شتاء بيروت: المعارضة اللبنانية تتذكر كل قتلاها
أكثر من مليون ونصف مليون يعتصمون

جزء رئيسي من الحشد في الاعتصام قرب ساحة الشهداء (تصوير وائل اللادقي)
فداء عيتاني من بيروت: ما كادت تحين الساعة الثالثة بالتوقيت المحلي (الواحدة بتوقيت غرينتش) لمدينة بيروت الا وكان الحشد المتجمهر في وسط العاصمة اللبنانية، يتجاوز كل رقم سابق، وإذا كانت الحشود هي ارقام مقابل ارقام وحشود مقابل حشود وملايين مقابل ملايين فقد ربحت المعارضة هذه الجولة، ومن على سطح مبنى من المباني القليلة التي تشرف على ساحة الشهداء في وسط بيروت كان يمكن رؤية ما اخبرنا به سابقا احد المنظمين لاعتصام اليوم المعارض للوجود السوري في لبنان وللسلطة اللبنانية، كان يمكن رؤية ما وعدتنا المعارضة بان يكون "مفاجأة كبيرة" ردا على "مفاجأة مفاجأة" التي شكلتها المظاهرة التي نفذها حزب الله يوم الثلاثاء من الاسبوع الماضي.


ومن على سطح المبنى نفسه كان احد الضباط في الجيش اللبناني يراقب مع جنوده المعتصمون في الساحة، واختلط الجنود بالصحافيين، الذين أسعفهم الحظ بالوصول إلى ذاك السطح، كان الضابط يقول "هذا الحشد هو اربع مرات اكبر من حشد حزب الله"، ولدى سؤاله عن الرقم "لا ارقام دقيقة ولكن الحشد مليوني، مليون او أكثر". ويراقب الجنود الحشد الذي يمتد على طول الساحة والشوارع، والوان الراية اللبنانية الوطنية تغطي الجموع، ومهما كانت اعداد الأعلام التي رفعها المتظاهرون فانها لم تغطي هذه المرة الجموع، بل كانت متفرقة لكثافة الحشد. ومن مكان ما كان ثمة متظاهرون يرفعون شعارا مسيئا إلى حزب الله الذي فقد احد أمنائه العامين بعملية اغتيال نفذتها مروحيات اسرائيلية، برغم ان الخطب السياسية كانت تشدد على احترام حزب الله ونضاله في سبيل تحرير لبنان.

تحضيرات وانتظارات

منذ ليل الأحد الاثنين كان عشرات من الشبان والشابات يتوجهون إلى الساحة الضخمة، حاملين معهم اكياس النوم والخيم الصغيرة، وان كان المكان توقف عن استيعاب الخيم، فان الشبان والشابات اللبنانيون شرعوا بالنوم على اطراف الساحة، إلى جانب ضريح رفيق الحريري، والى الاطراف الاخرى، كانت التحضيرات على قدم وساق في كل الامكنة، وتولت الماكينات الانتخابية وخاصة تلك التابعة لرئيس الحكومة الاسبق الذي تم اغتياله في الرباع عشر من شهر شباط الماضي بعبوة ناسفة رفيق الحريري، عملية تنظيم المكان وخاصة لناحية وصول الحشد من مرآب السيارات إلى الساحة الكبيرة، وانتشر عناصر الامن الخاص بثياب مدنية لتسهيل والاشراف على المظاهرة.

وفي كل المناطق كان ناشطون من المعارضة يجولون على المحال التجارية والشركات ويطلبون من اصحابها مشاركتهم في اعتصام الاثنين، للتعبير عن رفضهم للسلطة والمطالبة بـ"الحقيقة" حول مقتل الحريري واسقاط مسؤولي الاجهزة الامنية.

وسارت مظاهرات الية على الدراجات النارية وفي السيارات في كل ارجاء بيروت والمناطق ليلا شارك فيها شبان وشابات المعارضة، رافعين صور الحريري والاعلام اللبنانية وشعار الحقيقة، واطلقت العنان لمكبرات الصوت مذيعة الاغاني التي الفها اللبنانيون وخاصة تلك التي تم تأليفها حول الحريري ومقتله.

