‏‏‏الكويت- خالد الزيد‏:مع دخول السنة الجديدة تبدأ دول مجلس التعاون لدول ‏‏الخليج العربية تطبيق اتفاقية الاتحاد الجمركي الخليجي في خطوة وصفت بأنها بداية ‏‏التوجه نحو اقامة السوق الخليجية المشتركة. ‏ويعتبر قرار الاتحاد الجمركي الخليجي تتويجا لسلسلة من الخطوات والانجازات ‏‏التي حققتها دول مجلس التعاون منفردة ومجتمعة معا والتي شكلت بدورها المناخ ‏‏الملائم على الصعيدين الوطني والخليجي لأسس التكامل الاقتصادي المنشود الذي تحقق ‏‏في منطقة التجارة الحرة من دون أي معوقات أو قيود جمركية أو ادارية أو كمية ضمن ‏ ‏سوق خليجية مشتركة تؤدي الى التكامل الاقتصادي. ‏
ويعد قيام الاتحاد الجمركي الموحد من القرارات المهمة التي اتخذها القادة في ‏ ‏قمتهم الخليجية الثالثة والعشرين التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة.‏ يذكر ان قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست قرروا في قمتهم الثانية والعشرين ‏‏التي عقدت في سلطنة عمان في 31 ديسمبر الماضي اقامة اتحاد جمركي ووقعوا اتفاقا ‏‏اقتصاديا يقضي بتوحيد التعريفة الجمركية يبدأ مع بدء يناير عام 2003 بدلا من عام ‏‏2005 عملة موحدة بعد 7 أعوام من أجل تجسيد التكامل الاقتصادي فيما بينها وهو ‏‏الأمر المنتظر منذ عام 1981 . ‏
بموجب اتفاق سيتم بحلول مطلع عام 2003 توحيد الرسوم الجمركية التي تتقاضاها ‏ حكومات الدول الخليجية على المنتجات الأجنبية عند خمسة في المائة بدلا من النسبة ‏
‏الحالية التي تراوح من 4 الى 15 في المائة. وينظر الى هذا الاتفاق بأهمية بالغة بوصفه مرحلة تمهيدية لاتفاق أشمل على تبني ‏‏عملة موحدة لتكريس الوحدة الاقتصادية بين الدول الخليجية على غرار الوحدة النقدية ‏‏بين دول الاتحاد الأوروبي كما ان الاتحاد الجمركي سيسمح بتمكين دول المجلس من ‏‏تبني علاقات أكثر تكافؤا من التكتلات الاقتصادية العالمية التي أصبحت سمة تميز ‏ ‏العلاقات الاقتصادية الدولية في ضوء سيادة مفاهيم العولمة.
ويضاف الى ذلك ان دول المجلس ستصبح قادرة على ابرام اتفاقية التجارة ‏ ‏الحرة مع الاتحاد الأوربي التي ستعطيها الكثير من الامتيازات والتسهيلات في ‏ ‏العلاقات التجارية مع أوروبا حيث تعثر ابرامها منذ عام 1988 لتعليق أوروبا ذلك ‏ ‏على شرط التوصل للاتحاد الجمركي الخليجي .‏
‏ يذكر ان اقامة اتحاد جمركي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وعملة موحدة ‏
‏شرطا وضعه الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الرئيسي لدول مجلس التعاون الخليجي من ‏‏أجل ابرام اتفاق تبادل حر يجري التباحث بشأنه منذ 13 سنة.
‏ ويشكل توحيد التعرفة الجمركية وانشاء اتحاد جمركي خليجي أحد أبرز الطموحات ‏ لخليجية في هذا المجال حيث تنص الاتفاقية الاقتصادية الموحدة الموقعة في 11 ‏ ‏نوفمبر 1981 في مدينة الرياض على ضرورة العمل على وضع حد أدنى لتعرفة جمركية ‏‏موحدة تطبق تجاه العالم الخارجي.
