عبدالله زقوت من غزة: طالب رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون قادة جيشه بتنفيذ قصف مدفعي على أهداف متفرقة في قطاع غزة، من ضمنها قصف المدن والقرى الفلسطينية، في سياسة جديدة ترنو إلى الارتقاء بدمويته المعهودة لثني الفلسطينيين على القبول بمطالبه، والكف عن مهاجمة الأهداف الإسرائيلية.

وكشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية اليوم عن حيثيات الجلسة الصاخبة التي أعقبت عملية كارني قبل أسبوعين، وقالت إن مطالبة شارون لجيشه بتنفيذ هذا القصف الأعمى، جاء بعد أعقاب عملية "كارني" الفدائية التي نفذها ثلاثة مقاومين فلسطينيين وأسفرت عن مقتل ستة جنود إسرائيليين، وإصابة العشرات منهم.

ونقل المحلل العسكري للصحيفة الإسرائيلية زئيف شيف عن مصادر مطلعة في الجيش الاسرائيلي أن نقاشاً صاخباً دار بين القيادة الإسرائيلية (السياسية، والعسكرية)، حول أساليب الرد على عملية كارني، مؤكداً أن هذه النقاشات لم تصل تفاصيلها إلى مسامع الجمهور الواسع، ولفت إلى أن وسائل الاعلام الإسرائيلية أشارت إلى تصريحات سابقة لشارون قال فيها لجيشه "إنه يملك صلاحيات باستخدام أية وسيلة يراها ضرورية لحماية التجمعات السكنية الإسرائيلية سواء كانت داخل الخط الأخضر أو في قطاع غزة ".

وقال شيف المقرب من الأوساط العسكرية الإسرائيلية إن الغضب كان بادياً على شارون بسبب الأحداث في سيديروت، وطالب الجيش بأن يقصف أهدافاً في قطاع غزة، ومن ضمن ذلك مدن و قرى، طالما بقي المقاومون يطلقون صواريخ وقذائف محلية الصنع على بلدات إسرائيلية.

وعرض شارون أمام قادة الجيش "توجهاً فظاً" وفقاً لمقولة "العين بالعين"، والرد على الفلسطينيين مثلما يفعلون بالإسرائيليين لكن بقوة أكبر ودموية أكثر.

وبحسب المصادر التي نقلت لـ"هآرتس" وقائع الجلسة الصاخبة التي عقدتها الحكومة الاسرائيلية في بلدة سيديروت، فإن شارون رفع صوته خلال النقاش أكثر من مرة، وكان الانطباع السائد أنه يوبخ جيشه، حتى أن رئيس هيئة الأركان الاسرائيلي موشيه يعلون واجه شارون وتلقى الدعم من رئيس شعبة الاستخبارات أهارون زئيفي على أنه سينفذ كل أمر عسكري يوجه إليه لكنه أبدى معارضته بتنفيذ القصف المدفعي بصورة عمياء، كما عارض القيام بعملية عسكرية واسعة في هذه المرحلة الحالية.

وقال يعلون "من الجائز أن تصل إسرائيل في نهاية المطاف إلى تنفيذ عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة، لكننا ملزمون قبل ذلك إعطاء الرئيس الفلسطيني فرصة للعمل على وقف الارهاب"، وتابع "القيام بعملية عسكرية قبل أن يبدأ أبو مازن ببذل جهوده هو عمل خاطئ، يتوجب أن يدرك العالم أنه لم يبق خياراً لإسرائيل".

وتابع المحلل العسكري أن الأمر المثير هو أن اقتراح شارون برد متطرف حظي بدعم رئيس الشاباك أفي ديختر، حتى أن الأخير لم يكتف بذلك، حيث طرح اقتراحات عسكرية لو تم تنفيذها لكانت أثارت زعزعة قاسية، وستضعف بالتأكيد احتمالات أبو مازن لإرساء الهدوء قبل أن يبذل جهوده.

ويسود الهدوء الأمني قطاع غزة منذ زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولقاءاته الماراثونية المتواصلة مع الفصائل الفلسطينية بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار تمهيداً لبدء مفاوضات سياسية جادة مع الإسرائيليين.

والتقى عباس منذ الثلاثاء الماضي مع ممثلي مختلف الفصائل الفلسطينية، قبل أن يصدر أوامره بإعادة انتشار قوات الأمن الفلسطيني على كامل حدود قطاع غزة، حيث تم تنفيذ الجزء الأول من عملية الانتشار في المنطقة الشمالية إلى جنوب مدينة غزة، بالإضافة إلى قرب التوصل مع قادة الفصائل إلى عقد هدنة إذا التزمت إسرائيل بذلك.

يأتي ذلك في الوقت الذي أعربت فيه أوساط الجيش الاسرائيلي عن رضاها عن الأوضاع الأمنية السائدة في قطاع غزة خصوصا في الأيام الماضية، بعيد نشر قوات الأمن الفلسطينية في المناطق الحدودية.

وقال ضابط إسرائيلي كبير لإذاعة الجيش الاسرائيليإن قطاع غزة يشهد هدوءاً أمنياً خلال الأيام الماضية، و قد تكون نسبة الأحداث الأمنية صفر، بسبب التفاهمات التي توصلت إليها السلطة الفلسطينية مع الفصائل المسلحة ونشر قوات الأمن في شمال القطاع.

وتوقف المقاومون الفلسطينيون منذ الأربعاء الماضي عن إطلاق صواريخ القسام وقذائف الهاون باتجاه المستوطنات الإسرائيلية داخل قطاع غزة وجنوب إسرائيل.