قضية اعتقال رئيس حزب الغد تلبد أجواء مصر
حوار مشحون بين الحزب الحاكم والمعارضة

نبيل شرف الدين من القاهرة: في الوقت الذي كانت تصطحب فيه قوة أمنية من مباحث الأموال العامة، النائب البرلماني المصري أيمن نور، رئيس حزب (الغد)، إلى زنزانته الباردة، وذلك بعد صدور قرار قضائي بتجديد حبسه لمدة 45 يوماً على ذمة التحقيقات الجارية معه، بتهمة التزوير في أوراق تأسيس الحزب، انطلقت من مقر مجلس الشورى بالقاهرة أولى جلسات "الحوار الوطني" الذي يشارك فيه رؤساء وممثلين عن 15 حزبا مصرياً، بما فيهم الحزب الوطني الحاكم الذي يمثله في هذه الجولة من الحوار صفوت الشريف أمينه العام، وكمال الشاذلي أمين التنظيم في الحزب .
وفي بداية جلسة الحوار ألقى الشريف كلمة قال فيها إن مصر كانت ولا تزال بحكم الموقع والقدرة والريادة والتأثير هدفا لقوى متعددة الأسماء والمسميات متعددة الأهداف من الخارج أو الداخل، قوى تؤمن مهما اختلفت وتغيرت وتعددت أن مصر هي بوابة العبور للسيطرة على هذه المنطقة من العالم، وهي المدخل لنجاح استراتيجية وضع اليد التي تحقق لهم المصالح"، على حد تعبيره .

وفي أجواء سياسية مصرية حبلى بالمفاجآت والتكهنات والمخاوف أيضاً، تمحورت كلمات رؤساء أحزاب المعارضة في هذا الحوار على المطالبة بالاعتراف بصعوبة الأوضاع التي تمر بها البلاد حالياً، ووضع خطط للإصلاح سياسي تشمل تعديل الدستور والقوانين المنظمة للعمل السياسي، وإلغاء حالة الطوارئ، لكنهم اختلفوا حول المدى الزمني اللازم للاتفاق على تلك الخطط وتطبيقها .
وكانت منى مكرم عبيد، سليلة الأسرة القبطية ذات الباع الطويل في العمل السياسي، والتي تشغل منصب أمين عام حزب الغد، هي "نجم الحوار"، إذ ترقب الحضور كلمة الحزب التي ألقتها أمام جلسة الحوار الأولى، والتي عبرت عن أسفها لحضورها بدلا من رئيس الحزب المعتقوقالت "يؤسفني أن أضطر اليوم للحضور بدلا من رئيس حزب الغد الدكتور أيمن نور عضو مجلس الشعب (البرلمان)، والذي أتمنى أن نتضامن جميعا معه حتى يخرجه الله سبحانه وتعالى من هذه المحنة التي يتعرض لها حالياً" حسب تعبير السيدة عبيد .

من جانبه قال الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع (اليساري) إن "الحزب يعتقد أن المدخل الصحيح لتحقيق تطور جدي للمجتمع المصري انطلاقا نحو مستقبل أفضل هو تحقيق تغيير سياسي وديمقراطي جدي وعاجل" .

أجندة الحوار
وتطالب أحزاب المعارضة المصرية بإدخال تعديلات على الدستور بهدف إلغاء النظام الحالي الذي يسمي بمقتضاه مجلس الشعب (البرلمان)، مرشحا وحيدا لمنصب رئيس الجمهورية، ثم يجري استفتاء الناخبين عليه، وفي هذا السياق فقد طالب رئيس حزب الأحرار حلمي سالم في كلمته بأن "يتناول الإصلاح السياسي التعديلات الدستورية وتعديلات تشريعية للقوانين الحاكمة للعمل السياسي وتوفير الحريات العامة وانطلاق منظمات المجتمع المدني"

وفي الكلمة التي ألقاها ممدوح قناوي، رئيس الحزب الدستوري الاجتماعي الحر، وهو من أحدث الأحزاب التي انضمت مؤخراً إلى المشهد السياسي المصري، وقد دعا إلى تحديد فترة زمنية "لتحقيق النقلة الإصلاحية الديمقراطية تبدأ من تاريخ بدء فترة الرئاسة الجديدة في تشرين الأول (أكتوبر) القادم، وتنتهي بنهاية عام 2007 "، على حد تعبيره .

وطالب رئيس الحزب بتشكيل لجنة قومية تسمي لجنة الدستور في حدود خمسين عضوا تضم فقهاء الدستور وممثلي الأحزاب مضافا النخب السياسية والفكرية المستقلة وتعكف على إعداد مشروع دستور جديد لمصر بديلا عن التعديل والترقيع في أحكام الدستور الحالي سدا للثقوب والثغرات، فضلاً عن المطالبة المستمرة بإلغاء حالة الطوارئ، والاكتفاء بالأحكام الواردة في صلب قانون العقوبات‏.وعودة إلى أجندة الحوار كما استعرضها صفوت الشريف، أمين عام الحزب الحاكم في مصر، من خلال عدة محاور كان أبرزها كما ورد في كلمته التي ألقاها أمام الجلسة الأولى للحوار :
ـ إن حوارنا هو من أجل هذا الوطن، مصلحتنا مشتركة، وآراؤنا مجردة، ونجاح الحوار مربوط بالثقة فيه، فإذا كانت قيم الثقة ليست متوفرة، وأعتقد أنه من المهم أن نبني جسور الثقة في قيم ومبادئ ونتائج الحوار، لا أن نصفه بالفشل قبل أن يبدأ ونتبادل الاتهام قبل أن نجتمع .

ـ إن مصداقية هذا الحوار تقوم على مصداقية الالتزام بالحقائق التي نناقشها، إننا جميعا وطنيون نحمل على أكتافنا مسئولية العمل الوطني والسياسي، كلماتنا محسوبة، ومن جانبنا نؤكد التزامنا بتطابق تصريحاتنا مع ما نناقشه في اجتماعاتنا مع إخواننا رؤساء الاحزاب، وسيظل التزامنا بذلك قائماً، نتحدث بوجه واحد، وخطاب سياسي واضح، في القاعة وخارجها .

ـ إن حوارنا نابع من الحرص على تحقيق المشاركة، وليس من باب المناورة، فالرغبة في التوافق قائمة واحترام حق الاختلاف قائم، فالحزب الوطني ليس في أزمة يسعى للخروج منها، ولا يملك إلا أن يقول رأيه، ويعبر عن منطقه لكم وللرأي العام بكل وضوح وصدق .

ـ دعونا نكون صادقين مع أنفسنا، فحوارنا لا يستهدف اتخاذ قرارات، بل التوافق على مبادئ، ومناقشة قضايا تصل بالحوار إلى تحقيق غاياته، والتزامنا أن نضع بكل الدقة ما نتوصل إليه للقيادة السياسية، على حد تعبير الشريف.