نبيل شرف الدين من القاهرة: أعلن الرئيس حسني مبارك انه لم يقرر ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة القادمة حتى الآن، قائلاً إنه سيتخذ قراره وفق تقدير الموقف كله بعد انتهاء المناقشات الخاصة بتعديل المادة 76 من الدستور وإقرار القانون ودخوله حيز التنفيذ، ونفى مبارك وجود أية ضغوط خارجية أو تدخلات من أجل إجراء إصلاحات سياسية، كما نفى مبارك تلقيه مطالبات أميركية مباشرة أو تلميحا بضرورة إجراء هذه الإصلاحات، مؤكدا أن تعديل المادة 76 من الدستور هو بداية إجراءات الإصلاح، وسوف تعقبها إصلاحات أخرى كثيرة .
وحول مسألة السلطات الواسعة لرئيس الجمهورية قال مبارك إن الرئيس ليست لديه السلطات التي يفهمها البعض خطأ، فعندما أختار رئيسا للحكومة أعطيه كل السلطات، ويصدر بهذا قرار جمهوري فور توليه رئاسة الوزراء، وهذا جرى عليه العرف منذ زمن، كما أن البرلمان يمتلك سلطات وصلاحيات واسعة وهو الذي يشرع"، على حد تعبيره .
وجدد مبارك رفضه إنشاء أحزاب على أسس دينية، قائلاً إن القانون لا يسمح بذلك، غير أنه لم يمانع في انضمام من ينتمي لهذه التيارات للأحزاب السياسية القائمة، نافياً وجود أي حظر على المشاركة السياسية لأي من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وأضاف أن المسلم والمسيحي واليهودي في مصر، هم مواطنون مصريون قبل أي اعتبار .
وبالنسبة لقانون الطوارئ قال مبارك ان العالم كله يلجأ فى هذا الوقت إلى وضع قانون طوارئ وذلك بسبب الإرهاب، ونحن لا يوجد عندنا قانون مكافحة إرهاب، مشيرا الى أن قانون الطوارئ لا يتم تنفيذه الا بالنسبة للإرهاب والمخدرات .
وتطرق مبارك إلى قضية الإصلاح في مصر، مؤكدا أنها بدأت في فترة حكم السادات وليس منذ عامين فقط، وقال إن التعددية الحزبية وحرية الصحافة كانتا موجودتين، وأبدى مبارك استعداده للاعتذار عن الخطأ وتصحيحه إذا كان مسئولا عن ذلك، وعبر عن ذلك قائلاً "الاعتذار عن الخطأ لأي شخص ليس عيبا، واذا أخطأت أتحمل المسؤولية، ويجب أن يتم تصحيح هذا الخطأ .
وأعرب الرئيس مبارك عن أمله في أن يكون هناك حزب لديه الاغلبية في مصر أيا كان هذا الحزب قائلا ان مصر بتعدادها البالغ 72 مليون نسمة لا تستطيع تحمل حكومة ائتلافية لانها لن تبقى أكثر من سنة، وبعد ذلك تتشاجر الأحزاب المؤتلفة مع بعضها البعض، لذا لابد ان يكون هناك حزب أغلبية لكي تسير البلاد، وأضاف "أنا اقولها للتاريخ فانا لن أعيش للابد.
وقال الرئيس مبارك في الجزء الثالث والأخير من حواره التليفزيوني إنه اعتاد في كل القرارات الكبرى الدراسة المتأنية، لافتا إلى أنه لايريد التعجل في اتخاذ القرار ولابد من دراسته من جميع جوانبه، قائلا إن قرار الترشيح او عدمه لم يتخذ حتى الان وفي حال اتخاذه قرارا بالترشيح للرئاسة فلابد وان يقدم للشعب كشف حساب عما تم انجازه منذ عام 1981 وحتى الآن.
وعما إذا كان يزعجه حصوله على نسبة تصل الى 60 او 65 بالمائة في الانتخابات القادمة في حال اتخاذ قرار الترشيح، قال مبارك إن ذلك لا يضايقه مطلقا الحصول على نسبة 60 أو 65، مؤكدا ان ما يحدث تجربة جديدة يسعد بمن يشارك فيها، وان الشعب سيقول كلمته ورأيه ولابد من تحريك الرأي العام ليختارمن يراه الانسب لرئاسته، كما طالب مبارك أحزاب المعارضة بضرورة بناء نفسها وان تنتعش وتبني كوادرها، حتى تستطيع ممارسة دورها وان تتقدم بمرشحيها للمناصب الرئيسية .
وفي الشأن الاقتصادي قال مبارك إن هناك علامات كثيرة تبشر بانطلاقة اقتصادية في الفترة المقبلة مشيرا إلى أنه عندما تولى المهمة لم يكن هناك احتياطي نقدي، والآن وصل الاحتياطي إلى 18 مليار دولار .
واستعرض الرئيس مبارك ما جرى مع الرئيس الراحل السادات لزيارة إسرائيل وبدء مفاوضات السلام ..حيث أكد أن الرئيس أنور السادات كان حريصا على حل قضية الشرق الأوسط بالكامل، وعرض فكرة انسحاب إسرائيل من كل الأراضي المحتلة ..وقدم ورقة أثناء مفاوضات كامب ديفيد لحل القضية الفلسطينية بالكامل، وتطرق الحوار إلى حادث المنصة وما سبقه من اعتقالات سبتمبر وقرار الرئيس مبارك عند توليه المسئولية بالإفراج عن جميع المعتقلين ودعوتهم للقائه في القصر الجمهوري والاعتذار لهم حيث طلب منهم التعاون من أجل مصلحة الوطن
وأكد مبارك اطمئنانه التام لكفاءة الجيش المصري، مؤكدا أن علاقة مصر بجيرانها ممتازة، أما حول اتفاقية المياه مع دول حوض النيل فقد قال مبارك "إذا حدثت مشكلة لابد أن نتفاهم ونتناقش لحلها، ولا يجب أن نلجأ إلى برلمان حوض النيل لاحتواء كل تلك المشاكل والعمل على حلها" .
وفيما يلي نص الجزء الأخير من الحوار:
مبادرة السلام
* عماد أديب: سيادة الرئيس المرحلة التي نتحدث عنها الآن هي مرحلة زيارة الرئيس السادات إلى القدس.. وأنت منذ عام 1975 نائبا لرئيس الجمهورية وأوكل اليك العديد من المهام السياسية الداخلية والخارجية، والحدث المهم الذي مر بعد هذه المهمة هو زيارة الرئيس الراحل أنور السادات الي القدس .. هل أبلغت كنائب للرئيس بزيارة السادات للقدس?
**الرئيس مبارك: طبعا أبلغت وعندما بدأ التفكير في هذا الموضوع كنت في رحلتي بين الجزائر والمغرب لمحاولة انهاء الخلاف بينهما وبعدها كلمني الرئيس السادات وطلب أن أنهي المهمة وأرجع فورا, فقد كان الرئيس السادات يفكر في هذا الأمر منذ فترة فهو بطبيعته متقدم في تفكيره أكثر من ناس كثير جدا، وعندما عدت من الجزائر قال لي السادات.. أنا الآن أفكر فيما قلته في مارس ان اذهب ولو الي آخر الدنيا فآثار عملية الحرب سوف تنتهي وأنا أريد ان أحرك العملية وإلا كأننا لم نفعل شيئا ويكون الأمر اننا وقفنا عند عشرة أو 15 كيلو من القتال وبعد ذلك وقفنا, أنا هاأعمل مبادرة جريئة، وكان قبل ذلك قد ذهب إلى رومانيا وإيران والسعودية ثم عاد الي مصر. وربما يكون السادات قد بحث هذا الموضوع مع الرومانيين أو تحدث فيه مع شاه ايران وبعد أن كشف لي مايفكر فيه سافر الي السعوديين.. وقد يكون تحدث معهم لكن بدون تفاصيل وربما لم يكن السعوديين يعلمون بالمبادرة كما انه قبل أن أسافر كان الرئيس السادات قال في خطاب له أمام مجلس الشعب انه مستعد أن يذهب اليهم في إسرائيل, وكان ياسر عرفات - رحمه الله - موجودا وكلهم صفقوا.
