&
عمان ـ دخلت العلاقة بين الحكومة الأردنية والقوي السياسية والنقابية في البلاد الي مستويات جديدة من التوتر بدأت تنذر بمواجهات قانونية وأمنية متوقعة في حالة تصاعدها عشية عرض الرئيس الأمريكي جورج بوش لرؤيته بشأن السلام في الشرق الأوسط.
وتعيش البلاد حالة صدام سياسي واضحة بين الحكومة والسلطات الحكومية يهدد فيها كل طرف الطرف الآخر بلغة ناعمة نسبيا بعد فترة صمت متبادل اعقبت الأحداث الشهيرة لما سمي بمسيرة الزحف المقدس قبل ثلاثة أشهر.
ودخلت عدة عناصر في مسار التوتر المشار إليه فقد تشددت الحكومة مساء أمس الأول الثلاثاء ومنعت بالقوة اللجان النقابية النشطة من تحقيق هدف معلن سابق لها يقضي بإعداد حفل خاص لحرق كمية من البضائع الأمريكية وحالت الحكومة بالقوة دون هذا النشاط خوفا من ترويج ثقافة المقاطعة للبضائع الأمريكية.
ولأول مرة منذ ثلاثة اشهر أحاطت قوات أمنية مكثفة بمقر النقابات المهنية ومنعت المواطنين من التوجه لمهرجان خاص بمناسبة حرق البضاعة الأمريكية، لكن التوتر لم يقف عند هذه الحدود فقد دخلت العلاقة بين المسؤولين الحكوميين وبين قادة النقابات المهنية طور الحرب الكلامية والتصعيدات الإعلامية والنفي والنفي المتبادل.
ونفي وزير الإعلام محمد عفاش العدوان ما قاله نقيب المحامين صالح العرموطي حول إستعداد الحكومة لإعادة النظر بسلسلة القوانين المؤقتة مقابل تراجع نقابة المحامين عن الإضراب عن الترافع أمام محكمة أمن الدولة (المحكمة العسكرية). وقال العدوان إن ما نسبه العرموطي لوزير العدل فارس النابلسي غير صحيح وغير وارد مؤكدا ان الحكومة لم تقدم لأي جهة عرضا يخص القوانين المؤقتة.
وكان العرموطي قد ألمح الي ان الحكومة إستعدت لترتيب صفقة مقابل إنهاء المحامين لإمتناعهم عن الترافع أمام محكمة أمن الدولة وهي القضية التي ساهمت في تصعيد التوتر بين وزارة العدل ونقابة المحامين التي قررت في وقت سابق التوقف لمدة أسبوع بدأ فعليا من الأحد الماضي عن المثول أمام المحكمة العسكرية إحتجاجا علي القوانين المؤقتة.
وإرتبك العمل فعليا داخل محكمة امن الدولة التي إعتبرت إجراء المحامين إخلالا بمباديء العدالة لكن الوزير النابلسي وبصفته وزيرا للعدل طور تصعيد الحكومة بإرساله خطابا شديد اللهجة لنقابة المحامين شكك فيه بوجود اي تشريع قانوني في قانون النقابة يسمح لأعضائها بالإمتناع عن الترافع مؤكدا ان القانون يجبر جميع المحامين علي المثول مع موكليهم أمام جميع المحاكم بدون إستثناء.
وقال النابلسي ان الألم إعتصره وهو يطلع علي إجراءات نقابة المحامين معتبرا انها تلحق ضررا جسيما بالمواطنين وخصوصا المتهمين الذين يحتاجون للحق المقدس بالدفاع عن قضاياهم وحقوقهم، وندد النابلسي بإجراء المحامين مؤكدا ان الدستور منح مجلس الوزراء الحق بإصدار قوانين مؤقتة وان المحامين يستطيعون الطعن بالمحاكم بدستورية اي قانون مؤقت او اي قرار يصدر عن قانون مؤقت. وفي محصلة رسالته طالب الوزير النابلسي من نقابة المحامين التراجع عن قرارها لكنها ردت بتجاهل الطلب الحكومي معتبرة انه يلمح تلميحا لتهديد العمل النقابي والوطني كما قال النقيب صالح العرموطي. وأكدت النقابة بدورها في بيان لها بأن قانونها الخاص لا يمنعها من إقرار عدم الترافع خصوصا اذا كانت الحكومة تتعسف في إصدار القوانين المؤقتة وتمنح المحاكم الخاصة صلاحيات واسعة وغير مبررة.