ومنذ ذلك الحين وحتى الان تعمل الادارات المعنية في دول مجلس التعاون لتحقيق ‏‏هذا الهدف لشعورها بأن قيام سوق خليجية مشتركة وتحقيق التكامل الاقتصادي فيما ‏‏بينها يقضي توحيد التعرفة الجمركية على السلع الاجنبية واقامة اتحاد خليجي. ‏
ومنذ اتخاذ قرار اقامة الاتحاد الجمركي الخليجي باشر مجلس جمارك الدولة بعقد ‏‏اجتماعات مكثفة بين الجهات المعنية لوضع هذا القرار موضع التنفيذ في وقته المحدد‏أخذا بالاعتبار أهمية اتخاذ قرارات تشريعية وفنية وهيكلية مؤسسية لضمان الانتقال ‏ ‏نحو الاتحاد الجمركي الخليجي بشفافية تنفيذها في اطار دول المجلس ومن أهمها الغاء ‏ ‏الرسوم الجمركية على منتجات دول المجلس الوطنية الزراعية والحيوانية والصناعية ‏ ‏ومنتجات الثروات الطبيعية شريطة اصطحابها شهادة منشأ من الجهة الحكومية المختصة ‏ ‏في الدول المصدر كما تم عمل اعادة التأمين أو الرسوم الجمركية المستوفاة على ‏ ‏البضاعة ذات المنشأ الوطني لصاحب البضاعة عند التشكك في صحة منشئتها وبعد التأكد ‏ ‏من أهليتها للاعفاء بالاضافة الى العمل بنظام التخلص الفوري لانهاء الاجراءات ‏ ‏الجمركية للبضائع التي يصطحبها المسافرون في المراكز الحدودية لدول المجلس.
كما عملت دول المجلس على منح التسهيلات اللازمة لمرور البضائع بطرق&‏العبور "الترانزيت" بين دول المجلس وفق نظام العبور المتفق عليه من قبل مديري&‏عامي الجمارك بالاضافة الى العمل على توحيد بطاقات تسجيل السيارات الجمركية في ‏ دول المجلس.ان تطبيق التعرفة الجمركية تحقق العديد من الفوائد وهذا ما أكده الأمين العام ‏‏لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أحمد بن حمد العطية في 20 ديسمبر الجاري في ‏‏تصريح صحفي حين ذكر أن دور رجال الأعمال والقطاع الخاص و هم من أوائل المستفيدين ‏‏من قيام هذا الاتحاد حيث يمكنهم التخليص على بضائعهم في أول نقطة جمركية مع ‏‏العالم الخارجي ودفع الرسوم الجمركية لمرة واحدة فقط ويمكنهم نقل بضائعهم الى أي ‏ ‏من دول المجلس بكل سهولة دون عوائق جمركية تذكر. وأضاف رجال الأعمال بالتعاون مع ادارات الجمارك بالدول الأعضاء خلال الفترة ‏ ‏الانتقالية بحيث تكون مستندات بضائعهم كاملة وفق ما نص عليه النظام (القانون) ‏‏الموحد للجمارك لدول المجلس كما يجب على رجال الأعمال أن يكون لديهم وكيل لتخليص ‏‏بضائعهم في المنافذ الجمركية التى يستوردون عن طريقها حتى لا تتعرض بضائعهم ‏‏للتأخير في الفسح.
