محمد حميدة من القاهرة: من هو البطل الحقيقي في عمليّة تحرير الصيّادين المصريين ؟ هل هو الشّيخ حسن خليل، أم رجال المخابرات المصريّة، أم وزارة الخارجيّة المصريّة، أم الصيّادون المصريّون، أم القراصنة الصوماليّون؟ يبدو أنّ الإجابة على هذا السؤال ستبقى لغزًا إلى أبد الآبدين بعدما تضاربت روايات الصيّادين المصريّين الذين عادوا أمس الأحد إلى أرض الوطن بالمركبين المختطفين quot;أحمد سمارةquot; وquot;ممتاز واحدquot; بعد فترة احتجاز على يد قراصنة الصومال دامت أربعة أشهر.
كان يُعتقد بأنّ وصول الصيّادين سيحسم الجدل الدائر حول بطل العمليّة والروايات المتضاربة التيتبعت الإعلان عن عمليّة التّحرير الأسبوع الماضي، لكنّ وصولهم لم يحدّد بشكل حاسم هويّة quot;بطلquot; عمليّة التحرير. وكما تنوّعت الروايات وتعدّدت حول كيفيّة هروب الصيّادين المصريين منذ الإعلان عن العملية قبل أسبوع، تعدّدت أيضًا رواياتهم وتضاربت حتّى حول الشيخ حسن خليل صاحب أحد المركبين quot;ممتاز واحدquot; وquot;أحمد سمارةquot; الذي لقّبته وسائل إعلامية بـquot;مهندس العمليةquot;، ليبقى اللّغز قائمًا. ويبدو الأمل الأخيربكشف تفاصيل ما حدث خلال العمليّةفي القراصنة المأسورين الذين تمّ اقتيادهم إلى جهة غير معلومة فور وصولهم على متن المركبين.
روايات الصيّادين العائدين التي نقلتها وسائل الإعلام المختلفة وquot;إيلافquot; تضع علامات استفهام حول دور صاحب المركب quot;ممتاز واحدquot; ووزارة الخارجية والجهات الأمنية التي أكد الشيخ مشاركتها في العملية، وكذلك دور القراصنة الصوماليين الذين ادّعى مشاركتهم في العمليّة بالاتّفاق مع الشيخ حسن خليللقاء جزء من الفدية. فمن جانبه، وفور وصوله، أكد سيد حلبي الشناوي، أحد العائدين، أنّ الصيّادين هم الذين قاموا بتحرير أنفسهم بأنفسهم وأنّ ما رواه حسن خليل عن نفسه غير صحيح، وأنّهم لم يتلقّوا أيّ معونات أو مساعدات من أحد، مشيرًا إلى أنّ الجهات الأمنيّة بدأت تتّصل بهم وتعرض عليهم المساعدات بعد الانتهاء من العملية، quot;لكنّنا رفضنا كلّ شيء حتّى عودتنا في طائرات إلى الوطن، وأصرّينا على العودة بالمركبين برفقة القراصنة الثّمانية الذين أسرناهم خلال العمليةquot;.
وأضاف الشناوي في تصريحاته لموقع quot;اليوم السابعquot; أنّ كلام حسن خليل صاحب المركب quot;ممتاز واحدquot; الذي قال إنّ الحكومة هي التي أنجزت كلّ شيء هو كلام quot;مزوّرquot;، ويسأل الشيخ محمد اليمني الذي كان بصحبة خليل الذي جاء معه ليتفاوض مع القراصنة والذي كان يحمل (أي خليل) 120 ألف دولار ليدفعهم كفدية، إلاّ أنّ القراصنة رفضوا تمامًا هذا المبلغ طالبين 500 ألف دولار، مضيفًا أنّهم لم يعرفوا شيئًا من هذا القبيل وأنّ الصيادين على متن quot;أحمد سمارةquot; هم الذين بدأوا بتحرير الصيّادين ومن ثمّحرّروا مَن علىالمركب quot;ممتاز واحدquot;، مشيرًا إلى أنّ الصوماليين أنفسهم كانوا شهودًا على كلّ أحداث التّحرير وأنّ الصيادين هم الذين حرّروا أنفسهم بأنفسهم وسيعرف ذلك من استجواب القراصنة الصوماليين الثمانية.
وتحدّث سيّد صبحي إلى التلفزيون المصري عن كيفيّة هروبهم قائلاً إنّ quot;الصيّادين تمكّنوا من رصد تحركات القراصنة ومواعيد نومهم وتسجيلها، فانتهزوا الفرصة أثناء نومهم وانقضّوا عليهم وقتلوا اثنين منهم واحتجزوا ثمانيةquot;. ونفى محمود سعد، طباخ المركب، ما تردّد عن تدخّل جهة سياديّة أو وجود خطّة مسبقة من جانب الحكومة في عمليّة التّحرير، مشيرًا إلى أنّ الصيّادين اعتمدوا على سواعدهم ولم يتلقوا دعمًا من أحد في عملية التحرير.
