إيلاف من باريس: وزع "المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية" الذي يترأسه المعارض نزار نيوف تقريراً نسبه إلى مصدر اشتراكي فرنسي قريب من أوساط الخارجية الفرنسية ، وجاء فيه أن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وصل مساء أمس إلى باريس في " زيارة عمل بعيدة عن الأضواء " تليها زيارة مشابهة إلى النمسا.

وأضاف أن الأهداف الحقيقية للزيارة تتمثل في الاجتماع إلى النائب سعد الحريري والزعماء السياسيين اللبنانيين الآخرين الموجودين في باريس خوفا من الاغتيال ، وإجراء محادثات عاجلة معهم حول مرحلة ما بعد رئيس الجمهورية إميل لحود الذي أصبح مرجحاً اتهامه بالخيانة العظمى في مجلس النواب إذا ما أصدر المحقق العدلي في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري القاضي الياس عيد في الساعات القليلة المقبلة مذكرة اعتقال وجاهية بحق قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية الثلاثة السابقين وقائد الحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان .

وتابع المصدر: أبلغ بري إلى أركان البريستول ( المعارضة السابقة ، والسلطة الراهنة ) تخليه عن فكرة القبول بالجنرال ميشال عون رئيسا قادما للبنان ، واستعداده لتقديم كل التسهيلات الممكنة ، بصفته رئيسا لمجلس النواب ورئيسا لحركة "أمل" على حد سواء ، لإزاحة الرئيس لحود بالطرق الدستورية ، وتنصيب أحد أعضاء "لقاء قرنة شهوان" أو الدكتور سمير جعجع بدلا منه ، إذا ما قرر قاضي التحقيق العدلي الياس عيد إصدار مذكرة اعتقال وجاهية بحق القادة الأمنيين الأربعة الموقوفين منذ يومين . وإن بري حزم أمره باتجاه هذا الخيار بعدما أيقن أن معجزة إلهية وحدها قادرة على حماية لحود من المساءلة بعدما أصبح شبه مؤكد أن قائد الحرس الجمهوري حمدان ، وضباطا آخرين في هذا الحرس ، غارقون في وحل جريمة اغتيال الحريري حتى أعالي رؤوسهم ، وأن الرياح آخذة بالتسارع في الاتجاه الذي يجرف معه بقايا النظام الأمني السوري ـ اللبناني والشبكات الاستخباراتية والسياسية التي يديرها.

ونقل تقرير المجلس عن مصدر قريب من " تيار المستقبل " الذي يقوده النائب سعد رفيق الحريري تأكيده هذه المعلومات ، مشيرا إلى أن بري جمد علاقاته منذ أشهر مع النظام السوري ، ولم يسجل أنه أجرى أي اتصال مع دمشق خلال هذه الفترة.

ونسب إلى مصادر في دمشق أن لدى النظام السوري شعورا قويا بأن بري قد نقل البندقية إلى الكتف الأخرى ، خصوصا أن محمود الأبرش ، رئيس مجلس الشعب السوري ، حاول الاتصال به أكثر من مرة خلال الشهر الماضي ، لكنه لم يفلح في ذلك . وشعر من الأجوبة التي حصل عليها من مكاتب بري في بيروت ، بأن الأخير يتهرب منه.

وأكدت هذه المصادر أن النائب اللبناني السابق ناصر قنديل ، الذي استدعي من دمشق للتحقيق معه بصفته أحد المشبوهين في الضلوع بالجريمة ، والذي يعتبر أحد القريبين جدا من بري ومن النظام السوري في آن واحد ، أبلغ رئيس مكتب الأمن القومي في سورية هشام بختيار أن بري أبرم صفقة مع الزعيم الإشتراكي وليد جنبلاط وأركان لقاء البريستول تقوم على قبوله بإزاحة لحود حسب المادة 60 من الدستور اللبناني ، إذا ما أصدر قاضي التحقيق عيد مذكرة توقيف وجاهية في حق العميد حمدان ، وذلك مقابل عدم فتح ملفات الفساد المتعلقة بصندوق إعمار الجنوب والوزارات التي كانت تديرها حركة "أمل" خلال سنوات الوصاية السورية . وأن بري تشجع على ذلك بعد أن لمس من البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير تراخيا في موقفه إزاء مؤسسة الرئاسة في لبنان بعد التطورات الأخيرة ، وأنه لم يعد قادرا على تأمين الغطاء المعنوي للحود.

يشار إلى أن الدستور اللبناني ينص في مادته الستين على أن البرلمان اللبناني هي الجهة الوحيدة المخولة باتهام رئيس الجمهورية بـ " خرق الدستور " أو " الخيانة العظمى " . وذلك " بغالبية ثلثي مجموع أعضائه " . فيما تنص المادة 61 منه على كف رئيس الجمهورية عن العمل " عندما يتهم " . وفي هذه الحالة تناط صلاحياته " وكالة بمجلس الوزراء " ، وفق منطوق المادة 62 المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 21 كانون الثاني( يناير) 1990 ، وتبقى الرئاسة شاغرة إلى حين الفصل في قضية الاتهام من قبل المجلس الأعلى .

ومن المعلوم أن قوى " تحالف البريستول " تستطيع تأمين أصوات ثلثي أعضاء مجلس النواب بسهولة ، ودون الاعتماد على أصوات كتلة " الإصلاح والتغيير " التي يقودها رئيس الوزراء الأسبق الجنرال عون الذي أكد أخيرا أنه لن يغطي الرئيس لحود إذا ما أثبت القضاء ضلوعه في ارتكابات وأعمال تشكل خرقا للدستور اللبناني ، أو ضلوع أحد المقربين منه .

يشار إلى أن نبيه بري كان أعيد انتخابه في 28 حزيران(يونيو) الماضي رئيسا لمجلس النواب للمرة الرابعة بعد صفقة أدارها ورعاها النائب جنبلاط . وقد لاقى هذا الانتخاب استنكارا كبيرا لدى فئات واسعة من الشارع اللبناني ، بما في ذلك بعض أوساط " تحالف البريستول" نفسه ، بالنظر إلى كونه أحد رموز النظام الأمني السوري ـ اللبناني على مدار أكثر من ربع قرن.