ط

الامير نايف بن عبدالعزيز وزير الدخلية السعودي
لحة جبريل: في صيف عام 1967 استقبل السودانيون الملك فيصل بن عبد العزيز . 38 عاماً مرت . مياه كثيرة بل وحتى أمواج عاتية تدفقت تحت الجسور وفوقها . ثم جاء الى الخرطوم الأمير نايف بن عبد العزيز . كان ذلك الثلاثاء الماضي .

الامير نايف بن عبد العزيز هو أرفع مسؤول سعودي يزور" العاصمة المثلثة" منذ زيارة الملك الفيصل للمشاركة في قمة اللاءات الثلاثة . قمة الخرطوم . ومنذ تلك القمة لم تنعقد قمة في العاصمة السودانية . هذه السنة " الخرطوم عاصمة الثقافة العربية "وهو عام السلام ايضاً . العام المقبل ستعقد اول قمة عربية في الخرطوم بعد قمة اللاءات الثلاثة .

الناس تتذكر " اللاءات " ، لكنها لا تتذكر ان تلك القمة هي التي حققت مصالحة صعبة يومئذ بين مصر والسعودية . قمة التقى خلالها الملك فيصل بن عبد العزيز بالرئيس جمال عبدالناصر في بيت السيد على الميرغني (والد السيد محمد عثمان الميرغني ) وهم في الأصل من اشراف مكة المكرمة. ثم كان الصلح وإنهاء حرب اليمن . بعد تلك الزيارة لم يأت الخرطوم مسؤول سعودي في وزن الامير نايف . لذلك كان طبيعياً ان يعامله السودانيون معاملة "رؤساء الدول " .

قال الأمير نايف في الخرطوم جملة كان لها بالغ الأثر في نفوس السودانيين . قال لا فض فوه " السودانيون من خيرة من يعيش ويقيم بيننا لما يتميزون به من الصدق والأمانة والصلاح " .

" الأمانة" هي ذي الكلمة السحرية التي يعتز بها أهل ملتقى النيلين . حتى حين يلتقى النيل الازرق بالابيض في الخرطوم يسيران كيلومترات في المجرى نفسه في رحلتهما الأبدية نحو الشمال ، لكن لا يطغي لون أحدهما على الآخر . الابيض أبيض والأزرق ازرق . "أمانة" حتى في الطبيعة.
كانت هناك اتفاقيات جاهزة للتوقيع بمناسبة زيارة الامير نايف ابن عبد العزيز . قال أحد السودانيين في موقع المسؤولية " سنوقعها على بياض طالما جاء بها إبن عبد العزيز " .

لعل الامير كان يعني كلامه وهو يقول لهم في الجامعة وهو يتسلم منهم الدكتوراه الفخرية " انتم من خيرة من عاش وأقام بيننا" .
يقول الناس في " بورتسودان" ، التي حين تكون أمواج البحر هادئة وينحسر الضباب عن الأفق يرى اهلها " اضواء جدة " ، إن جماعة من السودانيين عبرت البحر بالسنابك (قوارب صغيرة) في الثلاثينات وذهبوا حيث كان مجلساً للملك عبدالعزيز في أرض الحرمين . وطلبوا مقابلة " الملك " من اجل ان يعرضوا عليه قضية نزاع في منطقهم ، وحين قال بعض أهل الحكم إن " الملك" لا يتدخل في شؤون الآخرين من غير رعيته " أجاب أحدهم " حين يكون العدل يكون الحكم " .

الناس في " بورتسودان" تتذكر كيف فاز النائب البرلماني هاشم بامكار عام 1965 حين كان برنامجه الانتخابي " جسر بين بورتسودان وجدة " .
في الخرطوم قال الامير نايف بن عبد العزيز إن الارهاب يحارب بالفكر وزاد قائلاً " يجب تصحيح المفاهيم الخاطئة وتوضيح أن الاعمال الارهابية تسيء للاسلام وتشيع الفوضى كما يجب أن نواجه ذلك بالعلم والفكر ... وهي مهمة رجال العلم والثقافة ".

وحين طرح عليه صحافيون سؤالاً يتعلق بدارفور والطلب من السعودية ان تتدخل قال " السودان قادر على حل مشاكلة ونحن مع مصلحة السودان قلبا وقالبا".
منح السودانيون الدكتوراه الفخرية للامير وعلقوا على صدره أرفع وسام "وفاء وتكريما لمجهوداته في خدمة الامن العربى".
زيارة الامير نايف بن عبد العزيز للخرطوم " تاريخية" بكل المقاييس .