مجلة فورين بوليسى الأميركية :
مصر والأردن أماكن سيئة على الإرهابيين
محمد حميدة من القاهرة: إختارت مجلة فورين بوليسى الأميركية مصر والأردن من منطقة الشرق الأوسط ضمن اسوأ الاماكن خطورة على الإرهابيين في العالم، وقد تصدرت فرنسا القائمة التي اعدتها المجلة عن اسوأ 5 دول على الإرهاب تلتها الاردن ثم مصر، وإحتلت سنغافورة المرتبة الرابعة، ثم روسيا التي جاءت في المرتبة الخامسة والأخيرة.
وقد إعتمدت المجلة في اختيارها لهذه الدول على 3 اعتبارات يتعلق الاول بالأساليب والتكتيكات الأساسية المتبعة للحد من هجمات الإرهابيين والتضييق عليهم ومحاصرتهم، والثاني يتعلق بالاجراءات والافعال التي اتخذت ونتائجها في الحد من هجمات الارهابيين، اما الاعتبار الثالث فيتعلق بالجانب الحقوقي وانتقادات المعارضة وقد سجلت هذه الدول درجات مرتفعة .

فرنسا
على الرغم من أن الكثير من الاميركيين يرون الفرنسيين ضعفاء عندما يصل الامر الى الحرب على الارهاب، إلا انهم بالفعل يمتلكون اقسى قوانين مكافحة الارهاب في العالم وربما اكثرها فعالية. ففي فرنسا تشرف على التحقيقات في العمليات الارهابيةوحدة خاصة من المحققين، تملك قوى وامكانيات ليس لها مثيلفي رصد المشتبه فيهم واحتجازهم لمدة ايام دون توجيه تهم إليهم. وإضافة الى ذلك يملك المدعين العامين الولاية لتعقب الارهابيين في الخارج اذا كان المشتبه فيه او الضحية فرنسيًا. كما ان فرنسا لا تخجل من ترحيل رجال الدين الاسلامي لو رأتهم يمثلون تهديد. يمكن القول ان القوانين الفرنسية وضعت خصيصًا لمكافحة الارهاب وقد كانت فرنسا أول دولة اوروبية تقع ضحية للإرهاب ابان حرب الجزائر في الخمسينات من القرن الماضي.
ولم يحدث على الاراضى الفرنسية هجوم ارهابي منذ احداث 11 سبتمبر ، ولكنها تزعم انها احبطت عدة هجمات من ضمنها هجوم بالمواد الكيماوية كان يعتزم القيام به عناصر شيشانية ضد اهداف روسية في باريس، ومخطط لتفجير احد مطارات بالعاصمة ايضًا، ومخطط جوي شبيه بأحداث 11/9 ضد برج ايفل.
وطالما اعرب ليبراليون فرنسيون من المدنيين عن قلقهم من عمليات الاحتجاز التي يمكن في بعض الحالات أن تستمر لسنوات دون محاكمة. اضافة الى وحشية الشرطة في تعاملها مع المسلمين في الضواحي .
الأردن
منذ تفجيرات الفنادق التي قامت بها القاعدة في العاصمة عمان في نوفمبر 2005، ووضع ملك الاردنquot; عبد الله الثاني quot; على رأس اولوياته وقف تسلل الارهابيين من دول الجوار العراق وسوريا . ولتحقيق ذلك قامت الاستخبارات الاردنية بتوطيد علاقات وثيقة بالعشائر السنيه في العراق في محافظة الأنبار لتقديم المعلومات اللازمة الى جهازي الاستخبارات الاميركي والاسرائيلي عن هيكل المنظمات الارهابية وتمويلها. وتفخر الاردن بالمهارة العالية التي تتميز بها وحدات القوات الخاصة لديها كما انها افتتحت مركز تدريب لتدريس تكتيكات مكافحة الارهاب لوحدات النخبة العسكرية من جميع انحاء العالم.
ويشتبه على نطاق واسع ان الجواسيس التي جندتهم الاستخبارات الأردنية كان لهم الفضل في وصول اميركا الى مخبأ زعيم تنظيم القاعدة في العراق ابو مصعب الزرقاوي ، مما اسفر عن مقتله في الغارة العسكرية الاميركية- العراقية.
وطالما انتقدت جماعات حقوق الانسان مشاركة الاردن المزعومة في اعادة المشتبة فيهم من الارهابيين الى الولايات المتحدةللتعذيب.

مصر
ليس هناك ابلغ من قول ايمن الظواهرى الزعيم الثاني في تنظيم القاعدة عن الامن المصري quot;انهم يعرفون الحركات الاسلامية اكثر مما يعرفها الكثير من اعضائهاquot;. ان اتباع الظواهري لديهم سبب وجيه للقلق. فبعد موجة من الهجمات الارهابية والانتصارات السياسية لجماعة الاخوان المسلمين في مطلع التسعينات ،قامت الحكومة المصرية بوضع استراتيجية لمكافحة التهديد الناجم عن الارهاب والاسلام السياسي قامت على منع الاخوان من المشاركة في العملية السياسية و الاعتقالات الواسعة النطاق للمسلحين واستخدام التعذيب بشكل روتيني مع السجناء والمعتقلين.
