دعوة لرقابة دولية للإنتخابات المقبلة
توافق المعارضة المصرية يجتمع اليوم


متظاهرون مصريون يحملون لافتات معارضة للحكومة أمام مقرها في القاهرة

نبيل شـرف الدين من القاهرة: وسط مشهد سياسي مصري بالغ التعقيد، حيث تشتبك قوى المعارضة في ما بينها من جهة، ومع الحزب الوطني (الحاكم) من جهة أخرى، قال صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى، وأمين عام الحزب الحاكم، إن جلسات الحوار الوطني سوف تنطلق الأسبوع المقبللمناقشة بعض المبادئ الخاصة باستئناف الحوار، مضيفًا أن "الحزب يرفض أي تدخل أو وصاية من أحد"، كما وصف الشريف أمام النادي السياسي للحزب مجموعة الأحزاب السياسية المعروفة باسم (توافق المعارضة) والتي تضم ثمانية أحزاب، من بينها أكبر ثلاثة أحزاب معارضة في البلاد، بأنها "أقلية لا تمثل الكثير بالنسبة للأحزاب الموجودة "19 حزباً"، حسب تعبيره. وتأتي هذه التصريحات الحادة على لسان الشريف وسط أجواء أزمة تلوح في الأفق السياسي لتحالف أحزاب المعارضة المصرية المعروف بـ (التوافق). وعلى خلفية المقابلة التي أجراها رفعت السعيد المتحدث باسم (التوافق) مع ديفيد وولش، سفير الولايات المتحدة لدى مصر، تعقد اليومالأمانة العامة لتوافق المعارضة أول اجتماع لها بعد هذه المقابلة المثيرة للجدل، حيث يشارك في الاجتماع ثمانية من قادة أحزاب المعارضة، وهي الوفد، والعمل، والتجمع، والناصري، والأمة، والجيل، ومصر 2000، والوفاق القومي .

من جانبه قال رفعت السعيد، إنه التقى السفير الأميركي في القاهرة، ديفيد وولش، لأول مرة منذ سنوات طويلة يلتقي فيها سفير أميركي مع ممثل لأحزاب المعارضة المصرية التي أطلقت منذ عدة أشهر حملة للمطالبة بتعديل الدستور من أجل انتخاب رئيس الجمهورية بين أكثر من مرشح لولايتين متتاليتين كحد أقصى، وجرى اللقاء، الذي تم بناء على طلب السفير الأميركي، في مقر حزب التجمع الذي يترأسه السعيد، وفقًا لما أفادت به مصادر الحزب .

وكانت أحزاب التوافق قد اتهمت الأسبوع الماضي الحكومة المصرية باستخدام قانون الطوارئ لمنعها من عقد مؤتمر جماهيري في أحد الميادين العامة بالقاهرة. وأعلن السعيد في هذا المؤتمر بصفته متحدثًا باسم التوافق أن وزارة الداخلية المصرية رفضت خلال الأسابيع الأخيرة "خمس مذكرات تقدمت بها المعارضة لعقد مؤتمر جماهيري حول الإصلاح السياسي والدستوري في ميدان عام، بينما سمحت للحزب الحاكم بعقد 10 مؤتمرات جماهيرية خلال الفترة نفسها، لافتًا إلى أن الحكومة كانت قد تعهدت بأنها لن تستخدم قانون الطوارئ (الذي يتم تجديده بشكل منتظم منذ اغتيال الرئيس المصري السابق أنور السادات عام 1981) إلا في مواجهة الإرهاب وفي قضايا المخدرات، لكنها استخدمته ضد المعارضة لمنعها من عقد مؤتمرات جماهيرية عامة وعلنية .

مراقبون أجانب
من جانبها شنت صحيفة (مايو) الأسبوعية الناطقة باسم الحزب الوطني (الحاكم) هجومًا قويًّا على الدكتور نعمان جمعة رئيس حزب الوفد، وتصريحاته التي لوح فيها بطلب الإشراف الدولي على الانتخابات من الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، وقالت في صدر صفحاتها إن "جمعة دخل مرحلة جديدة من الأداء السياسي، التي سبق أن مهد لها في العديد من المانشيتات الركيكة التي كان يصر علي أن يضعها في الصفحة الأولى للوفد، وهاهو الآن قد وصل إلى ذروتها بهذا التحريض، وخلط الأوراق، وتوزيع الاتهامات بلا دليل" .

