إيلاف ترسم بورتريه للعروسين وأجواء العرس
خطوبة جمال مبارك خطوة نحو تأهله للرئاسة


خديجة خطيبة جمال
تقرير خاص يكتبه ـ نبيل شرف الدين : هي إذن ساعات قليلة تفصل عن مساء غد الجمعة، حين تلتقي نخبة منتقاة من المصريين والضيوف العرب والأجانب في أجواء تتعانق فيها الفخامة والثروة والسلطة والموسيقى والوجوه الحسان، داخل قاعة ما .. ربما تكون قاعة المؤتمرات الكبرى بمدينة نصر، وربما تكون قاعة دار القوات الجوية أمام مقر إقامة الرئيس المصري حسني مبارك، وربما تكون قاعة أخرى في منتجع شرم الشيخ، وربما في مكان لا يخطر لأحد ببال حتى الآن، غير أن الموعد تقرر وسربت الأنباء حوله، لكن المكان الذي يفترض أنه جرى تحديده أيضاً لكن لم يفصح عنه لأسباب أمنية من جهة، وللحيلولة دون تطفل الصحافيين عليه من جهة أخرى، أما المؤكد أن أمسية الجمعة ستشهد خطوبة أهمّ شاب في مصر إلى الفتاة المحظوظة خديجة الجمال، التي تصغره بنحو عقدين من الزمان، لكن لا قيمة مطلقاً لهذا الفارق في العمر أمام شخص quot;العريسquot; ومؤهلاته الاستثنائية ومستقبله الذي تتشكل ملامحه يوماً بعد يوم اقتراباً من عرش النيل .
ولعل المتتبع لتعليقات المصريين سواء على المقاهي، أو في مجالسهم الخاصة، يمكنه أن يكتشف ببساطة أنهم جميعاً تجاوزوا التوقف بجدية، أو حتى مجرد الاكتراث بذلك النفي المتكرر على لسان رئيسهم حسني مبارك ونجله جمال، لأي دور سياسي محتمل له قد يؤدي في الختام إلى خلافته لوالده، وراحوا يراقبون عن كثب كل ما يصدر عن هذا الشاب الوسيم الواقف على عتبات الأربعين من عمره، ومع ذلك فهو يبدو أصغر كثيراً من عمره، والأهم أنه يتصرف على نحو ملكي واضح، يشي بأنه نشأ في قصر رئاسي منذ أن كان طفلاً في العاشرة من عمره تقريباً، حين دخله والده بصفته نائباً للرئيس الراحل أنور السادات، ووصولاً إلى نحو ربع قرن قضاها مبارك الأب رئيساً لمصر، بسلطات واسعة لا تقل عن تلك الصلاحيات التي تتمتع بها الملكيات المطلقة التي اندثرت من العالم كله، ولم يبق لها أثر سوى في شرقنا الأوسط .

الآنسة خديجة
ورغم أن سيرة جمال لم تتوقف على ألسنة المصريين خلال العام المنصرم على الأقل، خاصة في ظل تنامي دوره باطراد واضح داخل الحزب الحاكم، إضافة لدوره في الحملة الانتخابية الرئاسية للتمديد لوالده وفي الانتخابات البرلمانية الأخيرة، غير أن الجديد والمثير هو الحديث عن خطبته خاصة في ظل تساؤلات الشارع عن أسباب تأخره في الزواج حتى تجاوز الأربعين، ومن هنا فقد سربت لصحف بعينها وبشكل محسوب نبأ خطبته لفتاة تدعى خديجة الجّمال .
وفي التفاصيل فإن خديجة، وهي الابنة الوحيدة لرجل أعمال مرموق يدعى محمود الجّمال، درست في quot;الدويتش شوليquot; أو المدرسة الألمانية، وتخرجت في الجامعة الأميركية، عمرها الآن نحو 23 عاماً، يقول عنها من يعرفونها أنها تتمتع بجمال هادئ تغلفه مسحة وقار، وأن لها ميولاً فنية خاصة في الموسيقى والفن التشكيلي، والأكثر إثارة اهتمامها بكرة القدم، فقد كانت عضوا بفريق كرة القدم النسائي، وشاركت في أكثر من مباراة محلية ودولية .

