"إيلاف" من لندن: خرجت بريطانيا اليوم إلى العلن في شكل غير مسبوق تاريخيا شعبيا وإعلاميا رافضة الدستور الأوروبي الجديد الذي يعتقد أنه في غالب مواده التشريعية يسحب البساط من أيدي السلطات الحاكمة في بريطانيا حيث كل الصلاحيات التشريعية العليا بموجب الدستور الجديد ستؤول لرئاسة الاتحاد.
والمملكة المتحدة التي تعتبر نفسها القدم تاريخيا في النشوء كأمة ديموقراطية ترى أن تاريخها الكبير "سيشطب في قرارات من قمة رؤساء دول الاتحاد وكذلك سيادتها وشرعية قيامها عبر تاريخ مضى عليه مئات القرون".
ويجتمع في العاصمة البلجيكية الصغيرة بروكسل حاليا زعماء دول الاتحاد الأوروبي لبحث إقرار دستور جديد يعطي الصلاحيات الكاملة في هذه الدول التي قررت قيام اتحادها قبل نحو من أربعين عاما من الزمن وهي أضافت إلى اتحادها دولا كانت تحت الهيمنة الشيوعية السابقة من بعد أن انهار الاتحاد السوفياتي السابق.
وفي حملة صحافية موحدة خرجت الصحف البريطانية والشعبية سواء بسواء اليوم بعناوين رئيسة ومقالات سياسية حينا وتهكمية حينا آخر احتلت صفحات الصحف كافة تطالب بضرورة الاحتفاظ بالسيادة البريطانية التاريخية من دون تدخل أوروبي صديق كان حليف.
والحملة الشعبية والإعلامية البريطانية التي تتصاعد فصولا ضد الدستور الأوروبي الموحد على ما يبدو مصدرها الخشية من الهيمنة الألمانية على الاتحاد الأوروبي بدستوره الموحد الذي يجري البحث في تطبيقاته، وألمانيا هي أكبر ممول للاتحاد الأوروبي وقراراتها نافذة حسب الدستور المنوي تطبيقه.
والدستور الأوروبي الجديد الموحد يسحب صلاحيات كثيرة من أيدي الدول المركزية حيث يضع التشريعات وإصدار القوانين في يد رئاسة الاتحاد وهي رئاسة دورية كل ستة أشهر تتناوبها الدول الأعضاء.
لكن البريطانيين سياسيا وإعلاميا وشعبيا على ما يبدو لا يرغبون في الانخراط في الحال الأوروبي الكامل وهو حالهم منذ قيام المجموعة الأوروبية قبل أربعين عاما، لذلك تأخرت لندن في الانضمام إلى المجموعة الأوروبية، وهي ستتأخر إن لم ترفض جملة وتفصيلا مواد الدستور الجديد الذي يجعل منها دولة تابعة لغيرها في أهم القرارات العليا.
وأخيرا، دعت اليوم جميع افتتاحيات الصحف البريطانية الراديكالية منها والمعتدلة واليمينية رئيس الوزراء العمالي توني بلير الذي يشارك حاليا في قمة بروكسل (الدستورية) إلى عدم التنازل ولو "مقدار ذرة عن السيادة البريطانية في كل الأحوال".
التعليقات