ممدوح المهيني من الكويت:
لو كانت هناك جائزة لأكثر رئيس وزراء في العالم العربي لطفاً وتواضعاً وصبراً ، لفاز فيها رئيس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر المحمد. فالشيخ الذي يسير بدون ضوضاء ويرسم ابتسامات مستمرة على وجهه ، أبدى قدرة مذهلة على الصبر والهدوء على الهجمات الضارية من قبل نواب مجلس الأمة السابق .
ولكن يبدو أن هناك وجهاً جديداً سيظهر فيه هذا الشيخ في فترة رئاسته المقبلة ، وسيكون هذا الوجه أقل لطفاً وتحملاً. فقد قرر رئيس الوزراء ، وقبل يوم واحد فقط من الجلسة الأولى التي تجمع حكومته مع البرلمان الجديد ، أن يقدم شكوى طويلة على النائب أحمد المليفي اتهمه فيها بتهم كثيرة من بينها القذف والإساءة الشخصية.
وتقول مصادر خاصة لـquot;إيلافquot; إن مثل هذه الشكوى كانت ستقدم منذ الوقت الذي أدلى فيها النائب المليفي بتصريحاته ضد رئيس مجلس الوزراء في ندواته الانتخابية والمقابلات الصحفية والتلفزيونية التي أجراها أثناء حملته الانتخابية ، إلا أنها أجلت لتطرح اليوم.
الشكوى التي اعتمدت على الكثير من الوقائع والتصريحات، والتي كان يتوقع طرحها بين فترة أخرى، ستتجاوز حدودها من كونها شكوى جنائية موجهة لرجل واحد إلى رسالة كبيرة واضحة إلى البرلمان الجديد الذي أظهر حتى قبل أن يبدأ شخصية متنمرة وشرسة .
الرسالة الضمنية التي وجهها رئيس الوزراء إلى البرلمان قبل يوم واحد من بدء عمله تقول أن أيام الصبر والسكوت واللطف والصبر على التصريحات والتعليقات المسيئة والساخرة قد انتهت، وأن مرحلة جديدة من المحاسبة والمواجهة قد بدأت بالفعل.
في البرلمان الأخير واجه رئيس الوزراء الكويتي الكثير من التصريحات القاسية والمستفزة ، التي وصلت إلى حد تهديد أحد النواب له بتهديم رأسه إذا ما قام بهدم الديوانيات، بطريقة هادئة وصامتة، رأى فيها البعض أنها لينة أكثر من اللازم . ولكن مع هذا الأسلوب الجديد الذي يبدو أن رئيس الوزراء سيتخذه فإن الأمور يبدو أنها ستتخذ مساراً أكثر حدة .
وكان من المتوقع أن يظهر رئيس الوزراء الكويتي تشكيلة حكومية أكثر قرباً من تطلعات البرلمان الجديد ، ولكن الرئيس قد فعل العكس تماما مبدياً قدر من التحدي والإصرار على اختيار ما يؤمن به بعيداً عن رغبات النواب الجدد.
فقد قام الشيخ بإدخال امرأتين إلى حكومته الجديدة واختار عدد من الشخصيات التي لم ترق لنواب المجلس الجدد الذين يريدون وزراء يتقاطعون معهم في التوجهات. كل هذا دفع البرلمان ، الذي يوصف بأكثر المجالس شراسة، بإظهار شخصيته العدائية والهجومية حتى قبل أن يبدأ عمل الحكومة.
وقد أظهر عدد من النواب الإسلاميين اعتراضاتهم على تشكيلة الحكومة الجديدة، ومن المتوقع أن ينسحبوا يوم غداً من أول جلسات مجلس الوزراء اعتراضاً على الزي quot; غير الشرعيquot; الذي ترتديه الوزيرتين الصبيح والحمود. يقول النائب الكويتي السلفي هايف المطيري:quot; إن على الوزيرتين أن تلتزما بضوابط الشرع الإسلامي إذا ما أرادتا الدخول إلى قاعة مجلس الأمة، وإلا فإن المجلس سيقوم بدورهquot;.
والآن ومع هذا الغضب الذي أبداه الشيخ ناصر المحمد الذي صوبه نحو البرلمان الجديد فإن الأمور ستكون أكثر اشتعالاً بكل تأكيد. فرغم التصريحات النارية التي كان يطلقها أعضاء المجلس السابق في حق رئيس الوزراء وحكومته إلا أن ذلك لم يساهم في تفريغ الغضب بل أدى إلى دخول البلد في أزمات سياسية متلاحقة.
ومع وجود جو من التحدي الذي سيشعر به النواب الجدد فإن ذلك على الأرجح لن يدفعهم للسكوت ndash; الذي لم يتعودوا عليه- بل سيندفعون أكثر لإلقاء التصريحات والتهم الخطيرة. ومع وجود رئيس وزراء غاضب لن يمرر تصاريح من هذا النوع فإن الساحة الكويتية اشتعلت حتى قبل أن تبدأ.
ويقول عدد كبير من المحللين داخل وخارج الكويت أن الأجواء غير مشجعة للتعاون بين المجلس والحكومة. المسألة لا تحتاج إلى تحليل لسياسي عميق لمعرفة ذلك . الكل يعلم أن الصدام بين الحكومة والمجلس سيحدث قريباً. لكن السؤال يتعلق فقط حول موعد ذلك الصدام.
التعليقات