جمال وعلاء
وحتى منتصف التسعينات من القرن المنصرم، لم يكن جمال محور quot;حديث المدينةquot;، بل كان شقيقه الأكبر علاء هو نجم تلك الأيام، بعد أن تواتر اسمه في عالم المال والأعمال وسط مئات الحكايات عنه، يصل بعضها في مبالغاته إلى حد لا يمكن أن يقره المنطق، ولكن حدث فجأة أن تزوج علاء السيدة هايدي راسخ، ورزقا بولدين هما عمر ومحمد، اللذين يهيم بهما الرئيس مبارك كثيراً، وقلما يمر يوم من دون أن يداعبهما ويطمئن بنفسه على تقدمهما في الدراسة والتدريبات الرياضية .
ومنذ تلك الأثناء تراجعت حكايات الشارع المصري والمجالس الخاصة عن علاء، وفي المقابل بدأت تتجه صوب شقيقه الأصغر جمال، الذي كان حينئذ يعيش في لندن منذ ستة أعوام، حيث كان يعمل في مصرف أميركي هو quot;بنك أوف أميركاquot;، قبل أن يؤسس مجموعة خاصة به هي ميدانفستquot;، ومن ثم عاد إلى مصر ليستقر بها نهائياً، وسرعان ما صعد جمال مبارك في الحزب والعمل السياسي على نحو صاروخي، فاستحدث له منصب في الحزب الوطني (الحاكم)، وهو أمين السياسات المكلف بملف الإصلاح السياسي والاقتصادي، وبدأ يرافق والده في زياراته الرسمية للخارج وحضور اجتماعات مجلس الوزراء، والسفر مع والده في أحيان كثيرة خلال جولاته الخارجية، الأمر الذي يكسبه خبرة مهمة في السياسة الإقليمية والدولية، ويضعه على خارطة الفعل السياسي الخارجي، فضلاً عن تعرفه على الشخصيات السياسية الهامة في عموم المنطقة بل والعالم بأسره .

عالم جمال
أما عن العالم الخاص بجمال مبارك فإنه يكاد ينحصر في دائرة ضيقة من الأصدقاء المقربين، ولا توجد معلومات كافية عن هذه الدائرة سواء عبر الصحف المصرية أو حتى في الكتاب الذي أصدره د. جهاد عودة عنه، فهو لا يتطرق بالمرة إلى الدائرة الشخصية لجمال، حتى في الفصل المعنون (جمال مبارك .. بروفيل شخصي وفكري) نجد عودة يتناول قصة صعود جمال مبارك في الحزب والآليات التي يدير بها الأمور داخل الأمانة التي أصبحت مجلساً أعلى للسياسات، مع إشارات متناثرة عن جمعية quot;جيل المستقبلquot;، وقبلها المجلس الرئاسي المصري ـ الأميركي، ولم يضع أمام القارئ أي معلومات عن شخص جمال مبارك، اللهم إلا أنه quot;هادئ الطباعquot;
إذن الصحف الأجنبية مصدر أكثر أهمية في هذا السياق، فجمال لم يل بأحاديث إلا للصحف الأجنبية، مع استثناء حواره المطول مع quot;روز اليوسفquot;، وهناك بشكل عام معلومات نشرتها عدة صحف غربية تشير إلى أن جيمي ـ كما يطلق عليه المقربون ـ اشتهر بأنه يتحرك بحرية في مجتمع رجال الأعمال المصريين من الأثرياء الجدد، سواء داخل قصورهم ومنتجعاتهم الصحراوية على أطراف القاهرة أو منتجعاتهم التي يقضون بها عطلات نهاية الأسبوع على شواطئ البحرين الأبيض والأحمر، ومن خلال أحاديث تتناثر هنا وهناك فإن جمال يشعر في صحبة هؤلاء براحة أكبر من أولئك المرافقين الرسميين المحيطين بأبيه، سواء من معاونيه أو الوزراء أو حتى كبار قادة الحزب الوطني الحاكم المتربعين على عروشهم منذ ما قبل رئاسة مبارك الأب، وهذا ما يشير إلى أن quot;جيميquot; يدرك أن مصر تعيش حالياً حقبة أفول الدولة وصعود رجال الأعمال، ومن هنا يلعب على طريقة لا يستسيغها مبارك الأب صاحب التوازنات الدقيقة، وأن بدا واضحاً أن جيمي استطاع بمرور الوقت إقناع والده بما يؤمن به من أفكار وتوجهات، وإن جرى هذا ببطء شديد، ولكن بثقة ووفق خطى مدروسة بعناية، ولعل استقراء التشكيل الوزاري الأخير يؤكد ذلك الأمر تماماً .
تحدثت مع دبلوماسي أميركي عمل سابقاً في القاهرة والتقى جمال مبارك عدة مرات وقال quot;إنه يترك انطباعات إيجابية جداً لدى كل من تعامل معه، فهو يبدو واثقاً من نفسه للغاية، ويفهم أكثر من والده كيف يجب التعامل مع الأميركيين والغربيين عموماًquot;، ويضيف : quot;إنه شاب رائع لكن مشكلته أنه ابن الرئيسquot; .

