عطا الله خلال حواره مع ايلاف
فداء عيتاني ونبيل جلول من بيروت: إعتبر أمين سر حركة اليسار الديموقراطي اللبناني الياس عطالله أن المعارضة اللبنانية دخلت في عملية تسهيل الانتخابات النيابية وأنها لم تترك سبيلا في هذا المجال، مؤكدا ان النائب المعارض ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بذل جهودا كبيرة لم تستقبل كما يجب من الطرف الذي توجهت له هذه الجهود (السلطة وحزب الله الذين التقاهم جنبلاط)، من اجل تحقيق هدف وطني وهو الانتخابات النيابية، وقال انه حصلت بعض الالتباسات في تفسير خطوات جنبلاط من قبل بعض أركان المعارضة، وبعض هذه الالتباسات غير مبرر. وأكد عطالله ان السلطة تحاول تعطيل التداول السلمي للسلطة في لبنان عبر تأخير الانتخابات النيابية، وان من واجب المعارض العودة إلى الشعب اللبناني والنزول إلى الشارع والقيام بإضرابات عامة لإلزام السلطات الحالية تشكيل الحكومة وإجراء الانتخابات في مواعيدها.

وفي ما يلي حوار " ايلاف" مع عطالله التالي:

-المعارضة أوصلت لبنان إلى طريق شبه مسدود، اما الانتخابات بشروطها واما الذهاب إلى الشارع، وبالمقابل فانها لم تقدم برنامجا لما بعد الانسحاب السوري من لبنان.

•انا واجبي ان اجيب على السؤال، بغض النظر عن سياقه، بات واضحا وجليا ان المعارضة وبعد ما تعتبر انها حققته من انجازات من الانسحاب المخابراتي والعسكري السوري وبعد لجنة التحقيق الدولية وبداية تهاوي النظام الأمني في لبنان، وبعد هذا مباشرة دخلت المعارضة في تسهيل الاستحقاق الانتخابي ولم تترك سبيلا لم تسلكه، واعتقد بان المعارضة ربما بالغت في هذا المنحى لانني اعتقد ان خلفية قوى السلطة حاسمة في التمديد للمجلس النيابي ولا شيء يفسر اعاقة تشكيل حكومة من السابع من اذار/ مارس إلى اليوم سوى هذه الخلفية المبيتة للتمديد للمجلس النيابي.

-انت لا تتحدث عن تمديد تقني للمجلس؟

•انا اتحدث عن تمديد فعلي.

-اين بالغت المعارضة؟

•قامت المعارضة بحوار مع السيد حسن نصرالله وعين التينة...

-تتحدث عن لقاءات وليد جنبلاط بحسن نصرالله؟

•نعم ولقائه بالرئيس عمر كرامي والرئيس نبيه بري، والجهد المبذول للقبول بحكومة انتخابية كيفما كانت من دون شروط تعجيزية، وصولا إلى حد تسمية مقربين من المعارضة للمشاركة بالحكومة، ولكن الذي جرى ان خلافات أهل السلطة حول التشكيلة الحكومية كانت حول وزارات الخدمات، وهو امر مستهجن، فاذا كانت وظيفة الحكومة هي اجراء الانتخابات فمن غير المفهوم على ماذا يختلفون في ما بينهم.

وهذا دليل على انهم يعتبرون ان الحكومة باقية طويلا وسيستخدمون هذه الوزارات واموالها وخدماتها في معاركهم الانتخابية المؤجلة.

واين بالتالي تدخلت المعارضة في عرقلة تشكيل الحكومة؟ واعتكاف الرئيس كرامي اليوم هو اعتكاف بوجه عين التينة، وليس بوجه المعارضة.

-هل يستدعي مبالغة وليد جنبلاط بالايجابية وضع كل المعارضة في حالة الاهتزاز ومن الانقسام غير المعلنة؟

•المسألة لا تحمل أي اهتزاز.

-هناك اهتزاز، ووليد جنبلاط لديه تساؤلات حول لقاءات ميشال عون بالموالاة.

•هناك بعض التباينات، ويبدو ان هذه الجهود الحوارية ذهبت ادراج الرياح في الوقت الذي لدينا اعتقاد انه كان علينا كمعارضة المتابعة في العمل الشعبي واعطاء مهلة محددة للتفاوض وبعدها تعود إلى الضغط على أهل السلطة.

