في تحدي واضح لبشاعة حواجز إسرائيل:
فلسطينيون يحولون سياراتهم لمتاجر وانتشار للنراجيل

خلف خلف من نابلس: إذا كانت quot; النرجيلة quot; في الكثير من دول العالم للتسلية والترويح عن النفس، فأن الوضع في الضفة الغربية يبدو مختلفًا تمامًا. فقد يلجأ بعض الفلسطينيين إلى تدخينها على الحواجز العسكرية الإسرائيلية من اجل التغلب على ساعات الانتظار الطويلة التي يقضونها هناك، ويأتي هذا متزامناً مع ازدهار ثقافة بيع الكتب في وقت سابق، وكذلك المشروبات الساخنة والباردة، لإعانة المارة على تحمل مشقات التفتيش، وربما الاحتجاز لساعات طويلة تحت أشعة الشمس. فعلى حاجز حواره العسكري جنوب مدينة نابلس في الضفة، كانت أصوات الضجة، وهتافات السائقين تسيطر على الموقف، بينما ينشغل بعض الطلبة في مراجعة دروسهم أثناء توجههم للمحاضرات في جامعاتهم، مثل جامعة النجاح الوطنية، والتي يقدر عدد طلبتها بنحو 17 ألف طالب، وهي الأكبر في فلسطين، بالإضافة لجامعة القدس المفتوحة.

وفي واجهة (الكراج) موقف السيارات التي تقل الركاب المغادرين لنابلس، كان بعض سائقي سيارات العمومي يلتفون كالخاتم في الإصبع حول نرجيلة، في محاولة منهم لقتل الوقت، وخلفهم تماماً سيارة صالون حولها صاحبها لمتجر متنقل، وذلك للالتفاف على قرار المنع الإسرائيلي للباعة من العمل على مدخل الحاجز، ومحاولة إضافية منه لخلق واقع مناقض لسوداوية الموقف.

(نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا)، بهذه الكلمات للشاعر محمود درويش، يتغنى البائع أبو فادي الذي حول سيارته لمتجر غريب من نوعه، يتضمن الحاجيات الأساسية، مثل العصير والحلوى والمياه المعدنية، كما يوجد بداخله قارورة غاز منزلي لصنع الشاي والقهوة والمشروبات الساخنة لكل من يطلبها.

وقد أقدم أبو فادي أثناء عملية تحويل سيارته لمتجر متنقل، على إزالة المقاعد الداخلية لها، وزود سطحها العلوي كذلك بمادة مقاومة لشعلة غاز الطبخ، ومنبع هذه الفكرة كما يوضح جاء بعدما منعه الاحتلال في وقت سابق من البيع على الحاجز من خلال العربة المتنقلة. وهو يتجه بسيارته (متجره المتنقل) لحاجز حواره مع شروق شمس كل يوم، أما معادلة مغادرته للمنزل، فتحكمها طبيعة الحركة والأوضاع الأمنية التي تشهدها الأراضي الفلسطينية.

وبالنسبة لزبائنه فهم من المارة وسائقي السيارات العمومية الذين يضطرون بعض الأوقات للوقف ساعات طويلة حتى تمتلئ سياراتهم بالركاب، وينطلقوا لوجهتهم. ويأمل أبو فادي أن يبقى بعيداً عن اعتداءات الجنود الإسرائيليين، مستنداً في ذلك كون سياراته (متجره) تحمل أوراقاً قانونية، فهي مرخصة ومؤمنه من قبل وزارة المواصلات الفلسطينية.

وما سبق، ليس سوى محاولات فلسطينييه للتغلب على بشاعة الحواجز العسكرية الإسرائيلية، حيث يطور الفلسطينيون دائما وسائلهم للتصدي للواقع المذل الذي يفرضه الاحتلال، ويقول الطالب الجامعي أحمد فؤاد، الذي كان أبو فادي مشغولاً بتحضير طلبه من الشاي: quot;أنا اشتري من أبو فادي كل صباح الشاي، وقد اعتدت على ذلك منذ خمسة شهور، وإذا مر يوم دون أن افعل ذلك، أشعر أن شيئاً ينقصني. ويضيف: quot;الآن تربطني علاقة صداقة مع أبو فادي، ولولا هذا الحاجز اللعين، لما تعرفت عليهquot;.

ومن ناحيته، يوضح السائق الذي كان يضع quot;النرجيلةquot; أمامه أنه أقدام على جلبها من المنزل خصيصاً، لتساعده على قتل الوقت، حيث يقضي من ساعتين إلى ثلاث ساعات على حاجز حواره، لغاية امتلاء سيارته بالركاب الذين ينقلهم لمدينة أريحا شرق الضفة الغربية.

وتقيم إسرائيل المئات من الحواجز العسكرية في الضفة الغربية، ورغم وعود حكومة إيهود أولمرت للسلطة الفلسطينية بتقديم تسهيلات للمواطنين، إلا أن ذلك لا يطبق على الأرض. وينتظر الفلسطينيون بأمل تنفيذ الوعود التي أطلقت خلال زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس مؤخراً وتقضي بإزالة 50 حاجزاً وساتراً ترابياً من طرقات وشوارع الضفة.

بينما تشعر غالبية كبيرة من المواطنين بخيبة أمل من عدم رفع أي من الحواجز العسكرية الرئيسية التي تحول مدن الضفة الغربية لكنتونات صغيرة، فهناك على سبيل المثال لا الحصر، حاجز زعتره الذي يفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، وحاجز الكونتير الذي يفصل مدينة الخليل عن مركز الضفة الغربية، وحاجز قلنديا الذي يربط بين مدينة القدس والضفة الغربية.