* عماد أديب: لحظة ادلائه بهذا التصريح هل كنت تعلم عندما قال أنا مستعد للذهاب?
**الرئيس مبارك: كان يفكر.
* عماد أديب: لكنه كان يتشاور معك.. قال لك انه كان يفكر.
**الرئيس مبارك: هو كان يفكر في الموضوع منذ شهر مارس وحتى الذين قال لهم الموضوع أثناء الاجتماع الذي عقد في القناطر فوجئوا بالقرار وبعض الموجودين "أنا لاأريد أن أذكر أسماء"، قالوا ان هذا ليس معقولا فقلت لهم ماذا سيحدث فإذا كانت هذه ستوصلنا لحل مشاكلنا ومشاكل عملية السلام مفيش مشكلة، وكما قلت لك ان السادات كان يفكر في الموضوع منذ مارس 1977 إلى ان قال في خطابه بمجلس الشعب في شهر نوفمبر وبعد ذلك سافرت في مهمة إلى المغرب والجزائر وكانت الفكرة تبلورت في ذهنه وقال لي السادات أنا سأذهب إلى إسرائيل وكان ذلك يوم الثلاثاء فاقترحت عليه انه من الضروري ان يسافر لسوريا فقال: والله يا حسني سأذهب لسوريا لكي لايكون هناك أي عذر ..وفي تلك الفترة استقال اسماعيل فهمي - رحمه الله - الذي لم يفضل الاستمرار.
وسافر السادات يوم الأربعاء الي سورية وعاد في نهاية اليوم بعد ان حدثت مشادة كبيرة بينه وبين السوريين لأنهم كانوا معترضين على الزيارة, ولكن المهم انه عاد وبدأ يجهز يومي الخميس والجمعة لكي يسافر يوم السبت والمعروف ان يوم السبت عند الإسرائيليين اجازة - تبدأ من الجمعة ليلا حتى السبت ليلا - فقلت للسادات تستطيع ان تصل هناك بعد آخر ضوء يوم السبت, فقال لي فكرة جيدة وأرسل لهم في إسرائيل وجهزنا الطائرة وكنا في هذا الوقت في الاسماعيلية وجهز الخطاب وتحركت طائرته يوم السبت حوالي الساعة السابعة تقريبا.
*عماد أديب: كنت قلقا على السادات يا سيادة الرئيس.
** الرئيس مبارك: وهو ذاهب لإسرائيل.
* عماد أديب: نعم.
** الرئيس مبارك: لا.
* عماد أديب: لماذا?
** الرئيس مبارك: لأنه ذهب الي هناك ليبحث عن السلام وهم يريدون السلام، السادات سافر الساعة السابعة مساء وأنا أخذت الطائرة الهليكوبتر وعدت الي القاهرة وعلمت ان السادات وصل إسرائيل ..وتأكدت من خلال ماعرضه التليفزيون وراح السادات وخطب في الكنيست وتحدث معهم.
*عماد أديب: كان خطابا رائعا في الحقيقة, سيادة الرئيس دعني أسألك لماذا الذين يقاتلون ويعرفون معني الحرب ومعني الحياة والموت والاستشهاد والدمار والاصابات ومعني ان تفقد الأسرة عائلها ويعرفون ثمن الحرب في المقابل مبدأ التفاوض عندهم ليس عيبا أو عورة أو عارا.
** الرئيس مبارك: ليس عيبا.. لماذا نتفاوض?.. بالطبع لكي نتجنب المزيد من الدماء لأولادنا وغيرنا.. عندما يموت العائل فالأولاد يصبحون يتامي والنساء أرامل, وطالما نستطيع حل الموضوع بالتفاوض فهذا أفضل من ان ندخل في القتال ونموت أنفسنا.. اضافة الي أن مصاريف القتال كبيرة.
* عماد أديب: فالعبرة بالانجاز فإذا كنت تريد ان تأخذ عشرة أمتار وتستعيدهم كاملين وكان ذلك متاحا لك بالتفاوض فلماذا تقاتل?
** الرئيس مبارك: هذا كلام مضبوط.. عملية استرجاع سيناء كيف جاءت?، بالحرب.. طبعا ولكن لايفهمها أحد.. تحريك أو تمثيلية كما يقولون, ثم بالتفاوض بعد فصل القوات ثم بالتحكيم.
* عماد أديب: في طابا.
** الرئيس مبارك: جميع المراحل استخدمناها.
* عماد أديب: وهذه هي أعلى مراحل العمل الكامل في الحرب والسلام.
** الرئيس مبارك: هذا مضبوط.. وكانت كلها مراحل صعبة وتحتاج قلبا من حديد وانت داخل في المفاوضات, وأنا حضرت أكثر من مفاوضات وكان أصعب مايمكن عندما ذهبوا ليوقعوا اتفاقية السلام في كامب ديفيد, فقد واجهتهم مشاكل صعبة جدا وكان السادات يتعصب ويرفض لكنه في النهاية يصل الي ما يريد.
* عماد أديب: هل كان حرص الرئيس السادات فقط على الأراضي المصرية أم كانت معظم مشاكله فيما هو غير الأراضي المصرية?
**الرئيس مبارك: السادات كان حريصا على القضية بالكامل والانسحاب من كل الأراضي المحتلة, لذلك فهو في كامب ديفيد قدم ورقتين, الورقة الأولي كانت عن حل القضية الفلسطينية بجميع مشاكلها, ولو كانت هذه الورقة طبقت في وقتها أو استخدمت لما كان الوضع وصل الي ما هو عليه اليوم.
* عماد أديب: كانت أفضل من أفضل اتفاق موجود حاليا?
**الرئيس مبارك: مش ممكن.. فالورقة كانت تتضمن مباديء مثل ورقة مباديء حل المشكلة المصرية الإسرائيلية بكل جوانبها, فكانت مباديء اتفاق كامب ديفيد للقضية الفلسطينية تتضمن ان عدد المستوطنات 17 أو 18 مستوطنة وكانت تتضمن ان يعيد الإسرائيليون الأرض كلها وينسحبوا من الضفة وغزة.. مباديء كثيرة لايمكن ان تحدث الآن? أيام رابين قال لي لو كانوا أخذوا كامب ديفيد زمان لكانت كل المستوطنات لا تزيد على 17 أو 18 مستوطنة. كل مستوطنة حوالي خمسين فردا الآن أصبحوا 200 مستوطنة, فهناك صعوبة, يعني ورقة كامب ديفيد كانت ورقة مهمة جدا.
* عماد أديب: سيادة الرئيس لو كان المفاوض المصري يريد فقط الأراضي المصرية لكانت مشاكله أقل?
** الرئيس مبارك: كانت مشاكله أقل وستنتهي بسرعة جدا, فالإسرائيليون كانوا هيقولوا اعطوا المصريين أراضيهم, والمصريون ليس لهم علاقة لا بالأراضي الفلسطينية ولا بالجولان ولا بالأراضي التي كانت في الاردن ولا أي شيء, وطبعا هذا الأمر سيكون أسهل بكثير.
