وكأن فتيل الفتنة الطائفية لم يطل بعينه الدموية وقلبه الاسود من فوق هموم المصريين ليبث سموم شياطينه من وراء طيات عباءتة الظلامية التى يتدثر بها كلما اراد له البعض من افراد الفئة الضاله ان يهدد استقرار البلاد ويزعزع امنها الاجتماعى.. فقد اوشك ملف خروج السيدة وفاء قسطنطين عن ديانتها المسيحية وعودتها اليها ان يطوى دون ان تكلف جميع الاطراف الرسمية والشعبية بكل اركانها مشقة امعان النظر فيما حدث للتعرف على مقدماته واسباب تفاقمه وتضع لنفسها منهجا للتعامل مع قد يستجد من تداعياته، ودون ان تقوم بجرد اوراق هذا الملف الذى تتضخم يوما بعد يوم لتتعرف على جذور المشكلة التى تؤدى دائما الى احتقان وتحدد كيفية العلاج المؤسس على الحقائق وتبدأ فيه فورا. وهكذا تعود الامور الى طبيعتها شكلا، ويدعى المطلعون على بواطن الامور انها ايضا عادت اليها موضوعا، وهنا يكمن الخطأ الذى حذرنا منه مرارا وحذر منه الكثيرون من مثقفين ومفكرين وخبراء!!.. الخوف كل الخوف ان يخرج الامر فى مرة قادمة – ندعو الله الا يتعرض لها الوطن – من بين الايدى الامينة التى تحرص على وحدة مصر الوطنية وتعمل مخلصة على وئد بوادر اى فتنة قد تلوح فى الافق فى مهدها، وهذا ما نكرر الاشارة اليه ونأمل ان يستمع اليه بانتباه ووعى من بيدهم الحل والعقد!!.

الشفافية فى التعامل مع هذا الملف هى السبيل الوحيد لمعرفة الحقيقة.. الشفافية حتى التى ستحدد المسئولين عن الاشاعة التى فاقمت الوضع برمته.. الشفافية هى التى ستضع الحقائق امام الشعب المصرى بلا رتوش وبلا تزييف وبلا ادعاء.. الشفافية هى التى ستضع حدا لمثل هذا الحالات ان تخرج عن حيزها الطبيعى وهى التى ستمنع المروجون من ان يجدوا مبررا لاشعال فتيل الفتنة لزعزعة استقرار الوطن وتقويض امنه الاجتماعى..

نطالب بالشفافية اليوم لان مسألة الانتقال الى اعتناق الدين الاسلامى ستتكرر وأخشى ما نخشاه ان لا تكون نهايتها متطابقة مع خاتمة مسألة السيدة وفاء قسطنطين التى اعلنت انها
عادت مرة اخرى الى التدين بالدين المسيحى الذى ولدت على مبادئه وعاشت عليها.. نطالب بها لان احتمالات ان تعمد حالة الاحتقان المستترة تحت الرماد الى افتعال امر جديد يفوق ما سبقه ليست بمستبعدة. هذا بالرغم من اننا نؤمن ان قضية التعبد والتدين تقع اولا واخيرا فى المساحة التى تحتلها العلاقة بين العبد وربه وهى مسألة شخصية قبل وبعد كل شئ ولا يصح ان تتحول الى قضية رأى عام وتستدعى تدخلا امنيا وسياسيا يحتاج الى لجنة من الحكماء لتفصل فيه، فحرية العبادة امر لا يعلمه الا الله سبحانه وتعالى الذى يطلع وحده على خائنة الاعين وما تخفى الصدور.

اعرف ان بيان النائب العام الذى نشرته الصحف المصرية والعديد من وكالات الانباء العالمية يوم 17 ديسمير الماضى تضمن تكذيب لاشاعة اكراه السيدة وفاء واختطافها واكد على انتفاء شبهة وجود ميول عاطفية بينها وبين رئيسها المسلم.. واعرف ايضا ان العديد من وسائل الاعلام المقروءة ايدت هذا الاعلان، الا ان الامر لا يكفى من جهة نظرنا لان الرماد كما قلنا لا زال قابلا للاشتعال فى اى لحظة بفعل فاعل متعصب يقبع متربصا بالوطن والمواطن المصرى، يعمل فى صمت على انتهاز اية هفوة فى الطريق وما اكثرها.. مستغلا اصرار الجهات المسئولة على اخفاء الحقائق ورفض نشرها بحجة الحفاظ على الوحدة الوطنية ومنع تصدع اطارها!!.

