كابول- يكمن التحدي الاكبر لمؤتمر بون حول افغانستان في كيفية التوفيق بين ممثلي اتنية الباشتون التي تنحدر منها حركة طالبان والتي كانت دوما تسيطر على البلاد وبين ممثلي التحالف الشمالي الذي يضم اقليات عرقية غالبا ما كانت تتنافس فيما بينها.
وسيعمل المؤتمر الذي يبدا اعماله الثلاثاء في بون على تحديد الاطار المؤسسي والسياسي لنظام الحكم في افغانستان التي غرقت في مستنقع الحرب منذ الغزو السوفياتي في العام 1979 حيث سيجمع المؤتمر ممثلي الاتنيات والاطراف التي تنقسم بين مؤيد ومعارض لنظام طالبان.
&وبعد ان ساهم المجاهدون من كافة الاطراف الافغانية في رحيل السوفيات من البلاد عام 1989، تقاتلوا في ما بينهم من اجل الانفراد بالسيطرة على دفة الحكم لخدمة الاهداف السياسية لقادتهم. وعلى مدى اكثر من 250 عاما، بسط الباشتون سيطرتهم على افغانستان باستثناء فترتين قصيرتين، وامتدت هذه السيطرة في عهد حركة طالبان التي نشات في جنوب افغانستان قبل ان تستولي على كابول في العام 1996 ومن ثم تتحكم في 90%من الاراضي الافغانية الصيف الماضي. الا ان اندحار طالبان جاء بصورة دراماتيكية وسريعة حيث تمكنت قبل اسبوعين فقط قوات التحالف الشمالي الذي يضم اقليات عرقية من الطاجيك والاوزبك والهزارة من استعادة نصف البلاد والعاصمة كابول.
&وبالتوازي مع تلك التطورات، فان الزعماء التقليديين للباشتو الذين رحب معظمهم بوصول طالبان الى الحكم قبل خمسة اعوام، انقلبوا على الحركة فتحالف بعضهم مع الملك السابق ظاهر شاه في حين تحالف البعض الاخر مع جهات اقليمية او محلية. وفي مؤتمر بون ستلتقي هاتان الفئتان: الاقليات العرقية والباشتون الذين يمثلون ما يقرب من 40% من اجمالي عدد السكان. ووفقا للخطة الانتقالية التي اعدتها الامم المتحدة، الجهة المنظمة للمؤتمر، فان الفئتين مطالبتان بالتوصل الى اتفاق حول عقد مجلس مؤقت يضم "مجموعة تمثل اكبر عدد ممكن من الافغان من كافة الطوائف العرقية والاقليمية".
&وتبدو المهمة صعبة لا سيما انه منذ اسبوعين فقط كان هناك عدد غير قليل من الاقليات العرقية يعيش تحت نير طالبان الباشتون. كما ان التحالف الشمالي وقيادته الطاجيكية قد يسعى الى ان يستفيد الى اقصى حد من كونه الجهة التي اقصت طالبان من كابول بمساعدة التحالف الدولي. وفي هذا السياق، رفض يونس قانوني رئيس وفد التحالف الشمالي ووزير الداخلية اي دور مستقبلي "لقيادات طالبان، او للمسؤولين عن ارتكاب الفظائع ضد رجالنا، او لاولئك الملطخة ايديهم بدم الامة".
&وتبدو هذه التصنيفات غامضة الى حد ما لا سيما ان غالبية الفصائل الافغانية ارتكبت فظائع منذ عشر سنوات سواء كانت من الباشتون المناصرين لطالبان او من العرقيات الاخرى. وفي المقابل راى قانوني ان "المجاهدين السابقين الذين انضموا الى طالبان يستطيعون اذا ما كانوا من الشخصيات البارزة ان يساهموا في جهود تحقيق الوحدة الوطنية". ولان مدلولات مثل هذه المواقف لا تبدو واضحة تماما، يكمن ابرز تحدي يواجه مؤتمر بون في امكانية ان يرفض التحالف اي دور للباشتون الذين يتهمهم ب"التعاون" مع طالبان.
&ومن بين القضايا الشائكة الاخرى امام المؤتمر تلك المتعلقة بالاتفاق على شخصية وصلاحيات رئيس المجلس المؤقت. واقترح مجلس الامن في قراره الاخير حول افغانستان ان تكون هذه الشخصية "معترف بها كرمز للوحدة الوطنية ويمكن ان تلتف حولها كافة الاتنيات والمجموعات الدينية والاقليمية". ولا يوجد من هو افضل من الملك السابق ظاهر شاه، وهو من الباشتون، لكي تنطبق عليه كل هذه المواصفات.
الا ان قادة الطاجيك بالتحالف الشمالي شددوا على انه اذا رغب الملك في العودة الى بلاده فان عليه ان يفعل ذلك "كمواطن عادي" بحسب تعبير برهان الدين رباني قائد التحالف ورئيس افغانستان المخلوع. واعتبر من جهته ممثل التحالف في الهند مسعود خليلي ان ظاهر شاه سيكون على اقصى تقدير "رئيسا رمزيا" وهو موقف سيسعى من دون شك انصار الملك السابق الذين يشكلون غالبية ممثلي الباشتون في المؤتمر الى مناهضته.