السيّد الرئيس
قرأت بذهولٍ في اليومّية الفرنسية "لو فيغارو" (27/11/2004) هذا التعليق=: "بو تفليقة يريد ردّ الإعتبار للغة الفرنسية" لمراسلها السيد أرزقي آيت العربي جاء فيه: "تغلّب التعليم الديني منذ الثمانينات في المدرسة المعرّبة على العلوم و الفكر الديكارتي [العقلاني]. حيث يتم إخضاع التلاميذ، منذ المدرسة الإبتدائيّة، الى برنامج سوريالي: يركز على كيفية غسل الميت و رجم المرأة الزانية".
رغم أن حدّ الرّجم لا وجود لة في القرآن. يؤكّد استاذ الدراسات القرآنية الليّبي الصادق النيهوم في كتابة "اسلام ضدّ الإسلام"، بأن الفقهاء أخذوا حدّ الرجم من سفر التثنية التوراتي، وهكذا طبقوا التوراة ضدا على القرآن كما قال النيهوم.
أعرف أن التعليم في الجزائر، التي اعتبرها وطني الثاني، ليس بخير. وما زلت أذكر ما صرح به جامعيّ جزائريّ لليومّية "لوموند" سنة 1994: "لو استولت الجبهة الإسلاميّة للإنقاذ على الحكم اليوم في الجزائر لما غيّرت فاصلة في مناهج التعليم". و مع ذلك لم اكن اتوقع أن صغار الجزائر يدرسون مند نعومة أظفارهم كيف يغسلون المّيت وكيف يرجمون المرأة الزانية.

للمدرسة المعاصرة، في العالم المتقدّم على الأقل، وظيفتان مركزيتان:
1- تخريج مواطني الغد المسالمين والمتشبعين بقيم حقوق الإنسان والذين يتعاملون مع مواطنيهم ومجتمعهم والعالم بالحوار والتسامح والتفاوض والإحترام المتبادل.
2- تخريج الأخصائيين أي عمّال الغد: التقنيين،المهندسين، الباحثين، العلماء و الأطباء.

السيّد الرئيس
هل ترضى للجزائر، التي غامرت بحياتك في سبيل استقلالها، أن تكون مهمة مدرستها تخريج المواطنين المهووسين بالعنف و لأخصائيين في غسل الأموات ورجم النساء؟ وهكذا تغتال المدرسه فيهم غرائز الحياة و تنمي فيهم غريزة الموت في جميع تجلياتها من الرجم الى هدم منشآت المجتمع الجزائري ومنها المدارس كما فعلت الجماعات الجهادية التي هي في معظمها ضحّية هذا التعليم العتيق والعنيف.

