نبيل شرف الدين من القاهرة: قررت محكمة جنايات القاهرة في جلستها الأولى التي انعقدت اليوم السبت، برئاسة المستشار عادل عبد السلام عمر تأجيل قضية التخابر لصالح إيران والمتهم فيها المصري محمود عيد محمد دبوس حضورياً، والدبلوماسي الإيراني محمد رضا حسين دوست، غيابياً، وذلك لجلسة الثالث من شباط (فبراير)، تلبية لطلب الدفاع عن المتهم، لتمكينه من الاطلاع على أوراق القضية.

وفي بداية الجلسة تلا ممثل الادعاء قرار الاتهام الذي أعدته نيابة أمن الدولة العليا في القضية، المتهم فيها مواطن مصري بالتخابر لصالح الحرس الثوري الإيراني، بالتعاون مع دبلوماسي إيراني سابق، والتي تشمل الاتهامات الموجهة إليهما، التخابر لصالح دولة أجنبية بقصد الإضرار بالمصالح القومية لمصر، وأيضا تعريض العلاقات بين مصر والسعودية من خلال إمداده للمتهم الثاني بمعلومات عن أماكن تواجد الأجانب في السعودية.

وكانت هيئة الأمن القومي المصرية (المخابرات العامة) قد ألقت القبض علي "دبوس" في القاهرة أثناء قضائه عطلته قادما من السعودية، حيث باشرت نيابة أمن الدولة العليا المصرية التحقيق معه وقدمته إلى المحاكمة محبوساً، وأشارت النيابة في تحقيقاتها إلى أن المتهم المصري اعترف بقبوله التعاون مع الحرس الثوري الإيراني الذي يمثله المتهم الثاني الذي كان يعمل عضوا في بعثة رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة وتبادل رسائل بالبريد الإلكتروني معه.

وحسب تحقيقات نيابة أمن الدولة فقد ضبطت بحوزة المتهم المصري العديد من المستندات حول تخابره لصالح الحرس الثوري الإيراني ودفتر لعلاجه بإيران، وكذلك أوراق تشير إلى تعامله في حسابات ببنك إيران، وحساب له في أحد بنوك السعودية واعترف المتهم بايمانه بفكر الحرس الثوري والثورة الإيرانية والتخابر لصالحهما، مؤكداً أنه سوف يعمل على نشر فكر الثورة الإيرانية في جميع الدول، كما ضبطت بحوزته لائحة بأسماء الشخصيات المصرية المراد اغتيالها بمعرفة عناصر من الحرس الثوري على أن يتولى المصري استقبالهم بمصر ومشاركتهم في الترتيبات .


تفاصيل القضية
وفي معرض كشفه عن تفاصيل هذه القضية، أشار النائب العام المصري إلى اتهام النيابة لهما بالتخابر لصالح دولة أجنبية بقصد الإضرار بالمصالح القومية لمصر، مقابل مليون دولار، وتلقى رشوة دولية والقيام بأعمال إرهابية وعدائية بالسعودية (تفجيرات مجمع ينبع) وهو ما من شأنه تعريض العلاقات الدولية بين البلدين (مصر والسعودية) للمقاطعة، والإعداد والتخطيط لشن هجمات إرهابية داخل البلاد.

تبين من التحقيقات التي باشرتها نيابة أمن الدولة العليا في مصر، أن المتهم يقيم في العقار رقم 8 بحي عرفات بمدينة السويس المصرية، وتم تجنيده أثناء تردده على مكتب بعثة رعاية المصالح الإيرانية في القاهرة قبل خمس سنوات تقريباً حيث سقط في أيدي رجال هيئة الأمن القومي في آب (أغسطس) من العام الماضي، كما كشفت التحقيقات ان "دوست" شجعه على التقدم بأوراقه للحصول على المنحة ودعاه لحضور الاحتفال السنوي بالثورة الإيرانية الذي أقيم في مكتب بعثة رعاية المصالح بالقاهرة في 1999 ولاحقاً دعاه إلي طهران لحضور مؤتمر دولي بمناسبة مرور 20 عاماً على الثورة الإيرانية و100 عام على مولد الإمام آية الله الخوميني فأعد بحثاً تناول فيه أسباب الثورة الإيرانية وتأثيرها على المجتمع الإيراني، واستغرقت إقامته هناك 10 أيام.

