شهدت العاصمة الفرنسية واحدة من أکبر التجمعات السياسية للمجلس الوطني للمقاومة الايرانية و قد قدرت جهات محايدة عدد الحضور بأکثر من 70 ألف ، فيما شارك أکثر من 660 شخصية برلمانية و سياسية وأعلامية في هذه التظاهرة السياسية الاستثنائية ضد الحکومة الايرانية. هذا الاجتماع الحاشد و ذلك العدد الکبير من الشخصيات المهمة التي شارکت فيه، فسره العديد من المراقبين السياسيين بإنه بمثابة إنعطافة کبيرة ضد سياسةquot;إرضاء و إستمالةquot;إيران التي إتبعها الغرب لسنوات طوال أملا في التأثير على إيران بإتجاه تغيير إيجابي في سياساتها المختلفة سيما المتعلقة منها ببرنامجها النووي التسليحي المثير للجدل و الشکوك.

وعلى الرغم من أن قرار محکمة الاستئناف البريطانية الخاص بإخراج منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة من قائمة المنظمات الارهابية في بريطانيا ، قد تم تفسيره على عدة أصعدة بإنه رسالة غربيةquot;أولية تحذيريةquot; قوية ذات أکثر من معنى موجهة لطهران ، فإن أوساط قيادية من المجلس الوطني للمقاومة الايرانية في باريس قد أکدوا لنا بأن ماحصل مع بريطانيا کان نتيجة جهود مضنية و صعبة خاضها المجلس في سبيل إثبات أن المقاومة الايرانية ذات بعد حضاري ـ عصري وهي تميل للتعامل بکل القيم و المبادئ المعاصرة المتعارف عليها دوليا ، وإن المقاومة الايرانية عازمة کل العزم ومن خلال دعم و مساندة أصدقائها و أنصارها في دول أوربية أخرى على العمل الجاد من أجل إخراجها من لائحة الارهاب التي وضعت فيها ظلما إکراما لسياسة غربية غير متزنة تجاه طهران أثبتت الايام عقمها و عدم جدواها.


مع أن الحکم الايراني قد سعى وعبر طرق و وسائل شتى لإقصاء خصمه اللدود(منظمة مجاهدي خلق)من الساحة و حاول جاهدا للتشديد عليه سيما في داخل العراق حيث مدينة أشرف معقل منظمة مجاهدي خلق الايرانية الـحارضة ، لکن الايام أثبتت أن هذه المنظمة ومن خلال سياساتها المتعددة الجوانب و المستمدة قوتها أساسا من التعامل بروح العصر و ما تمليه مستجدات السياسة الدولية ، قد أثبتت بحق إنها خصم لدود و عنيد للحکم الايراني و إنه صاحب مشروع سياسي ـ حضاري مکتمل الجوانب و إنه قادر على أن يکون البديل رقم واحد للنظام الحاکم في طهران في حالة سقوطه أو إقصائه من الساحة.

ولعل تلك التأکيدات التي صدرت عن السيدة مريم رجوي (الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة الايرانية) خلال الاجتماع الحاشد الاخير في باريس قد کانت إشارات واضحة جدا لکل الاطراف الدولية و الاقليمية من أن المجلس الوطني للمقاومة الايرانية عاقد کل العزم على إزاحة ذلك الکابوس المخيم على صدر الوطن الايراني و إن إيران تود أن تمد يد الصداقة و المحبة و السلام و التسامح و التواصل لکل العالم. والذي کان يلفت الانتباه في هذه التظاهرة السياسية الإستثنائية في تأريخ المعارضة الايرانية ضد نظام الحکم الحالي ، هو ذلك التأييد المنقطع النظير الذي کان يکنه البرلمانيون الغربيون من مختلف دول أوربا و استراليا و کندا و الولايات المتحدة الامريکية للسيدة رجوي التي لم تکن تقدر أن تستمر لدقائق معدودة في کلامها إلا وقطعت بشعارات حماسية و تصفيق حاد من قبل أکثر من 70 ألف مشارك في تلك التظاهرة. وقد أوحت قوة تماسکها و ثبات شخصيتها و ذکائها المفرط في إنتقاء الکلمات و التعابير الموجهة للحضور على إختلاف مشاربهم ، بإنها بحق ذلك المنقذ الذي يتطلع إليه الشعب الايراني.


وعلى الرغم من ذلك الجو الحماسي المشحون في قاعة الاجتماع ، لکن السيدة مريم رجوي کانت تتحدث بکلام منطقي أبعد مايکون عن الحماسة و الانفعال وهي بهذا أثبتت بحق بإنها مارکريت تاتشر إيران القادمة التي من دون شك ستدخل طهران دخول الظافرين.

نزار جاف
[email protected]