السيد الرئيس
الذين يتعلّمون وجوب رجم الزانية صغارا يكفّرون كبارا مجتمعهم الذي لا يطبّق » شرع الله « الذي تعلّموة في الصّغر. و التعليم في الصّغر كالنقش على الحجر.
التعليم الديني الظلامي في ظل دولة دينية تطّبق العقوبات البدنية يخرّج اجيالا من المستنيرين، والعقلانيّن ناقمين على الماضي باسم الحاضر، لأنهم شُفوا من فصامهم. هذا ما تعلمنا إياة تجربة السودان وافغانستان وايران. ففي هذا البلد الأخير الذي طبّق الحدود بما فيها حدّ الرجم، تم رجم 1200 امرأة بين 1979 و 1980. لم |تعلق" الجمهورية الإسلامية حدّ الرّجم إلا في فبراير / شباط 2001 بطلبٍ من الإتحاد الأوروبي.
تطبيق العقوبات البدنية الشرعية استفز فكر الشباب الإيراني النقدي وحسه الإنساني وتعلقه بغرائز الحياة فتمرّد على شعائر الإسلام : 2% فقط من مسلمي إيران يصومون رمضان. يقول تقرير نائب بلدية طهران حجة الإسلام علي زم الصادر سنة 0 200 أن 75% من الشعب و 86%من الطلبة توقفوا عن الصلاة . المساجد التي كان يصلّي فيها في عهد الشاه بين 3000 و 5000مصلّي لا يصلّي فيها الآن إلاّ 10 صلاة الفجر و 25 صلاة الظهر . و صلاة الجمعة في طهران التي كان يؤدّيها في آخر عهد الشاه مليون إيراني، لا يؤدّيها اليوم إلاّ 35 ألف. وقد طلب إمام الجمعة بمشهد حكومة الجمهورّية الإسلامّية بأن تفعل شيئا لحث الإيرانيين على الصلاة لـ"ملء المساجد الفارغة". وفعلا فعلت الحكومة شيئا: قرّرت تخصيص شهر أكتوبر من كل سنة لتحريض الناس على الصلاة، إلا أن ذلك لم يجد نفعا فالمساجد ما تزال فارغة. المهدي المنتظر عاد في الجمهورية لإسلامية لكنه لم يملأ الأرض عدلاً كما امتلأت جوراً كما وعد! وهكذا خيب آمال جمهوره فشفاه من انتظاره الفُصامي.
أمّا التعليم الظلامي في ظلّ دولة تقدم نفسها بأنّها حديثة، مثل الجزائر، لكنها، يا للمفارقة، تطبّق الإسلامويّة بدون إسلامويين، فإنة يخرّج أجيالا من الفصاميين، إذن إرهابيين، ناقمين على الحاضر باسم الماضي. لأنهم يرون أن ممارسات دولتهم لا تتطابق مع الوعي الديني الظلامي الذي زرعتة فيهم في المدرسة. وهكذا يتمردون على محتمعهم الفعلي باسم محتمع إسلامي مثالي خيالي لم يوجد في التاريخ قط ولكن المدرسة غسلت به ادمغتهم فاوهمتهم بان العودة الى عبادة الأسلاف أي الى تطبيق الشريعة و الخلافة الراشدة في القرن السابع هو » الحل الوحيد « لمشاكل ومعضلات القرن الحادي والعشرين.
وهكذا يكون تدريس العقوبات البدنية الشرعية منافيا لمصلحة المسلمين اليوم لأنة يؤدّي الى مفسدة: التحريض على الجريمة والعنف وتحصين وعي الأجيال الصاعدة ضدّ حقوق الإنسان وجعلهم يستبطنون المرأة كمجرمة جديرة بالرجم، وتكفير مجتمعاتهم التي لا ترجمها ولا تقتل تارك الصلاة ولا تعلن الجهاد على غير المسلمين الى قيام الساعة...وهكذا يخيل لهم أن هذا المجتمع الكافر هو الذي نزع البركة وحال دون عودة المهدي المنتظر ليملأ الأرض عدلاً كما امتلأت جوراً. وهو لا شك عائد مع الثورة الإسلامية الموعودة. وهكذا كلف هذا الفصام التربوي النادر في تاريخ الحوليات التربوية، الجزائر، الشهيدة الحقيقية الوحيدة، 150 ألف قتيل!

السيد الرئيس
لماذا تكوّن الدولة الجزائرية الإرهابيين في مدارسها ثم تلاحقهم شبابا في الجبال لتقتلهم؟ رحمة بشعب الجزائر ضعوا حدّا لهده المأساة.
السيّد الرئيس
اتمنى أن تدخل التاريخ كأوّل رئيسٍ جزائري غير هذا المنكر، و قدّم لأبناء الجزائر المسلمين تعليما دينيا تنويريا يساعدهم على استبطان القيم الإنسانيّة الإسلاميّة التي تحترم العقل والإنسان، ويعلّمهم حقوق الإنسان الكونيّة التي تحترم الآخرو مصالحة وحرياتة وكرامتة،على غرار التعليم الديني التونسي الذي يعلم الأجيال الصاعدة التفكير في النص الديني بالعقل أي بالمقاصد الشرعية القائمة على جلب المصالح ودرء المفاسد كما يعلمهم التكيف مع قيم عصرهم الإنسانية،ولايعلمهم تكفير المخالفين فى الراى والدين، ويعلمهم نبذ العنف بكل ا شكاله بما فيه عنف العقوبات البدنية، التي ترجمها العبرانيون من مدونة حامورابى فى القرن 18 قبل الميلاد، والتى تنمّي في النشء غريزة الموت على حساب غرائز الحياة، ويعلمهم الإنفتاح على الآخر بدل الإنكماش على الذات واجترار النقمة على الغرب وهذيان عقدةالإضطهاد، التي تتحول عندهم إلى جنون عظمة و نرجسية قومية و دينية انتحارية وعبادة للأسلاف تردعهم عن اقتباس الحداثة، و تزرع فيهم رُهاب الإنفتاح على الآخر الذي حولته الإتصالات إلى جار و جزء من الذات ضروري لإعادة تعريفها، لإنتشالها من انحطاطها المتواصل منذ القرن الثاني عشر.هذه المزايا التي تخلو منها مناهج التعليم الديني الأخرى، جعلت التعليم الديني التونسي يغدو منذ الآن قدوة حسنة للمغرب العربي و العالم العربي و العالم الإسلامي .

في انتظار تغييركم لهذا التعليم المنكر
دُم واسلَم من اذى الإسلاميين.
العفيف الأخضر