مسؤولون سوريون يعبترون الانتحار حادثا وليس حدثا
غازي كنعان استحسن فكرة كتابة مذكراته
بهية مارديني من دمشق: وصف مسؤولون سوريون اليوم، انتحار اللواء غازي كنعان وزير الداخلية السوري بأنه حادث وليس حدثا، واعتبروا انه جاء نتيجة لما تبثه الاعلام حول مجريات التحقيق بين كنعان وفريق ديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق الدولية في حادثة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري ، مشيرين الى وجود جهات ضد سورية تروج لنظرية ان كنعان نحر ولم ينتحر .
وبدوره اكد الدكتور جورج جبور عضو مجلس الشعب ومستشار الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد في تصريح خاص لـ"ايلاف" ان انتحار وزير الداخلية السوري حادث هام في مجمل تطورات الازمة التي تمر بها المنطقة منذ صدور القرار 1559 ، مشيرا الى ان الحادث اضفى طابعا ماساويا على هذه التطورات يضاف الى الطابع الماساوي الذي شهدته الاشهر الماضية منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والاغتيالات التي تلته . وقال ان هذا ماجعل المنطقة تدفع بالدم ثمن التوتر الذي ساد منذ صدور القرار 1559 .
وراى جبور ان لبنان وسورية يلفهما الحزن على ابناء انتقلوا الى رحمة الله ضمن ظروف قاسية. وقال انه بالنسبة لانتحار اللواء كنعان فمن المرجح بل من الواضح ان ما اقدم عليه انما اتى نتيجة لمابثته فضائية لبنانية، حيث شعر اللواء من خلاله بان سمعته تتعرض لحملة تشويه شخصية فاختار حفاظا على كرامته ان يتوارى عن الانظار ليسكت اللغط . واضاف جبور انه في كل الاحوال لقد مضى اللواء وسره معه وقد يكون بعض المقربين اليه وانا لست منهم اكثر معرفة مني بالدوافع التي قادته الى ما اقدم عليه .
ونوه جبور الى ان اخر لقاء له مع وزير الداخلية كان بعد زيارة التهنئة له حين عين في منصبه ، كما التقيته ايضا يوم 23 اب اغسطس 2005 عندما حملت اليه مقالا نشرته جريدة الثورة الرسمية السورية تحت عنوان "نحو لجنة في مجلس الشعب للحريات والحقوق والواجبات العامة" وحملت ايضا عدد من مقابلة اجرتها معي جريدة تشرين الرسمية قبل انعقاد المؤتمر القطري لحزب البعث، وطغى على المقابلة تتبعي للمراحل التي مر بها اقتراحي بشان انشاء اللجنة واهم تلك المراحل انه في 28 شباط (فبراير) 2005 اقر حزبيو المجلس البعثيون موضوع رفع الاقتراح الى القيادة القطرية. وقد تداولت مع الوزير كنعان امكانية التعاون بين وزارة الداخلية وبين هذه اللجنة التي اقترحت تشكيلها في حال اذا ما شكلت، وكان موقف وزير الداخلية ايجابيا ومتفهما، ثم انتقل الحديث الى مواضيع شتى والححت خلاله ان يسجل تجربته الذاتية في عمله كضابط سوري متميز، ورغم ان الوزير كنعان لم يعدني بان يكتب مذكراته الا انني شعرت بانه مستعد للتفكير جيدا في هذا الامر. وهاقد مضى الى دار الحق ومضت معه اسرار كثيرة ومن المرجح الا احدا سواه يعرفها بتفاصيلها.
واوضح البرلماني السوري انه بالطبع تثور التكهنات حول توقيت الانتحار وتربط بينه وبين تقرير ميليس لكنني افضل ان احكم على الامر بظاهره ومن خلال كلام اللواء نفسه عن نفسه ، وتابع "ان ظاهر الموضوع هو مابثته الفضائية اللبنانية بشان صلاته المالية وفي رسالته الوداعية كان واضحا جدا اذ اشار الى تلك الفضائية ". واعتبر جبور ان الامر واضح والتكهنات لاينبغي لها ان تاخذنا بعيدا عن الواقع ولعل انتحاره يذكرنا بمروءة الرجال حيث يتم الهجوم عليهم في امور يعتبرونها مقدسة لديهم كالكرامة الشخصية. واستعاد جبور انه قبل خمسين عاما وجه احد النواب العراقيين تهمة العمالة الى رئيس الوزراء العراقي انذاك وفي اليوم التالي وجد رئيس الوزراء منتحرا في فراشه .