لكنّ الصيّاد العائد quot;أمين صابرquot; أكّد في اتّصال هاتفي مع quot;إيلافquot; صدق رواية حسن خليل واتّفاقه مع قراصنة صوماليين بعد رفض الخاطفين قبول مبلغ الفدية الذي عرضه، وأضاف أنّ معركة كبيرة كهذهلم تكن لتتمّلولا مساعدات وتسهيلات وخطط من جانب الحكومة.
وقد أصرّ حسن خليل في تصريحاته بحسب موقع الـquot;بي بي سيquot; أنّه ساعد رجال المخابرات في تنفيذ عملية لإنقاذ الصيادين أطلقوا عليها اسم quot;عملية الكرامة المصريةquot;. وأضاف أنّه سافر إلى الصومال، وأخذ أناسًا من المنطقة إلى البحر لزيارة الصيادين أثناء احتجازهم، وأنّه استطاع تخدير القراصنة،الأمر الذيساعد البحارة في التغلب عليهم.
وكانت الأنباء الأولية التي وردت من موقع الحادث أشارت إلى أنّ الصيّادين المصريين، وعددهم 43، حرّروا أنفسهم بأنفسهم من قبضة القراصنة في معركة قصيرة استخدمت فيها معدّات صيد وأدوات بسيطة أثناء انشغال القراصنة، وقتلوا اثنين منهم قبل أن يفرّوا بالمركب إلى السواحل اليمنيّة في اتّجاه عدن، إلاّ أنّ وزارة الخارجيّة المصرية سارعت في بيان بأنّها أجرت quot;اتّصالات ناجحة مع العشائر الصوماليّة التي ساهمت في تمكينهم من كسر احتجازهمquot; إلاّ أنّ الرواية التي تمّ التداول بهابين أهالي عزبة البرج في دمياط، مسقط رأس الصيادين، قالت إنّ مالكي المركبين المذكورين سافرا إلى الصومال واتّفقا مع القراصنة عبر وسطاء يمنيّين لدفع مبلغ 400 ألف دولار، ولأنّ المبلغ ليس متوافرًا بشكل كامل، دفعوا 150 ألف دولار في إطار عملية خداع القراصنة، وتمّ الاتّفاق مع مجموعة أخرى من القراصنة الصوماليين المنافسين لمختطفي المركبين المصريين على عملية تحرير الصيادين.
وقالت رواية أخرى إنّ الشيخ حسن خليل اتّفق مع مجموعة من المسلّحين الصومالييّن من قرية القراصنة أيضًا على تخليص الموضوعلقاء المبلغ الذي يتوافر معه، فوافقأولئك وحملوا الأسلحة وتوجّهوا مع عدد من خفر السواحل اليمنيّة إلى مكان احتجاز المركبين، فحصل تبادل لإطلاق النّار بين الطرفين نتج عنه وقوع عدد من القتلى بين القراصنة قدّرت أنباء بأنّهمسبعة وُجدت جثثهمتطفواعلى سطح المياه، وحمل القراصنة الخاطفون مسؤولية ذلك للمصريين الذين فرّوا بالمركبين بعد حدوث إطلاق النار.
رواية ثالثة بحسب مصدر مسؤول لـquot;إيلافquot; قالت إنّ خلافًا حادًّا ثار بين مجموعتي القراصنة المسيطرتين على المركبين بسبب قبول عدد منهم العرض الذي قدّمه صاحب مركب الصيد المختطف quot;ممتاز واحدquot; بتخفيض الفدية إلى 400 ألف دولار بعدما كانت 800 ألف دولار، بينما رفضه آخرون؛ فتطوّر الأمرإلى تبادل لإطلاق النار، فاستغلّ المسلّحون والصيّادون المصريون الفرصة وفرّوا بالمركبين بعد مناوشات وتبادل لإطلاق النار مع القراصنة، وما إن دخل المركبان المياه الإقليمية اليمنية حتى أحاطت بهما طائرتان مروحيّتان حامتا على مدى منخفض من المركبين لحمايتهما.
وتردّد في رواية رابعة أنّ صاحب المركب quot;ممتاز واحدquot; تظاهر بدفع مبلغ 200 ألف دولار للقراصنة لصرف انتباهم عن خطة هجومية مباغتة قام بها المسلّحون مع المجموعة اليمنيّة، وكانت بتدبير وتسهيل وتنسيق من جهة سياديّة مصرية فضّلت ألاّ تكون في الصورة لتضليل القراصنة والحفاظ على أرواح الصيادين.
يُذكر أنّه قد تمّاختطاف مركبي الصيّد المصريين بينما كانا في رحلة صيد اعتيادية في العاشر من شهر نيسان/أبريل الماضي بحجّة قيامهما بالصيد عبر طريقة غير مشروعة قبالة السواحل الصومالية.
وعلى مدى الشهور الأربعة الماضية لم تتمكّن السلطات المختصّة في إقليم البونت لاند الذي يتمتّع منذ عام 1998 بالحكم الذاتي شمال شرق الصومال من التدخّل لإقناع الخاطفين بالإفراج عن المركبين وطاقميهما.
التعليقات