* عماد أديب: نأتي سيدي الرئيس الي جانب مهم جدا وبالغ الأهمية في مشوار تحرير الأراضي وهو الوضع الداخلي المتفجر الذي أدي الي حادث المنصة في السادس من أكتوبر 1981
في يناير 1981 بدأت احداث الفتنة الطائفية وبدأت المعارضة بكامل أشكالها سواء السياسية أو الدينية تزداد وتيرتها, ثم حدث في مارس 1981 رفع أسعار بعض السلع وصلت الأحداث حالة الذروة في أغسطس 1981 وكادت تتجه نحو الانفجار.
حادث المنصة
* عماد أديب:بصفتك الرجل الأول بعد الرئيس السادات وكشاهد عيان على هذاالحدث كيف تفاقمت الأمور حتى وصلنا الي حادث المنصة?
** الرئيس مبارك: كانت هناك ظروف كثيرة جدا.. أولا: موقفنا سيء مع كل الدول العربية وهناك مقاطعة جماعية لمصر وعلاقتنا بأوروبا - ماعدا البعض منها فقط - لم تكن جيدة ولم يكن أحد متعاطف معنا.. والظروف الاقتصادية كانت سيئة بعد الحرب خاصة اننا حاربنا كثيرا وأنفقنا اموالا ضخمة جدا وأيضا كان هناك تراخ في التعامل مع العمليات التي كانت تجري تحت الأرض.. هذا كله أدي في النهاية الي ان الرئيس السادات اعتقل عددا كبيرا جدا وأدي في النهاية الي حادث المنصة.
* عماد أديب: سيدي الرئيس.. هناك جانبان.. هناك معارضة سياسية وهناك جماعات دينية نزعت الي التطرف والعمل الإرهابي, هل الخلط أو الجمع بين الاثنين ..بمعني
ان وضع الاثنين في سلة واحدة كان قرارا صائبا?
** الرئيس مبارك: لا.. لم يكن قرارا صائبا بالدرجة الكافية.
* عماد أديب: عندما سألت الدكتور أسامة الباز سؤالا مباشرا وهو هل كان النائب محمد حسني مبارك مع عملية الاعتقالات بالشكل الذي تمت به في سبتمبر 1981 , فقال لا.. وكانت له وجهة نظر مختلفة وقال لن يقول لك انه كان يختلف لأنه لايجب ان يظهر وكأنه ضد مرحلة الرئيس السادات?
** الرئيس مبارك: كلامه مضبوط.
* عماد أديب: فسيادتك برؤيتك وبصيرتك كنت تري ان هذا يدفع الأمور نحو وضع خطر?
** الرئيس مبارك: صحيح وأحيانا كنت أقول للسادات ابحث هذا الموضوع لكن من كانوا يحدثونه كانوا متأكدين ولديهم خبرة أكثر مني ويعلمون أكثر, منهم وزير الداخلية وغيره والمخابرات.
* عماد أديب: سيادة الرئيس اعرف انك كنت قلقا على الرئيس السادات لدرجة انك كنت تطلب منه وخاصة في رحلته الي المنصورة عندما ركب القطار أن يرتدي السترة الواقية, هل كنت تستشعر أن حياته أصبحت بالفعل على حافة الخطر?
** الرئيس مبارك: أنا كنت أسمع كلاما كثيرا عن هذا الموضوع وكان من رأيي ألا يذهب الي المنصورة في قطار ويعرض نفسه للخطر, حتى انه وصلنا كلام بأنه لاداع لاحتفال السادس من أكتوبر وأبلغته ذلك ولكنه قال لا لا مفيش حاجة، المهم أنني حضرت معه في سيارة مكشوفة الي ان وصلنا للمنصة, وأنا طبعا لا أخاف لأننا دخلنا حروبا كثيرة وخضنا معارك والمبدأ الذي أسير عليه في حياتي ان الأعمار بيد الله.. وبدأ العرض العسكري ثم وقع حادث المنصة وأنا كان عندي احساس ان هناك شيئا سيحدث. * عماد أديب: كيف?
** الرئيس مبارك: وقتها كانت هناك مشكلة في السودان وطلب مني السادات ان أذهب الي السودان فأجبته بأن يكون ذلك بعد السادس من أكتوبر.
* عماد أديب: يعني كنت متخوفا من ذلك اليوم?
**الرئيس مبارك: متخوف من أن يتعرض الرئيس السادات لشيء ولكن من أين? لا أعلم.، خصوصا أن وزير الداخلية أبلغني مرة أن أفرادا يتدربون في الصحراء على عملية اغتيالات وقتل? وقال وزير الداخلية ذلك للرئيس السادات ولكن السادات لم يهتم بشيء.
* عماد أديب: لم يكن يتخيل ان هذا سيكون في يوم السادس من أكتوبر أثناء العرض العسكري.
** الرئيس مبارك: الواحد لم يكن يتخيلها?
* عماد أديب: سيادتك قلت في أربع أو خمس كلمات ووقع حادث المنصة, أنا سأتجاوز وأعلم ان هذا ممكن تكون ذكري مؤلمة ان يشاهد الشخص حادثا فتعرض أولا للموت ثم يري شخصا له محبة كبيرة في قلبه مثل الرئيس السادات على بعد سنتيمترات منه.
** الرئيس مبارك: مفيش سنتيمترات?
* عماد أديب: السادات كان يجلس في الوسط وسيادتك على يمينه والمشير أبو غزالة على يساره. ماذا حدث بالضبط?
** الرئيس مبارك: كان العرض الجوي قد بدأ والطائرات تحلق في أعلى وبعد ذلك فوجئنا بإحدي السيارات تتوقف مع اطلاق رصاص وكانت الطائرات فوق والضرب تحت.
* عماد أديب: سيارة?
**الرئيس مبارك: سيارة من سيارات القوات المسلحة نزل منها شخص يمسك ببندقية ويطلق منها الرصاص.
* عماد أديب: ما فهمته ان الرصاصة الأولي التي أطلقت كانت من فوق السيارة نفسها?
** الرئيس مبارك: من السيارة?.
* عماد أديب: هذه الرصاصة التي كانت...
** الرئيس مبارك: أصابت السادات مباشرة.
* عماد أديب: أعلى عظمة الترقوه.. ثم رميت قنابل دخان?
** الرئيس مبارك: أنا ألاحظ هذه الأشياء.
* عماد أديب: ماذا حدث?
** الرئيس مبارك: كان هناك ساتر في المنصة.
* عماد أديب: ارتفاعه حوالي متر ونصف.
** الرئيس مبارك: كلنا احتمينا خلفه.
* عماد أديب: حركة لا شعورية?
** الرئيس مبارك: حتى انهم اقتربوا جدا بجوار المنصة وكانوا بيضربوا.
* عماد أديب: كان هذا عندما جاء الاسلامبولي بنفسه ووضع المدفع الرشاش كما يظهر في الصورة الشهيرة فوق رخام الحاجز وبدأ يطلق النيران. . هل رأيت هذا المشهد?
** الرئيس مبارك: لا. لم أره.
* عماد أديب: هل في هذه اللحظة رمي أحد الأشخاص بنفسه عليكم وحدث أي اجراء وقائي?
** الرئيس مبارك: لاأأستطيع ان أقول لك أنني رأيت شيئا. كله كان مهتما بنفسه واختبأ خلف الساتر.
* عماد أديب: بعد توقف اطلاق النار بدقيقة أو دقيقتين أين كان جسد الرئيس السادات?