-هل هذا نقد لتخليكم عن الشارع؟

•لم نتخل عن الشارع، بل بالغت في فرص الحوار والتسويات، ولم نتخل عن الشارع، ومآلنا الطبيعي العودة إلى التواصل مع الحركة الديموقراطية الاهلية، ولا سبيل اخر للضغط على سلطة تسعى إلى خطف القانوني والدستوري للانتخابات سوى الضغط الشعبي. ليس لدينا وسائل اخرى.

-انت الان تدعو إلى النزول مجددا إلى الشارع؟

•طبعا.

-كيف؟ عبر المظاهرات وتعطيل الحياة الاقتصادية؟

•المظاهرات والإضراب، ويحدد حجم الإضراب لاحقا.

-هل لديكم القدرة على اعادة تجيير الشارع بعد الاحباط الذي تسببتم به عبر الانقسام...

•انتم ترون المشهد يوميا في ساحة الشهداء وكلما دعت المعارضة إلى أي نوع من التحرك، لاعطاء مظهر حيوي او رياضي يتجمع عشرات الالاف.

لا لم تنفصل العلاقة بين المعارضة وبين المجتمع، وهذا امر لا يدعونا للنوم على الحرير بل للمبادرة والتواصل والمكاشفة مع المجتمع الاهلي.

-ما هو الذي تخفونه عن هذا المجتمع؟

•لا، يجب إيضاح ان الفرصة التي أعطيت للحوار من اجل انقاذ الانتخابات انتهت، ويبدو ان القرار الحاسم عند أهل السلطة هو التمديد، ولا بديل عن الضغط الانتخابي لإجبارهم على احترام المواعيد. وكنا أمام حكومة انتخابات واذا بنا أمام حكومة 30 (وزير) واختلفوا مع بعضهم على وزارات الخدمات.

-هل تعتقد ان ما يحصل هو خلافات جدية بسن أهل السلطة ام انه لعبة سياسية لتقطيع الوقت؟

•اعتقد بانه لعبة سياسية، وعلى خلفية التمديد للمجلس النيابي وكسب الوقت.

-بهذه الحالة اليوم ومع تصدع المعارضة والخلاف بين قوى السلطة، ما هي الخطوة التالية للمعارضة؟

•في مؤتمر وليد جنبلاط الصحافي طرح ضرورة عودة المعارضة إلى الامساك بزمام المبادرة، وعودة التواصل مع الناس على اساس برنامج سياسي تخوض الانتخابات به.

-بعض اطراف المعارضة تعتبر انها هي المعارضة والاطراف الاخرى تقترب من المعارضة عبر اقترابها من هذه الشخصيات.

•فليقولوا ذلك، ولكن هل هم يختصرون المعارضة؟

-العماد عون يقول انه رأس المعارضة.

•هل يختصر ميشال عون انتفاضة الاستقلال؟ هل يزعم أي طرف انه يختصر انتفاضة الاستقلال؟ والعماد عون تبنى وثقية المعارضة اللبنانية بعد استشهاد رفيق الحريري، والسؤال هو هل هذا البرنامج كافي لافاق اصلاحية في لبنان، برأيي هو غير كاف ويجب تطويره.

والقول بان المعارضة ام الصبي، لانها تسعى إلى الانتخابات، وبالمقابل هناك نوع من الانقلاب لدى أهل السلطة وهم يعيقون عملية تبادل السلطة ومن دون تبرير، واستخدموا مطولا الكلام عن سلبية المعارضة، وذهبت الكذبة إلى اخرها، وثم كشف اعتكاف كرامي سلبية السلطة.

-وماذا عن قانون الانتخابات؟

•هناك تباينات لدى قوى المعارضة بهذا الشأن، وهي ليست مسألة جديدة، وجنبلاط كان يطرح موضوع القضاء، وربما موضوع القضاء يتناقض مع مكون اخر من مكونات المجتمع اللبناني ويمكن الوصول معا إلى حل وسط. وطرح في عين التينة خمس محافظات وهو طرح غير عملي، ونحن نقول اننا يجب ان نحل المشكلات بالحوار، واذا كان القضاء بحكم القانون الذي طرحته المعارضة ولم تسترده لان الحكومة الجديد لم تولد بعد، فاننا نكاد نكون أمام تقسيمات الادارية للعام 2000.

واقول لك وعلى مسؤوليتي الشخصية اننا لا نرغب بقانون العام 2000، ولكن ان كان هذا القانون يؤمن لانتخابات وبحالة معينة من تسهيل اشتراك الجميع في الانتخابات فاننا نتعامل بموضوعية مع الأمر، فالأولوية الوطنية اهم.

