رسالة للأسرى الفلسطينيين طولها 120 مترا
قنطار: الأسير يطوق للحرية والحب

أسامة العيسة من بيت لحم: يلجا الفلسطينيون، إلى أساليب مبتكرة لتسليط الضوء على معاناتهم، بعد استنفاذ كافة أشكال التعبير التقليدية عن تلك المعاناة، التي طالت، كما يرى كثيرون منهم اكثر مما يجب. واعلن من أمام كنيسة المهد في مدينة بيت لحم، عن رسالة كتبها فلسطينيون، موجهة إلى الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، طولها 120 مترا، معتبرينها أطول رسالة، تخط للأسرى في التاريخ. وكتبت الرسالة على القماش، وتم فتحها وعرضها في ساحة المهد بحضور عدد كبير من أهالي الأسرى والفعاليات والمؤسسات الوطنية، خلال نشاط تضامني مع نحو 11 ألف أسير فلسطيني وعربي في السجون الإسرائيلية، نظمه نادي الأسير الفلسطيني، وبدعم من الإغاثة الدولية.

وعلمت إيلاف، بأنه استغرق كتابة الرسالة نحو 60 يوما، وشارك في كتابتها أبناء لأسرى، وعائلاتهم، وعدد كبير من الناشطين المحليين، والمتضامنين، والمؤسسات، وطلبة المدارس والجامعات، والفعاليات الشعبية. وطالب محررو الرسالة، المجتمع الدولي، بالتدخل، لوضع حد لما وصفوه مأساة الأسرى، مشيرين بأن الهدف من الرسالة المطالبة بإيجاد حل عادل quot;لأسرى الحريةquot;. وحملت الرسالة التي امتدت على طول ساحة المهد، عبارات تؤكد على أهمية قضية الأسرى في الوجدان الشعبي الفلسطيني، ومقاطع من الأشعار الوطنية والرسومات الداعية إلى كسر القيود وتحطيم الأغلال.

وفي بعض المقاطع، توجهت الرسالة إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بعبارات غاضبة، تطالب بوضع حد لانتهاكات حقوق الأسرى، واطلاق سراحهم فورا، وفي مقاطع أخرى، طالبت المؤسسات الحقوقية ملاحقة من أسمتهم بالمجرمين الإسرائيليين، لارتكابهم جرائم تعذيب ضد الأسرى، وممارسة سياسة الإهمال الطبي بحقهم، أدت إلى استشهاد عدد منهم.

وقال عبد الله الزغاري مدير نادي الأسير في بيت لحم quot;أردنا أن نؤكد من خلال هذه الرسالة مطالبتنا الجدية بإطلاق سراح الأسرى والدعوة للتدخل لإنقاذهم من سياسات القمع الإسرائيلية، وتنبيه العالم، على مدى أهمية قضية الأسرى في الوجدان الفلسطيني، باعتبارها قضية أولى في اهتماماتهquot;.
واضاف quot;وجهنا الرسالة أيضا إلى الأسرى أنفسهم، لنقول لهم، بأننا لن نتخلى عنهم، وبان شعبنا يقف إلى جانبهم، حتى تحريرهم من السجون الإسرائيليةquot;.

وخاطب النائب عيسى قراقع مقرر لجنة الأسرى في المجلس التشريعي الفلسطيني، المتضامنين مع الأسرى، قائلا بان الرسالة الطويلة quot;تعبر عن الرأي العام في المجتمع الفلسطيني المتشوق إلى إنهاء معاناة أبنائه وبناته في السجون، وتحمل في الوقت ذاته مضامين سياسية تؤكد أن السلام والأمن والاستقرار لا يمكن أن يتحقق دون إطلاق سراح الأسرىquot;. وحث قراقع المجتمع الدولي التدخل quot;لحماية الأسرى الفلسطينيين والعرب من الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة ضد حقوقهم وكرامتهمquot;. وقال ممثل عن الإغاثة الدولية بان الرسالة هي quot;استفتاء إنساني وسياسي وثقافي تؤكد فيه أن الشعب الفلسطيني يتطلع إلى العدالة والحرية وإنهاء الاحتلالquot;.

