كتب ـ نبيل شـرف الدين: نستهل استعرضنا للصحف الأميركية ومواقع الإنترنت الرصينة المعنية، بأبرز ما ورد فيها بتقديرنا، وهو مقال رأي كتبه أبرز عرابي الإدارة الأميركية الحالية، وهو ريتشارد بيرل رئيس مجلس سياسات الدفاع في وزارة العدل الأميركية، والذي أكد في صحيفة (ناشيونال بوست) الكندية أن الدول الديمقراطية الحرة التي تقود الحرب ضد العراق ضمن ما اصطلح على تسميته بـ "تحالف الراغبين"، هي أمل العالم في تأسيس نظام عالمي جديد فاعل، وانتقد بيرل في مقاله من يعتقدون بأن النظام العالمي يمكن إنشاؤه فقط من خلال منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، مشيراً إلى أن تصرفات دول مثل فرنسا والصين وروسيا من خلال الأمم المتحدة هي أقرب إلى الفوضى وليس للنظام، على حد تعبير المسؤول الأميركي المعروف كأبرز منظري التيار الجديد المتنامي في الإدارة الأميركية.
ويمضى بيرل قائلاً إن نهاية النظام العراقي سوف تصاحبها نهايات أخرى، وفي مقدمتها نهاية الأمم المتحدة، معتبراً أن الأمم المتحدة سوف تسقط فيما عدا الأجزاء الجيدة منها، وسوف تسقط معها الخرافة القائلة بأن "الأمم المتحدة هي أساس النظام العالمي الجديد" مؤكداً أن هذا النظام "سوف ينبت خارج رحم هذه المنظمة العاجزة" على حد تعبيره
واعتبر بيرل أن مجلس الأمن والأمم المتحدة عجزا عن مواجهة قضايا عديدة في الماضي، وإن إنشاء الأمم المتحدة ذاته بعد الحرب العالمية الثانية جاء بسبب فشل عصبة الأمم، وأن الأمم المتحدة كانت معوقة خلال الحرب الباردة ولم تستطع بعد الحرب الباردة وقف كوارث عديدة وعلى رأسها ما حدث في جمهوريات يوغسلافيا السابقة، كما تعطي الأمم المتحدة لدول مثل سوريا والكاميرون وأنغولا وروسيا والصين وفرنسا سلطة اتخاذ القرار في قضايا هامة ومصيرية سياسية وعسكرية، وترتيبا على ذلك ذكر بيرل أن القرن الجديد تصحبه أمال في نظام عالمي جديد قادر على هزيمة الإرهاب المتطرف، وسوف يتطلب ذلك استخدام القوة ضد الدول التي تؤوي الإرهابيين، وأخطر هذه الدول هي التي تمتلك أسلحة الدمار الشامل، لافتاً إلى أن العراق ما هو إلا أحد هذه الدول، وأن هناك دولا أخرى.
واختتم بيرل مقاله قائلاً إن الظروف الحالية تترك للعالم أملاً وحيداً يتمثل في "تحالف الراغبين"، الذي يصفه بيرل بأنه "البديل الحقيقي والفاعل للفوضى الدولية، ولسقوط الأمم المتحدة الوشيك"، بحسب ما ورد في مقاله الهام.
واهتم أحد مراكز الأبحاث الأميركية المحافظة المعروفة وهو معهد "أميركان إنتربرايز" بمقال ريتشارد بيرل والذي تصدر موقعه على الإنترنت، كما نشر المركز ذاته مقالات أخرى تعبر عن تأييد المحافظين واليمينيين للحرب، ومنها مقال لمايكل لادين وهو أحد الباحثين في المركز دعا فيها إلى عدم نسيان سياق الحرب ضد العراق، وقال أن العراق ليست إلا معركة ولكنها ليست الحرب، بمعنى أنها مجرد بداية لسلسلة من المعارك العسكرية والسياسية المتوقعة.
وانتقد لادين الأمم المتحدة ومبادرة السلام السعودية وقال أنهما أضاعا عاما كاملا من الحرب ضد الإرهاب، كما انتقد بعض دول الشرق الأوسط وعلى رأسها إيران وسوريا والسعودية، وقال أن هذه الدول حاولت تعطيل الحرب بشتى الطرق لأنها تعرف أن النصر السريع في العراق سوف يجعلهم مهددين بثورات داخلية.