وبتقديري ان وليد جنبلاط بذل جهودا كبيرة ربما لم تستقبل كما يجب من الطرف الذي توجهت له هذه الجهود، من اجل تحقيق هدف وطني اسمه الانتخابات النيابية، وبرأيي انه حصلت بعض الالتباسات في تفسير خطواته، وبعض هذه الالتباسات غير مبرر، واعتقد ان جنبلاط بموقعه وبمسؤوليته يفترض ان له الحق بالمبادرة، وممكن ان يشرح مبادراته.

ونحن نرغب بان تكون المبادرات مبحوثة سلفا من كل أطراف المعارضة، وحين لا تكون مبحوثة سلفا فانها تترك مجالا للالتباسات، ونحن مطالبون من الرأي العام بعد انجازنا بالتواصل الواضح والمباشر مع الرأي العام بالمحافظة على ميزتنا.

-هل تم وضعكم في اجواء لقاء ميشال عون وكريم بقرادوني وغيره من اركان السلطة.

•لم يؤكد ميشال عون حصول ذلك، ولا يمكننا محاسبة طرف بناء على النوايا، وميشال عون يقول ان غزل السلطة له هو غزل من طرف واحد.

حركة اليسار الديموقراطي
-لنتحدث عن حركة اليسار الديموقراطي هل هناك من ضرورة من تشكيل يسار جديد و باي معنى؟

•اولا لا اعتقد ان المسالة "ارادوية" وخلال جلسة تأمل يمكن ان نأخذ القرار بإنشاء اليسار الجديد او عدم إنشائه. الضرورة تنتجها الحياة ومسار العلاقة مع الواقع وأنا اعتقد بهذا المنطق لا شك موضوع اليسار الديمقراطي لان اليسار الجديد هي كلمة لها تحديدات مميزة ونحن حقيقة تعريفنا ليس منطلق من فكرة انه يوجد نمط معين.

اليسار الديمقراطي في تعريفه و ضروراته فرض الواقع الموضوعي نشوئه لاعتبارات لا يمكن الفصل بينها. ممكن التركيز على جانب أكثر من جانب في إطار الحديث و بمنهجيه الحديث هناك ضرورات بنيوية فرضت تشكيل اليسار الديمقراطي

-هل هو يسار مترف او هو يسار حاجة واقعية؟

•برأي انه يسار بعيد كل البعد عن الترف الفكري

-هل هو ضرورة سياسية في لبنان و العالم العربي؟

•أنا أفضل إن نبدأ في لبنان كدولة عربية، ونحن جزء من العالم العربي، وقبل ان أقارب المسألة من الخارج دعنا نقربها من حاجاتنا. بتصوري إن أي فعل ايجابي ينطلق من لبنان كبلد عربي سوف يكون بخدمة القضية العربية. ليس من الضرورة ان تجارب أي يسار في بلد عربي تكون نسخة طبق الأصل عن تجربتنا يعني هناك تجارب متعددة في بلدان عربية عديدة نحن ننطلق من الخصوصية اللبنانية دون ان تقفل باب التفاعل مع ميزات أخرى ممكن ان تنشا في أي دولة عربية أخرى و ممكن ان نتفاعل مع كل التجارب الموجودة في العالم و انطلاقا من مميزات المكونة الفاعلة و التي تترك بصماتها على الواقع الذي ننطلق منه.

-بهذا المعنى ما هي نسبة بقاء نظرية ان لبنان هو مختبر العالم العربي وما هي تأثيرات تظاهرات بيروت على تظاهرات الأردن ومصر؟

•بتقديري لبنان ليس مختبرا لبنان لديه مميزات ومن أهمها ان المجمع اللبناني دائما ظهر كأنه "اتون" واستعصى على تطويع السلطات المتعاقبة منذ الاستقلال هذه قوة المجتمع اعتبرها ايجابية بجانب معين واعتبرها ميزة ديناميكية مفترض ان تنتج دولة تلبي طموحات هذا المجتمع ولا تضيق عليه ونحن لسنا فخورين بان يكون هناك مجتمع ولا يكون هناك دولة.

ونحن لا يمكننا الا ان نتوقف عند قوة المجتمع اللبناني امام ثلاث مفاصل كبيرة: أولها يسمى التحرير والمقاومة بغياب التوافق على سلطة شرعية بعد الانسحاب الإسرائيلي حيث تمكن المجتمع اللبناني ان ينتج قدرة استثنائية وغير مسبوقة في المجتمعات العربية (اللهم إلا إذا أخذنا بعين الاعتبار التجربة الفلسطينية)، بان يقاوم البلد الاحتلال ويتمكن من تحرير أراضيه بهويات متعددة ومراحل متعددة والتي لعبت فيها التيارات السياسية واليسار أولا، لان أصل التأسيس للمقاومة كان تأسيسا يساريا.