** الرئيس مبارك: كان على الكرسي.
* عماد أديب: بجوارك مباشرة?
** الرئيس مبارك: نعم وبعد ذلك حملوه.
* عماد أديب: في هذه اللحظة هل رأيته?
** الرئيس مبارك: كان في حالة اغماء.. أنا لمحته لأنه بعد ذلك تم حمله بسرعة.
* عماد أديب: كان مايزال حيا?
** الرئيس مبارك: كان مازال هناك نفس وحملوه في هليوكوبتر.
* عماد أديب: في هذه اللحظة سيادتك الرجل الأول بعد الرئيس السادات ونائب الرئيس وموجود معه في العرض العسكري, ورئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة تعرض لمحاولة اغتيال وشكلها ان حالته خطيرة? ما هي الاجراءات التي بدأت تفكر فيها أو تتخذها?
** الرئيس مبارك: أنا أولا ركبت سيارة لا أعرف ان كانت سيارة المخابرات العامة أم لا. وذهبنا الي المستشفى في المعادي.
* عماد أديب: ذهبت للمستشفى, ألم تجر أي اتصالات أثناء انتقالك من المنصة الي المستشفى?
** الرئيس مبارك: لم تكن في المنصة أية اتصالات نهائيا.. وعندما دخلت المستشفى ابلغني الأطباء بأنه لا فائدة حتى ان السيدة جيهان كانت هناك ونظرت اليها فقالت
لا فائدة. الحقوا شوفوه.
* عماد أديب: دخلت عليه الغرفة?
** الرئيس مبارك: نعم ..دخلت عليه.
* عماد أديب: هل كان الجسد كله رصاص?
** الرئيس مبارك: لم أر جسده لأنه كان مغطي.. وقالت السيدة جيهان الحقوا البلد لا أحد يعلم ماذا سيحدث.. فذهبت الي مجلس الوزراء.
* عماد أديب: قالت الحقوا شوفوا البلد?
** الرئيس مبارك: نعم قالت الحقوا شوفوا شغلكم, نحن لا نعلم ماذا سيجري.
الطريق للرئاسة
* عماد أديب: قبل ان تذهب الي مجلس الوزراء ماذا كان يدور في تفكيرك وانت في الطريق وانت خارج من مستشفى القوات المسلحة الي مجلس الوزراء. الاسئلة المنطقية.. هل هذه محاولة انقلاب? هل هذا حادث فردي?.. هل...
** الرئيس مبارك: كل هذا جاء في تفكيري لكنني كنت استبعد محاولة الانقلاب لكن هل هو حادث فردي?.. هل هناك مجموعة تعمل في هذا?.. من الشواهد والقصص التي كنا نسمعها والتي قلتها مرة للرئيس السادات .. واضح ان هناك عملية مدبرة وأنا قلت له لكن السادات كان يقول لا. بلاش كلام فارغ. وكان لا يحب ان يتراجع, فطلبت منه تأجيل العرض العسكري خاصة وان هذا لايمثل مشكلة لأنه في أحيان كثيرة.. كان عبدالناصر عندما أيمت المنصة وكان البعض يقول ان هناك تدبيرا لنسفها كان عبدالناصر يلغي العرض العسكري, ومن وقتها والمنصة موجودة وأول من استخدمها كان الرئيس السادات واغتيل في قلبها.
* عماد أديب: سيادة الرئيس.. ذهبت الي مجلس الوزراء ماذا كانت الصورة هناك?
** الرئيس مبارك: كان هناك الدكتور فؤاد محي الدين واتذكر انه ذهب معي الي المستشفى أو وجدته في المستشفى.. لاأتذكر بالضبط. وكانت الأوضاع غير مستقرة وانتظرنا الي ان وصلنا الخبر الأخير والنهائي بأن الرئيس السادات قد استشهد.
* عماد أديب: عندما أبلغوا سيادتك بأن الرئيس استشهد. في هذه اللحظة رغم انك كنت مهيأ نفسيا لها, إلا أننا اذا انتقلنا الي الإنسان محمد حسني مبارك الذي كانت تربطه علاقة قوية بالسادات.. ما هو شعوره وقتها?
** الرئيس مبارك: شعوري انني كنت حزينا جدا فلم أكن أحب ان أري هذا المنظر.
* عماد أديب: لأنه لم يكن يستحق هذا?
** الرئيس مبارك: السادات حارب وأعاد الأرض وعمل مبادرة السلام وعمل كل شيء ممكن, ولم يكن يستحق هذه العملية اطلاقا.
* عماد أديب: ماذا حدث بعد ذلك?
** الرئيس مبارك: بعد ذلك جاءني الدكتور فؤاد محيي الدين وقال لي: ياأفندم الموقف في البلد خطير وعايزين نلحقه, الناس ابلغوني ان هناك من أعطي للجنود حاجات مخدرة فلابد وأن نحسم الموضوع، فسألت فؤاد محيي الدين : وانت مارأيك ?.. فأجاب بأنه لابد ان يجتمع المكتب السياسي ويرشحك لأن البرلماني ينتظر هذا الترشيح. فقلت له انتظر ولم يسألني. وذهب ودعا المكتب السياسي بالكامل ثم دعاني للدخول فدخلت ووجدتهم جميعا يجلسون ووجدت نفسي في وضع لاأستطيع ان اترك البلد تضيع, فقبلت ان أرشح نفسي للرئاسة وذهبت لمجلس الشعب ورشحني ودخلنا في الاستفتاء. لكنها كانت فترة صعبة وعصيبة.
* عماد أديب: سيادة الرئيس قبل ان نصل الي ما حدث في المستشفى.. حادث المنصة سيادتك خرجت منه بإصابة, رأيناك وانت تلقي البيان الخاص بإعلان وفاة الرئيس محمد أنور السادات - رحمه الله - ويدك مربوطة? ماذا حدث بالضبط, وماذا كانت اصابتك?
** الرئيس مبارك: هي لم تكن اصابة وانما مجرد زجاجة أو شيء خرج من الأشياء الموجودة ودخلت في يدي فربطتها.
* عماد أديب: لم تكن رصاصة?
**الرئيس مبارك: لم تكن رصاصة وربما تكون شظية صغيرة لا تزيد عن مللي.
* عماد أديب: كانت في يدك اليسري?
** الرئيس مبارك: لاأتذكر في أي يد.
* عماد أديب: لكن لم يكن فيها ألم?
** الرئيس مبارك: لم يكن فيها شيء ولم أعرفها الا بعد ذلك. ورأها الدكتور ونصحني أن اربطها.
* عماد أديب: السيدة سوزان حرم سيادتك ونجلاك علاء وجمال وقتها كانوا موجودين في المنصة?
** الرئيس مبارك: زوجتي وقتها كانت موجودة في الخلف مع السيدة جيهان وجمال كان في الصف الخلفي مباشرة وعلاء كان في المنزل يشاهد العرض على شاشة التليفزيون.
* عماد أديب: بالطبع الثلاثة كانوا في حالة قلق شديد. لأن العائلة لم تكن مجتمعة وقت الحادث.
** الرئيس مبارك: لا.. لا..
* عماد أديب: سيادتك ذهبت للمستشفى والسيدة سوزان موجودة مع السيدة جيهان ورأت الحادث?
**الرئيس مبارك: وجمال أيضا رأي الحادث.
* عماد أديب: وسيادتك بعد انتهاء اطلاق الرصاص مباشرة ألم تنظر إليه?