ومن الواضح ان نقابة المحامين تتمسك بإجرائها وترفض السماح لأعضائها بحضور جلسات محكمة أمن الدولة حتي مطلع الأسبوع المقبل معتبرة انها تمارس حقا من حقوقها المباشرة التي لا تحتمل التمويه ورافضة الرسالة التي ارسلها الوزير النابلسي.
وتلك لم تكن المواجهة الوحيدة بين الحكومة والمؤسسات النقابية فقد ذكرت مصادر نقابية ان رئيس الوزراء طلب من النقابات المهنية إنهاء نشاطاتها التقليدية في مقاومة التطبيع وتحديدا نشر اسماء وقوائم المطبعين مقابل قرار حكومي بالتراجع عن قضية ما زالت مرفوعة ضد سبعة نقابيين بارزين يشكلون محور عملية ونشاطات مناهضة التطبيع.
وكانت الحكومة قد منعت مهرجانا منظما لمقاومة التطبيع وحالت دون عقده، لكن مجلس النقباء تعهد بالإلتزام بالخط الوطني المناهض للتطبيع والمعارض للسياسات الأمريكية والإسرائيلية المناهظة للأمة العربية، فيما تداعي النقابيون جميعا لإجتماع طارئ مساء الأربعاء لدراسة تطورات التصعيد مع الحكومة. وردا علي منع الحكومة لمهرجان النقابات الثلاثاء دعت لجنة التنسيق العليا أحزاب المعارضة التي تمثل عشرة من أحزاب المعارضة ممثلي الإعلام لحضور مهرجان خطابي مصغر سينظم اليوم الخميس في مقر حزب جبهة العمل الإسلامي تضامنا مع الأسري الفلسطينيين في سجون الإحتلال الإسرائيلي.
ويتوقع مراقبون ان تتصاعد خلال اليومين الماضيين حدة التوتر بين الحكومة والمؤسسات المدنية خصوصا مع تهديد اوساط رسمية بفتح ملف العمل المهني للنقابات المهنية وهو ملف تلوح به الحكومة بين الحين والآخر للضغط علي المؤسسات النقابية عبر إلزامها بنصوص قوانينها التي تحرم عليها العمل السياسي وتجبرها علي العمل النقابي فقط.
وفي إتجاه آخر تماما دخل رئيس الوزراء السابق عبد الرؤوف الروابدة وعلي نحو مفاجيء علي خطوط الداعين لتنظيم الإنتخابات البرلمانية بأسرع وقت ممكن والقي محاضرة شمالي البلاد أكد فيها عدم جواز ان يبقي الوطن دون أركان السلطة الثلاثة ومنها السلطة التشريعية معتبرا ان وجود مجلس نواب هو من عوامل قوة الأردن ومنعته.
وهذه المرة الأولي التي يطالب فيها الروابدة بان لا تتأجل الإنتخابات متقاطعا بذلك مع دعوي مناقضة لرئيس البرلمان السابق عبد الهادي المجالي.
واعتبر الروابدة ان الديمقراطية من أساسيات قوة المملكة داعيا لإنتخابات في اسرع وقت ممكن والي مشاركة الجميع فيها وفي القضايا الداخلية كي لاتبقي الأمور بين يدي الأقلية ومن اجل قيادات واعية تدرك ما يجري وتتعامل معه.(القدس العربي اللندنية)