أسامة مهدي من لندن : مثلما يحدث يوميا من تناقضات في التصريحات السياسية والامنية والاقتصادية التي يدلي بها مسؤولون عراقيون على اعلى مستوى يأتي رفض قائد شرطة مدينة النجف اللواء غالب الجزائري امر نقله الى بغداد ثم قرار اعتقاله مصرا على بقائه بمنصبه موكلا محاميا للمطالبة بتعويضات مالية عما لحق به من اضرار معنوية مؤكدا ان هذه الممارسات ضده مرجعها الى القائه القبض على احد شيوخ عشائر النجف ومعه كميات من الاسلحة الامر الذي اغضب جهات في الحكومة لم يسمها في وقت بدات عشرات المقالات لكتاب وسياسيين عراقيين تدعو للتضامن معه والغاء الاوامر الصادرة ضده .

فبعد ادلائه بتصريحات اتهم في سوريا بارسال "ارهابي" لتفجير سيارة مفخخة في النجف في التاسع عشر من الشهر الماضي امر وزير الداخلية العراقي فلاح النقيب باعفاء الجزائري من منصبه قائدا لشرطة النجف (160 كم جنوب بغداد) ونقله الى منصب جديد في شرطة العاصمة بغداد لكنه رفض تنفيذ الامر فصدر ضده امر بالاعتقال لكن احدا لم يستطع تنفيذه على مايبدو في غياب سلطات مركزية قوية تستطيع تنفيذ ماتصدره من اوامر في اوضاع امنية مضطربة تغيب فيها مركزية القرارات وجهة تنفيذها .

ويقول القاضي العسكري في محافظة النجف محسن سلمان ثويني انه اصدر امر القبض على الجزائري بسبب اطلاقه سراح معتقلين واعتقال اشخاص من دون موافقات رسمية قانونية والتحدث الى الاعلام بقضايا امنية سرية لم يتم بعد الانتهاء من التحقيق فيها او التوصل الى احكام بصددها فيما اذا كانت صحيحة ام مجرد شبهات وادعاءات .. فيما اشارت مصادر عراقية الى ان تنفيذ امر الاعتقال لايعود للقاضي نفسه وانما للجهات الامنية في النجف .

لكن الجزائري رفض هذه المذكرة مؤكدا في تصريحات صحافية انها غير قانونية وقد صدرت بدوافع شخصية مضيفا "انا من جهتي رفعت شكوى الى وزارة العدل للنظر بأمر هذا القاضي كذلك وكلت محاميا لمتابعة هذه القضية". واوضح انه "سيطلب تعويضا جراء التشهير الذي لحق بي من هذا القاضي" مؤكدا ان "رئيس محكمة النجف القاضي رشيد خيون وبخ القاضي بسبب فعلته هذه".

ومعروف ان اللواء الجزائري لعب دورا رئيسيا اثناء الهجوم الاميركي العراقي في اب (اغسطس) الماضي على مسلحي جيش المهدي التابع لرجل الدين الشيعي المتشدد مقتدى الصدر عبر تبنيه خطا متشددا ضد المجموعات المسلحة .. واختطف انصار الصدر والده وحكمت عليه محكمتهم "الشرعية" بالموت وهو ابن السبعبن من عمره . وكان الجزائري ضابطا في الجيش العراقي القديم وحكم عليه النظام السابق بالموت لم يفلت منه الا بهروبه من العراق الذي عاد اليه بعد رحيل صدام حسين قبل عام ونصف العام .