ونجح النظام خلال التسعينات في التعامل مع تهديدات الجماعات المحلية مثل الجماعة الاسلامية وجماعة الظواهرى quot;الجهاد الاسلاميquot; عن طريق مهاجمة قواعدها والحد من قدرتها على التحول الى حركات سياسية مشروعة. وهو ما ساهم بمساعدة هذه المجموعات نفسها في سقوطها المدوي.
وقد اشتكت منظمة هيومان رايتس ووتش من استخدام النظام المصري لاستراتيجية تعذيب السجناء وهو ما يؤدى الى quot;اعترافهم بجرائم حقيقية و خياليهquot;. واستنكر ايضًا بعض المحللين استراتيجية قمع جماعة الاخوان المسلمين لما انها تعزز من قبول الجماعة في الشارع المصري.
سنغافورة
وكان لسنغافورة التييمثل المسلمون هناك 15 في المئة من تعداد السكان تجربة ناجحة في مكافحة الجماعات الارهابية المحلية مثل القاعدة والجماعات الاسلامية المرتبطة، وذلك من خلال فرق القوات الخاصة وبرامج اعادة التاهيل. فبعد احداث سبتمبر عززت الجزيرة حملة لتعقب تمويل المنظمات الارهابية، ومؤخرًا اقرت تشريعًا يمنح الجيش سلطات واسعة النطاق لتتبع الارهابيين محليا. وقد تجاوز النهج السنغافوري ذلك الى حد ان اسست في عام 2003 برنامجًا حكوميًا لاعادة تأهيل المعتقلين . ووظفت الدولة متطوعين من رجال الدين لتقديم الاستشارة الى المعتقلين ودحض حجج المتطرفين . وتدرس اميركا امكانية الاستفادة حاليًا من هذا البرنامج بدلاً من استراتيجية التعذيب.
ويذكر لسنغافورة عملية التطهير الواسعة التي شنتها في عام 2001 وأسفرت عن القبض على 15 من عناصر من الجماعة الاسلامية كانوا يخططون لشن هجمات ارهابية داخل البلاد .وقد اعتقل نحو 70 شخصًا منذ ذلك الحين اطلق سراح ثلثهم بعد اعادة تأهيلهم. ولا تزال الشرطة تراقب المفرج عنهم.
ولم تسلم الحكومة بسبب ذلك من انتقادات نشطاء الديمقراطية الذين يقولون ان الحكومة تلعب على ورقة التهديد الارهابي لتبرير تسلطها واستبدادها. وقد تعرضت الشرطة لموقف شديد الاحراج في فبراير/شباط الماضي عندما تمكن مقاتل من الجماعة الاسلامية من الهرب من خلال نافذة حمام مركز الاعتقال.
روسيا
في عام 1999 قام بوريس يلتسين بتصعيد السياسي الغامض فلاديمير بوتين الى رتبة رئيس الوزراء وعهد اليه اخماد التمرد المشتعل في المنطقة الانفصاليه في الشيشان. ومنذ ذلك الحين مكافحة الارهاب والتمرد كانت السمة المميزة لبوتين،وقد بنى شعبيته الى حد كبير بنجاحه في ذلك. ونفذت روسيا حملة شرسة من القمع العسكري في الشيشان، وتضامنت مع المتمردين السابقين في تصعيد رامزان قادروف للرئاسة لتصبح المنطقة اكثر سلامًًا. ان قوات الأمن الروسية على أتم الاستعداد ايضًا لمحاصرة الارهاب واستخدام القوة حتى لو كان ذلك على حساب ارتفاع الاصابات في صفوف المدنيين.
فبعد ان استولى المتمردون الشيشان على مسرح موسكو عام 2002 واحتجزوا الرهائن ، قامت القوات الخاصة الروسيه بضخ غاز مجهول في نظام التهوية بالمسرح ثم اقتحمت المبنى بالقوة العسكرية، مما أدى الى مقتل جميع محتجزي الرهائن جنبًا الى جنب مع مئات من الرهائن.
ورغم ان روسيا قد نجحت الى حد كبير في تهدئة الشيشان ، وداغستان واوسيتيا الشمالية الا انها لا تزال ملاذًا للجماعات المقاتله. وقد تعرضت الحكومة لانتقادات واسعة بسبب الغموض الذي اكتنف عملية تحرير الرهائن بمدرسة بيسلان، والذي اودى بمقتل الكثير منهم خلال عمليات الانقاذ.