إيلاف - خاص: يسعى جويد الغصين أحد المناضلين الفلسطيني الأوائل من بعد تحرير نفسه من اعتقال قسري دام 16 شهرا بطولها عند رفاق السلاح القدامى إلى إعطاء صورة مشرفة عن الحال الفلسطيني واستشرافاته نحو الحرية والمستقبل المشرق للشعب الفلسطيني ليس رد فعل على ما واجهه من رفاق السلاح بل لأن هذا الشعب يستحق الخلاص ممن يدعون الكلام باسمه.
والغصين الذي كان يتحدث إلى "إيلاف" اعتقله الرئيس ياسر عرفات للأشهر الماضية في غزة ثم كان اختطفه مرتين، أولاهما كانت من أبو ظبي في نيسان (ابريل) العام 2000 والثانية كانت من القاهرة في كانون الثاني (يناير) العام 2002 .
وفي كلا الحالين وحسب تقارير الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية وشهادات محققين وناشطين في مجال حقوق الإنسان فإن السلطة الفلسطينية ارتكبت جرما دوليا ضد مبادىء حقوق الإنسان، واعتقال الأفراد ضد إرادتهم تحت طائلة اتهامات لم تثبت.
جويد الغصين (71 عاما) بدا في معنويات عالية في لقائه مع "إيلاف"، وهو من بعد فترة من النقاهة والعلاج والراحة يشرع بالقيام بحملة شاملة على نطاق دولي لكشف الممارسات الخاطئة للسلطة الفلسطينية في حق شعبها.
وهو يؤكد على ان "شعبنا الفلسطيني مثله مثل غيره من شعوب الأرض يستحق ان ينعم بالحرية والاستقلال، وقبل ذلك من شروط فانه يستحق قيادة نقية ذات شفافية عالية تحارب الفساد والمفسدين وتطيح بهم لتأهيل شعبنا للقيام بمهماته على نحو دولي".
وفي التفاصيل فان السلطة الفلسطينية اختطفت الغصين الذي كان رئيس الصندوق القومي الفلسطيني سابقا من ابوظبي تحت دعاوى تقديمه إلى محكمة فلسطينية بسبب ما ادعته السلطة على انه "قضية اختلاس"، وكانت محكمة ابوظبي العليا برأت ساحته من هذه التهمة وظل الرجل طليقا من بعد قرار تلك المحكمة.
إلى ان فجأة، حوصر من الأمن الإماراتي ومعهم امن فلسطيني لنقله على الفور في طريقة دراماتيكية إلى غزة "على متن طائرة رئاسية فلسطينية ليوالي الاعتقال القسري من بعد ذلك على نحو غير معهود".
تلك الأثناء لم يتحدث أي مسؤول إماراتي في أي كلام كون القضية "محض فلسطينية"، لكن الغصين عاتب لا بل يلوم مسؤولين لم يذكرهم بالاسم في ابوظبي بأنهم لم يحركوا ساكنا تجاه عملية اختطافه من ارض بلدهم على الرغم من معرفتهم التامة براءته مما نسب إليه من الجانب الفلسطيني وأمام محكمتهم العليا.
واذ الغصين كان من رجال الأعمال المرموقين في الإمارات والموثوقين هناك، فان "إيلاف" سألته: وهل ستتحادث مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس الدولة وهو يعرفك حق المعرفة؟
فقال: ليس بعد، والشيخ زايد ربما لا يعرف بمجمل تفاصيل القضية التي جرت تفاصيلها الدرامية حين كان يواصل العلاج، وانا ادرك كم هذا الرجل خير وحكيم وعادل، ولا اريد ان أزعجه الآن في اية تفاصيل.
مناضل وصديق لحكام
والغصين صديق لحكام عرب كثيرين منهم الملك الأردني الراحل الحسين بن طلال والعاهل المغربي الراحل الحسن الثاني والشيخ زايد بن سلطان وأمراء الكويت بمن فيهم الشيخ جابر الأحمد وقطر ورؤساء تونس والعراق وسورية ولبنان ومصر ومسؤولين كبار من العائلة الملكية السعودية كما الحال مع زعامات غربية كثيرة في بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وبلجيكا وايطاليا.
وهو مناضل قومي النزعة حيث بداياته الأولى كانت في طلائع حزب البعث غالب سني عمره في القرن الفائت من القرن الماضي مناضلا تارة وسياسيا تارة أخرى ورجل أعمال في دول الخليج العربية والخارج.
وحين التقته "إيلاف" في منزله في إحدى الضواحي في العاصمة البريطانية، كان المنزل يغص بالعشرات من أصدقائه ومريديه وأعوانه من سياسيين وصحافيين عربا وأجانب، كما كان الهاتف لا يتوقف للرد على الذين في الطرف الآخر مهنئين بسلامته وتحرره.