نهارا: بداية مبكرة

الساعة كانت لم تتجاوز الحادية عشرة والنصف (التاسعة والنصف بتوقيت غرينتش)، عشرات آلاف الشبان والشابات والرجال والنساء كانوا في وسط ساحة الشهداء او "ساحة الحرية"، أطفال وعجائز، الكل يتجمع هناك، وسط تنظيم بدائي لم يتمكن من تلبية احتياجات الصحافيين، حتى قبل ان نصل إلى موعد الاعتصام الرسمي عند الساعة الثالثة بالتوقيت المحلي.

من كل الجهات كانت تتوافد مسيرات خاصة الوفود المقبلة من المناطق، بيروت كانت شبه خالية، الكل هناك في وسطها، وساحة النجمة القريبة حيث مجلس النواب اللبناني كان اشبه بالثكنات العسكرية، احتلها الجيش وقوى الامن وتجمع هناك رجال فرق التدخل ومكافحة الشغب، واغلقت الطرق اليها، وترك ممر واحد بعيد عن ساحة الاعتصام، كان الوافدون يسيرون عدة كيلومترات للوصول إلى الساحة حيث مركز الاعتصام، ومع الوقت بدأت الطرق تغلق بسبب الحشود التي تسير نحو وسط العاصمة، كان رجال الشرطة والقوى الامنية يراقبون من بعيد، لم يغلقوا هم الطرق هذه المرة، بل وقفوا يرقابون الطرق مغلقة من دون امر او قرار. لن يطول الوقت قبل ان يتراجع الطوق الامني المتشكل من الجيش اللبناني بفرق التدخل والمغاوير ومغاوير البحرية إلى الخلف، مئات الامتار للافساح بالمجال أمام المعتصمين للوصول إلى وسط الساحة، ولعدم التغرض إلى الغرق والذوبان وسط البشر.

لم تصل الساعة إلى الثانية عشرة ظهرا بعد ولكن آلاف اللبنانيين يسيرون ببطء شديد بفعل الكثافة للوصول إلى ضريح الحريري لالقاء نظرة على مثوى الرجل الشهير، او لتلاوة الفاتحة او ابانا أمام ضريحه، صار السير وقبل ساعات من موعد الاعتصام مستحيلا وسط الحشد، وخاصة بالمنطقة القريبة من المنبر ومن تمثال الشهداء وسط الساحة، ويخرج صوت منظم للاحتفال ليقول "لنختبر شعارنا الجديد: صفر خمسة استقلال" في إشارة إلى العام الحالي باعتباره عام الانسحاب السوري النهائي من لبنان.

الساعة الثانية عشرة وعشر دقائق الوف البشر يأتون من كل الاتجاهات إلى ساحة الشهداء، وخاصة من نايحة الكرنتينا، رجال قوى الامن يغرقون وسط الحشد لوهلة، واسلحتهم مسحوب منها مخازن الذخيرة على جري عادتهم منذ مقتل رئيس الحكومة منعا لاي خطأ محتمل او غير مقصود، ويبدأ رموز المعارضة بالتوافد لمحيط المنصة الرئيسية، بعضهم يجري اتصالات هاتفية، وما هي الا دقائق وستنقطع مجددا وهذه المرة أيضا الاتصالات الخليوية (الهاتف المحمول) بفعل كثافة الحشود والضغط على شبكة الخليوي.

الثانية عشرة وخمس وخمسين دقيقة: ومن مبنى مشرف وعالي يبدو الحشد قد تجاوز النصف مليون شخص، ويصمت الجمع دقيقة صمت على روح رفيق الحريري الذي تم اغتياله منذ أربعة أسابيع بنفس التوقيت، كان السير بين الحشد مستحيلا الان، والالتفاف عبر الشوارع البعيدة اجدى واسرع لضمان الوصول إلى النقاط المشرفة على التجمع.

قبل نصف ساعة من موعد الاعتصام الرسمي كان الحشد قد بدأ بتجاوز رقم المليون شخص استمرار تدفق الكتل البشرية من كل الشوارع الفرعية أصبح صعبا، الكثافة البشرية تمنع من السير قدما، أصبح المربع البشري يمتد لعدد من الكيلومترات وقوى الجيش أصبحت وسط الحشود التي احتلت الطرق والجسور البعيدة نسبيا عن مركز الاعتصام.

