحضان العدو وكانوا المتسببين في قتل وتعذيب المجاهدين الذين دافعوا بدمائهم عن سيادة التراب الجزائري.

هنا أتوقف عن استعمال العاطفة ولغة الخشب التي استعَرتُها من خطابات النظام السوري، وأعود للكتابة بلغة المنطق التي يمْقُتها الشارع العربي:

الإتحاد من أجل المتوسط ورغم الجدل الذي أثارته توجهاته وأهدافه، سيُسقط ورقة التوت التي تغطي عورات الأنظمة العربية، هذا الإتحاد الذي سيجمع الدول العربية المطلة على المتوسط مع إسرائيل سيفضح تلك الأنظمة التي اتخذت من الدولة العبرية شماعةً تُعلق عليها كل مصائبها. وإذا كان كارل ماركس يقول: الدين أفيون الشعوب فإنني أقول إن أفيون الشعوب العربية هو إسرائيل.

منذ استقلالها قبل نصف قرن حُرمت شعوب المنطقة من التنمية والديموقراطية وقبلَت بالفقر والجوع وصبرت على الأنظمة الديكتاتورية الشمولية المستبدة وتجاهلت نهب خيراتها وثرواتها. كل هذا خوفا من العدو الإسرائيلي! فلولا إسرائيل لما بات أيّ نظام قمعي ليلة واحدة في قصور الرئاسة ولما استطاع أي نظام مهما بلغت قسوته إسكات غضب الشعوب المقهورة.

الزعيم القذافي كان مُحقا عندما وصف الإتحاد من أجل المتوسط بقوله، إنهم خططوا وقرروا وفصّلوا لنا الملابس في أوروبا وما علينا إلا أن نلبس ما فُصّل لنا ونطبق الأوامر. هذه نصف الحقيقة لكن الحقيقة الكاملة تتّضح كلما بحثنا عن الإنجازات التي حققتها أنظمة القمع، فاتحاد المغرب العربي وُلد ميتا والخلافات الضيقة حالت دون تحقيق أي وحدة تُذكر.

أوروبا استطاعت أن تُوحّد دول المغرب العربي أمنيا رغمًا عن خلافاتها المزمنة، وأصبحت الأجهزة الأمنية في تلك البلدان ملحقا بنظيراتها في الدول الكبرى. كما أن أوروبا أدركت جيدا أن عدد سكان دول المغرب العربي ومصر الذي يبلغ حاليا نحو مئة وخمسين مليونا سيزيد بستين مليونا بعد عقد ونصف وأغلب هؤلاء من الشباب و سيحتاجون إلى أربعين مليون منصب شغل بحلول العام المقبل. وبالتالي فإن أوروبا لاتريد أن تصبح أراضيها مأوى للهجرة السرية الجماعية التي تفتقد إلى الكفاءة. ولا مرتعا للجماعات الإرهابية التي تُنفّس عن غضبها في شمال المتوسط هروبا من الأنظمة الاستبدادية.

نحن نعلم جيدا أن مشروع ساركوزي المُسمى الإتحاد من أجل المتوسط ليس مشروعا خيريا لمساعدة دولنا لكن ما هو البديل؟ أنظمةٌ مترهلة فاسدة وفاقدة للشرعية لا طموح لها سوى الخلود في السلطة.

لقد قدم الرئيس اليمني نصيحة مجانية لرفقائه في الأنظمة العربية حينما قال يجب علينا أن نحلق رؤوسنا قبل أن يحلقوها لنا، وبما أنهم لم يأخذوا بالنصيحة فإن الحلاقة ستبدأ في باريس في الثالث عشر من الشهر القادم، وكل ما يتمناه الزبائن الكرام من صاحب المحل هو عدم استعماله شفرةَ حلاقة قديمة تتسبب في جرح الكرامة. لكن يبدو أن مشاركة إسرائيل ستتسبب في ذبح تلك الأنظمة التي سقطت عن عوراتها ورقة التوت... فهلمّوا جميعا لمتابعة فيلم: تساقط أحجار الدومينو.

سليمان بوصوفه