تقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية:

كيف يمكن لفلسطيني يموت أن يشكل خطرًا على إسرائيل؟

أسامة العيسة من القدس: عندما إكتشف نائل الكردي (21 عامًا) بائع الفلافل في أحد مطاعم غزة، إصابته بالسرطان تغيرت حياته، وهو الآن يعتبر نموذجًا لتلك القصص الإنسانية التي لا يتم ايلاؤها أي عناية وسط الاهتمام بالصراع الدائرة بين حركتي حماس وفتح، وسيطرة الاحتلال الإسرائيلي الكاملة على الأراضي الفلسطينية، على الرغم من دعاوى الحركتين بالسيطرة الوهمية على الضفة الغربية، بالنسبة إلى فتح، والقطاع في حالة حركة حماس، وعلى الرغم من هذه الدعاوى لا تتمكن الحركتان، حتى اذا ارادتا، تقديم المساعدة له ولأمثاله، لأن الاحتلال في الواقع هو المسيطر على كل شيء في حياة الفلسطينيين، وهي حقيقة تغيب وسط الصراع الدموي الفلسطيني.

بعد عامين من اكتشاف إصابة الكردي بالمرض، تدهورت حالته الصحية بشكل كبير، مما جعله ينتظر الموت في إحدى غرف غزة الفقيرة الباردة، حيث تعتني به والدته. وخلال رحلة علاجه، تمكن من السفر إلى مصر، لتلقي العلاج، ثم عاد إلى غزة، ليصبح احد ضحايا الحصار المفروض على القطاع. وترفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي السماح الآن لنائل الذي يصارع الموت، بالخروج من القطاع لتلقي العلاج في مشافي الضفة الغربية أو إسرائيل أو الاردن.

ونشرت صحيفة يديعوت احرنوت تقريرًا عن حالة نائل تساءلت فيه كيف يمكن لشخص يموت، مثل نائل، أن يشكل تهديدًا للأمن الإسرائيلي، في إشارة لرفض المخابرات الإسرائيلية منحه تصريحًا للخروج من القطاع. وبرر جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) عدم منح الكردي تصريحًا للخروج من القطاع لأسباب أمنية.

ومنذ أربعة اشهر يتم تقديم الطلبات للسلطات الإسرائيلية، للسماح للكردي بالخروج من غزة إلى الضفة، أو الأردن، أو إسرائيل، إلا أن هذه الطلبات تواجه بالرفض.

الفلسطينيون يخشون من عودة الاقتتال الداخلي إلى غزة
وكانت قضية الكردي، ضمن 11حالة لمرضى من القطاع، رفعتها منظمة أطباء من اجل حقوق الإنسان، التماسًا بشأن عدم السماح لهم بالخروج من غزة، إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية، التي أصدرت أمس الاثنين، قرارًا يطلب من الحكومة الإسرائيلية إعادة فحص القرار بعدم السماح لهم بالمغادرة للعلاج.

وأمهلت المحكمة، الحكومة، أسبوعًا للرد حول الموضوع، وقال بعض أعضاء منظمة أطباء حقوق الإنسان، بأنهم يشعرون بالدهشة لعدم سماح حكومة إسرائيل لمرضى حالاتهم المرضية خطرة جدًا، ويحتاجون إلى العلاج الملح، بدعوى انهم يشكلون خطرًا أمنيًا على إسرائيل.

وتم تقديم الالتماس، من قبل المنظمة يوم الخميس الماضي، إلى المحكمة العليا، للسماح للمرضى الذين حالتهم حرجة بالدخول إلى إسرائيل، أو المرور إلى الضفة أو الأردن، ووافق الشاباك، قبل فترة وجيزة من عقد جلسة المحكمة يوم الاثنين، على السماح لأربعة من الـ 11 مريضًا، ولم يسمح للباقين، ومن بينهم نائل الكردي، بالخروج من القطاع والمبرر أن الكردي وزملاءه يشكلون خطرًا أمنيًا على إسرائيل.

وحسب تقارير الأطباء في مستشفى الشفاء في غزة، فإن الكردي، الذي خضع للعلاج الكيميائي، يحتاج إلى المزيد من الفحوصات في مركز سوريكي الطبي في تل أبيب.

وتمت التوصية بذلك، في شهر تموز (يوليو) الماضي، لتبدأ معاناة جديدة لوائل هذه المرة ليست مع المرض، ولكن مع الحصار، والاعتبارات الأمنية الإسرائيلية، بعد أن اكتشف بأنه وهو في حالته الحرجة، يشكل خطرًا على الأمن الإسرائيلي. وحصل الكردي، على توصية من الدكتور الاسرائيلي ايل بفيني، رئيس قسم الأشعة، في مستشفى حولون، تشير إلى ضرورة خضوعه لفحوصات في مشافي إسرائيل، ولكن هذا لم يعنِ شيئًا لجهاز الشاباك.

وفي أثناء انتظار الكردي الطويل، للسماح له بالخروج من القطاع، تدهورت حالته الصحية بشكل كبير، وانتقال بوادر السرطان الى أعضاء أخرى لديه، غير الخصيتين.

ووفقًا لآراء أطباء إسرائيليين، أطلعوا على التقارير الطبية عن حالة الكردي، فانه إذا لم يتمكن من الحصول على علاج عاجل، فانه سيواجه وضعًا مؤلمًا سيؤدي حتمًا إلى وفاته. وفي حالته هذه، يكتسب السؤال حول كيف يمكن أن يهدد أمن إسرائيل، مشروعية كبيرة، وحتى الأسبوع المقبل، بعد أن ترد حكومة إسرائيل على طلب المحكمة العليا حول عدم السماح لنائل بالخروج من القطاع، لا أحد يعرف كيف سيكون وضعه الصحي، وإذا ما كان سيصمد طويلاً في ظل هذا الحصار المخيف.