الخطاباء شرعوا مع الساعة الثالثة في اطلاق المواقف السياسية، سبق الكلمات النشيد الوطني وهتافات الترحيب والتأييد من المعتصمين وبعدها تلاوة الفاتحة والابانا على روح الحريري ورفاقه. قبل ان تختم الاعتصام شقيقة الرئيس الحريري بهية بكلمة واضحة سياسيا وعاطفية تبكي خلالها، كما تعلن فيها إطلاق لجنة متابعة لتنفيذ اتفاق الطائف وعدم العودة إلى نقطة الصفر.

منزل الحريري

ومن قرب منزل رفيق الحريري كتب نبيل جلول "بدأت الجموع تحتشد في محيط منزل الحريري في قريطم من الساعة 12 بالتوقيت المحلي، و بدأ الناس المقيمين في المنطقة بالنزول إلى الشارع والشر مع المحتشدين وانضم إليهم طلاب جامعة قريبة ليتشكل حشد كبير من المتظاهرين، وعند الساعة 12.55 انشد المجتمعون النشيد الوطني اللبناني و انطلقوا باتجاه الجامعة الأميركية في منطقة الحمرا وهناك انضم إليهم طلاب هذه الجامعة، وساروا في مظاهرة كبيرة باتجاه ساحة الشهداء. وعند الوصول إلى منطقة ساحة رياض الصلح على مبعدة بضعة مئات من الامتار عن ساحة الاعتصام الرئيسية توقف الحشد لعدم التمكن من المتابعة.

لافتات رفعت

ورفعت لافتات خلال الاعتصام وفي المظاهرات ابرزها:

قوي قلبك وهجوم يا بتوصل على الموت يا بتوصل على الحرية

سورية إلى الخارج انصاف الحلول غير مقبولة

المعتصمون لبنانيون فقط

صنع في لبنان

مووو ظاهرة المظاهرة؟؟؟

فلتحيا سورية في سورية

شبعنا

نعيما يا عباس

نريد الحقيقة

فاجئناكم موووووو

صمت شهرا و تكلم عهرا (في إشارة إلى رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود)

لحود مسمى للمغادرة للاتصال 1559 (إشارة إلى برنامج ستار اكاديمي)

مشاركون

و ردا على سؤال عن مشاركتهم في التظاهرة قال ربيع الخليل طالب جامعي : لقد مضى شهرا على استشهاد الرئيس رفيق الحريري و ما زلنا ننتظر الحقيقة


ديانا لورنز صاحبة محل : أشارك من اجل لبنان و الحقيقة

عبد رفاعي موظف بنك : أشارك وفاء للبنان و الرئيس الحريري

اميل تقلا 77 سنة برفقة أحفاده : أشارك من اجل الوفاء لرفيق الحريري

سمية عيتاني برفقة ابنتها 3 سنوات : نريد خروج الجيش السوري و محاكمة رؤساء الأجهزة الأمنية

د . سليمان 65 عاما : جئت من طرابلس لأشارك نريد خروج الجيش السوري و مخابراته

دزسمير 45 عاما : موت الرئيس الحريري أشعرنا بسخافة زعمائنا الباقون فليرحلوا

ايلي سمعان 55 سنة موظف : في هذا اليوم تجلت حقيقة الوحدة الوطنية لقد جمع الشهيد أللبنانين و وحد الآراء و نسينا الماضي لقد ان الأوان للوحة جديدة في نهر الكلب

دز جابر صوايا 60 سنة و هو طبيب الرئيس الحريري: أنا هنا مع طلاب الجامعة الأميركية و هم هنا ككتلة واحدة بدون تمييز و أتوا ليعبروا عن شعورهم و مطالبتهم بالاستقلال الثاني للبنان

هند شبقلوا : انا هنا مع اولادي و احفادي لنقول كفانا ظلم كفانا عبودية

مايا منيمنة 18 عام نحن هنا لاننا لا نريد سوى الجيش اللبناني على ارضنا

عرس الحريري ينبض في قلب بيروت