كما توقعت quot;إيلافquot; بعد quot;يوم القدسquot; العام الماضي
quot; حزب اللهquot; يلغي استعراضه السنوي

إيلي الحاج من بيروت : أعلن quot;حزب اللهquot; في لبنان إلغاء الإستعراض العسكري الذي كان ينظمه سنوياً في quot;يوم القدسquot; الذي أطلقه الإمام الخميني.
وجاء في حيثيات هذا الموقف أنه quot;بعد مهرجان 22 أيلول (سبتمبر) الذي سمي بquot;مهرجان النصرquot; وquot;حيال هذا الجهد الاستثنائي وتخفيفا عن الجماهير الشريفة قررنا استبدال المهرجان باحتفالات مناطقيةquot;. لكن مصادر مراقبة قالت ان قرار عدم تنظيم الاستعراض يعود إلى أن الحزب الشيعي أصبح تحت المراقبة الدولية والإقليمية في أدائه العسكري والميداني ومدى التزامه تطبيق القرار 1701 وكذلك القرار 1559 ، اضافة الى استهداف اسرائيل لقياداته وكوادره. والغاء الاستعراض شبه العسكري قد يكون مؤشرا مهماإلى عدم قدرته على الذهاب بعيداً في تحدي إرادة المجتمعين العربي والدولي.
وكانت quot;إيلافquot; نشرت تقريراً في 28 تشرين الأول / أكتوبر 2005 بعنوان : quot;حزب الله في بيروت: الاستعراض الأخير؟quot;، توقعت فيه ألا يتمكن الحزب الشيعي من تكرار عملية إبراز العضلات التي قام بها ذلك العام إستناداً إلى تجارب لتنظيمات سابقة ولحساسية الوضع اللبناني والأوضاع الإقليمية والدولية المحيطة به ، والتي لا تسمح لطرف مذهبي أو حزبي فئوي بتجاوز حدود معينة، فضلاً عن أن أسلوب التبجح بالقوة لا بد أن يدفع إلى استخدامها يوماً عاجلاً أم آجلاً، وهذا ما حصل فعلاً بعد 12 تموز/ يوليو الماضي في حرب quot;الوعد الصادقquot; على ما سماها الحزب .
وأورد التقريرأن خلف المشهد العام الذي بدا فيه quot;حزب اللهquot; اللبناني ذاهباً إلى حرب والناس عائدون منها ، كان هذا الحزب باستعراضه العسكري الطويل في بيروت قرب معقله في الضاحية الجنوبية، أقرب إلى صورة أحزاب ما قبل الحرب عندما كانت تتنافس على هذا النوع من الظهور الذي يوحي البأس لإخافة خصومها. والحال أن كل الأحزاب اللبنانية حلت ميليشياتها بموجب اتفاق الطائف الذي أنهى النزاع الداخلي المسلح باستثناء الحزب الشيعي المأخوذ بنموذج الثورة الخمينية والذي حمل لواء quot;المقاومة الإسلاميةquot; تحديداً لإسرائيل مانعاً الأحزاب الأخرى كافة حتى العلمانية منها التي دشنت خط المقاومة الوطنية، في ذلك الوقت، من المشاركة في هذا النضال ، وذلك بموجب اتفاق استراتيجي سوري- إيراني دفع اليساريون خصوصاً ثمنه من دمائهم . وكان أمينه العام السيد حسن نصرالله اليوم يندد على منبره خلف الزجاج الواقي بتقريري مبعوث الأمم المتحدة تيري رود-لارسن ورئيس لجنة التحقيق الدولية( آنذاك) ديتليف ميليس ليسمع الرئيس فؤاد السنيورة وقد جلس الوزراء الشيعة في حكومته عن يمين نصرالله ويساره ومعهم الممثل الأبرز بين الحضور وزير العدل شارل رزق الذي جاء إلى احتفال quot;يوم القدسquot; عن رئيس الجمهورية صديقه، ليبلغ مع زملائه الشيعة إلى السنيورة رسالة صامتة على صدى صوت نصرالله الهادر: quot;يمكننا تطيير حكومتك وسنعطل قرارها في أفضل الأحوالquot;.