وأكد انه في حالة تنفيذ رجال الأعمال الخليجيين ما هو مطلوب منهم فانهم ‏‏سيدعمون قيام الاتحاد الجمركى دعما حقيقيا ويساهمون في تحقيق الهدف المرجو من ‏ ‏قيامه وهو تقليل تكلفة وصول السلع للمستهلك من خلال عدم تكرار استيفاء الرسوم ‏ ‏الجمركية عليها وسرعة انسياب السلع وتحركها بين أسواق دول المجلس.ان اعتماد اقامة الأتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون من أعضاء المجلس الأعلى ‏ ‏لدول التعاون في قمة الدوحة القادمة يأتي تجسيدا وتأكيدا للاهمية القصوى التي ‏‏توليها حكومات الدول الأعضاء بمجلس التعاون لاقامة الاتحاد الجمركي بينها كمرحلة ‏‏انتقالية يتم بعدها الانتقال لمرحلة السوق الخليجية المشتركة ومنها للمرحلة ‏‏النهائية من مراحل التكامل الاقتصادي وذلك باقامة الاتحاد الاقتصادي الخليجي.&
انشاء اتحاد جمركي خليجي فكرة جيدة من الناحية النظرية‏
‏‏&
قال الاقتصادي الكويتي جاسم خالد السعدون ان ‏فكرة انشاء اتحاد جمركي خليجي من الناحية النظرية فكرة جيدة باعتبارها توحد ‏‏الموقف التفاوضي الضريبي تجاه الغير وتميز التبادل التجاري البيني عن ما عداه. ‏ جاء ذلك في تصريح&حول رأيه في فكرة انشاء ‏
‏اتحاد جمركي خليجي والمقرر الانتهاء منه رسميا في مطلع شهر يناير المقبل والمتوقع ‏
‏ان يعلن عن انشائه رؤساء دول مجلس التعاون في اجتماعات القمة ال 23 للمجلس الاعلى ‏
‏لمجلس التعاون والتي تختتم في وقت لاحق هنا اليوم.&وقال ان فكرة انشاء الاتحاد الجمركي هي تعني وجود رؤية لبلورة التعاون ‏‏الاقتصادي باتجاه مزيد من الارتباط بين هذه الكتلة. ‏ واوضح قائلا " هكذا بدأ الاتحاد الأوروبي وهكذا بدأ معظم التعاون الآسيوي ‏‏وهكذا بدأ في أمريكا الشمالية وهذا هو ما يفترض أن يكون عليه مسار مجلس التعاون ‏‏لدول الخليج العربية ..ولكن على أرض الواقع لا يجب أن نولي ما يمكن أن يتحقق في ‏‏يناير القادم كل هذا الاهتمام". ‏
وتابع "فبعد 23 سنة هي عمر المجلس ومحاولتين فاشلتين لتوحيد التعرفة الجمركية ‏ ‏لازلنا نأمل بأن يتحقق توحيد للتعرفة الجمركية وقد لايتحقق في زمن أصبح فيه كل ‏ ‏العالم قريبا من المنطقة الجمركية الواحدة وليس بين دول المجلس تبادل سلعي بيني ‏ ‏رئيسي ولا تتعدى التعرفة المحددة في كل دولة على حدة كثيرا عن واقع حالها وهي في ‏
‏الأساس ليست تعرفة حمائية ولا تمثل مصدرا رئيسيا لتمويل المالية العامة". وحول الآثار الايجابية والسلبية التي ستترتب على دول مجلس التعاون الخليجي في ‏‏حال انشاء هذا الاتحاد قال السعدون انه لاتوجد آثار سلبية للقرار اذا تم استثناء ‏‏خسارة بعض الدول لبعض الدخل وبعض الحمائية وكلها كانت حتما زائلة بمرور الزمن. ‏‏ما الآثار الايجابية فاوضح انها في حدودها الدنيا اذا ما أخذ في ‏‏الاعتبار المستوى الحالي للتعرفة على معظم السلع والنظر الى معدل التبادل السلعي ‏‏البيني لدول المجلس وقال ان تحقيق اجراء ايجابي يعطي بحد ذاته شعورا حول امكانية ‏‏البناء عليه ويعني ربطا أكثر بين سلطات الجمارك في المنطقة وربما يشجع على توحيد ‏‏القوة التفاوضية مقابل الغير وربما يشجع بعض الانتاج المحلي المنافس عند الشعور ‏‏باتساع السوق لدى بعض المنتجين وتبقى قضية الالتزام به قضية حاسمة في تحقق أو عدم ‏ ‏تحقق الايجابيات المحدودة. ‏
