من الأخوين "رايت" إلى الطائرات الأسرع من الصوت، معالم بارزة يحفل بها تاريخ الطيران:

سباق "ريد بُلّ" الجوي يرتقي برياضة التحليق إلى آفاق جديدة ومذهلة

جدة: لا شك أن السلسلة العالمية لسباق ريد بُل الجوي 2005 والتيستنطلق في أبوظبي الشهر المقبل ستكون واحدة من الأحداث الكبرى التي لا تفوَّت لهذا العام. ويأتي هذا الحدث المثير الذي ستشهده الأجواء الإماراتية بعد مرور مئة عام على تمكن الإنسان لأول مرة من تحويل أحلامه بالتحليق في الجو إلى حقيقة.

وستشهد العاصمة الإماراتية في الثامن من نيسان (أبريل) المقبل مبتكر فكرة السباق الجوي بيتر بيشيني ومنافسيه الطيّارين المغامرين الثمانية وهم يواجهون سلسلةً من الحواجز في سباق مع الزمن تقترن فيه السرعة بمجازفاتٍ جريئة في الجو.

ويدرك هؤلاء الطيارون في زمننا هذا أنهم يدينون كثيراً لرواد الطيران الأوائل، بدءاً من محاولة التحليق الأولى الناجحة التي قام بها "أورفيل رايت" في العام 1903.

ففي 17 كانون الأول (ديسمبر)، أقلعت الطائرة المعروفة باسم "فلاير "(الطيّار) بقيادة "رايت" من مسار إطلاق خاص وحلّقت لمدة 12 ثانية مجتازةً مسافة 37 متراً (120 قدما). تولّى "رايت" وأخوه "ويلبور" بالتناوب قيادة "فلاير" ثلاث مرات أخرى في ذلك اليوم. أما الرحلة الأطول، وكان "ويلبور" يقود أثناءها الطائرة، فتمكّنت من اجتياز 260 متراً (852 قدما) واستغرقت 59 ثانية.

منذ تلك الأيام التي شهدت هذه الاختراعات الخارقة، حفل التقدم الذي شهده مجال الطيران بمعالمَ ذهبية تاريخية مذهلة. لقد كان اختراع الطائرة نقطة تحول رئيسة في التاريخ، حيث إنها أعادت صياغة أساليب شن الحروب وأحدثت ثورة في عالمي السفر والتجارة، كما غذّت عملية التغير التكنولوجي وساعدت في تشكيل عالمٍ باتت فيه الأمم تعتمد على براعتها العلمية والتقنية.

إن الطيران كان، وسيظلّ، واحداً من أهم الإنجازات البشرية. فبعد 24 عاماً فقط من تمكّن الأخوين "رايت" من تغيير نظرة العالم للطيران، أتمّ تشارلز لِندبرج بمفرده في 21 أيار (مايو) 1927، أول رحلة جوية اجتازت المحيط الأطلسي بدون توقف، محلّقاً بطائرته "رايان أن. واي. بي. سبيريت أوف سانت لويس" مسافة 5.810 كلم من "روزفلت فيلد" في "لونغ آيلاند" في نيويورك إلى باريس، واستغرقت الرحلة 33 ساعة و30 دقيقة.

فاز "لِندبرج" يومها بجائزة مالية كان قد خصصها مالك فندق نيويورك "ريموند أورتيج" لأول طيّار ينجح في اجتياز المحيط الأطلسي بين المدينتين، وعندما حطّ بطائرته في حقل "لو بروجيه" في باريس، أصبح "لِندبرج" بطلاً عالمياً ظل محط أنظار الشعوب لعقودٍ من الزمن.

بعد ذلك بعشرين عاماً، كانت طائرة "بل أكس-11" أول طائرة تحلّق بسرعة تفوق سرعة الصوت، بينما تمكنت "نورث أميركان أكس-15" في العام 1967 من ردم الهوة بين الطيران البشري في الجو والطيران في الفضاء حين أصبحت أول طائرة ذات أجنحة تبلغ سرعة "ماك 4 و5 و6" (وهي سرعة تساوي من 4 إلى 6 أضعاف سرعة الصوت) وتحلّق على ارتفاعات تزيد بكثير على 30.500 متراً.

يستخدم الناس اليوم الطيران الجوي كجزء طبيعي من حياتهم، لكن لا أحد حتماً يستخدمه بإثارة أكثر من المتنافسين في سباق ريد بُل الجوي.

وقال بيتر بيشيني الفائز ثلاث مرات في بطولة العالم في الاستعراضات الجوية، يقضي سباق ريد بُل الجوي بالتحليق بين حواجز وباتباع مسار سباق محدد. ويضيف: "سوف نسابق الزمن، وندرك كم أن ساعة التوقيت موضوعية ولا تجامل أحداً."



هذا وسيزور سباق ريد بُل الجوي أماكن عديدة حول العالم، لكن العاصمة الإماراتية هي التي ستطلق البطولة. وفي هذا الإطار، قال بيشيني:"إنني متحمس جداً للسباق الذي سيجري في أبو ظبي، فالبلد ليس غريباً بالنسبة إلي، حيث إنه قد سبق لي أن زرت الإمارات العربية المتحدة مرات عديدة خلال الإجازات وأيضاً للمشاركة في العرض الجوي في إمارة العين، لذلك مسرور جداً بالمشاركة هذه المرة في السباق الجوي."

وسيلقى المغامر المجري ومنافسوه الثمانية حتماً استقبالاً حاراً لدى تقديمهم هذا العرض البهلواني الجوي الفريد في أبو ظبي. وفيما تبقى مهاراتهم الخارقة في التحليق بعيدةً عن تلك الرحلة التي قام بها "أورفيل رايت" لمدة لم تزد على 12 ثانية، إلا أنه يحق لهؤلاء الرجال الرائعين المحلّقين بطائراتهم المطالبةُ بمكانٍ لهم كروادٍ فعليين في مجال الطيران.