أسامة مهدي من لندن
:
أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش اليوم عن تعيين سفير بلاده في العراق جون نيغربونتي مديرًا للاستخبارات الوطنية للمرة الاولى منذ استحداث المنصب بعد إعلان فشل وكالات الاستخبارات الاميركية في الكشف عن هجمات 11 ايلول (سبتمبر) عام 2001 قبل وقوعها ، و نيغروبونتي متعاون سابق مع وكالة المخابرات الاميركية في عدد من الدول ومتهم بخرق حقوق الانسان وضالع في فضيحة "ايران غيت" .

وسيتولى نيغروبونتي مسؤولية تنسيق العمل بين 15 وكالة استخباراتية أميركية بما في ذلك وكالة المخابرات المركزية "سي آي ايه"ومكتب التحقيقات الفيدرالية "إف بي آي" ولدى اعلانه لمن سيشغل المنصب الجديد قال بوش ان المهمة سيكون لها دور رئيسي في العمليات التي تنفذها الولايات المتحدة لمكافحة الارهاب.

واضاف "اذا ما كنا نريد وقف الارهابيين قبل ان ينفذوا مخططاتهم، يجب ان نضمن ان وكالات الاستخبارات جميعها تعمل كجهاز واحد متكامل".

اشاد بوش بالمواصفات التي تؤهل نيغروبونتي لشغل المنصب وقال"ان جون يتفهم الاحتياجات الاميركية الاستخباراتية على المستوى العالمي بعد ان قضى فترة طويلة من حياته في الخدمات الخارجية كدبلوماسي".

ومن جهته قال نيغربونتي بعد قبوله للمنصب "بلاشك سيكون تعييني في هذا المنصب اكبر تحد كلفت به خلال فترة خدمتي التي بلغت اربعين عامًا".

وقد وقع بوش قانونًا استحدث المنصب في كانون اول (ديسمبر) بعد اول مراجعة شاملة لعمليات التجسس الاميركية منذ خمسين عامًا لكنه ظل خاويًا لفترة طويلة من الزمن.

وكان نيغروبونتي قد عين سفيرًا للولايات المتحدة في العراق في تموز( يوليو) الماضي بعد ان كان مندوب بلاده لدى الامم المتحدة لكنه لم يعرف بعد من سيخلفه في بغداد.

والدبلوماسي المحترف (66 عامًا) الذي جال في مناطق الاضطراب في العالم ممثلا لبلاده على مدى 40 عامًا متهم من قبل بعض جمعيات حقوق الإنسان بانتهاك هذه الحقوق خلال فترة سفارته حيث "علم بتعذيب الكتيبة الأميركية 316 المعروفة بكتيبة الموت للشيوعيين في هندوراس بل وتعاون مع تلك الكتيبة على اختطاف وتعذيب وقتل المئات من الأشخاص في هندوراس" مما ادى الى تأخر إعلان تعيينه كمندوب دائم لبلاده لدى الأمم المتحدة لمدة ستة أشهر حتى يتمكن من الدفاع عن نفسه إزاء هذه الاتهامات.

وهومتهم كذلك بالاشراف على تأسيس قاعدة "الأجواكاتي” الجوية في هندوراس والتي استخدمت كمعسكر احتجاز سري ومركز للتعذيب اكد الجرائم التي ارتكبت فيها اكتشاف جثث 185 شخصا هناك عام 2001 اضافة الى اتهامه خلال عمله سفيرا في المكسيك بمساعدة حكومة المكسيك واشرافه على مساعدات من المخابرات الاميركية استخدمت لمحاربة ثوار “الزاباتا تيستا”.

واضافة لذلك فقد كان نيغروبونتي احد الاسماء المتورطة في فضحية “ايران غيت " اثناء تحقيقات الكونغرس الاميركي في وقائع هذه الفضيحة التي كشفت تورط الولايات المتحدة في بيع اسلحة لايران لتحارب بها العراق ثم تحويل عائدات الاسلحة لقوات الكونترا المعارضة في نيكاراغوا خلال فترة حكم الرئيس الجمهوري السابق رونالد ريغان وقد اعيد ذكر الكثير من الاتهامات التي وجهت له اثناء تحقيقات فضيحة ايران كونترا خلال جلسات استماع عقدها الكونغرس الاميركي للموافقة على قرار تعيينه في هذا المنصب.