- تقصد منظمة العمل الشيوعي والحزب الشيوعي اللبناني؟

•و كان هناك أيضا حزب العمل الاشتراكي، لا نريد ان نقلل من مشاركة.

المرجع هو قوة المجتمع، والمسألة الثانية هي اعادة اعمار البلد، وبرأيي ان قوة المجتمع اللبناني تمكنت من تجاوز نتائج الحرب الاهلية وتعود باكلاف مضاعفة من اعادة اعمار البلد، والعامل الثالث هو انتفاضة الاستقلال التي كانت الابهى والاهم، وشارك بها المجتمع اللبناني وبشكل ناضج من دون كيدية وعدوانية، والذي تخللته بعض ردات الفعل العنصرية الستنكرة..

-تقصد ردات فعل عنصرية ضد العمال السوريين في لبنان؟

•ضد السوريين، ولا اريد تضخيمها ولا التقليل من شأنها وانا استنكرها بحدوها.

ولكن برأيي انه ظهر تجربة للمجتمع اللبناني باستعادة الاستقلال بسبب سؤ سياسة النظام الامني السوري، وهو ما تحقق من دون اضرار هائلة، واعتقد ان هنا مسؤوليتنا في اعادة بناء علاقات سليمة من موقعنا كدولة عربية ديموقراطية مع الشعب والدولة السوريين، وبرزت هنا قدرة المجتمع على التواصل مع حركة المعارضة.

ومن هذا المنطلق اعتقد ان التجربة اللبنانية مهمة ولكنها ليست لا للتقليد ولا للتصدير، وانا امل ومع حفظ كل ميزة من ميزات المجتمعات العربية، ان تتمكن هذه المجتمعات من الحضور في اختيار السلطة والدولة إلى الموضوع الحضور الثقافي والمدني إلى موضوع المعتقدات والتنوع، ومن موقعنا كيسار ديموقراطي نعتبر ان هذه المسألة هامة جدا، ونبني عليها لتحويل الميزات التفاضلية للمجتمعات إلى ميزات ايجابية.

واتوقف هنا حول مسألة التنوع الذي يمكن ان يكون تنافريا او ان يؤدي إلى مشروع مواطنية جديدة.

-شارك الشباب بفئات عمرية متقاربة في في مظاهرات واعتصامات المعارضة كما في مظاهرات واعتصامات القوى الاخرى من موالاة وحزب الله...

•شباب وشابات

-نعم، كل المشاريع الموضوعة أمام هذه الشباب هي مشاريع سياسية خارجة من الحرب او التلاوين الطائفية، وانتم ربما الاستثناء الوحيد الذي يثبت القاعدة، فهل سيتم اعادة استقطاب الشباب إلى مشاريع طائفية في لبنان

•باعتقادي ان تجربة الحرب الاهلية التي ربما لم يتعامل معها العديد من التيارات السياسية بمراجعات نقدية ويستخلص منها ما تستحق من دروس، ونحن قمنا بمراجعة الا اننا نرى انها غير كافية، واعتقد انه كان هناك مراجعات غير معلنة، داخل الاجيال وداخل مكونات المجتمع اللبناني، وعبرت عن نفسها في انتفاضة الاستقلال بهذه السلمية غير المشهودة في حياتنا، وبهذه الموافقة والقبول بالاخر، الذين لم نعرفهما سابقا، وقد كبر المجتمع اللبناني أكثر من مكوناته.

-اكبر من التيارات السياسية ومن طوائفه؟

•طبعا، ومهما قدرنا عدد المشاركين في المظاهرات، مليون شخص او غير ذلك، اصبحت المكونات السياسية تشكل فيه الاقلية، واظهر هذا الحشد ان حالة التعلم غير المعلن داخله كبيرة، والدليل اتى بالممارسة والسلوك.