**الرئيس مبارك: نظرت وبعد ذلك أخذوني في السيارة الي المستشفى.
* عماد أديب: وهو ذاهب للمنزل. ألم يأخذه أحد?
**الرئيس مبارك: لاأتذكر بالضبط. اعتقد انه ذهب للمنزل.
* عماد أديب: كم كان عمره في ذلك الوقت?
** الرئيس مبارك: كان في الجامعة الأمريكية.
* عماد أديب: كان لايزال طالبا وبالطبع كانت تجربة مؤلمة بالنسبة له?
** الرئيس مبارك: بالطبع.
* عماد أديب: ومؤلمة أيضا على السيدة سوزان?
** الرئيس مبارك: بالطبع وكذلك علاء الموجود في المنزل حدث له نوع من عدم التركيز وفقدان الوعي, فهو لم يكن موجودا في مكان الحادث ولا يعلم ماذا حدث.
* عماد أديب: الحادث من الناحية الإنسانية مؤلم على الجميع.
** الرئيس مبارك: مؤلم على الجميع بلا جدال.
* عماد أديب: هل تمكنت من الاتصال بالسيدة سوزان لتطمئنها عليك?
** الرئيس مبارك: لا. هي كانت تتصل وكان البعض يطمئنها ويبلغها ولكنني أنا لم أتصل بأحد فالظروف لم تكن تسمح بأن اتصل بها فالظروف كانت صعبة.
* عماد أديب: وفكرة الموبايل ألم تكن موجودة?
** الرئيس مبارك: لم يكن الموبايل موجودا وقتها?
* عماد أديب: سيادة الرئيس المكتب السياسي كما تفضلت وقلت انه إجتمع واختارك .. وحتى نستطيع ان نفهم. فإنه في حالة غياب رئيس الجمهورية أو تنحيته أو مرضه أو غيابه لأي سبب من الأسباب. المكتب السياسي عندما اتخذ هذا الاجراء فهل اتخذه باعتباره الحزب الحاكم صاحب الأغلبية فهو الذي يختار?
** الرئيس مبارك: بالضبط يرشح لمجلس الشعب.
* عماد أديب: يرشح?
** الرئيس مبارك: مجلس الشعب يقوم بالتصويت واذا حصل المرشح على أغلبية الثلثين يعرض على الاستفتاء.
* عماد أديب: وهذا هو الوضع القانوني الدستوري السليم?
** الرئيس مبارك: بالضبط. ولكن طالما ان السادات مات فإن رئيس مجلس الشعب يتولى الرئاسة مؤقتا على الا يرشح نفسه ووقتها تولي الدكتور صوفي أبوطالب لمدة اسبوع.
- عماد أديب: سيادتك في هذه اللحظة عندما جاءك الدكتور فؤاد محي الدين وأبلغك بأنك مرشح لتحمل المسئولية بصراحة ماذا كان يدور بداخلك وماهي مشاعرك وأفكارك?
- الرئيس مبارك: بداخلي ان المسئولية التي سأتولاها صعبة جدا وحمل ثقيل جدا, وهذا كان أمامي ولم أكن أنسي ماحدث وأنا رأيت الهم كله وأنا نائب وأعلم بما يحدث في البلد ولكن خوفا من ان يحدث شيء للبلد تحملت المسئولية
* عماد أديب: هل كنت متخوفا من حجم المسئولية?
** الرئيس مبارك: أنا لاأخاف من حجم المسئولية فأية مسئولية اتحملها واستيطع أن أتأقلم معها ولاأفقد الاتجاه أبدا والحمد لله.
* عماد أديب: ولا الثقة والحمد لله?
** الرئيس مبارك: ولا الثقة, فأنا أعلم ان المسئولية صعبة والحمل ثقيل فإذا كنت قادرا على أن اتحمل مسئولية بلد فانتهي الأمر واتحمل المسئولية.
* عماد أديب: بالطبع بعد الحادث بدأت التحقيقات لمعرفة كيف تم حادث اغتيال السادات وأنا هنا لاأريد أن ادخل في التفاصيل إنما سؤالي من قتل السادات? ليس بمعني من أطلق النار ?.. خالد شوقي الاسلامبولي ومجموعته ?.. فليس هذا هو الموضوع, الذي يعنيني من قتل السادات ?.. هل في تفسيرك هو التيار الديني أم تيار داخل القوات المسلحة?
** الرئيس مبارك: من قتله كان متطرفا في القوات المسلحة دخل وخرج في هذا الطابور, واعتقد أن التيار الديني تاريخه معروف وأنا لاأحب أن أكرر الموضوع .
* عماد أديب: لكن تأكدتم من ذلك?
** الرئيس مبارك: التحقيقات والنتائج انتهت الي ذلك.
* عماد أديب: هل فهم من التحقيقات أن هناك أي أصابع خارجية?
** الرئيس مبارك: لاأستطيع ان أقول كلها من الداخل.
* عماد أديب: تفكير سيادتك أن الرئيس السادات تم اغتياله ويمكن شخص آخر في موقفك يقول ان رد الفعل يكون بمزيد من الاجراءات الأمنية والبوليسية ومزيد من الاعتقالات رغم ان المناخ كان مهيأ ويعطيك الشرعية كرئيس ان تتخذ هذه الاجراءات الأكثر استثنائية لحمايةالوضع لأن رئيس البلاد اغتيل وهناك تخوف ان تكون هناك ذيول لهذا الموضوع, لكن سيادتك بعد حلف اليمين بعشرة أيام أول قرار سياسي حقيقي اتخذته هو الافراج عن كل الذين اعتقلوا في سبتمبر.. لماذا كان ذلك هو أول قرار لك ? ولماذا كان القرار عكس ما كان يمكن ان يسير ?.. افراج وليس مزيدا من الاعتقالات?
** الرئيس مبارك: أنا بعد موضوع الاعتقالات تحدثت في احدي المرات مع الرئيس السادات وكان ذلك في الرابع من سبتمبر على ماأتذكر فقلت له انه يوجد بين من تم اعتقالهم من ليست لهم علاقة بشيء, يمكن يكون معارضا, فكان رده انه يفكر في لجنة سوف اترأسها أنا تبحث في كل هذا الموضوع ونفرج عن الناس. فقلت له ان اللجنة لابد وان تكون قانونية لأنني لن أكون رئيسا للجنة وأفرج عن هذا واترك ذلك واستمر البحث في الأمر ولكننا لم ننته لشيء, وعندما توليت الحكم وجدت بالفعل ان كثيرا ممن اعتقلوا ليس لهم ذنب فأفرجت عنهم.
* عماد أديب: خرجوا من المعتقل الي القصر مباشرة والتقوا بسيادتك في هذا المكان?
** الرئيس مبارك: حضروا من المعتقل مباشرة الي القصر الجمهوري في العروبة.
* عماد أديب: كيف كان شكل هذا اللقاء?
** الرئيس مبارك: كان لقاء طيبا وقلت لهم متأسفين على ما حدث.
* عماد أديب: هل قلت لهم متأسفين على ما حدث?
** الرئيس مبارك: قلت لهم متأسفين على ما حدث.. اذا كان بينكم من ظلم, ولكن نحن
نريد ان نتعاون لمصلحة البلد وكلهم كانوا مرحبين بهذا.
حكم مصر
* عماد أديب: سيادتك تري ان رئيس البلاد من الممكن اذا رأي ان هناك مايمكن ان يسبب حرجا لأي مواطن ان يقول له انني اعتذر ويخفف آلام الناس?