وقد عمل نيغروبونتي الذي يعتبر دبلوماسيا محنكا في مواقع ونقاط ساخنة في العالم على مدى 40 عاماً هي عمر عمله الدبلوماسي وقد رشحه لسفارة الولايات المتحدة في العراق وزير الخارجية كولن باول الذي كان تعيينه مندوباً لبلاده لدى الامم المتحدة انتصاراً له .. وليكون على رأس الفريق الدبلوماسي الأميركي في العراق خلفا لسلطة التحالف المؤقتة في العراق التي حلت مع نقل السلطة للعراقيين في الثلاثين من حزيران (يونيو) الماضي . ويصفه الرئيس بوش بأنه "رجل عظيم الخبرة والقدرات" ويقول ان سيتولى مهمة شاقة لكنه قادر على انجازها فيما يقول عنه كوفي انان الأمين العام للأمم المتحدة "إن نغروبونتي سفير عظيم ودبلوماسي رائع" .

وجون ديميتري نغروبونتي أميركي من أصل يوناني ولد في لندن عام 1939 لأب من أثرى أثرياء صناعة النقل البحري في العالم. تخرج في جامعة ييل الأميركية العريقة ثم التحق بالسلك الدبلوماسي الأميركي عام 1960. وكان أول منصب له في سفارة بلاده لدى سايغون عاصمة فييتنام في منتصف الستينات حين كانت الحرب على أشدها ولدى عودته تولى منصب المسؤول عن ملف فييتنام في مكتب مستشارالأمن القومي آنذاك هنري كيسينجر ثم تولى بعد ذلك مناصب في سفارات بلاده لدى هندوراس والمكسيك والفلبين. وترك نغروبونتي السلك الدبلوماسي في نهاية التسعينيات إلى عالم التجارة ولكن الرئيس بوش عينه في منصب المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة عام 2001 ثم اختاره ليكون أول سفير لبلاده لدى بغداد بعد سقوط نظام صدام حسين .

بدأ نغروبونتي المتزوج وله خمسة ابناء بالتبني من هندوراس حياته العملية كدبلوماسي عام 1960 حين عمل في هونغ كونغ ثم في فيتنام بين عامي 1964 و 1968. ومن العام 1971 حتى 1973 كان ضابط الاتصال المسؤول عن فيتنام بمجلس الامن القومي الاميركي ثم عاد الى فيتنام حتى عام 1975 وانتقل للعمل في السفارة الاميركية باليونان من 1975 الى 1977. ثم عين سفيرا لدى هندوراس( 1981 - 1985) ثم في السلفادور (1984) ثم المكسيك (1989) والفلبين (1994). وفي عام 1996 ارسلته واشنطن الى بنما باعتباره المفاوض الاميركي في المفاوضات حول قواعدها العسكرية هناك. وقد عمل نائبا لرئيس احدى مؤسسات النشر الاميركية الكبرى قبل ان يتم اخياره مرة أخرى مندوبا للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في ايلول (سبتمبر) عام 2001 .

وعين نغروبونتي سفيرا في بغداد في وقت كانت تخطط وزارة الخارجية الأميركية لكي تصبح سفارتها في العراق الأكبر على مستوى العالم والاهم في المنطقة أن يتم نقل ما بين 700 و1000 من العاملين في السفارة الأمريكية إلى بغداد خلال فترة وجيزة كما ينتظر أن يكون من بين العاملين ما يقرب من 150 من موظفي الخارجية إضافة إلى مسؤولين من وزارة الخزانة ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الدفاع ووكالات وهيئات أخرى. ومع مرور الوقت تتوقع المصادر أن يبلغ عدد العاملين في السفارة الأمريكية 3000 موظف.

وقد عمل نيغروبونتي الذي يجيد اربع لغات الى جانب الانكليزية هي اليونانية والاسبانية والفرنسية والفيتنامية في السلك الدبلوماسي الأميركي خلال الفترة من 1960 و1997 لكنه عرف بعدم خبرته في قضايا الشرق الاوسط فعمله الدبلوماس السابق كان في دول اميركا اللاتينية التي يملك خبرة واسعة في شؤونها .