ويقول الغصين في معرض الحديث عن اللحظات الأخيرة لمغادرته القدس إلى لندن ليل الأربعاء ـ الخميس الآتي: كنت اخطط للسفر لكن القضية هي ان السلطة الفلسطينية كانت من وقت سابق احتجزت جواز سفري الدبلوماسي للحؤول دون مغادرتي، ولقد بادرت السلطات الأردنية مشكورة خلال 24 ساعة بمنحي جواز سفر استطعت بموجبه ان أغادر.
وأضاف انه غادر في سيارة أجرة برفقة كريمته منى التي كانت تزوره بين حين وآخر وأمضت الأيام الأخيرة إلى جانبه في القدس، حالها حال حين كنت في المستشفى في القاهرة قبل اشهر.
وقال: ولقد سهلت لنا السلطات الإسرائيلية إجراءات الوصول إلى مطار (بن غوريون) في اللد، حيث ركبنا الطائرة التي أوصلتنا إلى لندن تاركين السلطة تحتار في أمرها.
ورد الغصين على سؤال عن الجهات التي كانت تنادي بتحريره ، فقال أنها كثيرة منها ان الحكومات الغربية جميعا تحركت وطالبت السلطة الفلسطينية بعمل ما، كما ان اسقف كانتربري ارسل موفده الى الرئيس عرفات لمحادثته في الامر ومنظمة الامم المتحدة ومنظمة العفو الدولي (امنيستي)، وايضا الصحافة الغربية واخص منها الاميركية والبريطانية الى جانب جريدتكم "إيلاف" وبعض الصحف العربية ووكالة يونايتد برس انترناشينال (يو بي آي) والجميع ادى مهمته.
* ولكن ماذا كان رد القيادة الفلسطينية؟
&يقول الغصين: لا أحد هناك يريد ان يسمع فالقرار للرئيس عرفات وحده، ولم تكن جميع المعلومات تصل اليه، فلم يقدموني الى اية محكمة في أية تهمة، وحيث براءتي حول ما ادعوه ضدي من اموال، كانت محسومة ببراءتي من محكمة ابوظبي العليا، ولكنهم أصروا على احتجازي تلك الفترة الطويلة.
&يقول الغصين: لا أحد هناك يريد ان يسمع فالقرار للرئيس عرفات وحده، ولم تكن جميع المعلومات تصل اليه، فلم يقدموني الى اية محكمة في أية تهمة، وحيث براءتي حول ما ادعوه ضدي من اموال، كانت محسومة ببراءتي من محكمة ابوظبي العليا، ولكنهم أصروا على احتجازي تلك الفترة الطويلة.
لا لقاء مع عرفات
*هذا معناه انك لم تقابل الرئيس او تكلمه ابدا؟
ـ يقول الغصين: الاتصال الوحيد كان بيني وبينه على الهاتف قبل ان اغادر غزة في الشهر الماضي القدس وكان الاتصال قصيرا.
*وهل تعتقد ان القضية انتهت بينكم وبين جماعة السلطة؟
ـ يقول الغصين: لا شيء من جانبي يسمى قضية، فهم افتعلوا كل شيء، وهم اختطفوني مرتين، الاولى من ابوظبي، والثانية من المستشفى في القاهرة حيث ذهبت في نهاية العام الماضي.
الخطف من القاهرة
*وكيف تمت عملية الاختطاف من القاهرة؟
ـ الغصين: لقد جاء عدد من الامن المصري ومعهم نظراء من الامن الفلسطيني، وحملوني بسيارة السفير الفلسطيني إلى نقطة العبور في رفح وسلموني هناك إلى الجانب الفلسطيني الذي حاول إعادتي إلى الفيللا التي احتجزوني فيها أول مرة، ولكنني طلبت اليهم السماح لي بالعيش في بيت خالي هناك في غزة، ووافقوا ولكن تحت حراسة مشددة تراقب عليك حركاتك كلها.
* وهل كان حراسك يتعاملون معك بلباقة واحترام
ـ الجميع من الحرس كان طيبا معي، لكن المسألة هي انني كنت احس دائما بانني سجين ضد ارادتي.
*هل قصة المبلغ وهو ستة ملايين دولار تطالبك السلطة الفلسطينية بها صحيحة؟
ـ من وجهة نظر البعض عندهم قد تكون صحيحة، ولكن الذي لا يعرفه الكثيرون، هو ان هذا المبلغ كان شراكة بيني وبين السلطة كرجل مستثمر لاقامة مشروع مشترك مع منظمة التحرير، ولكن المشروع فشل، والرئيس عرفات يعرف ذلك، ورغم ذلك، فانني والبيانات تشير إلى ذلك اعطيتهم تفويضا بـ 46 قطعة ارض لي في العاصمة الأردنية لبيعها مقابل المبلغ للانتهاء من مجمل القضية من دون اثارة اية قضايا بيني وبين السلطة.