** الرئيس مبارك: أنا كرئيس دولة عندما يحدث شيء خطأ وأكون أنا السبب فيه سأقول له أنا متأسف جدا وأنا لم أكن أعلم بالأمر وأحاول ان أساعده. الاعتذار لأي مخلوق متي حدث خطأ ليس عيبا.
* عماد أديب: هذا يدفعني للسؤال الثاني سيادة الرئيس, انه من الممكن ان تكون ملما بأن من يتخذ القرار من الممكن ان يخطيء?
** الرئيس مبارك: من الممكن ان يكون القرار فيه خطأ أو صواب لكن من يتخذ القرار لابد ان يدرس جيدا كل الظروف لكي يكون قراره سليما. القرار لن يعجب كل شخص ولكنه طالما ان القرار له تأثير ايجابي على الاغلبية فيعتبر قرارا صحيحا.
* عماد أديب: ولكن من الممكن ان يخطيء?
** الرئيس مبارك: ممكن يخطيء.
* عماد أديب: سيادتك تقول انه في كل تاريخي وفي كل تجربتي ممكن أكون أخطأت.
** الرئيس مبارك: نعم ممكن أن اخطيء فأنا بشر. وربما تكون المعلومات والايضاحات التي احصل عليها غير واضحة ولكني اضطر إلى ان اتخذ فيها قرارا.
* عماد أديب: وإذا اخطأت?
** الرئيس مبارك:أتحمل المسئولية.
* عماد أديب: وإذا اخطأت واكتشفت ان هذا القرار خاطيء تصححه?
** الرئيس مبارك: ضروري أن أصححه.
* عماد أديب: ولا يوجد عندك أي نوع من الخجل لأن البعض حينما يخطئون خاصة عندما يكونون في السلطة يستمرون لخطأ أكبر حتى لايصححوا أخطاءهم?
** الرئيس مبارك: اذا أخطأت لابد وان اتراجع عن خطأي واعتذر فهذا ليس عيبا. فهو مواطن وأنا أتحمل مسئوليته.
* عماد أديب: سيادة الرئيس حينما أقسمت اليمين كرئيس للبلاد اقسم بالله العظيم ان أحافظ على الوطن.. الي آخر القسم المعروف . البعض يعتبر أن هذا القسم مجرد ترديد لبعض الكلمات .. بالنسبة لك ما معني هذا القسم?
** الرئيس مبارك: هذا القسم مباديء لابد وأن احترمها وان أعمل على صيانة هذا القسم وأعمل على ألا أخالفه فهذا بيني وبين الله.
* عماد أديب: القسم شيء عظيم بالنسبة لك?
** الرئيس مبارك: بالطبع شيء عظيم.
* عماد أديب: ومن هنا تضعه أمامك كلما...
** الرئيس مبارك: في مخيلتي باستمرار.
* عماد أديب: في كل قرار?
**الرئيس مبارك: أنا عندما دخلت القوات المسلحة كان هناك قسم نردده في بداية
التعيين. فحياتنا كلها قسم في قسم.
* عماد أديب: إذن هناك نوع من التنشئة الدائمة على احترم ذلك القسم?
** الرئيس مبارك: هذا صحيح.
* عماد أديب: نأتي لمرحلة مهمة.. انت تتولي حكم البلاد وسيادتك تري ان المهمة صعبة لأنه تم اغتيال الرئيس ولا أحد يعلم بقية فلول هذا التنظيم والإرهاب الموجود في البلاد, الاقتصاد في وضع صعب, متطلبات كثيرة, العلاقات العربية مقطوعة, هناك حالة من عدم الاستقرار, لم يتم استكمال تحرير الأرض وعودتها كلها, مرة أخرى كان لديك قلق شديد جدا من ان إسرائيل يمكن تفعل شيئا يؤدي الي عدم وصولنا إلى يوم 25 ابريل 1982 ?.
** الرئيس مبارك: طالما اننا لم نسترد كل الأرض ممكن نتوقع كل شيء, واضرب لك مثلا فقد جاءني وزير الخارجية الأمريكي الكسندر هيج في يناير 1982 وتحدث معي لكي
أوقع على كامب ديفيد مرة أخرى.
* عماد أديب: كامب ديفيد جديدة?
** الرئيس مبارك: لا.. كامب ديفيد التي وقعها الرئيس السادات.
* عماد أديب: توقع عليها مرة أخرى?
** الرئيس مبارك: كانوا يريدون ان أوقع على التزام آخر فقلت له ان معاهدة كامب ديفيد وكل شيء تم التوقيع عليه وكامب ديفيد اطار ونحن أخذنا الاطار الخاص بنا ونفذناه.
* عماد أديب: ماذا يعني هذا ?.. هل كانوا يتشككون في مدي التزامك وأنت رئيس جديد?
** الرئيس مبارك: أنا أري انهم بطبعهم يشكون ويقولون ان الرئيس الجديد لايلتزم ونريد أن نأخذ منه التزاما.. فقلت لهم انني ملتزم بكل المواثيق التي تم الاتفاق عليها.
* عماد أديب: ومصر دولة محترمة تحترم معاهداتها.
** الرئيس مبارك: هيج قال لي إنه متخوف ألا ينفذ الإسرائيليون الانسحاب فأجبته بأن هذا موضوعا آخر. ولي فيه كلام آخر وأنتم مسئولون عن تنفيذ الاتفاق.
* عماد أديب: وهل شعر بالقلق عندما قلت له ان هذا موضوعا آخر وسألك ماذا ستفعل?
** الرئيس مبارك: سألني ماذا سأفعل فأجبته بأنني لا استطيع أن أقول له ماذا افعل حاليا ولكنني سأنتظر حتى أري ماذا سيحدث, لكن لا يمكن ان تكون هناك اتفاقية ويأتي المسئول الأمريكي ويبلغني بأنه متخوف من عدم تنفيذها فأجبته بأن هذا موضوع آخر وانكم مسئولون أمامنا وملتزمون لأن الاتفاقية تم توقيعها في أمريكا.
* عماد أديب: اعتقد ان هذا بلغة السياسة محاولة اختبار من الأمريكان والإسرائيليين ليعرفوا الرئيس الجديد واتجاهاته ولكنهم وجدوه لايهادن ولا يهدأ ولا يفرط في موضوع السيادة الوطنية.
** الرئيس مبارك: تستطيع ان تفهمها على هذا النحو, أنا أخذني الشك فماذا يعني انهم لا يريدون الانسحاب وانتظرت حتى جاء 25 ابريل وقاموا بافتعال مشكلة طابا وقلت لنفسي طول بالك خليك ماشي في العملية وجاء الانسحاب فوجدتهم يقولون طابا لا. النقطة الخاصة بالحدود ليست هنا وإنما في منطقة أخرى وكان ذلك لتأجيل الانسحاب, وبين التأجيل ومطالباتنا بالتنفيذ وصلنا الي قضية التحكيم.
قصة طابا
* عماد أديب: قبل ان نصل الي موضوع التحكيم, سيادتك صممت على ألا يحدث توقيع آخر على الاتفاقية وان مصر كدولة محترمة تحترم تعهداتها والنقطة الثانية انهم عندما تحدثوا عن قضية طابا ارادوا ان يتحدثوا عن موضوع التوفيق وليس التحكيم?
** الرئيس مبارك: كانوا يريدون التوفيق بان يعطونا جزءا من الأرض ويتركوا هذه المنطقة فكان ردي عليهم ان هذا لن يحدث.
* عماد أديب: سيادة الرئيس نريد ان نشرح للسادة المشاهدين ماذا يعني التوفيق.. التوفيق حسب فهمي وسيادتك طبعا أجدر مني. انه يمكن ان يكون تبادل أو تغيير في الحدود مثل مانقوله بالمصري شوية عليك وشوية على ?