وتم خلال هذه الفترة التخلي بسهولة مطلقة عن كل ميزات الانقسام، وهي تخص الأحزاب وليس المجتمع، مثل الشعارات وغيرها، واصبح الميل جارفا نحو القواسم المشتركة، وسهل هذا عملنا إلى حد كبير، ونحن كيسار ديموقراطي لسنا الطرف الاقوى في داخل التجمعات الحزبية او المجتمعية التي في داخلها حساسية وتكوين طائفيين، وجدنا سهولة كبيرة في التعاون مع هذه الظاهرة، ليس لكفاءة لدينا في التعامل، بل برأيي لان الاستعداد كان قويا لدى الناس للاندماج والتواصل والغاء العلامات الفارقة، وهذا لا يجعلني اقول برومانسية عالية بزوال الظاهرة الطائفية، ولكن اقول بان هناك رسائل مادية وقوية تفيد بان لدى المجتمع استعدادا للقيام بتجاوز للحدود التي كانت تقدم صورته عبر تكويناته السياسية، وبحال توفرت مشاريع جدية فان المجتمع يمكنه الذهاب بعيدا، وهنا المسؤولية على التيارات السياسية الحداثوية والتغيريية لتلبية هذه الدينامية في المجتمع.

-الم تكن النقطة المشتركة فقط على الانسحاب السوري؟

•لاتابع فقط حول مظاهرة رياض الصلح، وكان فيها أيضا دينامية اجتماعية، وهي نزلت تحت عنوان لا لتهديد السلم الاهلي ولا للتدخل الاجنبي وتحت عنوان النشيد الوطني، والعلم اللبناني واحترام الملكية العامة، وهذه الظاهرات غير عادية، وبغض النظر انها بخدمة اغراض سياسية مختلفة، فنحن لا نسعى إلى الغاء الاختلاف السياسي، وما اريد قوله ان هناك تشوق لدى المجتمع اللبناني للتعبير عن نفسه بشكل ديموقراطي تميز إلى حد الانفجار في الحضور على الارض، وكان سابقا محجوزا، ومستباح من قبل مجموعة من التنظيمات الامنية والمافيات التي زرعت فيه الخوف، واطاحت بعامل الخوف.

وما جمع هؤلا ليس فقط الوجود السوري، فالوجود السوري يرمز إلى نمط كامل من ادارة البلد، وهو انتج سلطة تابعة اضرت بشكل هائل ببنيان الدولة، والحريات العامة والخاصة، ودينامية الديموقراطية للمجتمع، وبمنظومة القيم، وعممت ثقافة الفساد، والغت قوة القانون والقضاء، وكل هذا تم تكثيفه في عنوان الوجود السوري في لبنان.

وان سألتني عن مشاريع لتلبية كل هذه العناوين فأجيب اننا نعمل بهذا الاتجاه. وهذا نعمل عليه حاليا، مشروع يلبي طموحات الشباب.

•انت تتحدث عن المشروع السياسي لشباب خارج طوائفهم وخارج تنظيماتهم الحزبية او داخلها للاصلاح في لبنان، وهو يفترض انه مشروع غير معلن إلى اليوم؟

-المشروع تحت الكتابة اليوم، ونحن اليوم نعمل على معالجة المسألة الطائفية، واعتقد انه خلال 80 سنة كانت معالجة المسألة الطائفية من قبل القوى العلمانية غير موفقة، واليوم نحن بحاجة لفهم اعلى للنظام الطائفي لنضع خطة لتفكيكه ووضع خطة لتجاوزه، حتى لا نقع في نقاش ايديولوجي لا يؤدي إلى نتائج.

وهناك جزء اخر من الموضوع هو عقد جديد بين المواطن والدولة، وليس بالضرورة حصرا بالملف الطائفي، وعلى ضؤ نظام جديد، وليحصل المواطن على حقوق مكتسبة خاصة به، وهي جزء من معالجة المسألة الطائفية بشكل غير مباشر، اذ حين يمتلك المواطن حقوقا بالمدرسة الرسمية الجيدة والصحة والطبابة، ونحن فاتورتهما حاليا، وحقنا بالعمل من دون تدخل، فان زعماء الطوائف وزعماء العائلات السياسية سيفقدون "باب رزقهم" اعمالهم وحينها يتقدم جديا مشروع تجاوز الدولة الطائفية، ونصل إلى الدولة اللاطائفية. وانا أكثر تفاؤلا مع رؤية المشهد عند الناس وتقبلهم لهذا النوع من المشاريع، ولكنهم بحاجة إلى مشاريع واليسار الديموقراطي بمفرده لا يكفي، وفي لبنان طاقة علمانية هائلة الاتساع ليس لديها مشروع ولا دينامية، وهنا مسؤولية القوى العلمانية الاصولية التي مارست سابقا وجعلت من قدرة التحريك لهذه القوى محدودة، وفاعليتها قليلة، لان خطتها كانت على المستوى الايديولوجي، وهنا الكلام موجه إلى كل القوى العلمانية، التي ليست بالضرورة يسارية فقط.