كتب - نصـر المجـالي: يقال في مثل فلسطيني وكذا في بلاد الشام التي تنتمي اليها فلسطين "القرعا تتباهى بجدايل خالتها"، وهذا حال ابو علاء ، أحمد قريع ، رئيس وزراء فلسطين المكلف، فابو علاء الستيني العمر هو أول رجل من ابناء الضفة الغربية محتمل ان يقود العمل السياسي لصالح أهله.
فكل من اتوا من قبله سواء في قيادة منظمة التحرير او اللجنة المركزية لحركة (فتح) او حتى رئاسة الوزراء تلك المهمة العسيرة، كانوا اما من قطاع غزة او من فلسطين المحتلة العام 1948 حيث قامت دولة اسرائيل. حتى ياسر عرفات صاحب القرار الأعلى في شأن تحديد رجال المرحلة لم يحدد مكان ميلاده بعد الى ان يموت وتبدأ الصفحات تلو الصفحات تكتب السر وأخفى".
أحمد قريع، صعد نجمه وقت الهروب الكبير في أرض المنفى التونسية بعد هزيمة رجال المنظمة مقاتلين وسياسيين من لبنان التي أحيلت خرابا ودمارا في عملية "سلامة الجليل" الدموية التي قادها ذات الرجل الوحش الجزار اريل شارون المعتلي عرش مملكة صهيون راهنا.
وهو صديق صدوق لعرفات المحاصر في رام الله بقرار من الملك الصهيوني، على انه له رغم هذا علاقات متميزة مع اهل الكيان التلمودي، حال سلفه المطاح به "البهائي الانتماء محمود عباس".
قاد أحمد قريع وقت ان كان ممثلا لقضية لها قادة لشعب ليس له ارض في النرويج محادثات هي "الأنجز عالميا ولكن الأفدح خسائر لقضية الشعب من اوسلو"، فكانت الاتفاقية الشهيرة اياها العام 1993 التي أعادت ثوارا مدعومين بمليارات الدولارات لحكم لا أرض ولكن حكم ناسها حيث حلم الاستقلال الكبير" والافلات من الاحتلال وتحرير الارض من البحر الى النهر.
الذي جاءت به اتفاقية أبو علاء مع النظراء انها أكدت وجود الاحتلال الذي كان يعطي التحرير لأهل الرض "سنتيما سنيما" أي بالسنتيمترات، مرة 4 بامئة وأخرى ثلاثين بالمئة الى ان تراجع قرار التحرير الى سلطات مؤقتة في الشوارع الخلفية للمدن والقرى الفلسطينية، حتى الريف الفلسطيني لم يعد في الحسبة بعد إشادة جدران ردع الارهابيين.
يقال ان احمد قريع، عبد مطيع للسيد المحاصر في المقاطعة في رام الله، ولذلك اثنت على ترشيحة لجنة (فتح) المركزية وهي الحزب الوحيد الحاكم فلسطينيا، ولذلك حين كلفه بعهدة وتركة محمود عباس قال له امام الجميع "يا أحمد ساعدك الله على ما ستحمله الأيام".
الختيار يعرف جيدا ان حصاره سيستمر، وانه لن يطرد الا بعد اكتمال بنيان قصره في منطقة الحمامات التونسية، فالطائرات الاسرائيلية جاهزة لنقله الى هنالك زعيما متقاعدا، فعلها قبله المفتي امين الحسيني حين التجأ الى لبنان في الخمسينيات على متن حاملة بريطانية.
وعليه فإن الضربة الأخيرة هي منح أهل الضفة الغربية ولو للحظة قرار تحديد هويتهم بأنفسهم، فالمولود في ضواحي القدس الشريف أبو علاء هو المكلف بمهمة اللحظة الأخيرة والخيرة ان استطاع، والا فانه سيتحمل أوزار التاريخ الماضي جميعه، يبدو ان قدر أهل الضفة الغربية هكذا الى ان تقوم الساعة.
للتذكير، فإن ابو علاء، لا يعتبر سياسيا محنكا او مخضرما أو داهية، هو رجل سلس الانقياد، محدد التفكير في صورة ما يمكن تحقيقه، لذا فهو واقعي الراي وغير معاند، ويقال انه كان واحدا من القلائل الذين سهلوا مهمة وضع صياغة "خارطة الطريق" ولكنه كان يدرك انها شائكة وصعبة التطبيق، يبدو لهذا "ألقمه عرفات لقمة رئاسة الحكومة آخذا بثأر نفسه قبل نهاياته التي صارت في حكم التطبيق، اما منفيا او راحلا من دون دماء او استشهاد".
عرفات في قراره الذي قبل فيه استقالة (إطاحة) أبو مازن يدرك جيدا معاني ونتائج فعلته، فهل أبو علاء قادر على انهاء "الارهاب؟" كما تريد تل ابيب وواشنطن؟، عرفات نفسه استفاد من الارهاب وخصوصا عملية القدس الأخيرة ليلقي بمحمود عباس الى جهنم، ومعه كل القضية "اللهم نفسي .. انج سعد فقد هلك سعيد!".
في عرف عرفات الرجال لا تصنعهم الصدفة، وهو لا يعترف بالتاريخ ابدا، هو ميكافيللي حتى العظم، فالوسيلة صارت عنده تبرر أكثر من الواسطة، اليس هو المدرك والعالم الوحيد بخفايا اهدار دم كثيرين من رجالات منظمة التحرير وحركة (فتح) تحديدا لعقود مضت ابتداء من كمال ناصر وابو يوسف النجار وانتهاء بخليل الوزير (ابو جهاد) ومن ثم الرجل الثاني صلاح خلف (ابو اياد) ؟.
وفي الأخير، فإن الشهيد الجديد على مذبح القضية (أبوعلاء) يدرك ذلك، فأنه "أكل يوم أكل الثور الأبيض .. أبو مازن"، فهل لكل امرء من اسمه نصيب، فقد حقق عرفات المثل الفسطيني الشعبي "القرعا تتباهى بجدايل خالتها"، الخال يبقى فلسطينيا ختيار الثورة أبو عمار لا غيره، سيتذكر هذا كثيرون على الساح الفلسطيني كما تذكروا المفتي الحسيني الذي عينته بريطانيا وازاحته بريطانيا ايضا.