** الرئيس مبارك: بالضبط.. هو لا يريد ان يدخلني في التحكيم ويقول اترك هذه المنطقة مقابل ان اعطيك جزءا أكبر منها في صحراء النقب في أي منطقة أخرى, فكان ردي انه ليس من سلطاتي وليس من حقي أنا أن أكون قيما على حق هذا الشعب ولابد أن يوافق البرلمان والشعب.
* عماد أديب: بالتأكيد هم كانوا يستخدمون منطق ان هذا الموضوع لا يزيد عن حوالي متر واحد?
** الرئيس مبارك: كانوا يقولون ان هذه عبارة عن كيلو متر أو نصف كيلو متر مربع فأجبتهم ولو حتى سنتيمتر لن استطيع ان أفعل شيئا.
* عماد أديب: وهنا نستدعي بالطبع تاريخ الوطنية وتاريخ العسكرية المصرية, وتاريخ سيادتك ان أي حبة رمل لا يمكن التفريط فيها أبدا?
** الرئيس مبارك: مش ممكن.. مش ممكن.
* عماد أديب: هذا موضوع غير قابل للنقاش?
** الرئيس مبارك: مش ممكن, وبعد ذلك ذهبنا للتحكيم وأخيرا بعد جهد كبير وافقوا على سؤال التحكيم في طابا. أين نقطة الحدود?
* عماد أديب: أريد ان أذكر سيادتك بأنك وضعت شرطا رئيسيا لشيمون بيريز وقلت انه قبل أن يأتي وقبل ان تقابله يجب ان يعلن أنه موافق على التحكيم وكانت معركتك هي اقرار مبدأ التحكيم?
** الرئيس مبارك: اتفقنا على التحكيم قبل الانسحاب ولكن كان الخلاف حول السؤال الخاص بالتحكيم وهو اننا نقول في السؤال اين النقطة الخاصة بالحدود? هم يقولون نبحث الحدود, فقلت لهم أبدا، فخلافنا كان حول هذه النقطة لانها ستعيد لنا أرضنا بالكامل , واستمر هذا الخلاف حتى ان شيمون بيريز كان يريد أن نتقابل وكان عصمت عبدالمجيد يتفاوض معهم في شهر اغسطس حتى الساعة الواحدة صباحا.. وأجبتهم بأنني مستعد لمقابلة شيمون بيريز في الاسكندرية شريطة ان يوافقوا على التحكيم. واستمرت المفاوضات ثلاثة أيام وكان الخلاف على ثلاث أو أربع نقاط فوافق شيمون بيريز لذلك فإنني أكن له كل التقدير لأنه وافق على حل المشكلة بهذا الشكل , وتم تحويل القضية للتحكيم? واستمرت فترة التحكيم طويلاً، وذات مرة أثناء زيارتي لتركيا أخبرني الرئيس التركي بأن لديهم خريطة منذ أيام العثمانيين تبين حدود مصر وان طابا أرض مصرية فأخذت صورة الخريطة وأعطيتها لمحامينا وحيد رأفت وباقي فريق الدفاع.
* عماد أديب: وكانت هذه الخريطة من أهم الوثائق في قضية طابا?
** الرئيس مبارك: بالطبع. وعندما تم ارسالها للمحكمة التي أيدت هذا.
* عماد أديب: قبل ان نصل إلى هذا. سيادتك لا تحب ان تتحدث عن نفسك أو عن دورك عندما كنا نعد لهذا الحوار. حسب فهمي ان معركة طابا من ناحية ادارتها تمت بشكل يكاد يكون شبه مثالي, سيادتك شكلت لجنة وطنية قومية من كل الخبراء وطلبت منهم تحديد الاختصاصات وايضا كنت تجتمع بهم مرة كل خمسة عشر يوما مع متابعة دائمة لهذا الموضوع.. وحتى نعطي للذين تفاوضوا حقهم فقد كان عمل فريق من أفضل فرق الدبلوماسية المصرية?
** الرئيس مبارك: المجموعة التي تشكلت قدموا لي أسماء مثل وحيد رأفت وأخرين وانهم أفضل ناس.. فقلت لهم ان الموضوع غير متعلق بحزب كذا وكذا, الموضوع وطني ويهمنا كلنا فالبلد ليست ملك حزب بعينه أنا أريد افضل الخبراء أيا كانت اتجاهاتهم في القانون, فاختاروا لنا مجموعة جيدة مع مجموعة من الخارجية وضم الفريق الدكتور وحيد رأفت والدكتور حامد سلطان ونبيل العربي وكان معهم الدكتور مفيد شهاب وعملوا بجد إلى ان وصلنا الي حكم المحكمة, ومنذ ان بدأ التحكيم حتى حكم المحكمة كان هناك لعب بالأعصاب والبعض عندنا كانوا يقولون: مفيش فايدة.. لن يعطونا طابا ولكنني طلبت أن نأخذ الأمر بهدوء ونبذل مجهودا, والبعض كان يقول ان هناك وساطات ولكن اللجنة بذلت مجهودا كبيرا جدا وكنت اتابعهم وكل عشرة أو خمسة
عشر يوما تقريبا اسألهم ماذا فعلتم الي ان خرج حكم المحكمة، وقبل الحكم عندما وجد الإسرائيليون ان حكم المحكمة جاء في صالحنا كانوا يرسلون لنا بعض الأطراف ليقولوا لنا ان الإسرائيليين مستعدون لاعطائكم جزءا أكبر فكان ردنا .. لا أكبر ولا أصغر نحن سنلتزم بحكم المحكمة كما اتفقنا.
* عماد أديب: في علم الاحتمالات. كان من الممكن ان يكون عندنا احتمالان.. في ظل وجود قيادة سياسية أخرى كان من الممكن ان يقبل شخص مابمبدأ مقايضة الأرض, وهذا فيه نوع من التفريط وهذا كابوس?
** الرئيس مبارك: بالضبط.
* عماد أديب: هناك سيناريو وكابوس آخر بأن تكون هناك قيادة انفعالية عصبية تعجبه لغة الحناجر ويهدد بالغاء معاهدة السلام ويعلن التعبئة ويؤدي الي توتر الحدود من أجل نصف كيلومتر?
** الرئيس مبارك: هذا يتوقف على القيادة. أين رئيس الدولة, فالقيادة العسكرية وقيادة مدنية عندما تفكر في مثل هذا القرار فهذا لا يحتاج شخصية انفعالية, انت تنفعل على مصلحة شعبك فلابد وان تفكر تفكيرا منطقيا وسليما حتى تأخذ القرار الذي يجنبنا ويلات الحرب والدمار, اذا اتخذت قرار الغاء هذه المعاهدة نكون دخلنا في حالة حرب وممكن يهجموا على سيناء وندخل في مشكلة لا نتحملها.
* عماد أديب: سيادة الرئيس..التجربة المستفادة من مواجهة أحداث مثل طابا هي كيفية إدارة دفة قيادة مصر بعد عامين من توليك السلطة كانت فترة عصيبة حفلت بمشاكل كثيرة, كيف بدأت تري الصورة وأنت الرجل الأول في السلطة, بالطبع انت موجود في صناعة القرار بوصفك الرجل الأول بعد الرئيس السادات - رحمه الله - لكن حينما تجلس على مقعد رئاسة الجمهورية الصورة حسب تصوري وافتراضي المنطقي تختلف, هل فعلا تختلف? وهل الصورة تكون أصعب أو اعقد وسأتجاوز هذا السؤال واسأل هل عندما تكون الصورة صعبة ومعقدة من الممكن ان تؤثر عليك? وهل ممكن مثلا تصيبك بحالة من الاكتئاب?
