محمد موسى من أبو ظبي: هذا هو الفيلم الأميركي الثاني لهذا العام عن الإرهاب بعد فيلم quot;المملكةquot; الذي ما زال يعرض في العديد من دول العالم، فيلم quot;Renditionquot; (التملص) الذي تنطلق عروضه الأميركية بعد يومين، عرض البارحة الأربعاء السابع عشر من شهر تشرين الأول/اكتوبر ضمن الأفلام الطويلة لمهرجان الشرق الأوسط السينمائي في ابو ظبي، المخرج الجنوب أفريقي quot; Gavin Hoodquot; (جافين هود) الذي اعتذر عن الحضور لارتباطه بتصوير فيلم جديد في استراليا تمنى في كلمة ألقيت بالنيابة عنه ان يكون الفيلم دافعا للتفكير في موضوع الفيلم.
فيلم quot;التملصquot; يرجع خطوتين الى الوراء عن الانجاز الذي حققته افلام سابقة تتناول الأرهاب والمتطرفيين من الاسلاميين والتي انجزت بعد عام 2001 مثل افلام quot;سيريناquot;، quot;يونايتد 93quot; او حتى فيلم quot;المملكةquot; مع اختلاف الاسلوب الفني للفيلم الاخير عن الأفلام السابقة.

البطل المصري اثناء اعتقاله في الفيلم

ينجر فيلم quot;التملصquot; إلى اساليب جاهزة تقترب من الفجاجة في تصويره لظاهرة التطرف والمتطرفيين الاسلامين، الفيلم هنا لا يكتفي بعدم تناوله لموضوعة الارهاب، تاريخيتها واسبابها، هو يقدم صورته الخاصة لهذه الظاهرة، صورة لم تساهم في أنتاجها اي بحوث كان من المفترض ان يجريها صانعي الفيلم ( اذا ارادوا حقا ان يؤخذ فيلمهم بجدية ). الخطاب الفكري للمتطرفين والذي اظهر الفيلم بعضها منه لا يشبه اي خطاب فكري نعرفه، ليس لان الارهابيين الموجدين اكثر تسماحا، لكن الخطاب الذي عرض كان بلا مرجعيات او سوابق، ليس من المعقول ان يفتتح خطيب المجموعة الارهابية خطبته بدعوى لقتل المسيحيين، هكذا وبدون مقدمات، دون ذكر مثلا اشياء تخص الوضع الداخلي للبلد الذي تجري فيه الاحداث او اشياء تثير الغضب حتى يصل الى النتيجة التي تدعو الى قتل المسيحين او شرطة ابناء البلد مثلا !
الصورة التي ظهر عليها المتطرفين الاسلاميين واللهجة الغريبة التي تحدثت بها الشخصيات العربية (ابقى الفيلم اسم البلد العربي مجهولا) ليست هي مشاكل الفيلم الوحيدة،الفيلم مليء بالزوائد والكليشات التي اثرت على فيلم كان يمكن ان يتميز بموضوعه المهم، عن المسلم المعتدل الذي يعيش في الغرب والذي يجد نفسه ضحية وضع عالمي امني سياسي معقد، البطل في الفيلم هو مصري يعيش منذ عشرين عاما في الولايات المتحدة الاميركية ومتزوج من سيدة اميريكة، الشاب الذي يعيش النجاح الاميركي بكل صوره يخطف عن طريق (السي اي اي) ويرسل الى دولة عربية للتحقيق معه عن صله بارهابي يتهم بمسؤليته عن عدة تفجيرات قتلت بعضها اميريكين. هذه الطريقة من التعامل مع بعض الاجانب في اميركا ابتكرتها (السي اي اي) للتخلص من قيود النظام الامريكي القضائي وتدخل الاعلام، المشتبه به يرسل الى العرب المتعاونين مع اميركا من اجل تعذيبه وانتزاع اعترافات منه تفيد حرب المخابرات الامريكية مع الارهابيين.

ملصق الفيلم
ليت الفيلم بقي مع هذه القصة وسعى الى تطويرها وكشف المزيد من صورها الانسانية والنفسيه وعلاقة المهاجر ببلده الاصلي والبلد الجديد، علاقة الزوجة الاميركية بالزوج العربي المسلم هي علاقة لم تظهر سابقا في الأفلام الهوليدية الكبيرة، القصة اداها ممثلين ممتازين، النجمة quot; Reese Witherspoonquot; (ريس ويذرسبون) بدور كبير للزوجة التي ينكشف لها فجاة تعقيد العالم الذي يحيط بزوجها، والممثل من اصل المصري الهولندي عمر متولي الذي يلعب دور الزوج المصري الذي كان يعتقد انه وجه التوافق بين حياته الاميريكية وماضيه العربي.
القصص الاخرى في الفيلم زائدة تماما وانتجت الكثير من الاخطاء والتعثر للفيلم واضعفت تواصل القصة الاصلية، الفيلم اختار قصة عن علاقة غريبة لابنه مدير الشرطة في البلد العربي مع شاب في طريقه الى التطرف، هناك ايضا قصة عضو السي اي اي(يؤدي الدور النجم جيك جيلينهال ) الموجود في البلد العربي والذي يشرف على تحقيقات الشاب المصري قبل ان يشفق عليه ويساعد على اطلاق سراحه في نهاية عاطفية ضعيفه.
البطل المصري يعود في النهاية الهوليودية الى اميركا، الى بيته الجميل وزجته الشقراء ووظيفه يصل دخلها الى حوالى الربع المليون دولار سنويًا.
لماذا ضحايا الفيلم الهوليودي غالبا من النجاحين ؟ وما المانع من جعل بطل الفيلم القادم عن العرب عن رجل عاطل عن العمل ومتزوج من سيدة ليست بجمال النجمة quot; ريس ويذرسبون quot;!