مازلنا نتذكر طعم لقاء الثنائي، مارشيلو ماسترياني وصوفيا لورين، نتذكرهم حتى ارتسمت في أذهاننا صورة إيطاليا بعمومها، فما أن تلتقي بإيطالية أيا كانت ، حتى تند عنك من دون قصد صيحة (( أوه ماريا))، حتى غدونا نظن أن الإيطاليات جميعا لا بد أن تكون أسماؤهن (( ماريا)) ،رسمنا صورتكم من خلال الواقعية الإيطالية التي إجتهد بها فليني ورفاقه من المخرجين البارعين، شعرنا بكم ،تحسسنا الغضب والحماس والحرارة، كأننا نعرفكم من سحنات الوجوه، حفظنا أسماء منتخبكم الوطني لكرة القدم، نترنم بأسمائم المميزة: بالديني، باريزي، زولا، سكلا تشي ،صدرتم الى العالم البيتزا والكاباتشينو والمكرونة، نعرفكم أيها الرومان ونعرف تاريخكم وعراقتكم وفنونكم ، فمنكم بدأ عصر النهضة الأوربية الحديثة، ومنكم كانت الحضارة الرومانية.


كيف نشرح؟!
ثقا أيتها العزيزتان ؛ (( بارتيريتا .... باري)) أن الريق قد نشف من كثرة ما رددناه ، عن التسامح العظيم في الإسلام، ولكن ما باليد حيلة ، فقد آثرت ثلة ضالة إلا أن تعمد الى تشويه هذه الصورة السمحاء والكريمة.نعمد الى الكلام فهذا سلاحنا الوحيد ، ولكن حتى هذا ضاع وسط لجة التداخلات والإنكفاء الذي يحيط بالعالم جميعا، بعد أن تم نهب العالم وإستباحته وسط اللوثة والعصاب الجماعي الذي يغلف كل شيء.لقد قادكما حظكما العاثر أن تكونا في طريق، عصابات الخطف والإنتزاز والترويع والتخويف، ولا نملك غير أن نستجمع شحنات الإيمان وندعو من الصميم أن ينجيكن، من الشرور والمفاسد والهول الطافح.
يتنادى الجميع ويصيح الكل ، مهلا ، ولكن لا حياة لمن تنادي!فالظلام قد تسرب الى الأدق الدقيق من مفاصل الحياة، حتى إختلطت الأوراق وبات من العصي الفرز والتدقيق في المواقف، وها أنتن تقعن في قبضة الذئب الذي لايعرف الرحمة أو التفكير.حيث العقل المغلق والرأس الظلامي الذي لاتعن عليه غير الأفكار السوداء والمريضة، نعي جيدا أنكن ما جئتن الى هذه التي كانت في غارب الأيام تدعى بلادا، إلا لمواساة أطفالنا ومدارات عجزتنا، ولكن تأبى الأقدار إلا أن تضعكن وسط معمعة الجهل، والتفسيرات المجزوءة، والمصالح المباشرة والرخيصة.وهاهم الجناة يتنافحون بشواربهم الكثة ومراجلهم البائسة، على بنتين من بناة الطليان جاءتا في برنامج للمساعدة الإنسانية . ولا ندري ماهو التفسير الذي يقفون عنده، أهو قومي؟ والقوميون نعرفهم يفخرون بتاريخهم وحضارتهم،أهو إسلامي؟ والقرآن والسنة والإجماع والقياس والإجتهاد، مصادر ثرية وعميقة للسمو بالإنسان والرحمة والتواصل والتفاعل والدعوة الى الحكمة والموعظة الحسنة.أهو عشائري؟ ومكنون المراجل والنخوة والعطف والتلاحم والكرامة والإباء والشمم والعنفوان(( والحرمة وديعة الخيّر))!


أبا هند فلا تعجل
من أي منطلق تحرك الجناة ليسوغوا فعلتهم هذه، وأي تبرير يقدمون وهم ينشرون مراجلهم على شابتين، لاندري بهما في هذه اللحظة أتبكيان أم تصرخان أم أن الرعب قد شل المفاصل فيهما وصارتا صامتتين ذاهلتين، أين المصيبة والخلل والفاجعة والمأساة ، في حادث الخطف الذي جاء ليكسر القاعدة والنمط والسلوك العراقي النبيل الذي نشأنا عليه وترعرنا في كنفه، أم في نوع الحادث ذاته والمتمثل بالإعتداء على الآمنين والمدنيين؟لا شك أن بلوانا هي الأكبر والأتعس، فقد خاب الأمل والرجاء، بعد أن بلغ الأمر هذا الحد من الإنحطاط والتداعي والخوار والوهن، فبعد الإعتداء على النساء ، صرنا مضغة للأفواه، وغدا العالم يتساءل عن القيم العربية التي يعرفونها ويعونها جيدا ، برغم التشويهات والتخرصات التي يعمد الى وضعها البعض على صورة العربي.
تعالوا نحتكم الى المنطق، نحتكم الى العقل ، نتحدث بلغة المجانين أم الحشاشين ، لا فرق!! فكل شيء صار مباح في عراق الأهواء والرياح. عن أية جريمة نتحدث والجرائم تترى بإنتاجية قصوى تفوق خطوط الإنتاج في المصانع الرأسمالية، الى الحد الذي راح التهديد يطال الفضائل التي نملك. فبعد أن كانت المجتمعات والأمم تنظر الى العرب بوصفهم أصحاب ذمة وعهد وأمانة ، وإحترام للمرأة والرفق بها. أتى هؤلاء البغاة الطغاة ليكسروا هذا التصور، ويرموا نظام القيم العربية في الصميم، بإعتدائهم على حرمة الجوار.فمن هؤلاء ومن أين جاؤوا وأين كانوا يختبئون، ولماذا يفعلون كل هذه الأفاعيل في هذا التوقيت بالذات، وماهي المستندات والتشريعات والحجج التي يتحصنون بها، ليبرروا هذا الهياج العارم الذي راح ينشر بقلوعه على الواقع العراقي، والذي لا شك أنه سينسحب على الصورة العربية.أين الذمة والضمير والإنسانية والرجولة والفروسية والكبرياء، الكامن في الإعتداء على موظفتين قدمتا الى الديار في سبيل إنجاز مهام إنسانية.
آه بافاروتي كم نحن بحاجة الى سماع صوتك الأوبرالي الشجي، من أجل أن نتشارك في هذه المحنة واللعنة التي حلت علينا، من دون ذنب إقترفناه. ترى بأي عين سننظر في تماثيل مايكل أنجلو، وبأي وجه سنطالع إبتسامة الموناليزا الغامضة والساحرة، وكيف ترانا ننظر في أعمال ليوناردو دافنشي.هل نقول لروما العريقة والساحرة عذرا،وإلى متى نبقى نتجرع وزر التجاوزات والتقمصات السادية الصادرة عن المنحرفين والأدعياء والشواذ والأفاقين.بارتيريا الغالية.... باري العزيزة.. ندعو الله أن يمن عليكن بالسلامة، ويخلصكن من هذه المحنة الشاقة والعسيرة، وإذا كنتن اليوم أسيرات اللصوص، فنحن أسارى محنة أشد وأعتم ، إنها محنة الموقف الذي وضعنا فيه، من دون أن نعي وندري ما العمل وكيف السبيل والخلاص.
[email protected]

انقر على ما يهمك:
عالم الأدب
الفن السابع
المسرح
شعر
قص

ملف قصيدة النثر
مكتبة إيلاف