بورتريه جيمي
وتصفه مجلة quot;أتلانتكquot; الأميركية قائلة إن جمال مبارك quot;بقامته الطويلة وجسده الرياضي المتناسق وملامحه البريئة وابتسامته الجذابة، يبدو أقرب شبها إلى السيدة والدته التي تختلط أصول والدها المصرية، بأخرى من أمها التي تنحدر من منطقة (ويلز) البريطانيةquot; .
وتمضي المجلة الأميركية التي نشرت تقريراً موسعاً عن جمال مبارك قائلة إنه له quot;أنف حادة، وشعر داكن، وعينان سوداوان، وهو يتحرك بخطوات واثقة تشي بقوة العزيمة، ويحب ارتداء الملابس التي تتفق مع أحداث خطوط الموضة، وإن كان بات يفضل الآن بشكل خاص الحلل الرسمية التي تفصل يدوياً لدى خياطين لا يتعاملون مع الرئاسة، بل يختارهم من دائرته الشخصية، كما يختار أيضاً أجود الأصواف الانجليزية، والأحذية الإيطالية .
ومازلنا مع البورتريه الذي يتطرق للصعيد المهني فالشاب quot;جيميquot; تخرج في الجامعة الأميركية في القاهرة حيث حصل على درجتي البكالوريوس والماجستير في الإدارة، وباعتباره أعزب يقال أنه يتمتع بصحبة أصدقائه، ولديه ولع بالسيارات الرياضية الفارهة، كما يحب موسيقى البوب وquot;الكانتري ميوزيكquot;، ولا يميل كثيراً إلى الموسيقى العربية، لكنه مغرم كثيراً برياضة كرة القدم الخماسية .
أما المعارضون لمبارك الأب والابن على اختلاف مشاربهم فيقولون ما فحواه إنهم quot;لن يظلوا صامتين إزاء توريث السلطة، فالأحاديث تدور في كل مكان حول خلافة الرئيس مبارك، وانتقال السلطة بأي طريقة كانت لابنه جمالquot;، لكن هؤلاء يمضون مؤكدين أن quot;مصر ليست بلداً يمكن أن تتوارث فيه الحكم عائلة واحدة، وإن هذا الأمر لم يحدث هنا من قبل، فقد كان لعبد الناصر ابن، وكان للسادات ابن، ولم يهيأ أي من الابنين في الحالتين، بل لم يفكر أي منهما في المسالة أساساًquot;، كما تذهب آراء قطاعات واسعة من المعارضين لمبارك الأب والابن والنظام الحاكم .
أما أستاذ السياسة د. عليّ الدين هلال الذي يوصف بأنه الموجه السياسي لجمال، فقال عنه في تصريح لصحيفة أميركية إن أبرز أوجه القوة في جمال هو إدراكه التام لضرورة الإصلاح السياسيquot;، ويمضي قائلاً للمجلة quot;انظر مثلاً إلى تركيبة مصر السكانية إن ثلثي السكان دون سن الخامسة والثلاثين، ويدخل 800 ألف خريج سوق العمل كل عام، وهم يشكلون نحو 90 بالمائة من البطالة، ويفهم جمال أيضا أن مشكلتنا الثانية وهي نتيجة للأولى وهي انتشار التطرف الديني خاصة بين الشباب، لقد أصبح الدين حديثنا الأهم، ونتيجة لذلك أصبحت كل مسألة ترتدي عباءة الدين، كأن يطرح البعض تساؤلات من نوع: هل يقر الدين الفائدة في البنوك؟، وهل يقر الدين السياحة ؟، ما هو نمط الحياة الإسلامية الملائم لمصر ؟، ويرد قائلاً quot;لقد أصبح الدين يقتحم كل شي، ويدرك جمال هذا جيداً، ويعرف أيضاً كيف يتعامل مع الأمرquot; .
[email protected]