ـ من وجهة نظر البعض عندهم قد تكون صحيحة، ولكن الذي لا يعرفه الكثيرون، هو ان هذا المبلغ كان شراكة بيني وبين السلطة كرجل مستثمر لاقامة مشروع مشترك مع منظمة التحرير، ولكن المشروع فشل، والرئيس عرفات يعرف ذلك، ورغم ذلك، فانني والبيانات تشير إلى ذلك اعطيتهم تفويضا بـ 46 قطعة ارض لي في العاصمة الأردنية لبيعها مقابل المبلغ للانتهاء من مجمل القضية من دون اثارة اية قضايا بيني وبين السلطة.
اراضي واثمان
*وهل تعرف مصير اثمان هذه الاراضي الآن، ما دمت أعطيت تفويضا للبعض من الادعاء العام الفلسطيني بها؟&
& ـ في حقيقة الامر لا اعرف الى اللحظة، ما مصيرها، وماذا فعلوا بالأراضي او تلك الأموال، هذا سؤال يمكن ان يجيبوا عليه هم.
*هل تعتقد ان وقوفك في العام 1990 ضد الغزو العراقي للكويت، خلاف موقف القيادة الفلسطينية يمكن ان يكون سببا رئيسا لتوريطك في قضايا تغتال اسمك السياسي والاقتصادي والاجتماعي؟
ـ في الحقيقة، لا اعرف، ولكنني اعترف دائما انني كنت دائما ولا زلت ضد غزو العراق للكويت، وكنت احذر القيادة الفلسطينية وغيرها من القيادات العربية من مغبة ذلك، وكنت أقول ان لا حيلة لنا بمواجهة الغرب بقيادة أميركا التي هي عازمة على توجيه الضربة للعراق ليس لتحرير الكويت فحسب بل لانهاء اية قوة للأمة العربية.
حرية لكل فلسطيني
*وماذا ينوي عمله جويد الغصين فعله الآن من بعد تحرره في هذه الطريقة الدراماتيكية؟
&ـ تحرري في هذه الطريقة اتمناه لكل فلسطيني يواجه نفس الظروف وهم بالمئات ان لم يكونوا بالآلاف في سجون ومعتقلات السلطة الفلسطينية، فانا من بعد الراحة لأيام سأبدأ تحركي على نحو عالمي من اجل حقوق الانسان الفلسطيني والعمل على اقامة سلطة فلسطينية ذات شفافية عالية واخلاقيات جديدة في العمل السياسي خدمة لأهداف شعبنا الفلسطيني في انتزاع حقوقه.
مشكلتنا المستمرة والدائمة كفلسطينيين اننا نريد من ان يعبر عنا خدمة للأجيال الآتية، والسلطة الحالية لا يمكن ان توفر هذه المعايير لا ديموقراطيا ولا خلافه، ان قيام الدول له اسس واهداف استراتيجية واضحة، وهذا ما لا المسه من السلطة الراهنة، ولذلك فلا بد من التغيير الذي هو مطلوب على كل مستوى وليس مستوى واحد فقط.
كلام منى وابو مدين
واذ ذاك، ومع الحديث مع جويد الغصين المتحرر من الاقامة الجبرية وعودته الى اسرته (زوجته خالدة وكريمته منى وابنه توفيق)، فان "إيلاف" تشير إلى ان وزير العدل الفلسطيني السابق فريح ابو مدين كان صرح لها بانه هو وزهير الصوراني النائب الفلسطيني العام مقتنعان ببراءة ما تنسبه بعض الجهات الفلسطينية الى الغصين من اتهامات في غير محلها.
لكن ابنته منى وهي الكاتبة والوجه الاجتماعي المعروف في العاصمة البريطانية كشفت لـ"إيلاف" ان بعض مسؤولي السلطة كانوا ضغطوا على أسرة الغصين للتوقيع على سحب أي قضية يمكن ان يقيموها ضد السلطة الفلسطينية مقابل الإفراج عنه وسفره إلى حيث يريد، وقالت ان هؤلاء المسؤولين كانوا يطالبون أيضا منا التوقيع على الأوراق المتعلقة بالحكم الصادر من محكمة ابوظبي العليا لتجييره لصالح السلطة من اجل عمليات ابتزاز ممكن ان يستخدموها ضدنا في المستقبل.
وأخيرا، قالت منى الغصين "ولكننا رفضنا وابينا ان نوقع على اية اوراق، ما دام قرار محكمة ابوظبي العليا واضحا ومادام لا يوجد أي اتهام قد توجهه السلطة الفلسطينية ضد والدي، وها انت ترى فان الحق انتصر، وها هو والدي حرا، وهذه الحرية نتمناها لجميع الفلسطيني من سلطتهم اولا ومن ثم من اسرائيل".
التعليقات