وفي نهاية عام 2001 تلقى دبوس منحة دراسية بجامعة "الإمام الخوميني" في مدينة قزوين، وقد تعددت لقاءاته مع المتهم الثاني دوست بالقاهرة حيث تبادلا الرأي عن كيفية تحسين العلاقات بين مصر وإيران وفي أحد اللقاءات طلب منه دوست التعاون مع الحرس الثوري الإيراني في تنفيذ عمليات اغتيال لعناصر مصرية حيث يتولى الحرس الثوري وضع الخطط والإشراف عليها ويقوم دبوس بالتنفيذ. وتضمن ذلك اختيار أفضل الأماكن لإدخال الأسلحة إلي مصر، وأبلغ المتهم الثاني المتهم الأول بأنه سيتم تهريب العناصر التي ستتولى عمليات الاغتيال في معسكرات الحرس الثوري الإيراني.

كما كشفت التحقيقات أن دوست سلم دبوس ورقة مدوناً بها شفرة التعامل بينهما بالبريد الإلكتروني وطلب منه حفظها في ذاكرته والتخلص منها بحرقها. كما طلب منه إنشاء موقع للبريد الإلكتروني على شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت" ليتبادل معه الرسائل عليها واتفقاً على أن ينتحل دبوس اسماً "كورياً" هو محمود الفيصل أثناء المراسلات التي تمت عن طريق أحد مكاتب الإنترنت في السويس.

تقارير ومعاينات
وحسب تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا اعترف المتهم بأنه اتفق على تقاضيه مليون دولار وتوفير مأوى وطريقة للإقامة في إحدى الدول الأوروبية في حال اكتشافه مع الدبلوماسي الإيراني الذي انتهت مدة خدمته في القاهرة، وخلفه آخر فيها واصل اتصالاته مع دبوس، كما ورد في التحقيقات أيضاً أن المتهم قام بعمل معاينة لبعض الأماكن في مصر مثل السويس وشرم الشيخ بهدف القيام بعمليات إرهابية فيها وبعث ب 20 تقريراً إلي المتهم الثاني الذي رد عليه برسالة قال فيها له إنه يستحق 10 آلاف دولار مقابل تلك المعاينات .

وفي هذه الأثناء قرر دبوس السفر إلي إيران. لكن الحرب في العراق كانت قد اندلعت وخوفاً على مساءلته في المطار عن سبب زيارته إلي إيران حصل على تأشيرة سفر إلي المملكة العربية السعودية متخذاً إياها كمحطة سفر لإيران، وفي السعودية ذهب لبعض أقربائه في مدينة ضبا، حيث تمكنوا من إلحاقه بعمل كإداري في جمعية خيرية لتحفيظ القرآن، وفي مدينة "ضبا" السعودية لم تتوقف اتصالاته مع الإيرانيين. حيث تلقي تكليفاً بجمع معلومات عن التواجد الإيراني بمنطقة "ينبع" وعن عدد الشركات الأجنبية والعاملين بها وجنسياتهم ومقار إقامتهم فأبدى موافقته على ذلك. وبالفعل أرسل تقريراً بمعلومات عن مجمع بتروكيماويات "ينبع" حدد فيه المقر الإداري للمجمع وجنسيات العاملين به وطبيعة الحراسة الأمنية عليه، وتلقى من الإيرانيين شكراً على هذه المعلومات وفي يوم السبت الأول من شهر أيار (مايو) الماضي وقع اعتداء إرهابي على المجمع أدي إلي تفجيره ومقتل 3 ماليزيين وإنجليزيين وسوري وأسترالي علاوة على إصابة 18 من أفراد الأمن السعودي ولم يشارك المتهم في التفجيرات بنفسه.

أوضحت التحقيقات كذلك ان دبوس الموجود في السعودية آنذاك طلب استلام مستحقاته المالية فأرسل له عميل الحرس الثوري الإيرانية سيدة إيرانية تقيم بالمدينة المنورة وحدد له شفرة التقابل معها حيث تسلم منها 50 ألف دولار قبل أن يعود إلي مصر في 20 آب (أغسطس) من العام الماضي 2004 في إجازة معتزماً العودة إلي السعودية مرة أخري تهميداً للسفر إلي إيران غير أن هيئة الأمن القومي (المخابرات العامة) التي كانت ترصده أوقعت به وداهمت منزله بمدينة السويس، وعثرت على أوراق حساب في بنك ملي الإيراني وجواز سفر وعليه تأشيرة دخول إيران، وخطاب من الجمهورية الإيرانية بالموافقة على تلقيه منحة دراسية، وأيضاً إيصال بمبلغ 600 دولار من شركة الراجحي السعودية.