تقيم انتخاباتها علانية وتهاجم المراكز الأمنية
القوى القبلية تتبختر في انتصارها على الداخلية الكويتية

إيلاف من الكويت: يردد رئيس مجلس الأمة الكويتي السابق جاسم الخرافي كثيراً ، ووفق طريقة حديثه التصالحية والتعميمية ، المثل الكويتي الشعبي الشائع quot; حنا عيال قرية وكلن يعرف أخيهquot; ، في إشارة منه إلى الحياة البسيطة والودية التي تدار بها شؤون الحياة في الكويت. ورغم الكثير من الصراعات والجدل يؤمن غالبية الكويتيون أن هناك حداً معقولاً لكل هذا الجدل والصراع. ولكن الأحداث التي جرت خلال ما يقارب الشهر أثارت مخاوف داخلية وخارجية من أن هذه الحياة البسيطة قد تتحول إلى فوضى . فقد قامت مجموعات كبيرة من المواطنين الكويتيين ممن ينتمون لأبناء القبائل في الشهر الأخير بالكشف عن هذه المخاوف عندما قاموا بتحدي الداخلية الكويتية والانتصار عليها في نهاية المطاف.

وقد أعاد هذا الانتصار القبائلي على جهاز دولة قوي في البلد ( الداخلية ) النظرة من جديد لقوة الحكومة الكويتية وأثار تساؤلات واسعة حول قدرتها على لعب دورها الأمني والضابط لشئون البلد . يبدو الصراع الكبير بين الداخلية الكويتية والمجموعات القبلية مثيراً ومتقلباً. فقد أظهرت الداخلية الكويتية في البداية شخصية صارمة في محاربة الانتخابات الفرعية التي تقيمها مجموعات من القبائل بسبب مخالفتها للقانون الكويتي. فقد قامت الحكومة بمطاردة التجمعات ،واعتقلت المشاركين بها ،ولاحقت حتى مواقع الانترنت وأجهزة الجوال.

ولكن هذا الانتصار ، وفيما يظهر بعد ذلك.، كان المعركة المنتصرة الوحيدة التي أحرزتها الحكومة وأعقبها بعد ذلك سلسلة متواصلة من الهزائم. فقد ثارت القوى القبلية على هذه الإجراءات ووصفتها بالمسيئة والمهينة لكرامتهم. وظهر عدد من وجهاء القبائل والنواب السابقين في التقارير التلفزيونية ،وهم يتحدثون باستياء عن هذه الانتهاكات ،ويؤشرون بأيديهم على الأبواب المخلوعة والمحطمة على يد قوات الأمن . وخرج على الشاشات والصحف الكثير من الأشخاص ،وهم يتحدثون عن quot; الكرامة الشخصية التي خدشت ، والتصرفات الغريبة على المجتمع الكويتي والإهانة الكبيرة التي يتعرض لها أبناء القبائل quot;.

وتحول بعد ذلك المشهد ، فقد قوبلت الإجراءات الأمنية الصارمة بغضب قبلي عارم ظهرت أكبر صوره في أحداث الصباحية ،عندما نشرت الداخلية الكويتية قواتها ومدرعاتها من أجل منع الانتخابات الفرعية المقررة في ذلك اليوم ، ولكن رجال الأمن تعرضوا لهجوم كبير من أعداد كبيرة من قبيلة العوازم بالحجارة والاشتباك الشخصي الأمر الذي دفع في النهاية قوات الأمن إلى الانسحاب . وأعقب هذا الانسحاب احتفال كبير من أبناء القبلية بطردهم قوات الأمن وإجرائهم للانتخابات الفرعية .

هذه الهزيمة الأمنية الكبيرة للحكومة أمام مواطنين كويتيين بعثت بالرسالة الخطأ إلى بقية القوى القبلية الأخرى . فقد أظهرت بعد ذلك عدد من القبائل تحدياً صريحاً للحكومة وقامت بإجراء انتخاباتها الفرعية غير القانونية بشكل علني . ونشرت الصحف الكويتية الكثير من الصور لمقرات الانتخابات الفرعية العلنية على الرغم من منع الحكومة لها.

ولكن الأمر تطور إلى أكثر من ذلك ، فبعد أن قامت قوات الأمن بعدد من المواطنين الكويتيين من قبيلة مطير بسبب تحضيرهم لانتخابات فرعية ، أغضب هذا الأمر أبناء القبيلة الأمر الذي دفعها لأخذ حقها بيدها كما فعلت قبيلة العوازم. فقد تجمهر أكثر من ثلاثة آلاف فرد من قبيلة مطير، ووجهوا كلمات وتهديدات قاسية إلى الحكومة ،وحطموا في النهاية واجهة المركز الأمني الذي تجمهروا أمامه.

وتوجه لوزير الداخلية الكويتية انتقادات واسعة بسبب عدم إدارته الأزمة في صراعه مع الانتخابات الفرعية . حيث تم انتقاده في البداية على قيامه بالإجراءات الأمنية المتشددة التي استفزت شريحة كبيرة من المواطنين الكويتيين الذين شعروا أنهم محل استهداف. وانتقد المراقبون عدم إجراء وزير الداخلية مقاربة أخرى لحل هذه المشكلة المترسخة في الحياة السياسية الكويتية ،معتقدين أن الإجراء الأمني الصارم ليس الحل في إنهاء مشكلة متغلغلة في الوعي.

وتم نقده بعد ذلك على الطريقة الأمنية الضعيفة والمرتبكة تعامل بها مع التعديات التي تتعرض لها قوات الأمن الأمر الذي جعل الكثيرون ،حتى من خارج الكويت ،يطرحون تساؤلات متشككة حول هذا المستوى الأمني الهزيل وقدرته على حماية الدولة وضبط البلد. ولكن الأمر المقلق هو أن عدداً كبيراً من الكويتيين قد بدأوا يشعرون أنهم قد يكونوا متساهلين في وصف حياة بلدهم بالسهلة والمرنة والأخوية. وباتوا يفكرون أن هذه السهولة قد تتحول إلى فوضى . فهما كان فإن الأخ قد يغضب على أخيه ولكنه لن يرميه بالحجارة.