ومضت صحيفة الحزب الحاكم قائلة "لقد كنا نتمنى أن يتوقع رئيس الوفد أن تأتي الانتخابات القادمة صعبة جدًّا بسبب شدة المنافسة بين الأحزاب، وأن هذه الأحزاب ـ وعلى رأسها الوفد ـ تستعد بجدية من الآن لخوض الانتخابات بكل قوة، لكنه ـ للأسف ـ اتجه إلى تحريض الآخرين للمطالبة برقابة دولية علي الانتخابات إن لم يكن هو أول المطالبين بذلك".

يأتي هذا في الوقت الذي رفض فيه رفعت السعيد، المتحدث باسم توافق المعارضة طرح فكرة الرقابة الأجنبية على الانتخابات القادمة، وقال "إننا لم نناقش مسألة الرقابة الأجنبية في اجتماعات أمانة التوافق، وأعتقد أننا جميعا سنتفق على رفض التدخل الأجنبي في شؤوننا الداخلية" .

تجدر الإشارة هنا إلى أن المطالبة بمراقبين من الخارج على الانتخابات المصرية سبق أن أثيرت من قبل، غير أن الحكومة المصرية تعاطت مع هذه الدعوة بعبارات إنشائية على لسان مسؤولين كبار فيها إن "مصر أكبر من أن تطلب مثل هذه الرقابة، وإن ضمانات الانتخابات قائمة، ونحن الذين نراقب الانتخابات في الدول حديثة العهد بالديمقراطية، فهل يليق بنا أن نطلب رقابة أجنبية علينا".

أحزاب هامشية
وفي معرض رده على أوراق الضغط التي تمتلكها أحزاب "توافق المعارضة" حتى تجبر الحزب الحاكم على الاستجابة لمطالبها، اكتفى رفعت السعيد بالقول إن أحزاب التوافق لا تطلب لنفسها شيئًا، إنما نخوض معركة من أجل هذا الوطن وهذا الشعب".

كما نفى السعيد أيضًا مناقشة أمانة "توافق المعارضة" لمسألة ترشيح أحد ممثلي الأحزاب لرئاسة الجمهورية، وجدد رفض الأمانة لانضمام قوى أخرى إليها خلافًا للأحزاب التي تحوز
على الشرعية الدستورية، وذلك في إشارة واضحة لاستبعاد ضم جماعة الإخوان المسلمين .

أما صحيفة الحزب الحاكم فقد رأت أن الانتخابات النيابية الماضية قد أظهرت أداء ديمقراطيا جيدًا، "حيث جرت في جو من الحرية والنزاهة شهد به الجميع.. وتمثلت بعض السلبيات التي تم رصدها في المبالغة في الإنفاق، وهي نقطة وضعت على رأس بنود الحوار الوطني بين الأحزاب، ومن أجل وضع ميثاق شرف يتضمن صياغة جديدة لطبيعة المنافسة بين الأحزاب في الانتخابات، ومعدلات الإنفاق، حتى لا يتحول هذا الإنفاق إلى مفسدة للعملية الانتخابية"، حسبما ورد في أسبوعية الحزب الحاكم .

هذا ومن المقرر أن تنتهي الولاية الرابعة للرئيس المصري حسني مبارك في الخريف المقبل وتأمل المعارضة في إجراء هذه التعديلات الدستورية قبل انتهائها، ويتم انتخاب رئيس الجمهورية في مصر وفقًا للإجراءات الدستورية الحالية باستفتاء شعبي على اسم مرشح وحيد يتم اختياره بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس الشعب (البرلمان) الذي يهيمن عليه الحزب الحاكم تقليديًّا منذ نشأته، ومن المنتظر أن تشهد مصر في نهاية العام المقبل انتخابات تشريعية تطالب المعارضة بضمانات لنزاهتها .

يذكر أنه يوجد حاليًّا في مصر 17 حزبًا، ارتفعت مؤخرًا إلى 19 حزبًا، لكن يظل معظمها هامشيًّا، وبعضها مجمد النشاط، ولم يصل أي من أحزاب معارضة إلى الحكم، أو يشارك فيه منذ صدور قانون الأحزاب عام 1977، ومن المقرر تنظيم انتخابات تشريعية واستفتاء رئاسي في مصر في خريف 2005، وطبقًا للدستور المصري يختار مجلس الشعب (البرلمان) بأغلبية الثلثين مرشحًا لرئاسة الجمهورية لطرح اسمه في استفتاء شعبي.