حيان نيوف من دمشق : انتهت زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى روسيا ولم تنته المخاوف الأميركية والإسرائيلية من دور روسي جديد في المنطقة. والولايات المتحدة ،التي عززت دورها في الشرق الأوسط عقب الإطاحة بنظام صدام حسين، باتت تخشى دخول " الدب الروسي إلى كروم المنطقة " ومنافستها ليصبح مصدر قلق دائم لها وسط تساؤلات في ما إذا كانت الدولة التي تسقط ديونها مقابل بضائع من سورية قادرة على لعب دور منافس للولايات المتحدة في المنطقة.
وعلى الرغم من عودة الرئيس السوري إلى بلاده بصفقة " إلغاء ديون متراكمة " لا " بصفقة سلاح " استمرت الصحافة الأميركية والإسرائيلية بنشر تقارير عن مخاوف من وصول سلاح روسي إلى حزب الله. وفي تقرير نشرته صحيفة "معارف" الإسرائيلية ، نقلت عن مسؤولين رسميين " أن حزب الله حصل على صواريخ سام 18 مضادة للطيران من دولة تبعت الاتحاد السوفياتي السابق وليست روسيا ، وهي صواريخ مطورة وتعتبر السلاح الأكثر تطورا يحصل عليه حزب الله اللبناني ".
ويدعم هذا التقرير معارضة الولايات المتحدة و إسرائيل لأي صفقة سلاح روسية سورية. وبعد نفي الجانبين السوري والروسي لوجود مثل هذه الصفقة عاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليقول لصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية إن موسكو قد تبيع دمشق أسلحة "دفاعية" لن تصل الى أيدي "الإرهابيين"، مشيرا الى انها "لن تعرض توازن القوى في الشرق الأوسط للخطر ". وقال بوتين للصحيفة "عندما نتحدث عن تزويد بلدان منطقة الشرق الأوسط بالأسلحة، فيجب فهم هذا الأمر في إطار تعزيز قدراتها الدفاعية، كما هي الحال بالنسبة الى سورية"، مشيرا الى ان صورايخ "إس أي 18 اينغلا" المضادة للطائرات، التي تردد انها ستدخل ضمن الصفقة السورية الروسية، هي محض "دفاعية".
في الوقت ذاته ، تبدو المخاوف الأميركية – الإسرائيلية مبالغا فيها. فمن جهة ثمة خطوات سياسية دولية تتجه نحو إنهاء دور حزب الله في الجنوب اللبناني وهذا ما عبّر عنه مجلس الأمن مؤخرا باعتباره " مزارع شبعا" أراضي سورية وليست لبنانية. ومن جهة أخرى، سورية أعلنت رغبتها في العودة إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل مرارا واتخذت خطوات تؤكد ذلك إن على صعيد تعديل " ميثاق الجبهة الوطنية " أو على صعيد ما أعلنه موفد أممي حول رغبة سورية في العودة إلى المفاوضات من دون شروط مسبقة. وثمة شيء آخر وهو اعتقاد الكثيرين من المراقبين أن روسيا ليست في القوة التي تؤهلها أن تعود لتكون قطبا مناوئا للولايات المتحدة إن على صعيد العالم أو حتى على صعيد منطقة الشرق الأوسط ؛ فهي تعاني مشاكل اقتصادية وفسادا مستشريا وتوجه إليها انتقادات واسعة على صعيد حرية التعبير واحترام حقوق الإنسان كما أن دولا إسلامية كثيرة تنظر إليها بشك وريبة على خلفية ملف الشيشان.
على الرغم من ذلك ، قد يحصل " الدب الروسي " على دور في المنطقة " برغبة اميركية " على صعيد عملية السلام أو من حيث الاستثمارات في العراق ، وذلك مقابل الحصول على مواقف روسية مؤيدة لفرنسا والولايات المتحدة في مجلس الأمن في اتجاه القرار 1559 وتنفيذه أو في اتجاه قرارات دولية أخرى تقف موسكو على مسافة دائمة منها.
لذا ، قد يصيب بعض المراقبين في اعتبارهم أن " الدب الروسي " مستعد للتضحية بملفات ومواقف عديدة ومنها " قرص العسل " في مجلس الأمن في ما لو سمح له " بدخول كروم المنطقة والحصول على القليل من ثمارها " في ظل أزمته الاقتصادية المستفحلة.
التعليقات