حضر ضيفى من القاهرة وبعد تناول العشاء أكلنا الفاكهة ومن بينها برتقال من بلاد الفرنجة، وقال لى الضيف:
- سيبك أنت برضه، البرتقال أبو صرة المصرى أحسن برتقال فى العالم.
وتعجبت من رأيه، لذلك سألته وكلى فضول.
- ياترى أنت ذقت البرتقال بتاع كاليفورنيا أو فلوريدا؟
- لأ.
- ياترى جربت البرتقال اليافاوى أو المغربى أو الأسبانى؟
- لأ.
- ياترى أكلت أى برتقال تانى غير المصرى؟
- لأ.
- طيب عرفت منين ان البرتقال المصرى هو أحسن برتقال فى العالم؟ أنا مصرى زيك وبأحب البرتقال أبو صرة المصرى، ولكنى لا أستطيع الأدعاء أنه أحسن برتقال فى العالم الا اذا تذوقت كل أنواع البرتقال فى العالم.
- سيبك أنت ياباشا مهندس، ده مسألة إحساس، أصل مصر دى أم الدنيا.


.................

وقد إتصل بى منذ فترة أحد الأصدقاء من القاهرة ودار بيننا الحديث التالى:
- إيه عامل إيه مع الخواجات بتوعك فى الشغل؟
- الحمد لله كويس، مبسوط.
- إيه اللى باسطك معاهم؟
- ناس جادين فى شغلهم، وأهم حاجة هو أنهم بيعملوا بروح الفريق.
- يعنى إيه روح الفريق، إنت بتشتغل فى فريق كورة ولاّ فى شركة هندسية؟
- أنا فى شركة هندسية، لكن المقصود إن كل واحد بيشتغل بيؤدى واجبه إبتداء من رئيس الشركة الى أصغر موظفة.
- طيب إيه المشكلة، ماهو كل العالم بيشتغل كده، إنت والله عندك عقدة الخواجة.
- أنا فعلا عندى عقدة الخواجة، وعلشان كده أنا نفسى كل بلادنا تشتغل زى الخواجات، فى التعاون وإنكار الذات والعمل الجاد المنتج.
- ياعم سامى الحياه قصيرة، إنتم عمّالين تضيعوها فى الشغل، الناس فى بلاد الخواجات بتاعتك دول عبارة عن حمير شغل.
- أنا معاك إنهم حمير شغل، ودى حاجة كويسة، وعلشان كده هم اللى عملوا التليفون اللى بنتكلم فيه دلوقت، وهم اللى بيبعثوا لك الخبز اللى حتعمل منه سندويتش الفول، واللى حتروح تاكله الصبح على مكتبك مع كباية الشاى، و تقرأ جورنان الأهرام صفحة البخت، وبعدها تحل الكلمات المتقاطعة.
- أنا بأتكلم جد، إيه موضوع (العمل بروح الفريق) اللى إنت فالقنا بيها.
- لو دخلت عندنا الشركة وحضرت أى إجتماع، سوف تلاحظ على الفور إن كل الموظفين والموظفات ليهم رأى محترم، المجموعة كلها تاخد بيه لو فى مصلحة الشركة، ومش ممكن تقدر تقول مين رئيس الإجتماع أو حتى مين رئيس الشركة، عمرى ما شفت حد قال لرئيس الشركة تمام يافندم، ولكنهم كلهم بيردوا على رئيس الشركة لو رأيه مش تمام، وتحس ان كل واحد بينكر ذاته ولا يتشبث برأيه لو لم ينل موافقة الأغلبية، وده اللى أنا بأسميه العمل بروح الفريق، يعنى زى فى ماتش الكورة فيه 11 واحد داخل الملعب كل هدفهم إحراز هدف، لكن واحد بس هو اللى بيسجل الهدف.
- طيب مإحنا برضه بنلعب كورة، إيه المشكلة، انت عتعمل لى فيها كيمياء!! وإحنا برضة بنلعب وبنشتغل بروح الفريق.
- لأ إنتم بتشتغلوا (بطلوع الروح) ومش بروح الفريق.
- سيبك إنت الخواجات بتوعك دول محدودى الذكاء والدراسات أثبتت كده، وإحنا أذكى منهم وأجدع منهم، بس ينقصنا شوية تنظيم.
- شوية تنظيم، إنتو مفروض تطلعوا فى التنظيم، بأمارة إيه بقى ياحبيبى إن أنتو أجدع ناس؟
- إحنا عارفين كويس إننا أجدع ناس.
- طيب حأقولك حاجة بسيطة، لما تتوصلوا إنكم تعملوا بسكليتة صناعة محلية إبقى كلمنى، مجرد بسكليتة، مش حأقولك صاروخ ولا كومبيوتر ولا أبحاث فى الهندسة الوراثية، أول لما تتوصلوا لصناعةالبسكليتة إتصل بى، مع السلامة، وسلم لى ع المترو!!
........

ذكرنى هذا الحديث بمناسبة حصول مصر على (صفر) أصوات فى تصويت الفيفا لتنظيم كأس العالم لعام 2010، وهى فضيحة إدارية وشعبية وحكومية بكل المقاييس، وتذكرت قول السيد محمد السياجى رئيس الملف المصرى وقتها لتبرير ما حدث : "المهم، هو أننا لم نحصل على المركز الأول، لقد حاولنا محاولة طيبة، وكانت مصر هي التي ستضيف إلى كأس العالم وليس كأس العالم هو الذي سيضيف إلى مصر"!!. وهو قول يمثل قمة الغرور فى قمة الهزيمة، وهو نفس السبب الذى من أجله حصل الملف المصرى على (صفر).

وذكرنى هذا بما يحدث أحيانا عندما يترك الشاب خطيبته أو زوجته، وترجع الفتاة خائبة مكسورة الجناح الى بيت أهلها، الذين يأخذون فى مواساتها بقولهم :
" لعلمك هو الخسران، هو حيلاقى واحدة زيك منين، سيبك منه أحنا حنجوزك سيد.. سيده" !!

واذا كان هذا مقبولا من أم تحاول مواساة أبنتها التى قد تصبح عانسا، فلا يمكن قبوله فى تبرير فضيحة بمثل هذا الحجم.

ويجب أن نعرف أن ما حدث هو فشل كبير يعكس فشل الأدارة المصرية والبيروقراطية المصرية والتى أصبحت تتحكم فى كل شئ إبتداء من توفير (سندويتش الفول) وحتى (تنظيم كأس العالم)، فلا هى نجحت فى توفير السندويتش ولا نجحت فى أخذ صوت واحد لتنظيم كأس العالم.

وعلى كل الأحوال إحنا برضه أجدع ناس، وإحنا اللى خرمنا الأوزون، ودهنا الهوا دوكو، ولبسنا الشمس النظارة !!

[email protected]