مـراد مكرم
&
&
&&
&
&
&&
تستخدم أنظمة الحكم المستبدة الفاسدة التقنية الحديثة لتضليل الجماهير وتغييب وعيها، و بدلاً من ان تقوم حركات الشعوب بالاطاحة بالطغيان والاستبداد السياسى، تخلق من نفسها دعماً و سنداً قوياً لهذا الاستبداد، ووصولاً لهذا الهدف تعمل الانظمة الديكتاتورية على تحقيق الآتى:
1- نشر التعصب الدينى والجهل والخرافة والمفاهيم الرجعية، وبذلك يكون هناك حجة قوية للنظام الديكتاتورى بعدم تطبيق الديمقراطية، لانها سوف تؤدى لوصول تيارات ارهابية للحكم، تدعم و تنشر الارهاب وكأن لسان حال هذه الانظمة يقول: اما انا او الطوفان والفوضى وتفشى الارهاب من بعدى.
2ـ مكافحة العقلانية والتنوير ومبادىء المنطق وتزييف وعى الشعب، حتى لا يستطيع المقارنة بين الأنظمة الفاسدة المستبدة التى تحكمه، و ما وصلت اليه شعوب هذه الأنظمة من تخلف وتأخر وبطاله وفساد واستبداد ومعاداة و اهدار لحقوق الانسان، و بين ما وصلت اليه الدول الحرة المتقدمة من رخاء وتقدم وازدهار واحترام لحقوق الانسان. وتعمل الأنظمة المستبدة على اثارة النعرات العنصرية و ثقافة كراهية الآخر و التركيز على سلبيات الدول المتقدمة و تضخيمها امعاناً من هذه الأنظمة الفاسدة فى تضليل شعوبها و استعبادها.
3- تحقق هذه السياسة من الأنظمة الديكتاتورية هدفاً آخر، هو تصريف طاقه الغضب والكراهية والسخط التى بداخل الشعوب الى الخارج، بدلاً من توجيهها للأنظمة الفاشية الفاسدة التى تحكمها، ولذلك تعمل هذه الانظمة على اثارة المشاعر الدينية العنصرية لكسب تأييد الشعب المغيب وعيه والمعطل عن استخدام عقله.
4- يقوم النظام المستبد بإلهاء الشعب فى حروب و فتن طائفية وعقائدية واثارة الافكارالرجعية وثقافة الكراهية،لآعطاء المبرر لهذه الأنظمة الفاسدة فى فرض القوانين العرفية واستخدام القبضة الحديدية فى قهر الشعوب واستعبادها بحجة الحافظ على الامن والاستقرار والوحدة الوطنية، ولكن فى الحقيقة ان الاستقرار المقصود هنا هو استقرار الانظمة المستبدة الديكتاتورية فى الحكم، ومقاومة الحرية والديمقراطية الحقيقية وقيم الحداثة واسكـات وقتل روح التطور والنهضه والتغيير.
5- ان خير ما يؤيد الاستبداد وحكم الطغاة هو الدعوة الى الرجعية ومحاربة العقلانية والتنوير ونشر ثقافة الخرافة والكراهية واحياء نزعات العصور المظلمة، حتى يصبح الرأى العام قوة تناصر الجهالة والظلام والاستبداد، وسنداً قوياً للحكم الديكتاتورى، ويتحقق كل ذلك بفعل الدعاية المنظمة التى تقوم بها وسائل الاعلام والتعليم والثقافة التى تسيطر عليها جميعاً أنظمة الحكم المستبدة. وبذلك يستحيل استخدام شعوب هذه الأنظمة الفاسدة فى اى محاولة للتغيير ومقاومة الاستبداد والتصدى له، حيث قد تم عمل غسيل مخ لهذه الشعوب وتضليلها وتغييب وعيها وتعطيل عقلها بفعل ثقافة الكراهيـة والتعصب والجهل والعداء لكل قيم الحضارة الحديثة الآتية من الغرب. وبدلا من تطلع هذه الشعوب للمستقبل ولقيم العدالة والحريـــة والمساواة والديمقراطية الحقيقية وحقوق الانسان، تظل هذه الشعوب أسيرة الماضى بكل اوهامه وظلامه وتخلفه.
6ـ بين الحين و الآخر تسمح أنظمة الحكم المستبدة بنشر بعض افكار التنوير والعقلانية على نطاق ضيق ( لان التوسع فى نشر هذه الافكار سيكون اكبر معول لهدم هذه الأنظمة ). و كذلك السماح بظهور ديمقراطية شكلية مثل وجود انتخابات نيابية وصحافة وأحزاب ومؤسسات مدنية، ولكنها جميعاً مظاهر شكلية بلا مضمون حقيقى وبدون فاعليات وقدرة على التغيير، فهى نوع من الصورية والخداع والزيف والتضليل، الغرض منه الظهور امام حكومات العالم المتقدم والرأى العام العالمى بمظهر الحكومة الديمقراطية، وذلك للحصول على مساندة ومعونات هذه الحكومات، وكذلك لاسترضاء بعض المثقفين المستنيرين فى الداخل، ليس حباً فيهم ولافكارهم، ولكن لكسب تاييدهم ودعمهم ودفاعهم عن النظام، والويل لمن يتخطى منهم الخطوط الحمراء التى لا يجوز له ان يتخطاها.
& وبعد اذا افترضنا جدلا ان للحكم المستبد بعض الايجابيات، فما قيمة هذه الايجابيات اذا كان ثمنها تحطيم وتدمير روح المواطن الانسان، بتحطيم قيم الحريه والعقل وحقوق الانسان ونشر الخرافة والجهل والتعصب الدينى وكراهية الآخر والعداء لكل قيم التقدم والحداثة.
&ان الاستبداد السياسى كما قال ارسطو بحق، يحيل المجتمع الى مجموعه من النعاج تسهل قيادتها.
&
كاتب مصري
التعليقات