اخفاء الحقائق والتستر عليها يفتح ابواب جحيم الاشاعات لكى يزداد سعير اشتعالها.. فاولا لا بد ان يزاح الستار عما اذا كان هناك اجبار او اغواء او اختيار فى امر انتقال السيدة وفاء من الدين المسيحى الى الدين الاسلامى لان هذه الازاحة ستحسم ما اذا كانت السيدة قد اختطفت رغما عنها ام ذهبت بمحض رغبتها الى عائلة مسلمة صديقه لها وبعلم ابنتها لحين اشهار اعتنقاها لديها الجديد، لان ما جاء فى محاضر الشرطة لم يخمد نيران الاقوال المغرضه بعد..

وثانيا لا بد من ازاحة الستار عن الاسباب التى حركت لديها الرغبة لاعتناق الدين الاسلامى هل عن قناعه ام هروبا من اوضاع اسرية ام بسبب الغواية وكذلك عن مدى النجاح الذى احرزته اللجنة الكنسية لاعادتها الى ديانتها الاصلية التى ولدت على مبادئها على حد قولها، لان هناك من لا يزال يشيع انها اجبرت على عودة ليست راغبة فيها..

وثالثا لا بد من ازاحة الستار عن حقيقة الدور الذى اشيع ان اجهزة الامن قد قامت به فيما يتعلق بدعاوى تواطئها وتسترها، فلا زال البعض يقسم انها لم تقم بواجبها الوطنى لا على المستوى الامنى ولا على المستوى الذى يحتمه القانون فى مثل هذه الحالات..

ورابعا يجب شرح ابعاد الدور الذى قامت به الهيئة الكنسية لكتدرائية العباسية فى تهدأت الشباب القبطى الذى ثارت ثائرته بسبب سريان الاشاعات وما اذا كان التقصير من جانب بعض اعضائها ام من جانب هذا الشباب، خاصة وان كل شهود العيان يؤكدون ان قوات الشرطة التى كانت تعمل على منع امتداد مظاهر الشغب الى ما وراء اسواء ساحة هذه الكتدرائية سمعت من الشتائم والهتافات والنداءات والتطاول على هيبة الدولة ما لا يصدقه عقل باعتباره يعكس حالة من الغضب وانها تحلت بالحلم الى ان تصاعدت الاصابات بين افرادها من ضباط وجنود وبدأت الحجارة ترشق منازل المسيحيين والمسلمين الآمنين التى تقع على الجانب الاخير من الطريق..

الشفافيه تتطلب من جميع الاطراف الرسمية والشعبية ان تعيد النظر فى منطوق القانون الذى يعرف باسم الخط الهمايونى الذى صدر فى شهر فبراير عام 1856 والهدف من ورائه، لان جهات الاختصاص تقول انه لم يعد معمولا به رغم عدم الغائه وتقول الكنيسة انه سيف مسلط على الرقاب خاصة وان غالبية لها وزنها من المفكرين القانونيين تؤكد تجاوزه للزمن وللفاعليه وعدم قدرتة على التكيف مع واقع الحال.. الشفافية تتطلب وضع منهجية عملية وواقعية للتعامل السلمى بين الاجهزة الحكومية والمجتمع المدنى دون اللجوء الى العنف من اى من الطرفين، فلا القمع من جانب الجهات الرسمية اصبح مقبولا ولا التظاهر والقاء الحجارة وتعطيل سبل الحياه سيؤدى الى تحقيق المطالب.. الشفافيه تتطلب ان نعترف جميعا باننا نؤمن اصدق الايمان واعمقه قولا وفعلا وسلوكا ان الدين لله وأن الوطن للجميع وان المظاهر التى تميز اتباع كل دين ليست دليلا مؤكدا على صدق التدين ولا هى رخصة موثقه بقبول العلى القدير للشخص بلا عمل ولاسلوك يقاس بمقاييس الهية لا زيف يها ولا ادعاء.. الشفافية تلزمنا جميعا ان لا يستغل اى من اطراف المعادلة الاجتماعية التى تتشارك معا حقائق واسرار واواصر الحياة فوق ارض هذا الوطن منذ آلآف السنين، الدين فى الضغط على الاطراف الاخرى بغرض ابتزازها ولى ذراعها للتسيلم له بما ليس من حقه ان يحصل عليه.. الشفافية تتطلب فضح الدور الذى يقوم بها بعض الافراد المتعصبين فى الخارج سواء كانوا مسيحيين او مسلمين لاذكاء نار الاشاعات التى يتلقفون خيوطها الواهية لينسجوا منها دعاوى لا صحة لها ولا دليل عليها لان نشر الاكاذيب بلا روية وتحريض الآخر المتربص ضد الوطن والمواطن امر لم يعد مقبولا لا قولا ولا فعلا..

استشارى اعلامى مقيم فى بريطانيا
[email protected],uk