** الرئيس مبارك: بالطبع الصورة تختلف كفرد موجود بين مجموعة صناعة القرار, فقبل أن أكون رئيسا كنت أقول رأيي واذا كانت هناك معلومات اسمعها. ولكن القرار في النهاية ليس لي لكن عندما تكون انت المسئول الأول, هنا تكون المشكلة انك لابد وان تدرس أي موقف جيدا وتعلم انك تتخذ القرار وقد يكون تأثيره على الشعب والوطن ايجابيا أو سلبيا, فوجودك على رأس السلطة يفرض عليك حسابات أخرى التي يفرضها عليك وضعك عندما تكون فردا ضمن مجموعة صناع القرار.
أوضاع مصر
* عماد أديب: هل الصورة كانت صعبة أكثر مما كنت تتخيل?
** الرئيس مبارك: الصورة كانت صعبة وظهرت صعوبتها أكثر بعدما توليت, فمنذ البداية كنت أري أن الصورة صعبة لكن كان هناك رجل مسئول وانا كنت أساعده قدر المستطاع, كان هناك رئيس حكومة مسئول وعنده سلطات, ولكنني توليت الحكم في وقت صعب, علاقات سيئة جدا في الخارج وجماعات إرهابية موجودة وحالة غير مستقرة ودنيا مقلوبة في كل المنطقة ولنا علاقات سيئة مع دول كثيرة وسوق الاقتصاد صعبة , ففي ظل كل هذه الظروف بدأت أفكر ماذا افعل لكي لا أصاب باكتئاب لكن دائما كان عندي أمل ولا أيأس فلابد أن أحاول وأعمل وأبحث عن أي طريقة حتى نخرج من الموقف الصعب الذي نواجهه في حياتنا, فالإنسان لابد وان يقابل صعابا وإذا لم يقابلها لن يعمل.
* عماد أديب: بالتأكيد سيادتك كان عندك سؤال: بمن تستعين وأين تضع ثقتك?
** الرئيس مبارك: أنا أستعين بكل ذي خبرة, فمثلا في الاقتصاد عندما توليت المسئولية كان معي رئيس الوزراء الدكتور فؤاد محيي الدين وتشاورت معه واتفقنا أن نعقد مؤتمرا اقتصاديا تبدأ دراسته من يناير 1982 ويتم في مارس, وأقمنا المؤتمر وخرج بتوجيهات ممتازة جدا, ومنذ ذلك الوقت هناك خطط خمسية ونلتزم بها.
* عماد أديب: كيف كانت صورة الاقتصاد والوضع المالي والخزانة العامة والاحتياطي النقدي وصورة البلاد يوم أن تسلمت الحكم?
** الرئيس مبارك: الاحتياطي النقدي لم يكن موجودا.
* عماد أديب: ماذا كان شكل الخدمات?
** الرئيس مبارك: الخدمات كانت سيئة جدا.. التليفونات غير كافية .. لا مياه ولا كهرباء ولا مدارس كافية ولا طرق وأشياء كثيرة ناقصة.
* عماد أديب: ايضا سيادة الرئيس كانت هناك مشكلة في عدم وجود علاقات بين مصر والدول العربية ليس فقط من الناحية السياسية وانما اقتصاديا مما كان له أثر على الاقتصاد المصري فكانت هناك مقاطعة واضحة وصريحة وهذه كانت تحتاج من سيادتك الحكمة والتروي وأيضا المحافظة على كرامة مصر, كيف أدرت ملف إعادة العلاقات العربية دون ان تنتقص من الكرامة المصرية ذرة واحدة?
**الرئيس مبارك: الحقيقة هذه أخذت مني وقتا طويلا منذ أن توليت في أكتوبر 1981 حتى 1991 وبذلت فيها مجهودات ضخمة وكنت أحضر جميع المؤتمرات التي لم تجمد فيها عضويتنا وكنت التقي مع الاخوة العرب وكانت هناك اتصالات مستمرة معهم ولكن بدون أن نذكر شيئا وبدون لقاءات. وفي الحقيقة البعض كان يحاول أن يساعد ولكن في هدوء وليست المساعدة التي تدخل في استثمار ومشروعات لمصر, في البداية كانت حاجات كلها بسيطة لكنها اخذت مني مجهودا ضخما جدا الي ان عادت العلاقات الطبيعية وبعدها كنا في حاجة لبناء ثقة مع الدول العربية وهذه أيضا أخذت مني وقتا.. وبعد هذا كان الاستثمار في ظل ظروف داخلية مثل الإرهاب. فالاقتصاد سيء والبنية الأساسية سيئة والمنطقة بها حروب وكل هذه عوامل رهيبة جدا, فالواحد لا ينظر للموضوع من الناحية النظرية فقط ولكن بمجمل الأشياء المحيطة به.
* عماد أديب: هل تستطيع أن تقول ان سيادتك كنت مؤمنا بحدوث انفتاح اقتصادي وسياسي, اقتصاد حر في ظل أكبر ضمان للعدالة الاجتماعية للطبقات غيرالقادرة, هل هذه كانت المعادلة التي كنت ومازلت مؤمنا بها?
** الرئيس مبارك: ومازلت مؤمنا بها حتى اليوم وأريد أن أقول لك اذا كنا نتحدث عن الإصلاح سواء اقتصاديا أو سياسيا فإننا لم نبدأه من سنة أو اثنتين أو ثلاث بل بدأناه منذ أنور السادات فالتعددية وحرية الصحافة كانت موجودة، وأتحنا مزيدا من حرية الصحافة وأعدنا فتح الاحزاب التي جمدت وكنت مؤمنا تماما باننا لا يمكن ان نتقدم في الاقتصاد في ظل اعلام مسيطر عليه بدون حرية للشعوب وبرلمان جيد منتخب, كل هذه ظروف كثيرة جدا عملت على تفعيلها.
الكويت وصدّام
* عماد أديب: سنصل الي موضوع الإصلاح سيدي، ولكن أريد أن أتوقف عند تاريخ مفصل وقرار استراتيجي في قيادة مصر في ظل عهد سيادتكم وهو قراركم عندما تم غزو دولة الكويت وكان هناك اختيار مفصلي اما أن تكون مصر مع الغزو أو أن تكون ضده, هذا القرار له أهمية من الناحية المبدئية وله آثاره التي كان من الممكن أن تكون سلبية أوايجابية كما حدث بعد ذلك?
** الرئيس مبارك: أنا طبعا كنت ضد غزو الكويت.
* عماد أديب: هل كنت تتخيل أن يحدث الغزو?
** الرئيس مبارك: لم يكن يأتي على مخيلتي أبدا أن يأتي يوم الغزو. قلت يمكن أن يكون الأمر مقتصرا على جزيرة ببيان فقط ولكن وجدت الحكاية زادت ووصلت للكويت كلها والناس هربت وكان هناك مصريون.فكان الموضوع صعبا, فحاولت في رسائل مكتوبة الي الرئيس السابق صدام حسين وأرسلت رسولا خاصا وهو السفير الخاص بي.
* عماد أديب: لماذا دائما مع صدام اما أن يكون رسائل أو رسول, ألم يكن يتحدث على التليفون?
** الرئيس مبارك: لا تستطيع أن تأخذ وتعطي معه في التليفون فيقول ل
التعليقات