أحمد نجيم من الدير البيضاء:

كشف عبد اللطيف الفيلالي، الوزير الأول المغربي الأسبق (ما بين 1994 و1998) ورجل الدولة لما يزيد عن 45 سنة، أن المغرب كان يفكر جديا في احتلال موريتانيا بعد الاستقلال، وأوضح على هامش تقديم مذكراته quot;المغرب والعالم العربيquot; الصادرة قبل أيام، في مؤسسة توزيع الصحف quot;سابريسquot; مساء الجمعة في البيضاء، أن موقف الزعيم الاستقلالي الراحل عباس الفاسي الذي يعتبر موريتانيا أرضا مغربية، كان موقف quot;كل المغاربةquot;. وأضاف الفيلالي quot;علال الفاسي كان على حق، فموريتانيا مغربية، والمغرب كان يفكر في احتلالهاquot;، وأكد أن quot;غياب الإمكانياتquot; العسكرية وquot;عدم قدرته على مواجهة فرنساquot; كانا السببين الرئيسين في التراجع عن فكرة الاحتلال. واستحضر الوزير الأول المغربي الأسبق أيام الحسن الثاني، التاريخ للتأكيد على مغربية موريتانيا، إذ ذكر بأن الدول التي حكمت المغرب على مر التاريخ، كانت تنحدر من تلك المنطقة.

وخصص الوزير الأول المغربي الأسبق تقديمه لمذكراته حيزا للحديث عن العالم العربي، وأعاد التأكيد، كما جاء في آخر فصول المذكرات، أن العالم العربي مجرد quot;خيالquot; لا علاقة له بالواقع، موضحا وجود تباين كبير في علاقة هذه الشعوب بالدين، كما أدان ما سماه quot;الصمت العربيquot; في قضايا كبرى.

كما انتقد الفيلالي بشدة الجامعة العربية، وقال إنها quot;مصيبةquot;، وأنها منذ أنشئت لم تقم بأي شيء لصالح التكتل العربي. وحضر اللقاء وزيران أولان سابقان هما عبد الكريم العمراني وعبد الرحمن اليوسفي، ودعا الفيلالي المغاربة إلى الكتابة، وقال إن هناك فراغا في هذا المجال، وأضاف أن quot;الانغلاق على الذات ضد الديمقراطيةquot;.

كما انتقد الحركة الوطنية وقال إنها ارتكبت أخطاء أيام مفاوضات المغرب لنيل استقلاله، وأن تلك الأخطاء مازال المغرب يؤديها، ومن الأمثلة التي قدمها الدبلوماسي المغربي السابق، قضية الصحراء، وقال إنه كان على المغرب أن يفاوض فرنسا مباشرة، وتساءل quot;لا أعرف لماذا منحت تندوف إلى الجزائرquot;. وشدد على أن مشكل الصحراء مغربي جزائري، مذكرا بما دار بينه وبين بوتفليقة خلال زيارته للجزائر في السبعينات quot;عام 1971 وجه لي وزير الخارجية آنذاك عبد العزيز بوتفليقة دعوة لزيارة الجزائر، كما كان وزير الخارجية الموريتاني مدعوا كذلك، وفي أحد الصباحات دعاني لوحدي إلى وجبة الإفطار، وآنذاك قال لي quot;كيف يعقل أن إسبانيا مازالت تحتل ما يسمى الصحراء الغربية، يجب علينا تحريرها، محررها قد يكون مغربيا وقد يكون موريتانياquot; وأضاف الفيلالي quot;بعد أن أشعل بوتفليقة سيجاره، أضاف quot;قد يكون جزائرياquot;. كما أوضح أن هدف الجزائر هو الحصول على منفذ بحري على المحيط الأطلسي، وأضاف أنه لا المغرب ولا إسبانيا سيسمحان للجزائر بتحقيق حلمها هذا.

كما انتقد الفيلالي طريقة التفاوض مع إسبانيا لنيل استقلال شمال المغرب، وقال إن تلك المفاوضات آنذاك لم تثر موضوع المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية بالإضافة إلى المحافظات الصحراوية أو ما يعرف جغرافيا بالصحراء الغربية، ووصف صمت المغرب في هذا الموضوع بquot;غير المفهوم حتى الوقت الحاليquot;.

التقديم كان مناسبة ليتحدث فيها الفيلالي عن أيام طفولته، وأوضح أن أباه علمه كيف يكون مغربيا منذ سنواته الأولى، وليتحدث عن مواضيع آنية انتقد فيها السياسة الرسمية المغربية المتبعة في التعليم، وقال إنه لا يعقل أن يتسكع ثلاثة ملايين طفل مغربي في الشوارع بعد أن غادروا المدرسة، في المقابل أشاد بسياسة السدود التي انتهجها المغرب أيام الحسن الثاني.

انتقادات وإشادات تضمنتها مداخلة الوزير الأول المغربي الأسبق في تقديمه لكتابه، لكن خطاب هذا الوزير يقع في تناقض كبير، فقد كان في مواقع تسمح له باتخاذ قرارات جريئة في قطاعات التعليم أو في إدارة ملف الصحراء أو العلاقة مع الجارة الجزائر وفي أمور كثيرة، لكنه لم يفعل، كما انه يأتي بعد سنوات من ابتعاده عن العمل السياسي وإقامته في فرنسا لانتقاد هذه السياسات.