وحول النتائج المترتبة على دول المجلس في حال ربط عملاتها المحلية بالدولار ‏ ‏الأمريكي لا سيما على دولة الكويت قال السعدون "هنا لابد من استثناء خمس دول من ‏
‏اصل ست تشكل المجلس عند التعليق على ربط عملاتها بالدولار فالأصل أن كل الدول ‏
‏الأخرى باستثناء الكويت تربط عملاءها بالدولار مما يجعل معامل التبادل بين سعر ‏ ‏صرف عملاتها ثابتا.‏
‏ واشار في حديثه لكونا الى ان مبررات ربط عملات دول مجلس التعاون بالدولار ‏ ‏واضحة فهو عملة الاحتياطي العالمي حتى الآن على الأقل وهو عملة النفط الذي يمثل ‏ ‏معظم الدخل لخمس دول فيها والولايات المتحدة تمثل اما المورد أو مورد رئيسي ‏ ‏لاحتياجات تلك الدول سواء ما يحسب ضمن تجارتها الدولية أو ما لا يحسب من سلع ‏ ‏وخدمات أي الجانب العسكري منها.‏
وقال ان الكويت هي الوحيدة التي ترتبط بسلة من العملات يمثل تأثير الدولار ‏ ‏فيها نحو 70 في المائة وبالتالي فان كل التغيير يعني دولة واحدة وبنسبة لاتزيد ‏ ‏على 30 في المائة مع تفسير حركة سعر صرف عملتها ومع اعطاء الكويت الحق في عدم ربط ‏ ‏عملتها تماما بالدولار بترك هامش للسلطة النقدية يسمح بعدم تغير تلك ال 30 في ‏ ‏المائة بشكل تلقائي.‏
واوضح السعدون ان اي تغيير سيكون في حدوده الدنيا ويبقى في حدود ‏ التغيير السياسي فمن الناحية الرسمية هناك قرار قمة بتوحيد مثبت مشترك ما بين ‏ ‏العملات وقد تم اختيار الدولار وهو خيار منطقي.‏ وقال ان توحيد العملة حتى وان كان مجرد اعلان وبعد 8 سنوات أمر طيب ولكن أمامه ‏‏طريق طويل من الاتفاق على أهداف محددة للسياسات المالية -العجز المسموح به- ‏ ‏ومعدلات التضخم وحتى السياسات التجارية والنفطية ولو تحقق هذا التدرج في التعاون ‏ ‏فان الهامش سيتلاشى تدريجيا ما بين حركة سعر صرف الدينار الكويتي والدولار.‏‏ وبشأن المكاسب التي ستجنيها دول المجلس في حال اقامة تبادل تجاري حر مع ‏‏الاتحاد الأوروبي قال السعدون ان الاتحاد الأوروبي الذي يمر بتجربة متقدمة للوحدة&‏الكاملة يعرف تماما أن لدول المجلس مصلحة في تفعيل نظامها التعاوني والذي ظل حبرا ‏ ‏على ورق كما يعطيه فرصة للتعامل مع سوق أوسع ويرفع درجة الالتزام وذلك يوفر عليه ‏ ‏كثيرا في الجهد والتكلفة.‏
واكد انه لا معنى كبير لاقتصاد يبلغ نحو ربع الاقتصاد العالمي بعقد ست اتفاقات ‏ ‏غير متجانسة مع اقتصادات صغيرة والواقع أن الاتفاق مع أحدها قد يخلق تعقيدا مع ‏ ‏الآخر الذي يريد شروطا مختلفة ولا معنى لاقتصادات تعتمد مادة واحدة لصادراتها اما ‏ ‏خام أو مصنعة بأن تفاوض وتحصل على شروط تفضيلية كل على حدة.‏‏ وقال انه يفترض من هذه الزاوية أن تكون للطرفين مصلحة في توحيد جهودهما ‏‏التفاوضية "وهو ما يقوم به الأوروبيون بوعي ونقوم به بوعي وضغط من الآخرين"