وينظر لريتشارد بيرل باعتباره أحد الصقور المؤيدين للحرب ضد العراق داخل دوائر صنع السياسة الأميركية خلال الفترة الحالية، كما يعرف بتأييده لليمين الإسرائيلي، ووجهت بعض وسائل الإعلام الأميركية المعروفة مثل برنامج "واجه الصحافة" الذي تذيعه قناة NBC الأميركية أسئلة له حول مصلحة إسرائيل من الحرب ضد العراق، ففي الثالث والعشرين من شباط (فبراير) الماضي، سأل تيم راست مذيع برنامج (واجه الصحافة) بيرل قائلاً: "قل يمكنك أن تؤكد للمشاهد الأميركي أننا في موقفنا ضد صدام حسين والإطاحة به من أجل مصالح أميركا الأمنية؟ وماذا ستكون الصلة فيما يتعلق بإسرائيل؟".
مواقع وانتقادات
على صعيد ذي صلة، وعبر موقع معروف أميركياً عبر شبكة الإنترنت يديره عدد من محرري ومعلقي صحيفة (وول ستريت جورنال)، ويدعى (أوبنين جورنال) وجه انتقادات حادة لأعضاء الكونغرس الأفارقة الأميركيين، وذلك لتصويت غالبيتهم ضد قرار مرره مجلس النواب الأميركي يوم الحادي والعشرين من آذار (مارس) للتعبير عن مساندة الولايات المتحدة للرئيس الأميركي وللقوات الأميركية في مشاركتهم في الحرب ضد العراق، وقد صوت 11 نائبا ضد القرار وامتنع 22 نائبا إضافيين عن التصويت، وقد عارض القرار عدد كبير من النواب الأفارقة الأميركيين وعلى رأسهم النائب جون كونيورز (من ولاية مشيغان) والنائبة ستيفني طابس جونز (من ولاية أوهايو) والنائبة باربارا لي (من ولاية كاليفورنيا)، وفي الوقت نفسه امتدح الموقع اليميني النائبة دنيس ماجيتي (من ولاية جورجيا) والنائب أرتور دافيز (من ولاية ألباما) وهما من الأفارقة الأميركيين الذين ساندو القرار، والمعروف أن ماجيتي ودافيز فازا بعضوية مجلس النواب الأميركي خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة والتي عقدت في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي ـ بمساندة اللوبي الموالي لإسرائيل والذي ساندهما بقوة ضد النائبة سنثيا ماكيني والنائب إريل هيلليارد اللذان ساندا الشعب الفلسطيني في أكثر من قرار خلال الأعوام السابقة.
وكانت وسائل الإعلام الأميركية قد أشارات إلى الانتقادات الشديدة التي تعرض لها مؤخرا السيناتور توم داشيل زعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس الشيوخ الأميركي من القيادات الجمهورية ومن البيت الأبيض بسبب وصفه للدبلوماسية الأميركية بالفشل في الأمم المتحدة، حيث صرح داشل زعيم المعارضة في مجلس الشيوخ بأن الولايات المتحدة تخوض الحرب لأن الرئيس بوش فشل في تجنبها بالطرق الدبلوماسية، وهو ما هاجمته صحيفة (لوس أنجلوس تايمز)، معتبرة أن هذه التصريحات أتت متأخرة للغاية، وتعكس فشل الديمقراطيين في معارضة سياسات بوش، أو التأثير عليها في الوقت المناسب، ورغم ذلك شددت الصحيفة على أن معارضة الرئيس في أي وقت وفي أي موضوع يجب ألا يُنظر إليها كأنها خيانة أو سلوك يفتقر إلى الوطنية.
أما صحيفة (واشنطن بوست) فقد لفتت إلى وجود قناعة لدى كثير من الجمهوريين بما فيهم بعض المسؤولين في إدارة الرئيس بوش بأهمية دعم الحلفاء والمؤسسات الدولية لعراق ما بعد الحرب، وذلك في وقت لا تزال مسألة الالتزام بإعادة إعمار العراق وتطبيق الديمقراطية فيه تتسم بدرجة عالية من الضبابية· هذه القناعة ظهرت في صورة وثيقة حول السياسة الأميركية تجاه العراق، تتلخص في مسؤوليات الولايات المتحدة في "عراق ما بعد الحرب"، ووقع على الوثيقة 23 شخصية أميركية في صدارتها جيمس بي· شتينبرغ نائب مستشار الأمن القومي إبان إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون، وروبرت كاجان مستشار وزارة الخارجية في إدارة الرئيس ريغان، ودينيس روس المنسق الأسبق لعملية السلام في الشرق الأوسط ومارتن انديك السفير الأميركي السابق في إسرائيل.
التعليقات