كان الأمين العام للحزب يتهم رود- لارسن بأنه يحرض على الفتنة عندما يتحدث عن تعهدات قدمها السنيورة لتطبيق القرار الدولي رقم 1559 الخاص باستعادة لبنان سيادته على أراضيه، لئلا يحمل على السنيورة نفسه، فيوحي أسلوبه أن رود - لارسن كاذب ويجهد لإشعال فتنة بين اللبنانيين أنفسهم وبين اللبنانيين من جهة والفلسطينيين والسوريين على التوالي ، رافضاً الحوار الداخلي بين اللبنانيين إذا كان مؤداه الحتمي إلى إلغاء ميليشياه.
وعلى طريقة لجوء نظام quot;البعثquot; السوري إلى تحريك الشارع في دمشق وحلب للرد على تقرير ميليس، استجار الحزب الشيعي الحليف له في لبنان بتعبئته الشعبية - الحربية في عرض عضلات ومشاهد وألعاب عسكرية استمرت ساعات في شوارع العاصمة التي تقبل بتنوعها كل شيء، حتى تشبث إحدى طوائف لبنان بسلاحها في مواجهة المجتمع الدولي الذي عبّر من خلال تقرير ممثل الأمم المتحدة عن عدم اقتناعه بذرائع استمرار المقاومة، قائلاً أن ليس أمام quot;حزب اللهquot; ما يقاومه . فمزارع شبعا في خرائط المنظمة الدولية سورية وكان على لبنان وسورية أن يقدما إثباتات إليها تؤكد لبنانية وهذا ما لم يفعله البلدان ولا يبدو أن أيا منهما في وارد فعله لا بل أن الرئيس السوري بشار الأسد قال في أحدى مقابلاته الإعلامية عندما سئل عن هذا الموضوع إن هذه المزارع quot; سواء كانت لبنانية أو سورية فهي عربية وعلى إسرائيل أن تنسحب منها(...)quot;.
لكن المراقب لا يجهد في ملاحظة حقيقة صارخة هي أن اللجوء إلى استعراض العسكر، كالذي تفرجت عليه بيروت مدهوشة حيال إصرار هذه الفئة من اللبنانيين على الذهاب بعيداً في تحدي الداخل والخارج بهذا الأسلوب الماضوي، هو تماماً كلجوء الخميني في إيران وخلفائه وعراق صدام وسوريا الأسد إلى الجماهيرعند اشتداد الأزمات لا يغيّر في الواقع شيئاً ولا يحلّ محل السياسية والدبلوماسية، وإلا كان الوصول إلى الهاوية في أسرع مما تتصوروا على غرار ما فعل صدام بنفسه. وهذا ما حذر منه اليوم الرئيس المصري حسني مبارك نظيره السوري الشاب خلال زيارته المباغتة إلى دمشق أخيراً ( ...).
السوريون وحلفاء لهم في البلد الشقيق المجاور لم يصدقوا بعد على ما يبدو أن لبنان بات تحت وصاية دولية يعتبرها المجتمع الدولي حماية له . وإلا لماذا قال السيد نصرالله في خطابه quot;ان تقرير لارسن واضح من تفاصيله.انه يمارس وصاية دولية على لبنان ننفيها في لبنان وننكرها لكنها واضحة. التقرير لا يتحدث فقط عن بنود القرار رقم 1559 بل عن شؤون داخلية وانتخابات ومشاركة حزب الله في الحكومة وطبيعة العلاقات مع سورية ومع الفلسطينيين . انه يعبر عن ممارسة لوصاية دولية كاملة على لبنان مندوبها السامي تيري-رود لارسن يحمل سيف القرار 1559 ويلاحق به الحكومة وسورية والفلسطينيينquot;.
لكن حقيقة أن لبنان بات تحت الوصاية الدولية الكاملة يعرفها حتى الأطفال . المفاجأة أن يتفاجأ بها نصرالله في آخر استعراض لحزبه!