ايلاف- سمر عبدالملك: اعتبر المحققون الاوروبيون في قضية الهجوم الارهابي على أميركا أن خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي مركز التجارة العالمي وبمبنى البنتاغون& في 11 شهر أيلول (سبتمبر) كذلك& الشبكة الداعمة لهم، شكلوا& مجموعة منتقاة بعناية ومعزولة عن الخليات الارهابية التابعة لشبكة "القاعدة" في أوروبا، كما تعلموا خلال تخطيطهم للهجوم من الأخطاء& التي أدت الى فشل عملياتهم& الارهابية في الماضي.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن المحققين& وصفهم لمنفذي العملية بأنهم "مثقفون لم يخضعوا للمراقبة، عاشوا حياة رفاهية في الغرب والتزموا بأهدافهم لسنوات، جماعة غنية فكريا عاشت في احياء اوروبية فقيرة حيث نمت حقدها وغضبها من المجتمع الغربي.. فشلت مرارا في محاولاتها& لتنفيذ أعمال ارهابية في باريس وروما، لوس أنجليس& وستراسبورغ".
واعطي مثال على ذلك المشتبه الرئيسي في عملية التخطيط لخطف الطائرة الاولى: محمد عطا.. وهو من حملة الشهادات العالية ، يتكلم العربية والانكليزية والألمانية بطلاقة. أعال نفسه خلال اقامته في هامبرغ في ألمانيا من خلال ممارسته لأعمال شرعية متنوعة على عكس نموذج اعضاء الخلية الاخرين في ميلانو ايطاليا الذين اعتمدوا على تجارة المخدرات وارتكبوا الجرائم للعيش.
ووصف مسؤول فرنسي رفيع المستوى خاطفي الطائرات "بالأشباح التي تقف أمامنا ولكن لا نستطيع رؤيتها" معتبرا أن عزلتهم& حتى داخل عالم شبكة "القاعدة" تجعل من الصعب كشف أمرهم وتفادي هجومهم التالي.
وتطرح تساؤلات عديدة عند محاولة تحليل الهجوم الارهابي على أميركا. فعلى الرغم من اعتقاد& المحققين الغربيين بأن لشبكة "القاعدة" يد في ما حصل، تدور التساؤلات حول الشخصية التي وضعت الرسم البياني للعملية، وكيف& تمكنت المجموعة المؤلفة من تسعة عشر شخصا من بلدان مختلفة الائتلاف مع بعضها، اضافة الى الأشخاص الذين عرضوا دعمهم اللوجيستيكي للخاطفين، والى أي بلدان ينتمون.&
وأفاد الخبير في مسائل الارهاب، الفرنسي رولاند جاكار والذي له صلات بخدمات الاستخبارات في بلاده: "من الواضح أن الإرهابيين قاموا بتحليل جيد لما يمكنهم تحقيقه داخل الولايات المتحدة "، واعتبر أن حنكتهم في الاعتداءات تشير الى وجود قواعد لوجيستية غير مكتشفة حتى الآن لشبكة القاعدة داخل الولايات المتحدة وأوروبا".
وافاد رسميون بأن التحقيقات كشفت عن أن 15 من منفذي الاعتداء يحملون الجنسية السعودية، واثنين من الامارات العربية المتحدة، وواحد من لبنان وآخر& من مصر.& ولم ينتم أحد منهم الى& جماعة شمال أفريقيا التي تشكل العمود الفقري للمنظمات الارهابية الاسلامية في أوروبا، والتي خططت لعملية تفجير مطار لوس أنجليس الدولي& خلال الاحتفالات بالالفية الجديدة وفشلت بذلك.
ولم يعثر حتى اليوم على أي دليل عن علاقة جماعة شمال أفريقيا الارهابية& باعتداءات 11أيلول(سبتمبر)، ليعتبر الرسميون& أن شبكة "القاعدة" طورت هرما متعدد الدرجات، فاستغلت مخيماتها التدريبية في أفغانستان لتجذب أشخاصا من جنسيات مختلفة، من بينهم الكثير من المتعصبين التونسيين والجزائريين.
ويفيد رسميون في الاستخبارات الفرنسية بأن ما يزيد عن 10 آلاف اسلامي متطرف من أقطار متعددة قصدوا المخيمات التدريبية في أفغانستان، وهذه المقاربة تجعل احتمال وجود خلايا ارهابية& لشبكة "القاعدة" في أي مكان في العالم ممكنا.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست"& ان جميع المؤشرات جميعها تدل على ان أغلبية المخططين& للعملية هم سعوديون لأن بن لادن لا يثق إلا بأشخاص من منطقته، ولأنه يصعب على& المنتمين للقارة الافريقية& الحصول على تأشيرات دخول الى أميركا، كما وأن تحركاتهم مراقبة في أميركا، ولا يتكلمون اللغة الإنكليزية، ولا يحكمون نفسهم بنفسه.
فالجزائري& أحمد الرسام الذي كان يعتزم تفجير مطار لوس أنجليس، ادى عدم اتقانه للغة الانكليزية الى& كشف أمره على الحدود الكندية الأميركية& وبالتالي الى إلى إفشال عمليته.. الامر الذي دفع بن لادن، بحسب الخبراء، للجوء الى أشخاص مثقفين يتكلمون الانكليزية من مصر ومن الخليج& الفارسي حيث امكانية الحصول على تأشيرات دخول الى الولايات المتحدة أكبر، وبالتالي لعدم اثارتهم& الشكوك خلال فترة التخطيط الطويلة لاعتداءات ايلول (سبتمبر).
واعتبر مسؤول أن مجموعة شمال أفريقيا& لا تشكل أكثر من هدف يضاف الى&أهداف بن لادن الأساسية، وإذا فشلت (المجموعة)&في تنفيذ هجمة إرهابية، تكون أقله& نجحت في تشكيل تهديد وزرعت الرعب في قلوب&الناس، فلا يمكننا أن نستبق التهديد الذي قد يقع أستراليا أو كاليفورنيا.. ولا&وجود لنظرية يمكن أن نتبعها تمكننا من معرفة نوايا القاعدة التي لها خلايا إرهابية في أكثر من 50 بلد".
وصرح رسميون أوروبيون أن خاطفي الطائرات إما تدربوا في أفغانستان واما خضعوا لإحدى المجموعات الصغيرة لقدامى شبكة "القاعدة".
وتشتبه السلطات أن عطا، وخلال التنقلات العديدة التي قام بها بين أوروبا والولايات المتحدة قبل اعتداء 11 أيلول (سبتمبر)، كان بمثابة صلة وصل بين قيادة شبكة "القاعدة" وخاطفي الطائرات. وعلى الرغم من&التاكيدات الاميركية&للقاء عطا خلال رحلته إلى باراغواي بمسؤول استخبارات عراقي، الا أن سبب اللقاء لا يزال غير واضح حتى الآن.
وينصح جاكوارد السلطات التي تبحث في حقيقة ما جرى قبل اعتداء 11 أيلول(سبتمبر)& بأن "تتحكم بالوضع، فمن هو الذي يصدر الأوامر؟ من الممكن أن يكون عطا...ولكن حتى عطا يتلقى أوامره من قيادات أعلى منه، كما أنه يوجد شخص بين عطا والجبال في أفغانستان" وخلص الى القول أنه "لا أحد لديه فكرة عن كيفية عمل هذه الشبكات الارهابية مع بعضها".