نضال حمد
&
منذ أن اجتاحت القوات الصهيونية الضفة الغربية المحتلة, وقامت بتدمير المدن والقرى الفلسطينية في عمليات تخريب ونهب وتجريف منظمة, تعرضت الكنائس الفلسطينية بدورها لاعتداءات صهيونية كبيرة, لم تكن محاصرة كنيسة المهد بدايتها ولا نهايتها.
فقد تمت مصادرة الحريات الدينية للمسيحيين الفلسطينيين بشكل بشع واستعلائي, بحيث أصبح المسيحي الفلسطيني بلا حرية دينية حقيقية,لأنه ممنوع من الصلاة في كنيسته بسبب الأحتلال. وهذا الأمر المثير يجب أن يكون له تأثير على المسيحية العالمية العاقلة والملتزمة, نحدد المسيحية بهؤلاء لأنه توجد كنائس في أمريكا وأوروبا لا علاقة لها بالمسيحية بل هي كنائس تسير مبرمجة صهيونيا.وهذه البرمجة الصهيونية المقصودة تعرف وتعلم ماذا تريد من هذه الكنائس وإلى أين تقودها. أما العرب الذين يعيشون في بلاد الغرب وبخاصة أمريكا فهم بحكم وجودهم هنا مجبرون على التعايش مع حقد وأضاليل ودجل هؤلاء, وهذه الحياة المشتركة في& البلاد الغربية تفرض على العربي المسيحي أن يدافع عن المسيحية ويعري زيف المسيحية الصهيونية. ثم بشكل عام لا يحتاج الإنسان هنا لعناء البحث عن مثل هؤلاء من اتباع الكنائس المتصهينة, لأنهم كثر وموجودون بوفرة, وهؤلاء هم العون والسند الإعلامي والمادي والمعنوي للصهيونية الاستعمارية الاستعلائية التي تحتل فلسطين وتحتل أيضا عقول هؤلاء الملايين من السذج والمتعصبين.
&ففي الوقت الحالي والعالم أجمع يستعد للاحتفال بعيد الميلاد المجيد واستقبال السنة الميلادية الجديدة, يجد مسيحيو الأراضي الفلسطينية المحتلة أنفسهم في سجن كبير لا يدعهم وشأنهم كما لا يسمح لهم القيام بواجبهم واستقبال الأعياد والاحتفال بها كما ينبغي. فعلى كل شارع وزقاق في بيت لحم تقف الدبابات تسد الطرق والممرات إلى الكنائس, وتسيطر طائرات الأباتشي على سماء المنطقة بشكل يسمح لها باصطياد الناس فرادى وجماعات, كما أن أسطح الكنائس والأديرة وما يجاورها من أبنية أصبحت أمكنة للقناصة الصهاينة الذين يقتلون الناس بدم بارد وبلا ضمير. كأن هؤلاء القناصة في لعبة كمبيوتر أو "بلاي ستاشين" يمارسون هواياتهم الدموية. ومعروف أن بيت لحم مدينة الحب والسلام, تخضع لنظام حظر التجوال كما معظم المدن الفلسطينية في الضفة الغربية, وتمارس القوات الإسرائيلية الغازية خلال هذه الفترة ابشع عمليات الاغتيال والتنكيل والاعتقال بحق الفلسطينيين من أبناء المدينة. ومن المعروف كذلك أنه خلال المداهمات الهمجية التي تقوم بها وحدات الجيش الصهيوني, تتم عمليات اعتداء على الممتلكات وتكسير وتخريب متعمد, وكذلك تحصل عمليات سرقة وسطو ينفذها بعض الضباط والجنود. وهؤلاء قاموا العام الماضي بسرقة أملاك كثيرة للمواطنين الفلسطينيين وكذلك أملاك للسلطة الفلسطينية وأخرى تابعة للكنائس والمساجد الفلسطينية, اعترفوا بها علنا وبلا خوف.
في هذه الأيام العصيبة من عمر المجتمع الفلسطيني بشكل عام وأهالي بيت لحم بشكل خاص, يشعر الإنسان بالعجز والضيق والأسف على الواقع الفلسطيني الصعب وعلى الأهالي المسيحيين في بيت لحم, حيث لا ظهر لهم ولا سند, فكنائس أوروبا وأمريكا عاجزة أو معادية كما حال الأنظمة هناك. والاحتلال يدمر وينهب ويحاصر ويقتل ويعتدي على أقدس ما عند الفلسطيني من مقدسات, ولا أحد يدينه أو يقف له سدا ولو بالكلام. إننا فعلا في عالم مغلوب على أمره, تسيطر عليه الخزعبلات الصهيونية وتتحكم به الأيادي الشيطانية, هذه التي تعمل كل شيء يجعل الناس يسخطون منها ويكرهونها ويتخذون ضدها المواقف. لكن حتى المواقف الكلامية لم تعد تجدي مع احتلال عنصري, كولونيالي,لا يرى في ضحيته سوى الذبيحة التي تعيش من اجل أن تلد ضحايا جديدة لتموت بدورها على مذبح حروب الصهيونية الاستعمارية وبخناجر مؤامراتها التوسعية والعدوانية.
على الشعب الفلسطيني الأبي وبخاصة المسيحيين الفلسطينيين أن يعلنوا بأعلى صوتهم أنه آن الأوان,لكي ينهض العالم من كبوته التي استمرت طويلا, فليس من العدل وليس من العقل أن تستمر المجازر والمذابح والسياسة العنصرية الصهيونية في فلسطين بحق شعبها القابع تحت نير الاحتلال, بينما الغرب يدعم إسرائيل ويحاول الهروب من واجباته إزاء المسيحيين الفلسطينيين والإنسانية بشكل عام. ومطلوب من الكنيسة الكاثوليكية أولا أن تقف موقفا حاسما من الصهيونية والكيان الصهيوني وان تعيد النظر في سياستها الحديثة اتجاه هذا الكيان الدموي الذي لا يحترم الإنسان ولا المقدسات, ويقوم بالدوس على كرامة المواطن ومقدسا ته.
&ثم كيف يفسر المسيحي الفلسطيني موقف قياداته الروحية الغير متكافئ, فعندما تحدث عملية فلسطينية يقتل فيها يهود من المدنيين أو الجنود, يقوم الفاتيكان و تقوم الكنيسة بإدانته بشدة واعتبارها عملا إرهابيا بينما تنتقي الكلمات كأنها تزن أبيات القصيدة حين تعد لأدانة خجولة بحق إسرائيل وجرائمها في فلسطين المحتلة. نعم العالم المسيحي مطالب بأكثر من الكلام والموقف,وتنديد هنا أو إدانة هناك, هذا العالم مطالب بصحوة ونهضة وقيامة جديدة تميز بين المسيحية كدين سلام ومحبة وخلاص وبين الصهيونية التي ابتلعت الكنائس الغربية وجعلتها تابعة لها وأداة لتنفيذ مآرب إسرائيل التوسعية المستمدة من الأيديولوجية الصهيونية التي تعتبر بأفكارها الأبارتهايدية شكل من أشكال العنصرية.