من جانب آخر، نفى سمير القنطار عميد الأسرى العرب في السجون الإسرائيلية، ما نشرته صحيفة معاريف، حول نيته الزواج من إحدى الأسيرات، معتبرا ذلك جزء من حملة تحريض ضده. وقال قنطار، في رسالة، نقلها لوسائل الإعلام المحامي يامن زيدان quot;من جديد تخرج الأفاعي الصهيونية لتبث سمومها عبر عناوين وأخبار تتناولني شخصيًا. وهنا لا استغرب أبدًا بقاء هذه الدوامة من حملات وسائل الإعلام المعادية التي تتناولني، لأنني وبكل فخر واعتزاز وتواضع كنت وسأبقى شوكة في حلقهم داخل الأسر وخارجه إن شاء الله. إن نفي خبر اعتزامي الزواج والذي ساقته إحدى الصحف الإسرائيلية كجزء من حملة تحريض علي لا يعني أبدًا أنني ضد أن يرتبط الأسير بعلاقة زوجية أو خطوبة مع إنسانة أحبته وأحبها، واخترق هذا الحب كل الجدران والقضبان وعتمة الزنازين، على العكس تمامًا أن ما يقوي ارتباط الأسير بقضيته وهموم شعبه هو العلاقة العاطفية الإنسانية التي تزوده كل يوم بالأمل وتبعث في قلبه الدفء والحياةquot;.

واضاف قنطار الذي يطالب حزب الله بإطلاق سراحه quot;ليس هناك أجمل من لحظات الحب التي تنبعث من مشاعر زوجة أو خطيبة تودع حبيبها المناضل الذاهب إلى ميدان القتال. وليس أكثر إنسانية من ذلك الشعور الذي يراود أسيرا ينظر من فتحة نافذة زنزانته ليرى نجمة معلقة في السماء وهو يدرك أن الحبيبة قد تكون في نفس اللحظة تشاهد تلك النجمة. إن هذا الشعور يجدد مخزون الأمل في وجدانه ويعطيه القوة لأن الحبيبة بالانتظارquot;.

واظهر قنطار في رسالته، تمتعه بأحاسيس ومشاعر رقيقة، قائلا quot;من قرأ الأدب الإنساني يدرك العلاقة والحبل السري القوي بين الحب والنضال. بين عيون الزوجة والحبيبة وفوهة البندقية في ميادين القتال. ليس هناك أكثر صفاء من مشاعر مقاوم عائد وبيده وردة حمراء. وليس هناك كثافة إنسانية من تلك الواقعة التي أصيب خلالها مناضل بحروق شوهت مظهره فعاد وهو مقتنع أن خطيبته لن تطيق العيش معه وهو محترق الوجه والجسد فاكتشف أنها أحبته أكثرquot;.

ورأى أن quot;المقاومة، وحسب فهمي المتواضع لها، لا تدعونا أبدًا إلى الانغلاق والابتعاد عن كل ما أبدعه الإنسان في لحظة حقيقية. لا تمنعنا من أن نقرأ ما كتبه الأديب حنا مينا عن الشاعر التركي ناظم حكمت في كتابه (ناظم حكمت: السجن، المرأة، الحياة). أو ما كتبه أرنست همنغواي في (لمن تقرع الأجراس). أو ما كتبه جورج أمادو عن (فارس الأمل). لذا إن الأسير عندما يرتبط بعلاقة زوجية من داخل السجن هو يفعل ذلك ليس منة من الصهاينة بل رغم انفهم. وهو لا يحتاجهم من أجل ذلك بل يكفي توكيل لعائلته ومحاميه لينجز هذا الأمر قانونيًا وشرعيًا. رغم أن هذا الارتباط لا تكتمل معه دورة الحياة. لان الأسير ممنوع أن يلمس أحدًا خارج الأسوار، بل يشاهد فقط من خلف الزجاج وجوه أحبائه خلال زيارتهم. وإن عدم اكتمال دورة الحياة الزوجية في الأسر، يعوضها اكتمال دورة الأمل والتفاؤل اللذين يبعثان القوة ويجددان مخزون الصبر والروح والإنسانية في الأسير الإنسانquot;.

ويذكر أن قنطار (1962)، نفذ عملية فدائية انطلاقا من الأراضي اللبنانية، والقي القبض عليه في 2 نيسان (أبريل) 1978، وصدر حكما عليه بالسجن 542 عاما، وخلال الأسابيع الماضية، أحيت القوى والفعاليات الفلسطينية، ذكرى مرور 30 عاما على اعتقاله، في مسيرات واعتصامات شهدتها عدة مدن فلسطينية.