جوهانسبورغ-رينيه فليبو: ما زالت مهنة المرتزقة التي يبلغ عمرها الفي عام وتحتل المرتبة الثانية في العالم في قدمها، تنعم بمستقبل باهر بممثليها الفرنسي "بوب (دينار) الفظيع" والكولونيل البريطاني "مايك (هور) المجنون"، ومكتبها "اكزيكيوتيف اوتكومز" مع انه اغلق رسميا في جنوب افريقيا.
&والاثنان هما من بعض المرتزقة الذين اطاحوا حكومات وهزوا طغاة وقاتلوا في صفوف وحدات متمردة في السنوات الخمسين الاخيرة في القارة السوداء ارض ازدهارهم مستفيدين من الحروب القبلية والانقلابات وتهريب الاسلحة وعمليات الابادة.&واعادت الحرب الاهلية التي اندلعت اخيرا في ساحل العاج "كلاب الحرب" الى دائرة الضوء بوصول اربعين من المرتزقة جنوب الافريقيين في تشرين الاول/اكتوبر سيلحقهم 160 آخرون، الى ابيدجان، لحساب الرئيس لوران غباغبو، حسبما ذكر محلل في احد المعاهد الكبرى في بريتوريا.
وقد لعبت جنوب افريقيا طويلا دور "مستودع" لهؤلاء المرتزقة لافريقيا عبر عدة وسطاء خصوصا شركة جنوب افريقية خاصة "للامن والاستشارات العسكرية" تدعى "ايكزيكيوتيف اوتكومز" وتتخذ في احد شوارع بريتوريا مقرا لها.&ونفى رئيسها السابق نيكو بالم اي تورط في ساحل العاج للشركة التي اغلقت ابوابها رسميا في بداية 1999.
&لكن وزارة خارجية جنوب افريقيا قالت انها تحقق في المسألة لان قانونا صدر في هذا البلد لا سابق له في القارة السوداء، يحظر منذ 1998 تجنيد وتدريب وتمويل المرتزقة في جنوب افريقيا ويمنع اي مواطن منها من المشاركة في نزاع مسلح في الخارج.
&وقال نيكو بالم ان المرتزقة الذين جرى الحديث عنهم في ساحل العاج جاؤوا من "منظمة تقوم بالاحتيال (...) مستخدمة اسم وشعار "ايكزيكيوتيف اوتكومز".&وكانت هذه الشركة التي انشئت في 1991 تجند عناصرها من صفوف القوات المسلحة في جنوب افريقيا وهيئات الشرطة ابان نظام الفصل العنصري ليخدموا خصوصا في النزاعات في انغولا وسيراليون وحتى بابوازيا غينيا الجديدة لحساب حكومات او مصالح اقتصادية خاصة تتعلق خصوصا بالنفط والالماس.
&وقد اثار نبأ اغلاقها تشكيكا كبيرا من قبل الخبراء وخصوصا في النشرة البريطانية المتخصصة في شؤون الدفاع "جينز ويكلي ديفنس" الذين رأوا انها "اغلقت من جهة لتفتح من جهة اخرى".&وفي النزاع الاخير في مدغشقر دان الرئيس مارك رافالومانانا محاولة للتدخل من جانب 36 من المرتزقة جنوب الافريقيين توجهوا جوا الى مدغشقر في 21 حزيران/يونيو لاغتياله بعد شهر من توليه السلطة خلفا لديدييه راتسيراكا.
&لكن جنوب افريقيا ليست المصدر الوحيد "لتجار الموت" الذين يحصلون على اجورهم في بعض الاحيان من الثروات المعدنية مثل الالماس في سيراليون حسبما ذكرت الامم المتحدة في 1999.&ففي النزاع في مدغشقر وقبيل الحملة التي قيل انها قدمت من جنوب افريقيا وتم احباطها، دعا راتسيراكا حوالي 12 من المرتزقة الفرنسيين. لكنهم اعيدوا الى فرنسا من دار السلام بينما كانوا متوجهين الى الجزيرة الكبرى مدججين بالاسلحة. واعترفت وزارة الخارجية الفرنسية حينذاك بانها لعبت دورا كبيرا في وقف هذه العملية.
&وهذه المحاولات الفاشلة تذكر بعمليات الفرنسي بوب دينار الذي يبلغ من العمر اليوم 75 عاما وبرع في مهنته حتى اطلق عليه لقب "صانع الملوك"، بدءا من الستينات من الكونغو البلجيكية الى اليمن مرورا ببيافرا والغابون وجزر القمر. وكان يعمل في اغلب الاحيان مع "بلاك جاك شريم" او الكولونيل "مايك (هور) المجنون".&وفي النزاعات الافريقية، تحتل جزر القمر مكانة كبرى في لائحة الدول التي يطمح اليها المرتزقة، منذ استقلالها عن فرنسا في كانون الاول/ديسمبر 1975 .
&ففي 1976، قاد بوب دينار انقلابا على اول رئيس لجزر القمر بعد استقلالها احمد عبد الله. وفي ايار/مايو 1978 اطاح مع خمسين من المرتزقة ولحساب عبد الله، الرئيس علي صويلحي الذي قتل "خلال محاولته الهرب".&وقتل عبد الله نفسه في تشرين الثاني/نوفمبر من السنة نفسها خلال غزو آخر لمرتزقة بقيادة دينار. لكن "بوب الفظيع" برئ خلال محاكمته في باريس في 1999.
&ومن الافكار التي طرحت في بداية العام الجاري ما دعا اليه وزير الخارجية البريطاني جاك سترو من استخدام المرتزقة رسميا وخبراتهم وطاقتهم وطموحاتهم في عمليات دولية لحفظ السلام. واثارت هذه الدعوة استياء عاما ووصفت حتى بانها "تثير الغضب".&وكان سترو رأى في المرتزقة وسيلة للحد من نشاط هؤلاء الجنود المعروضين للبيع المتهمين في اغلب الاحيان بتأجيج النزاعات في العالم الثالث.