وحول امكانية قتل كنعان، شدد جبور على ان الطلقة النارية كانت في الراس من داخل الفم وهذا وضع يصعب على قاتل ان يقوم به، ثم ان تقرير المحامي العام واضح جدا ولايدع مجالا للتساؤل، ولاريب ان الاحاديث عن عملية قتل مصدرها جهات لاتحب سورية، ولاتحب الحكم، ولاترى ان اهانة الكرامة الشخصية امر يدعو القيام باعمال غير عادية.
حدث استثنائي
من جهته قال الكاتب و المحلل السياسي السوري فايز سارة في تصريح خاص لـ"ايلاف" ان انتحار كنعان حدث استثنائي شديد الاهميةوكتسب اهميته من الشخص والدور الذي لعبه والمهام التي تكلف فيها ضمن سياق النظام الامني السوري، اضافة الى انه يكتسب اهميته من الظروف المحيطة بسورية، خاصة ان كنعان كان ضمن مجموعة اشخاص استمع الى شهادتهم ميليس ضمن استماعه لشخصيات سياسية وامنية سورية حول اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري . واكد سارة ان غياب رجل بهذا الوزن وهذه الاهمية سوف يترك اثره في النظام الامني والسياسي في سورية. وأضاف انه حتى الان قد لاتكون المعطيات واضحة بالنسبة لاثر هذا الغياب لكن ربما يبدو هذا الاثر واضحا في الانعكاسات التي يتركها انتحاره على تقرير ميليس الذي يفترض ان يصدر خلال ايام .
واشار سارة الى ان الكثيرين تكلموا عن دور كنعان في لبنان لكنهم لم يتحدثوا عن دوره في سورية، واعتقد ان هذا الدور هو الذي مهد لانتقال كنعان الى لبنان وفرض لاحقا مجيئه الى سورية . ونوه سارة الى ان الدور بدا متناسبا مع صعود النظام الامني في السبعينات والثمانينات في سورية حيث كان كنعان مسؤولا امنيا في المنطقة الوسطى .
واضاف سارة ان ماقام به كنعان من اجراءات في النظام الامني بعد عودته الى سورية ومن ذلك تفعيله الجهاز الامني السياسي واستعادة دوره او مكانته ومحاولة اعطاء وزارة الداخلية واجهزتها دور كان مفتقدا في سورية.
وردا على سؤال حول ما اذا نجح كنعان في ذلك اجاب سارة لقد استدعي ليقوم بدور داخلي في سوري وسلم شعبة الامن السياسي ليتسلم منصب وزير الداخلية لكنه بكل صراحة لم ينجح فيما اراد ، الا انه حاول القيام بمجموعة اجراءات تغير من طبيعة الاجهزة والنظام الامني . واضاف ان كنعان كان يريد اعطاء دور اكبر لوزارة الداخلية لان الوزارة ليست اقسام الشرطة او مديريتي الهجرة الجوازات فقط .
عائلة كنعان وميليس
وحول ادعاء عائلة كنعان ضد ميليس واقامة دعوى "بسبب التسريبات المتكررة المغلوطة لوسائل الإعلام التي دفعت بالوزير كنعان إلى الانتحار دفاعاً عن كبريائه وكرامته كضابط ومسؤول، اعتبر الدكتور ابراهيم الدراجي استاذ القانون في جامعة دمشق في تصريح خاص لـ"ايلاف" ان ميليس قد يكون ليس طرفا وان كل مايقال في وسائل الاعلام هو فبركات من صنع الاعلام .
ومن حيث المبدا ، اشار الدراجي ، الى انه تنطبق قضية القدح والذم والتشهير وتسريب معلومات تؤدي الى تعريض حياة انسان للخطر او تشويه سمعته وذلك فيما تبثه الفضائيات ، ولااعتقد ان هذا ينطبق على ميليس وخاصة انه حتى الان كما سمعت لم يكتب تقريره بعد.
ونوه الدراجي الى انه يمكن لعائلة وزير الداخلية السوري ان تربح القضية اذا اثبتت بالدليل القاطع ان ميليس وراء التسريبات وان الموضوع ليس اعلاميا فقط ، معتبرا ان هذا في رايه امرا متعذرا .
التعليقات