وقد بدات حملة تضامن واسعة مع الجزائري من خلال مقالات ونداءات لكتاب وسياسيين عراقيين بدات تظهر في مواقع عراقية على الانترنيت بمختلف اتجاهاتها داعية الحكومة العراقية الى الغاء الاوامر الصادره ضده ومحذرة من ان ابعاده عن النجف سيؤدي الى انهيار امني يشجع المسلحين على القيام باعمال مخلة باستقرارها نظرا لماعرف عنه من ضبط شديد للاوضاع الامنية هناك .
ويروي الجزائري معلومات مناقضة لرواية القاضي العسكري قائلا "ان السبب الحقيقي وراء هذه الممارسات ضده "هو القاء القبض على احد المهربين وهو شيخ احدى العشائر في النجف و مصادرة كمية كبيرة من الاسلحة كانت لديه و تم توزيعها على الشرطة الامر الذي اغضب بعض الجهات التي لها علاقة به اضافة الى تصريحاتي بشان سوريا " موضحا "انا لم اتهم سوريا و لكن المعتقلين اعترفوا بضلوع سوريا في تفجيرات النجف و لدينا ادلة سلمناها الى رئاسة الوزراء "و اضاف" انا لا ازال اعمل في منصبي و ارفض نقلي الى بغداد حتى اجراء الانتخابات"

ويقول الجزائري انه سيبقى في النجف حتى الانتخابات" العامة المقررة في الثلاثين من الشهر الحالي مؤكدا "لم اتهم سوريا بالوقوف وراء الهجوم لكن المشبوهين الذين اعتقلناهم اعترفوا بذلك وقمت بدوري بنقل الاتهامات الى مكتب رئيس الوزراء".

وجاءت هذه التطورات بعد ان اكد النقيب لنظيره السوري اللواء غازي كنعان خلال لقاء بينهما في العاصمة التونسية على هامش اجتماع وزراء الداخلية العرب امس الاول ان الاتهامات التي اطلقها قائد شرطة النجف مؤخرا لسوريا "غير مسؤولة" مشيرا الى ان الاتهامات التي اطلقها مؤخرا الجزائري تجاه سوريا غير مسؤولة ولا تستند الى اي وقائع" مشيرا الى انه "تم نقل قائد شرطة النجف الى مكان اخر في بغداد تمهيدا لتسريحه".

مصادر عراقية تحدثت معها "ايلاف" اشارت الى مخاوف من ارباكات في الاداء الرسمي والامني تؤدي الى مزيد من تدهور الاوضاع الحياتية للعراقيين الذين تتجاذبهم تصريحات وزرائم المتناقضة بين التاكيد والنفي منوهة في هذا السياق الى اعلان وزير الامن القومي قاسم داود ليلة امس عن استعداد القوات العراقية والاميركية لشن هجوم شامل وشيك ضد مدينة الموصل الشمالية ليعود رئيس الوزراء اياد علاوي اليوم لينفي وجود اي نية لمثل هذا الهجوم فيما كان داود واقفا الى جانبه في مؤتمره الصحافي الذي عقده في بغداد اليوم والذي تبرا فيه ايضا من تصريحات وزير الدفاع حازم الشعلان في القاهرة امس الاول والتي اعلن فيها طلب الحكومة العراقية من نظيرتها المصرية التوسط لدى سنة العراق للمشاركة في الانتخابات العامة .

وكان الجزائري اعلن ان احد المشتبه فيهم الثلاثة الذين اعتقلوا بعد الاعتداء في النجف "اعترف بان المخابرات السورية لعبت دورا في التفجيرات" التي وقعت في النجف واوقعت 52 قتيلا. واضاف انه "تم القاء القبض على احد العناصر وهو من اهالي البصرة كان قد هرب الى سوريا وكان تحت اشراف المخابرات السورية" مشيرا الى انه "اعترف بان المخابرات السورية لها دور في الانفجارات وعند التدقيق معه قال انه كان في معسكر للاجئين العراقيين في سوريا تشرف عليه المخابرات السورية".
ولكن سوريا شجبت تصريحات الجزائري وقال مسؤول في وزارة الخارجية السورية ان اتهام قائد الشرطة في النجف لسوريا بالمسؤولية عن هذا الاعتداء هو "كلام مدان وغير مسؤول ولا يستحق التعليق".